العمل الإنساني صار من المؤكد أنه آخر ما تعمل من أجله المستشفيات الخاصة في بلادنا. حالات إسعافية كثيرة ماتت على أبواب تلك المستشفيات فقد تم رفض إحالتها على غرف الإسعاف أو العمليات لأنها جاءت بدون مبالغ مالية لدفع تكاليف دخول المستشفى ثم غرفة العمليات ثم رسوم الرقود. المبالغ التي تطلبها تلك المستشفيات تأتي أرقاماً خيالية لا تناسب مع مستوى دخل الفرد في بلد كاليمن أكثر من 60% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر، كما أنها لا تتناسب مع نوعية الخدمة الطبية الرديئة و غير المكتملة الأركان ...فالمستشفى الذي يمتلك أجهزة طبية حديثة ومبنى جيد يكون كادره الطبي بدون خبرة عملية ولا قدرات تؤهله لأن يحافظ على أرواح المرضى أو حتى يخرجهم بأخف الضرر كما أن غالبية المستشفيات الخاصة تفتقر للإمكانيات الآلية والبشرية التي تجعلها تستحق منحها رخصة مزاولة العمل الصحي فضلاً عن الإنساني الذي تحولت عنه إلى العمل الربحي البشع!! الأسبوع الفائت قام مجموعة من الشباب بإسعاف صديق لهم تعرض للإصابة بطلق ناري استقر في رأسه ولأنهم ينتمون إلى عائلات من محدودي الدخل فقد صدمهم المبلغ المالي الذي طلبه أحد المستشفيات الخاصة كي يستقبل صديقهم المصاب ..كان المبلغ المطلوب “600” ألف ريال مقابل فقط إدخال المصاب إلى غرفة العمليات!! ولأن المبلغ لم يكن بحوزة أولئك الشباب، ولم يتوقعوه أبداً فقد طلبوا من إدارة المستشفى إنقاذ حياة صديقهم الذي كان ينزف ويجب سرعة إخضاعه للتدخل الجراحي لكن إدارة المستشفى لم تقبل وكذلك فعلت إدارات مستشفيات خاصة أخرى بحجة عدم استقبالها مثل هذه الحالات مستغلة حالة العجز الذي تعاني منه مستشفيات تعز الرسمية. فما كان من أولئك الشباب إلا الرضوخ أمام السُعار الربحي لتلك المستشفيات وبعد مرور أكثر من سبع ساعات وفقهم الله بأحد الرجال الخيرين الذي ضمنهم مالياً لدى إحدى المستشفيات فتمكنوا من إدخال صديقهم غرفة العمليات ليواجه قدره. معاناة أولئك الشباب تتكرر يومياً، والحديث عن مرضى يموتون على أبواب المستشفيات لا يتوقف تماماً كحالة اللامبالاة بحياة الناس من قبل مسئولين وتجار لا يمكن اعتبارهم بشراً!!