لايبدو اعتيادياً علاج التهاب الحلق واللوزتين إذا ماتعلق الأمر بالحد من مشكلة مرضية خطيرة من اليسير تلافيها في البداية قبل ظهورها لاحقاً وتطورها إلى حالة خطرة قد تلحق بالقلب ضرراً جسيماً.. إنها لتشكل عبئاً كبيراً على قطاع الصحة في البلاد وعلى مجال معالجة أمراض القلب بالذات، فقد يبدو معها إجراء عمليات القلب المفتوح لجوء تفرضه الضرورة، وهو مايثقل كاهل المواطنين ويبدد آمال وطموحات المرضى في العيش بهناء وعافية بعيداً عن المشكلات القلبية، ويكلف الدولة الملايين من العملات الصعبة لتأمين صمامات القلب الصناعية والأجهزة ذات التقنية المتطورة والكوادر الطبية المتخصصة..إلخ.في لقائنا مع الدكتور أحمد لطف المترب استشاري أمراض وجراحة القلب "أستاذ مساعد أمراض وجراحة القلب بكلية الطب جامعة صنعاء" ناقشنا هذه المشكلة بأبعادها وشتى الجوانب المتعلقة بها لنضع النقاط على الحروف لعلاج هذه المشكلة واجتثاثها من أساسها. وإليكم ماجاء فيه.. أوجه الخطورة ما هي أعراض الحمى الرثوية؟ وما أوجه الخطورة في مضاعفاتها؟ تظهر أعراض الحمى الرثوية أو الروماتيزمية "بعد أسبوع إلى خمسة أسابيع" من الإصابة بالتهاب الحلق واللوزتين بالبكتيريا، وأهم هذه الأعراض، التهاب متنقل في المفاصل الكبيرة في الجسم بنسبة "80 %"، مثل "الركبة الكاحل الرسغ الحوض المرفق" يصاحبه انتفاخ وألم وأحمرار المفصل.. وقد يكون الألم محتملاً أو شديداً جداً، لكنه لايترك أية إعاقة في المفصل، أما الالتهابات في القلب فنحو "60 %" من الحالات تصل إلى هذه المرحلة.. فيما تتأثر صمامات الجهة اليسرى للقلب بنسبة أكثر بكثير من صمامات الجهة اليمنى، مسببة ارتجاعاً في الصمامات أو في عضلة القلب، وإذا كانت الالتهابات حادة وشديدة فينتج عنها هبوط حاد في القلب.. هذا الهبوط يعني تضخم في القلب وضعف في وظائفه ويؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، ولكن إذا شخصت الحالة بشكل مبكر وتمت معالجتها بالمعالجات المناسبة في الوقت المناسب فقد يشفى المريض منها تماماً، ولدى الحالات الشديدة قد تترك بعض الآثار والنتائج السلبية على القلب. تحري الإصابة - ما الذي يتعين على الوالدين فعله تلافياً لإصابة أطفالهم بالحمى الروماتيزمية أو الرثوية؟ إن أية أعراض- مما ذكرت- تحصل للطفل ويراها الوالدان، تستوجب أخذه إلى الطبيب المختص(طبيب أطفال) فالتهابات اللوزتين المتكررة علامة ومؤشر أولي.. بالإضافة إلى التهابات المفاصل الكبيرة للطفل وتنقلها، حيث تسمى داء الرقص الروماتيزمي،للحركات اللا إرادية التي تصدر من الجهاز العصبي لدى الطفل المصاب.. بعض الآباء يعتبرون أطفالهم مصابين بمرض غير حميد، وما هو إلا علامة من علامات الحمى الرثوية.. وأعيد لأؤكد هنا إلى أن وجود أية أعراض- مما ذكرت- عند أي طفل يُحتم ويستوجب سرعة التوجه به إلى الطبيب المختص..أي طبيب الأطفال أو طبيب الأنف والأذن والحنجرة. حالات حرجة - في الحالات المتقدمة التي يكون القلب عندها قد تضرر بفعل الإصابة بالحمى الرثوية..هل ثمة بصيص أمل للمعافاة؟ وماذا عن التدخل الجراحي لحسم المشكلة؟ بشكل عام ..علاج الحمى الرثوية/ الروماتزمية لا يتطلب تدخلاً جراحياً في البداية، لكنها إذا ما تطورت وأثرت على الصمامات بشكل كبير جداً، فمعنى هذا أن التدخل الجراحي ضرورياً.. فالطفل الذي يعاني من تضيق بشكل شديد جداً في أحد الصمامات، كالصمام التاجي مثلاً تضيق لدرجة التأثير سلباً على المريض، قد يكون نتاجه وقوع تجلط دموي في القلب وما قد يترتب عليه من انتشار للجلطة، فتذهب إلى الدماغ أو إلى مواضع أخرى في الجسم مما ينجم عنه مشاكل كبيرة،بل وخطيرة ومثل هذه الحالة تعتبر طارئة تحتاج إلى عملية بشكل عاجل دون تأخير. لماذا النساء - ذكرت بأن الإناث أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالحمى الرثوية ..فهل من تفسير لهذه المفارقة؟ وما تمثله الإصابة من مشكلة بالنسبة لهن؟ بالفعل إن الإناث أكثر عرضة لهذا المرض وأكثر مأسوية، فنحن نعرف أن المرأة مقدمة على زواج ومُقدمة على حمل وإنجاب ورضاعة ..وهذا كله يتعارض مع المرض وكذلك يتعارض مع استعمال العلاجات بشكل دائم،لاسيما إذا وصل بها الحال إلى وضع يبدو فيه ضرورياً تغيير صمام القلب.. وإذا احتاجت البنت في سن مبكرة إلى صمام صناعي يتطلب الأمر استخدام العلاج المميع والمسيل للدم مدى الحياة، وهذا يتعارض بشكل قاسي مع الحمل، مشكلاً صعوبة شديدة لاسيما وأن معظم المرضى القادمات للمعالجة هن من القرى والمدن البعيدة، وعادة ما يكون مستوى التعليم لديهن والأهالي غير عال، مما يعني عدم القدرة على المتابعة الطبية القريبة ذات المؤشرات الناجحة. إرشادات للمرضى - من موقع المسئولية ..ما الذي تضطلعون إليه من إرشاد للمرض للحد من تطورات المرض لديهم؟ نحن نحاول منع المرض ونوجه الاهتمام بالكشف المبكر والمعالجة لالتهاب الحلق واللوزتين قبل أن تصل إلى مرحلة الحمى الرثوية، ونحن نعرف أن كثيراً من الأسر لا يهتمون بالتهابات الحلق بشكل كاف ظانين أنها التهابات بسيطة تزول من تلقاء نفسها.فمن الممكن أن تزول الأعراض الحادة إلا أن المشكلة لا تنتهي عند هذا الحد فالتأثيرات المستقبلية ستكون مفجعة للمريض ولأسرته.. بالتالي التركيز على التهابات الحلق واللوزتين يجب أن يؤخذ على محمل الجد بحيث تتم معالجة الالتهابات الحادة بشكل ناجح بإتباع الإرشادات الوقائية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التي توصي بإعطاء إبرة بنسلين عند التهابات الحلق واللوزتين ..إنها طريقة رخيصة سهلة قليلة الكلفة ونتائجها محمودة تصل إلى(100 %)وفيها الحفاظ على سلامة قلوب أبنائنا وبناتنا المصابين بهذه الالتهابات ليكونوا مستقبلاً قوى فاعلة ومنتجة في المجتمع، يحيون بأمان حياة طبيعية. أسس المعالجة - عندما يصاب الطفل بالتهاب في اللوزتين يهرع الكثيرون إلى الصيدليات لشراء مضادات حيوية ومسكنات الألم وخافضات الحرارة دون علم أو خبرة بهذه الأدوية ..فيما تنصح في هذه الحالة؟ ولما التركيز على البنسلين بالذات عند المعالجة؟ عند الاشتباه في التشخيص:- أولاً: يتم إدخال المريض للمستشفى للتأكد من التشخيص واستبعاد أي مرض آخر. ثانياً: مراقبة الأعراض، مثل(الحرارة- التهاب المفاصل- الطفح الجلدي- نتواءت الجلد- الحركات اللاإرادية). ثالثاً: إجراء الفحوصات المخبرية المساعدة على التشخيص. رابعاً: علاج الحرارة بإعطاء المريض خافضات الحرارة. خامساً: علاج التهاب الحلق بالمضاد الحيوي(البنسلين) عن طريق الفم لمدة (10)أيام أو بحقنة البنسلين في العضلة..جرعة واحدة فقط أو إعطاء المريض بدائل البنسلين ..هذه هي أهم خطوات العلاج وهي الأرخص وقد تجنب الطفل الإصابة بروماتيزم القلب. سادساً: علاج التهاب المفاصل بمضادات الالتهابات، مثل الإسبرين بجرعة عالية. إن إضافة البنسلين إلى قائمة الأدوية مهم وأساسي في المعالجة عملاً بتوصيات منظمة الصحة العالمية، جاء عن خبراء متخصصين عالميين،ونحن نعرف أنه لا يمكن صدور هذه المعلومات، إلا بعد أن تكون مؤكدة وفعالة،تستند إلى دراسات علمية كبيرة.. بالتأكيد إن الذهاب إلى الصيدلي مباشرة أو إلى الطبيب غير مختص إذا لم يكن مُلماً بأنواع المضادات الحيوية والعلاج الأنسب يثير مشكلة أخرى إلى جانب المشكلة المرضية القائمة، ونحن كأطباء قلب نعرف أن هناك ممارسات غير سليمة عند إعطاء علاجات قوية جداً..هذا ما يحدث للأسف،ولابد هنا من النظر بروح المسئولية لكون من يصف الدواء مؤتمن على صحة وسلامة المرضى الذين يلجأون إليه.