تمسك بالديانة اليهودية وحرص على تهويد أبنائهم في سن مبكرة ذلك مالمسته خلال زيارتي لمدرسة “يعقوب” العبرية الخاصة بأبناء الطائفة اليهودية في منطقة ريدة بمحافظة عمران. فصلان دراسيان يحيط بهما سور وبوابة حديدية، مدون عليها بالعبرية لفظ “شالوم” وتعني"مرحباً" كل شيء فيها يوحي بالبساطة أربعة مقاعد خشبية موزعة في الفصلين، وكتب عبرية مقدسة يتحلق حولها ما يقارب من 15طفلاً يهودياً تتدلى “الزنانير” على خدودهم والتي يحرص آباؤهم على إطلاق خصلات شعرها منذ السنة الأولى لطفولتهم، لتلازمهم حتى الوفاة، كدلالة خارجية على يهوديتهم. تعاليم ديانتهم معلم يهودي طاعن في السن، وإلى جانبه شابان في ريعان شبابهما يتولى ثلاثتهم تنشئة أبناء الطائفة اليهودية على تعاليم ديانتهم.. لا يعنيهم التدرج في الفصول الدراسية للالتحاق بالتعليم الجامعي، فكل همّ آبائهم ومعلميهم، تهويدهم مبكراً، وتعريفهم بأكبر قدر ممكن من تعاليم الديانة اليهودية، فلم يسبق لأي يهودي أن التحق بإحدى الجامعات اليمنية. المدرسة الوحيدة إنها المدرسة العبرية الوحيدة لأبناء الطائفة اليهودية، يديرها الحاخام سليمان بن يعقوب، والذي يشرح تفاصيل العملية التعليمية بقوله: لقد عملت على إنشاء مدرسة يعقوب العبرية في العام 2002م، وذلك بتمويل من أحد اليهود الخيرين في أمريكا، وهي المدرسة العبرية الوحيدة اليوم، وقبلها كانت توجد مدرسة “الشبزي” في سوق مدينة ريدة على مقربة منا، والتي أسسها فايز الجرادي في العام 1999م، وكان قد حصل على ختم من الحكومة (يقصد ترخيصا من وزارة التربية والتعليم) إلا أن المدرسة أغلقت العام الماضي لهجرة مديرها إلى أمريكا. تعليم متأخر وعن طبيعة المناهج التي تدرس في مدرسة يعقوب العبرية يقول مديرها الحاخام سليمان: ندرس "دين يهودي" باللغة العبرية، التوراة، وبقية كتبنا المقدسة، وأدخلنا في الفترة الأخيرة مناهج علمية، كالرياضيات، والعلوم. وبشأن تعليم الفتيات يوضح: لم نهتم بتعليم الأبناء إلا في الفترة الأخيرة، فقد كان الكنيس والمنزل هو كل شيء حتى سافرت إلى أمريكاوبريطانيا، فأدركت أهمية التعليم فأنشأت المدرسة، كما قمت بتعليم بناتي، والآن يعلّمن بنات الطائفة اليهودية. مدخل اللغة العربية ويرى اليهود في المناهج التي تدرس في المدارس الحكومية، أنها لا تخدم الأهداف الخاصة بهم، ولا تتماشى مع معتقداتهم؛ لذا انصب اهتمامهم بعلوم الدين اليهودي، الذي يشمل العقيدة والأحكام الشرعية والسلوكيات اليهودية في الحياة اليومية، وكذا كتب التاريخ اليهودي، وأنبياء بني إسرائيل. أما تدريس اللغة العربية في مدرسة يعقوب العبرية، فتقتصر على المدخل والقواعد الأساسية في القراءة والكتابة. رواتب المعلمين يتقاضى المعلمون في المدرسة العبرية راتب عشرين ألف ريال يمني بحسب ما أفصح عنه أحدهم، والذي أشار إلى أن الرواتب الشهرية، ورغم ضآلة المبلغ إلا أن التعليم في المدرسة منتظم طوال أيام الأسبوع، عدا السبت وبفترتين صباحية ومسائية، ومواظبة وحضور وجدية من قبل المعلمين والطلاب. معايير خاصة يحظى المعلم اليهودي باحترام وتقدير خاص من قبل تلاميذه، كما أن معيار اختيار المعلم في المدرسة اليهودية هو الإلمام بعلوم الدين اليهودي، وفي هذا يقول مدير المدرسة: الخطأ في العلوم الدينية غير مقبول، ويعد ذنباً يحاسب عليه صاحبه فلا نرضى بأن يعلم أبناءنا من لا علم له بعلوم الدين اليهودي؛ لأن الخطأ إذا انطبع في عقل الطفل يصعب تلافيه؛ ولهذا نختار لهذه المهنة من نثق في دينه وعلمه. عزوف عن المدارس العامة لم يسبق لأي من يهود اليمن أن التحق بمدرسة حكومية، عدا واحد حكى عنه طلاب المدرسة العبرية، كان ينتظم في الفصل بمدرسة حكومية في مدينة ريدة حتى يحين موعد حصة التربية الإسلامية، ويغادر الفصل، وواصل تعليمه في المدرسة حتى الصف الثالث الإعدادي، وبعدها سافر مع والده إلى بريطانيا.. لايوجد يهودي من أصل يمني ملتحق بالتعليم العالي في الخارج، والسبب - كما يقول مدير المدرسة-: لم نهتم بتعليم أبنائنا إلا في السنوات الأخيرة، والذين يهاجرون منا يلحقون أبناءهم في بلدان المهجر من الصف الأول حتى وإن كانوا متقدمين في السن قليلاً؛ حتى لا يحرموا من التعليم كما حرم آباؤهم. الدولة تشجع تعليمنا ويختتم مدير المدرسة العبرية حديثه: الدولة ليست مقصرة معنا في شيء، ولكن التقصير من عندنا؛ لأننا لم نهتم بأنفسنا وتعليم أطفالنا وتنظيم أوضاعنا إلا في الفترة الأخيرة. أما الدولة فقد عملت على تشجيعنا على تعليم أبنائنا، وأبدت استعدادها لتذليل كافة الصعاب، ورئيس الجمهورية أهدانا باصا لنقل طلاب المدرسة، كما قدمت لنا الحكومة مقاعد دراسية والرئيس حفظه الله مانقول فيه إلا كل خير.