في مجتمعنا تبرز أحد الأورام السرطانية المسببة للكثير من الوفيات والتي فيها الكثير من التعقيد وتتطلب معالجة مبكرة وتدخلاً جراحياً في أحوال كثيرة. في كل لحظة نمر بها وبحسب ما تقتضيه حاجة الجسم ،تنمو في أجسامنا خلايا في نسق ونظام متقن بديع، هي بمثابة لبنات ووحدة الحياة الأساسية، فإذا انقسمت دون سيطرة كونت مايسمى بالورم. إنه سرطان المعدة الذي يُعد من أبرز أنواع سرطانات القناة الهضمية وفي اللقاء الذي جمعنا بالدكتور محمد ياسين الدبعي- استشاري الجراحة العامة وأمراض وجراحة الجهاز الهضمي – سنقف على مشكلة سرطان المعدة وظروف ودواعي الإصابة وجدوى المعالجة بالتدخل الجراحي في استئصال الورم السرطاني وشفاء المصاب. فإلى ما جاء في هذا اللقاء: المشكلة وتقييمها ما تقييمك لمشكلة سرطان المعدة وأسبابها؟ سرطان المعدة أحد أكثر مسببات الوفيات بين أمراض السرطان ، والسبب عائد إلى غياب أعراض الإصابة أو محدوديتها في المراحل المبكرة . حيث لايلجأ المريض إلى الطبيب لتلقي العلاج اللازم إلا في مراحل متأخرة للمرض، مما يحبط ويعرقل نجاح المعالجة. ولا يوجد سبب محدد لسرطان المعدة، لكن طبيعة التغذية تلعب دوراً مهماً في الإصابة فمولدات السرطان المعروفة تتكون عند تعليب وحفظ المواد الغذائية بواسطة الخل أو الملح ومعالجة الدهون بواسطة الحرارة ، وكذا معالجة المواد الغذائية بالحرارة العالية تحت الضغط. كما أن العوامل المحتمل ضلوعها في التسبب بسرطان المعدة متعددة ، منها العامل الوراثي والنظام المعيشي والغذائي والبيئة المحيطة. إلى جانب بعض الأمراض المحتمل تحولها إلى سرطان (كالتهاب المعدة- قرحة المعدة- والتحول النسيجي للأمعاء- فقر الدم ) غموض الإصابة ألست معي بأن تأخر الكثيرين عن علاج سرطان المعدة عائد لخطأ في التشخيص؟ هذا للأسف واقع لا يمكن إنكاره لاسيما في الأرياف . فالمستشفيات والمرافق الصحية هنالك ينقصها الكوادر المتخصصة والتجهيزات الفنية المطلوبة هذا جانب. الجانب الآخر أن سرطان المعدة في المراحل المبكرة يسري بدون أعراض، وحدوث الإصابة غالباً يأتي دون أي مرض سابق . بينما عملية نشوئه وتطوره إلى المرحلة الأولى تستغرق عدة سنوات (تقريباً عشر سنوات). أما استمرار يته من دون علاج من المرحلة الأولى وحتى النهاية فتتذبذب بشكل واضح وتعتمد على نشاط انقسام الورم عقدياً ، وتمتد في المتوسط من ( -2 3سنوات ). ويختلف اتجاه نمو سرطان المعدة ، فأحياناً ينتشر سطحياً ويمتد على مساحات كبيرة من الغشاء المخاطي للمعدة والطبقة تحت المخاطية ، وأحياناً أخرى يتجه نحو الورم عبر كافة طبقات المعدة حتى الغشاء المصلي. تطور الأعراض طالما أن المرض من المرحلة المبكرة يسري بدون أعراض . فماذا عن الاعراض التي تظهر لاحقاً عند تطور الإصابة وصولاً إلى المرحلة النهائية للسرطان؟ مع تقدم نمو الورم تظهر بعض الاعراض المرضية الشبيهة بأعراض القرحة الهضمية عندها يراود المريض الإحساس بعدم الارتياح من بطنه وبعض الألم الذي تزداد حدته مع زيادة حجم الورم لاسيما بعد تناول الطعام بما يفقده الشهية ويصاحب هذا شعور بغثيان وتقيؤ في بعض الأحيان. بالإضافة إلى تناقص وزن المريض والضعف العام والإجهاد السريع الذي يحل به وظهور علامات فقر دم. ويمكن في حالات نادرة ملامسة ورم في الجزء العلوي من وسط البطن بتمرير اليد على هذا الموضع .. عند انتشار السرطان في البطن يلاحظ زيادة حجم البطن نتيجة تجمع السوائل، وعند انتشاره في الكبد أو انسداد القنوات الصفراوية نتيجة ضغط الغدد الليمفاوية المتضخمة يلاحظ ظهور أعراض اليرقان(الصفار) أما عند انتشاره في العظام فتظهر آلام في العظام، وبانتشاره في الدماغ تظهر علامات الاضطراب في الجهاز العصبي. توسيع المرض ذكرت كيفية نشوء الورم السرطاني بالمعدة، والسؤال هنا: لماذا تنتشر الإصابة بالسرطان في مواضع أخرى بالجسم بعيدة عن مركز الإصابة بالمعدة؟ ينتشر سرطان المعدة بواسطة الأوعية الليمفاوية إلى العقد الليمفاوية القريبة، ومن ثم إلى عقد ليمفاوية أبعد، كما ينتشر عن طريق الدم إلى الكبد بشكل رئيسي وأحياناً إلى أعضاء أخرى كالرئتين. أيضاً يمتد نمو الورم إلى الأعضاء المجاورة من سائر الخلايا المتقشرة من سطح الورم لتنغرس فيها. آلية التشخيص ما الآلية المتبعة في تشخيص سرطان المعدة، وما جدوى الفحوصات والتحاليل المخبرية في اكتشاف الإصابة ؟ يتم تشخيص سرطان المعدة عن طريق فحص المعدة بالمنظار، وأخذ عينة وفحصها نسيجاً إلى جانب الأشعة الصبغة، بينما يمكن التأكد من درجة انتشار الورم عن طريق الفحص بالموجات الصوتية أو الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي. أما الفحوصات المخبرية فتعطي معلومات إضافية فقط، كانخفاض حموضة العصارة المعدية وفقر الدم وارتفاع سرعة ترسب كريات الدم الحمراء ونقص واختلال تركيب بروتينات الدم. جدوى المعالجة ما يتشرط لنجاح علاج سرطان المعدة، وما جدوى التدخل الجراحي في هذه المعالجة؟ تعتمد طريقة علاج سرطان المعدة على درجة الانتشار وقدرة المريض على تحمل الخطة العلاجية الأكثر ملائمة للتأثير على الورم والجسم لكن العلاج الجراحي هو العلاج الأساسي، ويهدف بشكل رئيسي إلى استئصال الورم أو ربط الأوعية الدموية عند وجود نزيف، أو خياطة وترقيع المعدة عند اثقابها نتيجة تآكل الورم. وفي الحالات التي لا تسمح فيها صعوبة الحالة العامة للمريض أو لانتشار الورم جراء التدخل الجراحي يستخدم العلاج التحفظي المتمثل في العلاج الكيميائي أو الإشعاعي ولتحسين نتائج العلاج الجراحي في المراحل المتقدمة يتم استخدام العلاج الإشعاعي والكيميائي قبل وبعد العملية الجراحية. * المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.