قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    مأساة في ذمار .. انهيار منزل على رؤوس ساكنيه بسبب الأمطار ووفاة أم وطفليها    أول جهة تتبنى إسقاط طائرة أمريكية في سماء مارب    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لؤلؤة على بساط أخضر
مدينة الثجة

إخضرة دائمة, وتاريخ تليد, ومعالم أثرية غاية في الروعة والجمال, تقاليد فريدة, وعادات أصيلة, ترسخت في قلوب أبنائها المليئة بالتسامح والصفاء, حقاً إنها بيئة حباها المولى عزوجل جمالاً لايضاهى وسحراً ليس له نظير.. فتعالوا معنا نشتم عبق التاريخ من خلال هذا الاستطلاع.. في أحضان مدينة إب الدافئة.. قصدنا إب وفي أنفسنا يقين تام بأننا على موعد مع موروث حضاري وثقافي مخزون في ذاكرة المكان وخضرة الطبيعة, وماإن ارتأت لنا المدينة واضحة وجلية بشكلها الهندسي البديع إلا وخيل لنا بأننا أمام لوحة فنية أبدعها رسام ماهر, وفنان مبدع بشكل متقن وجميل تبرز في مبانيها البيضاء المتقاربة, والحاضنة لبعضها البعض لتدل على مدى قوة أواصر الحب والإخاء التي تربط الناس في إب.. إلى جانب الإبداع في تشكيل شوارعها وأزقتها المرصوفة بالأحجار, هذه اللوحة الفنية الرائعة تجعلك تبحث لاإرادياً عن ذلك المبدع الذي تفنن في رسمها وإبرازها بتلك الصورة المبهرة.لا أنه سرعان ماتفاجئك أصوات الناس ودبيب الحياة التي تزيح عنك غموض التساؤل لتجد نفسك أمام لوحة فنية حقيقية صاغتها يد الإنسان بإبداع فريد واتقان دقيق يتجلى فيه قول الشاعر:
واطرق لدى إب على حسنائها
بلد الملوك وقلعة الشجعان
هي إب ناموس العدالة من لها
في القلب أطهر بقعة ومكان
ومما يزيد هذه اللؤلؤة سحراً وجمالاً هي الخضرة الحالمة التي تحيط بالمدينة عازفة أعذب سيمفونية جمالية أوتارها التراث, والجمال, والبساطة, وأنغامها خرير المياه التي يشدو بها جبل بعدان بطريقته الخاصة التي لاتمتلك حيالها سنابل السحول وسبول وادي الظهار سوى التمايل والرقص على إيقاعات تلك الأنغام الرائعة.. وبمجرد ماتوزع نظراتك في عيون الناس في تلك الطبيعة الفردوسية إلا وترد عليك تلك العيون الفرحة بقولها: أمرح أنت في إب الخضراء.. حقاً لابد وأن تترك لنظرك لذة التمتع بتلك اللوحة البديعة وأن تعطي لجميع حواسك حرية الاستجمام وسط هذه البيئة الرائعة, والصورة الجميلة التي غفلتها عدسات المصورين وملاهم الشعراء.. إنها الثجة لؤلؤة حضارية محزمة بالبساط الأخضر ومحروسة بجبل ريمان”جبل بعدان” الشامخ, وقبل أن تطأ قدمك على أبوابها يجب عليك أن تطرد مظاهر البهرجة والحداثة من مخيلتك وأن تعد نفسك لزيارة متحف تراثي قديم يحتوي على تراث أمة وهوية شعب حفر اسمه على صدر الحضارات وصفحات التاريخ بتراثها الفني وفنها المعماري الخاص ومعالمها التاريخية البارزة والمتشبثة بدفء المكان وروعة الطبيعة وبساطة الأفراد.
موقع المدينة
تقع مدينة إب شمال شرقي تعز على الطريق الذي يربط تعز بصنعاء وهي من أشهر مدن اليمن وتقع في أخصب بقاعه وتعتلي إب فوق ربوة من سفح جبل بعدان وبالتحديد الجهة الغربية من الجبل ويحيط بها من جهة الغرب وادي الظهار ومن الشرق جبل ريمان«جبل بعدان» ومن الشمال وادي السحول ومن الجنوب وادي ميتم وترتفع إب عن سطح البحر بحوالي ألفي متر تقريباً وتمثل المناطق المعتدلة في الجمهورية اليمنية.
وكانت تسمى قديماً مدينة«الثجة» ويرجع هذا الاسم إلى الرواية القائلة أن الثجة هو اسم لامرأة ثرية سكنت قديماً في هذه المدينة الخضراء وبنت داراً ضخماً سمي بدار الثجة ومن هذا الدار جاءت تسمية مدينة الثجة بهذا الاسم.. أما عن تسميتها باسمها الحالي مدينة إب فقد تعددت الروايات حول هذه التسمية وأقرب تلك الروايات هي التي تقول بأن مدينة إب سميت بهذا الاسم نسبة إلى شهر«آب» الذي تسقط فيه الأمطار بكثرة وتخضر الأرض وتنشط الزراعة.
ممنوع دخول إب ليلاً
مدينة إب كغيرها من المدن اليمنية القديمة تتسم بالطابع المعماري اليمني الفريد ، حيث كانت هذه المدينة محاطة بسور كبير مبني من الطين تعتليه نوب متعددة للحراسة.. وكان لها أيضاً أبواب رئيسية تشبه أبواب مدينة صنعاء وتلك الأبواب هي: الباب الكبير, وباب النصر, وباب الراكزة, وباب الواسطة.. وقد كان في السابق ماإن يسدل الليل ستاره على تلك اللؤلؤة حتى يبدأ حراس المدينة بإغلاق تلك الأبواب ثم يتولوا مهمة حراستها من على تلك النوب لدرجة أن من كان يقدم على إب ليلاً لايستطيع دخولها وكان شعارها في تلك الفترة«ممنوع دخول إب ليلاً» إلا أن واقع تلك الأبواب اليوم لايختلف عن واقع معظم أجزاء السور الذي آل إلى الخراب والدمار ، خصوصاً بعد الثورة اليمنية نتيجة للتطور العمراني الذي طغى على معظم المعالم الأثرية التي حملتنا رسالة استغاثة واستنجاد نرفعها بدورنا إلى وزارة الثقافة ومكتب الآثار لحماية هذه المعالم من التلاشي والنسيان والخراب.
الجوامع والمدارس الأثرية
وماتتميز به مدينة«الثجة» عن غيرها كثرة الجوامع التاريخية المنتشرة في أرجائها ولعل أبرز تلك الجوامع: الجامع الكبير الواقع فوق ربوة عالية وسط المدينة وتحيط به المباني القديمة والأزقة الضيقة ويعود بناء هذا الجامع إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب«رضي الله عنه» وقد طرأت على هذا الجامع العديد من التجديدات والتوسع في فترات متعاقبة منها منارة الجامع التي بنيت سنة 685ه كما هو موجود ومؤرخ على لوحة خشبية أسفل المنارة ويتضح في بناء هذا الجامع عظمة الفن المعماري الذي يعد بصمة واضحة في فسحات الجامع, بداية من التوزيع الرائع والمتناسق بين الحمامات وأماكن الوضوء مروراً بالنقوش والخطوط الكثيرة المطرزة للجامع وأعمدته الكثيرة وأبوابه العديدة ومنارته البيضاء الشامخة وسط تلك المدينة الأثرية وكأنها تتعمد ذلك الشموخ لتقول لكل من يراها«مرحباً بك في مدينة الثجة».. وإلى جانب الجامع الكبير هناك جامع«الأسدية» هذا المعلم الاسلامي التاريخي الأثري والغني بتراثه العظيم وفنه المعماري الفريد والذي تمنينا أن تكون لنا معه وقفة في هذا الاستطلاع إلا أنه كان يخضع لعملية الترميم والإصلاح في بعض أجزائه فلذلك لم نستطع الدخول إليه.. ولم تقتصر منابر التوعية والتنوير والإرشاد على الجوامع فقط بل تجاوزتها لتصل إلى المدارس الاسلامية التي كان لها دورها المتميز في تعليم الناس القراءة والكتابة والأمور الدينية وأبرز تلك المدارس.. مدرسة الجلالية نسبة إلى جلال الدين الجلال بن محمد بن أبي بكر السيري ويحكي أبناء إب أن هذه المدرسة توقفت عن دورها كباقي المدارس الأخرى في إب وتحولت في فترة من فترات مابعد الثورة اليمنية إلى سجن لمعاقبة الجناة والخارجين عن القانون ومن تلك المدارس أيضاً المدرسة النظارية والتي تعرف اليوم باسم”المشنة” وتقع في سفح جبل بعدان من الجهة الغربية ويرجع بناؤها إلى الأمير محمد بن محمد النظاري وكذلك المدرسة الشمسية الواقعة شمال الجامع الكبير التي بناها شمس الدين بن بكر بن فيروز.
أسواق المدينة
تتميز الأسواق في مدينة إب القديمة بطابعها الخاص من خلال التشكيلة المتعرجة والطويلة في نفس الوقت التي تحاصرها الدكاكين والحوانيت الصغيرة المحتوية على بعض السلع والمنتجات التي يستهلكها أبناء المدينة بينما يفترش بعض الباعة الأرض بمنتجاتهم المحلية مثل بعض الخضروات والقات ولعل من أهم الأسواق الرئيسية في هذه الدرة النادرة.. سوق النخلة وسوق الميدان الأعلى وسوق المقواتة وسوق الباب الكبير وسوق الجاءة في الجهة الجنوبية الشرقية وتحتوي هذه الأسواق والأزقة على العديد من المقاهي المزدحمة بالإنسان الإبي بزيه الشعبي الخاص والقديم الذي يملأ آفاق المكان بالأحاديث والأخبار المتعلقة بهمومه اليومية وعندما تتجول في أزقة المدينة الضيقة والمرصوفة بالأحجار والمزدحمة بالأفراد تشعر وكأنك تعيش في زمان لاوجود فيه لوسائل المواصلات الحديثة كالسيارات مثلاً التي لاتسمح لها الأزقة بالمرور نظراً لضيقها ولذلك تدرك لماذا يقلد الانسان في إب الانسان الصيني في استخدام الدراجات النارية والهوائية كوسيلة أساسية للتنقل في أزقة المدينة الرائعة وكونك في إب لابد وأن تشدك بساطة الانسان في هذه المدينة وترحيبه بضيوفه أياً كانوا.
الدور
ولعل مايميز مدينة إب كثرة الدور القديمة فيها والتي تتميز بفنها المعماري الخاص والنقوش التشكيلية الرائعة وكثرة نوافذها المتعددة والمختلفة في الشكل والحجم ومن أشهر تلك الدور: دار الثجة الذي داهمه الخراب, ودار البيضاء, ودار الحمام, ودار الواسطة, ودار القلم وغيرها من الدور المتناثرة في أرجاء المدينة .. ومما يلفت النظر في هذه الدور هو التشابه الكبير بين الفن المعماري في مدينة إب القديمة والفن المعماري الذي يتجلى في مدينة صنعاء التاريخية ، حيث إن الدور في إب ترتفع إلى أربعة أو خمسة طوابق ليس لها شبيه في أي بلد من بلدان العالم فالمنازل ليس لها شرفات«بلكونات» ويوجد ببعضها مشربيات خشبية دقيقة الصنع لاتبين شيئاً مما في الداخل.. كما أن النوافذ في الأدوار السفلية لاتكون عادة على الطريق حرصاً على عدم كشف مابداخل المنازل لعيون المارة, وتبنى المنازل من الأحجار التي يقطعونها من الجبال والقاطع اليمني ماهر ودقيق ويبدو هذا واضحاً في قطع الأحجار التي تبنى منها البيوت وطريقة تسويتها وتشكيلها وتنال الأحجار في مقاطع وادي السحول شهرة عالية نتيجة لقوتها وصلابتها ومقاومتها الشديدة للرطوبة.. ويبدع البناءون في زخرفة العمارات بالجص الأبيض من الخارج وحول النوافذ كما أنهم يقومون برسم زخرفة متصلة على هيئة شريط مستطيل عند اتصال كل طابق بالذي يليه يسمى بالحزام وزجاج النوافذ من المرمر ويسمونه بالقمرية لأنه يسمح بمرور ضوء القمر إلى الداخل كما يستعمل الزجاج العادي والملون ويخصص الطابق الأول للحيوانات ويحظى المفرج«المجلس» بأهمية خاصة حيث يكون عادة فوق سطح المنزل ويؤدي هذا المفرج دوراً هاماً في حياة المجتمع اليمني فهو غرفة استقبال الضيوف ومكان لجلسات القات وإقامة الحفلات ولذا يهتم به صاحب الدار فيؤثثه أحسن الأثاث.
الماء والخضرة والجسر القديم
ومن الآثار البارزة في قلب الطبيعة الخضراء المحزمة على جبل بعدان الأخضر تلك الساقية المليئة بالماء والواردة من جبل بعدان إلى مدينة إب القديمة وكأنها عقد من الياقوت المرصع بحبات اللؤلؤة والملفوف على جبل بعدان الشامخ ليضفي هذا التمازج القائم بين لون الساقية الأبيض على خضرة الجبل نوعاً من التناسق والانسجام الذي يبعث في النفس الغبطة والسعادة.
ومايميز تلك الساقية هو فنها المعماري الذي يوضح حنكة اليمنيين التي قهرت الظروف ورسمت تاريخ وجودها على الجبال والسهول, وكانت مهمة تلك الساقية توصيل الماء من جبل بعدان إلى مدينة إب في زمن لاوجود فيه للأنابيب المعدنية المستخدمة اليوم.. وإلى جانب الساقية هناك الجسر القديم الموجود في سائلة المشنة الواقع على شكل قوس وذلك لمرور الماء المتدفق من سيول الأمطار من خلاله.. أما الأفراد فبمقدورهم أن ينتقلوا على ظهر هذا الجسر إلى الطرف الآخر بيسر وسهولة وأمان وهذا الجسر مبني من الأحجار بطريقة هندسية غاية في الروعة والإبداع.
عادات وتقاليد
من العادات التي كانت سائدة في إب قديماً هي أن الفتاة كانت تتزوج في سن مبكر قد يصل في بعض الأحيان إلى الثانية عشرة تكون أمها قد علمتها أصول الطهي وحياكة الملابس وشئون المنزل.. أما الشاب فيتزوج في سن السادسة عشرة وليس لأحدهما الحق في رفض الزواج من الطرف الآخر طالما وقد اختارت لهما أسرتهما.. أما المهر فقد كان يحدد حسب المستوى الاجتماعي للطرفين.. وتقاليد الزواج مازالت شيئاً ما تسير على النمط القديم إذ تقوم بعض النسوة بزيارة بيت الفتاة لرؤيتها فإذا أعجبتهن مهدن للخطبة التي يقوم بها أفراد من أهل الزوج لدى ولي أمر الفتاة وقد كانت العروس تزف إلى منزل عريسها على ظهر جواد أو حمار أو سيراً على الأقدام يحيط بها أفراد أسرتها الذين لايكفون عن إطلاق الأعيرة النارية التي تزداد حدتها عندما تصل العروس إلى منزل الزوج ثم تجلس على أريكة أو كرسي مرتفع ومن حولها الفتيات والنسوة.. أما الزي الذي كانت ترتديه العروس فهو عبارة عن فستان من الحرير أو القطيفة الحمراء أو الخضراء وتضع في عنقها القلائد الذهبية والفضية وتزين شعرها بأزهار طبيعية ذات رائحة زكية وعلى وجهها تضع نقاباً خفيفاً من الحرير الملون وفي أذنيها أقراصاً فضية وفي معصمها أساور من ذهب أو فضة وفي أصابعها خواتم ذات فصوص كبيرة من الياقوت وفي قدميها خلخالاً من الفضة المزخرفة هكذا كانت العروس في إب تتحمل كل هذه المعادن يوم زفافها.
وكذلك من العادات التي كانت تتبع في إب أن الأم تمكث بعد الولادة أربعين يوماً في غرفتها لاتأكل أثناءها سوى القمح والعسل والزنجبيل والقرفة وبعد ظهر كل يوم من أيام الأربعين تحمل«الوالدة» إلى سرير آخر في غرفة واسعة يحتشد فيها عشرات من النسوة والأقارب والأصدقاء يتسامرن معها إلى ساعة متأخرة من المساء تقفل خلالها نوافذ وأبواب الغرفة, وتنهمك النسوة في مضغ القات وتدخين المداعة الذي يكون له مردوداته السلبية على صحة السيدة التي تجتاز فترة النفاس.
الصيف الأخضر
لحلول فصل الصيف في مدينة إب طعم آخر ونكهة مختلفة ، إنه الخير والجمال والدفء والحنان ، إنه الضيف الغالي الذي لاتنساه ذاكرة«الثجة» والحب الذي ينتظره السهل والجبل والانسان فيه تلبس إب ثوبها الأخضر الزاهي وترقص مروج السهول في الظهار والسحول هذان الواديان اللذان كانا يمثلان ذخيرة إب وقوتها بمحاصيلها الزراعية الوفيرة التي كانت رمزاً للخير والبركة وعدواً لدوداً للفقر والفاقة.. نعم لقد كان لهذين الواديين دور كبير في تحسين الحالة المعيشية للانسان الإبي ومازالت إلى اليوم ولكن ليس بالشكل السابق خصوصاً عندما ترى المباني الاسمنتية الحديثة وقد زحفت إلى وادي الظهار وحولته من وادٍ مليء بالخير إلى وادٍ مليء بالمنازل إلى جانب التغيير الكبير الذي طرأ على وادي السحول والذي بدأت فيه شجرة القات تنتشر على حساب المحاصيل الزراعية التي كانت بمثابة عنوان بارز لهذا الوادي الذي قال فيه حكيم الزمان«علي ولد زايد»:
إن كنت من الموت هارب
محد من الموت ناجي
وإن كنت من الجوع هارب
فعلى سحول بن ناجي
كما يروي أبناء إب أن هناك مقولة تختلف روايات نسبتها تقول«إذا اشتدت الحروب فعليك بمدينة الثجة» ويقول لنا المسنون من أبناء مدينة إب إن تربة وادي الظهار من أخصب الترب ولذلك كانت تزرع المحاصيل الزراعية الوفيرة حيث يصف لنا أحدهم أنه كان عندما يفتح نافذة غرفته في الصباح يكون لون البيت أخضر نظراً لخضرة الوادي التي تعكسها أشعة الشمس على ظهر المنزل فيالروعة مايقولون ويالها من صورة سحرية تسبي القلوب وتسلب العقول وتفرح المهموم ، إنه السحر الحلال كما ترنم بها أحد الشعراء الذين أسروا بجمالها وفتنوا بروعتها فما كان منه إلا أن قال:
قسماً بأن السحر كفراً إنما
سحر الحلال لديك هز كياني
فعلاً إنه السحر الذي نقض كل القوانين والتشريعات فهو سحر مرغوب فيه وحلال يدغدغ المشاعر الفياضة والأحاسيس الرقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.