نظم مجلس تنسيق قوى الثورة الجنوبية بقاعة الإرجوانة في عدن ندوة بعنوان (التوافق الجنوبي وأهميته في حل القضية الجنوبية).. شارك فيها قيادات الثورة الشبابية وشخصيات سياسية وحزبية واجتماعية وعدد من قيادات وشباب الحراك الجنوبي وناشطين حقوقين وأكاديمين ومثقفين وصحفين وكتاب من مختلف التيارات الفكرية والسياسية والحزبية في المحافظات الجنوبية حيث قدم في الندوة أربعة أرواق رئيسية تناولت أهمية توافق جميع الأطراف وفرقاء العمل السياسي والعمل على تعميق القواسم المشتركة وإرساء أرضية صلبة قائمة على منهجية الشراكة والتعايش والقبول بالأخر ونبذ ثقافة الإقصاء والتهميش والتخوين بين مختلف القوى والتيارات السياسية في المحافظات الجنوبية بما يحفظ حرية الناس وكرامتهم وحقهم في التعبير ورفض ثقافة التكفير واستخدام السلاح ضد أي تيار أو فصيل سياسي بناءا على أرائه وأفكاره وتصوراته من أجل الخروج برؤية مشتركة تضمن إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية التي أصبحت تتصدر اليوم أولويات الحوار الوطني القادم . الورقة الأولى بعنوان “التصالح والتسامح” قدمها المناضل عبدالقوي رشاد, حيث أكدت ضرورة ان يدير الجنوبيون حواراً داخلياً يفضي إلى تحقق التصالح والتسامح بين جميع المكونات والقوى السياسية والحزبية الفكرية في المحافظات الجنوبية، ونبذ ثقافة التعصب والإقصاء والتهمميش وتجاوز الماضي بكل سلبياته والتطلع إلى المستقبل, مذكرا بأن عدن كانت قبلة لكل اليمنيين, كما قال عنها الهمداني, تعايش فيها الجميع بسلام ومحبة وتسامح, موكداً أن الذي يحدث من تشرذم وتناحر واختلاف اليوم هو نتيجة انحراف الناس عن المخزون الثقافي والفكري الذي عرفت به مدينة عدن التي احتضنت الناس من كل المجتمعات بمختلف جنسياتهم و ديانتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والحزبية, كما احتضنت الأحرار اليمنين في الأربعينيات والخمسينيات وصدرت الثورات إلى محيطها. مشيرا إلى أن الجنوبيين لديهم قضية عادلة وهدف واحد لكن الذي ينقصهم هو الحوار والتوحد والتوافق لتحقيق هذا الهدف وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً يعيد الحقوق لأصحابها منذ 1967م حتى اليوم. وقال مخاطباً مكونات وقوى الحراك والقوى السياسية والحزبية: تعالوا لنتحاور جميعا على طاولة واحدة ونتفق على القواسم المشتركة كي نصل جميعا إلى رؤية مشتركة لحل قضيتنا لنضعها على طاولة الحوار الوطني القادم باعتبار أن وحدتنا هي سبيلنا للوصول إلى هدفنا المطلوب تحقيقه. وأضاف: ما لم نتوافق ونطرح حلاً يمثلنا جميعا فإننا سنفتح المجال للآخرين كي يفرضوا حلولهم علينا، وهذا ما قاله لنا الوسطاء والمجتمع الدولي الذين لن ينتظروا كثيراً إذا لم نتوحد، فمن غير المعقول ان يستمر هذا الوضع حيث معارضة في الخارج متناحرة وقوى في الداخل متحاربة، والمجتمع مشحون بالكراهية ويرفض بعضه بعضا، ونتنكر لكل القيم الجميلة التي تجمعنا وتحقق السلم والاستقرار لنا جميعا، فمدينة عدن هي المدينة الوحيدة التي ترفض التعصب المناطقي والقبلي والعشائري حيث تعايش فيها الجميع من تعز ويافع وشبوة وحضرموت والهند والصومال والفرس باختلاف دياناتهم ومذاهبهم وثقافاتهم. ٭٭٭ السلم الاجتماعي هو عنوان الورقة الثانية التي قدمها الأخ محمد قاسم نعمان رئيس مركز اليمن لحقوق الإنسان, حيث تطرقت إلى أهمية توافر شروط وعناصر السلم الاجتماعي من أجل تحقيق التوافق ونبذ الصراعات والتوترات الاجتماعية بين مختلف تيارات ومكونات المجتمع بمختلف توجهاتها السياسية والفكرية والحزبية والثقافية المختلفة بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الإنسان. وفي ما يتعلق بالقضية الجنوبية قال نعمان: نحن بحاجة إلى تحقيق التوافق الاجتماعي وحماية السلم الاجتماعي لتجسيد أمن واستقرار المواطنين والمجتمع, وتحقيق ذلك بحاجة إلى التوافق السياسي لتكتمل شروط التوافق الاجتماعي وحماية السلم الاجتماعي, وبالنظر للقضية الجنوبية وعدالتها المعترف بها على المستوى الوطني (القوى السياسية+ معظم مكونات قوى الثورة الشبابية الشعبية). فإننا نحتاج إلى تجسيد وحدة السلم الاجتماعي للمجتمع الجنوبي بكل مكوناته المجتمعية وشرائحه وفئاته. وذلك يستدعي إقرار عدد من المبادئ أهمها: احترام المبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والرأي الآخر والقبول به والإيمان بالمواطنة المتساوية وسيادة القانون, واحترام حق الأمن والأمان للمواطنين, و تجسيد مبدأ التصالح والتسامح, والابتعاد عن الإقصاء والتخوين وإثارة النعرات القبلية والمناطقية والعشائرية وثقافة تصفية الحسابات السياسية وحل النزاعات بقوة السلاح, والثارات القبلية والسياسية. والتعامل استناداً للقواسم المشتركة والابتعاد عن التخوين والتهديد بين الأطراف السياسية والاجتماعية باحترام الجميع لحقوق المواطنة المتساوية استناداً إلى معايير حقون الإنسان (حيث ما يعيش الإنسان هو وطنه). وأشار نعمان إلى أهمية مشاركة الجميع في مؤتمر الحوار الوطني القادم طالما هناك قبول وموافقة وإقرار مبدأ حق كل المشاركين في طرح رؤاهم وتصوراتهم للحل العادل للقضية الجنوبية ومن حق المشاركين أن يطالبوا بضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. مؤكدا حاجة الجنوبيين لحوار جنوبي – جنوبي لتحديد القواسم المشتركة والعمل المشترك لتجاوز حالة التمزق والخلافات والعمل من أجل قضايا الناس ومصالحهم وحقوقهم وحاجة المجتمع وتطوره. ٭٭٭ عبد الناصر باحبيب الرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك في محافظة عدن تحدث في ورقته عن دور الأحزاب السياسية في خلق التوافق .. موضحا أن التوافق هو عكس الإقصاء، ويجب على الجميع العمل على تحقيقه. وقال باحبيب: كنا نخاطب المجتمع الدولي والداخل والخارج طيلة السنوات الماضية من مسيرة الحراك الذي كنا جميعا مشاركين فيه، كي يعترفوا بالقضية طيلة السنوات الماضية لكن لم يستجيب لنا أحد وها هي ثورة الشباب السلمية الشعبية وكلنا شركاء فيها استطاعت أن تنتزع اعترافاً رسمياً من جميع القوى السياسية المحلية والمجتمعين الإقليمي والدولي بعد أن احتلت القضية الجنوبية الهدف الثاني للثورة الشبابية الشعبية السلمية وقد جاء قرار مجلس الامن الدولي رقم (2114) الداعم للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي أكدت ضرورة حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً هو اعتراف وإقرار دولي وإقليمي واضح لصالح القضية الجنوبية وقد تحقق ذلك بفضل التضحيات التي قدمها شباب الثورة الشعبية السلمية التي شهدتها اليمن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وقدمت آلاف الشهداء والجرحى وتضحيات شهداء الحراك الجنوبي السلمي الذي قدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى خلال السنوات الماضية. وفي الختام دعا باحبيب في نهاية كل القوى الجنوبية الفاعلة في الساحة إلى ضرورة التوافق ليثبتوا حرصهم على القضية وأنهم يريدون حلها وإعادة الحقوق للناس. ٭٭٭ الدكتور محمد مسعد العودي - محاضر اكاديمي في جامعة عدن - تحدث في ورقته عن أهمية التعايش وعلى ضرورة التوافق الذي هو صفة للتعايش، مشيرا أن الناس بحاجة إلى تعايش ولا يمكن أن يحدث التعايش إلا في وسط مجتمع ملون لأن المتجمع ذو اللون الواحد يسمى مجتمعاً عائشاً وليس متعايشاً. مضيفا أن من يرفض الآخر بناء على رأيه وفكره معناه أنه يرفضه بذاته البيولوجية، داعيًا جميع ابناء المحافظات الجنوبية إلى العمل على خلق قاعدة مشتركة بين الناس تحقق قيم المحبة والوئام التي بها سنحيا متعايشين. ودعا العودي الشباب في المحافظات الجنوبية إلى التعايش الإيجابي من خلال الانخراط في العمل الحر وأن لايكتفوا بالفرجة وانتظار متى ستمطر السماء ذهباً، اقتداء بنشاط الشباب من أبناء تعز الذين يكدون في العمل بمختلف المهن كباعة في الشوارع والمتنزهات والأسواق طلباً للرزق رغم امتلاك البعض منهم لمؤهلات جامعية لكنهم يكافحون ولم يبقوا منتظرين لوظيفة الدولة. بعد ذلك فتح باب النقاش والمدخلات من القاعة، حيث تحدث الدكتور عزام خليفة عن ضرورة أن تتكاتف الجهود لتحويل كل هذه المعاني التي أثارتها الأوراق المقدمة في الندوة إلى واقع وثقافة بين الناس. ٭٭٭ وأشار خليفة إلى الفئة الصامتة من المجتمع في الجنوب وهي الأكبر والأضخم وهي مازالت لم تقل بعد رأيها حتى اليوم رغم أن البعض يعتبرها أقلية ضعيفة وأنا أقول: إن الأغلبية الصامته تمثل أغلبية الجنوبين وهي من سترجح الكفة في الأخير، ولذلك لا بد من أن يبادر الداخل على طرح رؤيته للحل بدلاً من ان يتدخل الخارج ويفرض علينا الحل الذي يريده وفقاً لمصالحة. وعن التصالح والتسامح ذكر عزام خليفة ضرورة تقديم التنازلات من جميع الأطراف من أجل تحقيق المصلحة الوطنية ويجب على الجميع تغليبها على المصلحة الشخصية, مؤكداً أنه فقد أخيه في صراع سياسي في الجنوب عام 1971م رغم ذلك كان متسامحا وقدم المصلحة العامة متنازلاً عن الثأر الشخصي ومثل الجنوب أمام العالم في المحافل الرياضية، ثم ما نراه اليوم من البعض ممن يدعون التصالح والتسامح ويتعاملون معنا بسبب رأينا المخالف لهم وكأننا لا ننتمي للجنوب وجئنا من كوكب آخر. ٭٭٭ الأمين العام لمجلس الحراك الجنوبي السلمي بمحافظة عدن العميد ناصر الطويل أشار في مداخلته إلى ممارسات النظام السابق غير الوحدوية من خلال تكريس سياسة التسلط في المحافظات الجنوبية القائمة على طمس هويتها الثقافية والتاريخية وممارسة الظلم والتميز، مشيراً إلى أن الحراك الجنوبي هو ملك لكل الناس ولا يختزله فلان أو علان من القيادات، داعيا لطرح كل الأفكار والرؤى والمشاريع ليكون الشعب هو الحكم، دون وصاية أو إلغاء. كما قدمت العديد من المداخلات من قبل بعض شباب الثورة والحراك الجنوبي وأكدت جميعها أهمية التوافق والحوار للخروج برؤية موحدة لحل القضية الجنوبية وتقديمها لمؤتمر الحوار الوطني القادم. ٭٭٭ - ضرورة العمل مع كل الأطياف وفرقاء العمل السياسي وتعميق القواسم المشتركة وإرساء الأرضية الصلبة القائمة على منهجية الشراكة والتعايش والقبول بالآخر ونبذ ثقافة الإقصاء والتهميش والتخوين وحفظ حرية الناس وكرامتهم وحقوقهم بالانتماء والتعبير ورفض التكفير واستخدام السلاح ضد أي مكون سياسي بناء على آرائه وأفكاره وتصوارته. - ضرورة العمل على إجراء وتحقيق مصالحة وطنية شاملة لتجاوز كافة المحطات السياسية منذ الاستقلال وحتى اليوم وعودة كافة الحقوق لأهلها والعمل على إخراج قانون العدالة الانتقالية إلى حيز الوجود. - ضرورة العمل على إجراء حوار جنوبي - جنوبي يعمل على بلورة رؤية مشتركة ولو في حدها الأدنى والمشاركة الفاعلة بروح المسئولية في الحوار الوطني الشامل، وانجاز ميثاق شرف جنوبي يحفظ للجميع حق التنوع والاختلاف والحقوق والحريات. - إدانة التهديد الذي تعرض له المناضل عبدالقوي رشاد رئيس مجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية عبر رسائل الجوال تتوعده بالتصفية الجسدية، إضافة إلى إدانة ما حدث في وزارة الداخلية والمطالبة بتطهير الأجهزة الأمنية والعسكرية من بقايا العائلة. وقال الدكتور عبدالله العليمي باوزير - أمين عام مجلس القوى الثورية الجنوبية والذي أدار الندوة- أن المقصود بالتوافق والذي حمله عنوان الندوة هو التوافق على قيم ومبادئ تحفظ التعدد وحرية الرأي والتعبير والقبول بالآخر وتحقق السلم الاجتماعي في الجنوب.