كل الشعوب وكل الأمم صمّمت لها (جحا) خاصاً بها بما يتلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها. ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضاً، ولكن شخصية (جحا) المغفّل الأحمق وحماره لم تتغيّر. وهكذا تجد شخصية نصر الدين خوجة في تركيا، وملا نصر الدين في إيران وكوردستان. ومن الشخصيات التي شابهت جحا بالشخصية إلا أنها لم تكنَ به نذكر جابروفو بلغاريا المحبوب، وأرتين أرمينيا صاحب اللسان السليط، وآرو يوغسلافيا المغفل. بعودة بسيطة إلى التاريخ تكتشف أن كل هذه الشخصيات في تلك الأمم قد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، مما يدل على أنها كونت شخصياتها بناءً على شخصية “دجين” العربية الذي سبقهم. بل إنك تجد الطرائف الواردة في كتاب “نوادر جحا” (أي جحا العربي) المذكور في فهرست ابن النديم (377ه) هي نفسها مستعملة في نوادر الأمم الأخرى ولم يختلف فيها غير أسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية مما يدل على الأصل العربي لهذه الشخصية. من نوادره: جحا ونواة البلح رأته امرأته يأكل تمراً ولا يخرج نواه، فقالت: ماذا تصنع كأني بك تأكل التمر بنواه؟! فقال لها: طبعا آكله بنواه لأن البائع وزنه مع النواة، ولو أخرج نواه لما باعه بسبع بارات، أما وقد أعطيته الثمن دراهم بيضا، فهل أرمي في الزقاق شيئاً اشتريته بدراهمي؟