ما عليك سوى الانتقال إلى الصفحة الأخيرة من «الجمهورية» لتتعرف على إبداعات وجماليات ضيفنا، فمن خلال رسوماته الفكاهية استطاع أن يسبر أغوار المشكلات الاجتماعية المحلية، وينكأ المعاناة اليومية للإنسان البسيط بسخرية لاذعة مغلفة بالكثير من الضحك، حتى أصبحت رسوماته ضرباً من ضروب الكوميديا الإنسانية. إنه رسام الكاريكاتير رشاد السامعي أحد أبرز مبدعي فن الكاريكاتير، ليس على مستوى اليمن فقط، بل وعلى المستوى الوطن العربي وبدون أدنى مبالغة، يؤكد ذلك تفوق مبدعنا السامعي في مجاله الفني ونيله للعديد من الجوائز والمراكز المتقدمة في مشاركاته الدولية لدى تمثيله اليمن في المحافل الفنية، واستطاع بالفعل أن يرفع اسم بلده عالياً. ولأن فنه يتميز بالعمق، ويعالج قضايا الإنسان اليمني والعربي عموماً، فرسوماته لا تقف عند حدود السطحية، بل هي رموز جلية واضحة تغوص في أعماق المعاناة وتنتزع الإعجاب وتوصل الفكرة وتحقق الغاية.. «إبداع» تفخر اليوم باستضافة فناننا رشاد بعد حصوله على المركز الثاني في المسابقة الدولية (حق العودة للفلسطينيين)، وهي مسابقة يقيمها سنوياً مركز (بديل) الفلسطيني للاجئين. ودون أن نكشف المزيد من أسرار المقابلة ندعوكم للاستماع عن بقية التفاصيل مباشرةً من ضيف «إبداع» الزميل الفنان رشاد السامعي.. بحث وتعرف تعرف فناننا على المسابقة عبر الإنترنت، حيث وتم تغطيتها في مواقع كثيرة والكتابة عنها، وبطبيعته كمهتم بمثل هكذا مشاركات فهو دائم البحث عن المسابقات المرتبطة بمجال الفن الكاريكاتوري أو فن الملصقات (البوستر) أو الفن التشكيلي، وكثيراً ما يشارك في العديد من المسابقات منها ما ينتظر إعلان نتائجها، ومنها ما لم يحالفه الحظ فيها كطبيعة أي مجتهد وطامح ومثابر. وطني ليس حقيبة عن المسابقة التي شارك فيها يقول: تهدف المسابقة إلى نشر الوعي والتذكير بالحق الفلسطيني التاريخي في جميع دول العالم، كما تسعى إلى استقطاب أكبر عدد من المشاركات في عدة مجالات سواءً في مجال الكاريكاتير أو تصميم البوسترات التوعوية، أو القصة الصحفية، أو قصص الأطفال، أو الصورة الصحفية. ويضيف: ويفرض على كافة تلك المحاور أن تناقش وتعالج موضوع حق العودة، حيث كان عنوان المسابقة كان (وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافراً). قضيتنا الأم نوعية المسابقات التي يختار رشاد السامعي المشاركة فيها تمتاز بالنوعية، ويؤكد ذلك بقوله: أركز في بحثي عن مسابقات تتعلق بالشأن الفلسطيني، حيث يعطيني هذا الموضوع فرصة للتفكير بعمق لما فيه من شعور هائل بالقومية العربية والحق الإنساني التاريخي لهذا الشعب البطل، بالإضافة إلى أنه التزام تجاه قضيتنا الأم (قضية فلسطين). شرف وفخر ويستطرد: وأجدها فرصةً لأختبر مدى تفاعلي وتأثري بقضية فلسطين، ومدى قدرتي على المنافسة في تقديم الفكرة بحكم أن معظم الرسامين في الوطن العربي يرسمون عن فلسطين وبشكل يومي، واختيار أعمالي من بين نخبة من الرسامين المحترفين أمثال هؤلاء هو فخر وشرف كبير لي، حيث إن معظمهم يرسم لكبريات الصحف العربية والدولية الشهيرة، والذين بلغ عددهم أكثر من خمسين رساماً تنافسوا على جائزة الكاريكاتير من دول عربية وأجنبية. طريق الفوز رسم الكثير، والعديد من الأفكار ترجمت على اللوحات، تعبيراً عن الموضوع وتجسيداً له، منها ما اختاره رسامنا السامعي للمشاركة في المسابقة، غير أنه لم يكن مقتنعاً بها كثيراً، فالشك كان يراوده بألا تكون هذه الرسومات في مستوى المنافسة، بل إنه حدث نفسه بأنها ربما كانت تقليدية أكثر منها رسوم مبتكرة وأصيلة.. وقبل أن يرسل الرسوم، وقد كان قاب قوسين أو أدنى من ذلك، وحتى اللحظات الأخيرة تجلت لمبدعنا رشاد فكرة معينة شعر معها بالارتياح، وأحس أن هذه الفكرة التي تحتضنها الألوان والرموز والأشكال بإمكانها المنافسة، وتم بحمد الله الإحساس وتحقق الشعور، ونالت الفكرة واللوحة المرتبة الثانية في المسابقة. عن المستحيل تحتاج الموهبة والإبداع إلى عدة عوامل لفرضها في المحافل الدولية، يذكرها لنا الكاريكاتير رشاد السامعي بقوله: ليس الأمر بالمستحيل، لكنه بحاجة أيضاً إلى الجهد، ومع وجود الإنترنت سهلت المسألة وأصبح بإمكان المبدع عرض أفكاره وإبداعاته في نطاق واسع مما كان عليه محلياً.. ويضيف: المبدع بحاجة أولاً أن يثقف نفسه في المجال الذي يعمل فيه، ثم يطلع على خبرات الآخرين في بلده وفي البلدان الأخرى من خلال الإنترنت طبعاً، والتصفح المستمر للمواقع التي تهتم بمجال هذا النوع من الإبداع أو ذاك. المبدع اليمني يعاني لم ننسَ واقع المبدع اليمني، وكأحد عمالقة الإبداع في اليمن تحدث السامعي عن هذه الجزئية، واصفاً بيئة المبدع في اليمن بأنها تحكمها الظروف المادية المتردية، وهو لذلك بحاجة إلى جهد مضاعف قالها بطريقته الفكاهية المعروفة جهد (دبل) ، مشيراً إلى أن بعض الموهوبين ربما تشغلهم الحياة بقسوتها واحتياجاتها ، بل إن بعضهم يعجز عن دخول مقهى إنترنت لمدة ساعة فقط لأنه لا يملك قيمة هذه الساعة.. ويؤكد: المبدع في اليمن فعلاً يعاني.. ومن ظهر وبرز أو تميز فهو بالتأكيد صاحب عزيمة قوية وإرادة حديدية. نصائح لكل مبدع لأنه نبراس لكل مبدع.. نتيح المجال لمبدعنا لكي يعطي لمبدعي اليمن نصائح تفيدهم في مشوار حياتهم الإبداعية، وعند سؤالنا عن سر إبداعه وهل بإمكانه أن يفشيه لنا قال بأسلوبه الضاحك ولكنته الفكاهية: أنا لست نبراساً ولا «إتريك» ولا عندي أسرار، الموضوع وما فيه شوية ثقة بالنفس، على شوية صبر، وبحث وتنقيب، وقليل من بهارات الأمل والتطلع وعدم الاستسلام، وبالهناء والشفاء النجاح إن شاء الله. نبراس وأنا من جانبي أقول لكل موهوب ومبدع أن يجعل من نصائح السامعي تلك نبراساً يستضيء بها في مشوار إبداعه.