الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمل الزوجة.. نعمة أم نقمة..؟!
فيما المرأة الغربية تشهر حملة: «إني لبيتي راجعة»
نشر في الجمهورية يوم 12 - 09 - 2013

مازالت المرأة العربية تعمل منذ ساعات الفجر الأولى وحتى ساعة متأخرة من الليل كي تسهم في تأمين الدخل الكافي للأسرة، ولا تنتهي معاناتها عند هذا الحد، فالبيت لا يوجد فيه طعام، ويحتاج إلى ترتيب، الجميع ينتظرها لكي تقوم بما لا يستطيع أحد غيرها القيام به، وتضطر غالباً إلى ترك أبنائها وحدهم، ما يجعلهم على صغر سنهم في بعض الأحيان يواجهون أحداثاً جساماً، ولا ننسى تلك الأم التي اضطرت إلى العودة إلى المنزل مسرعة بسبب الحريق الذي شبَّ في بيتها وأتى على محتوياته، وأولادها الثلاثة الذين قضوا وهم يتمسّكون بالباب المقفل محاولين الفرار، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما هي الآثار الجسدية والفكرية المترتبة على ازدواجية عمل المرأة في الحياة «داخل البيت، وخارجه..؟!» وهل عمل المرأة تحت هذه الظروف نعمة أم نقمة..؟!.. اكتشاف الحقيقة
حركة ودعوات آتية من نساء غربيات عشن في جو الحرية وترعرعن في أحضان القيم والمبادئ الغربية، وليس هناك من المسلمين من دفع لهن رشوة ليسرن في هذا الاتجاه، ولكنها الفطرة واكتشاف الحقيقة التي ترى أن وظيفة المرأة الأولى هي الأمومة، وأن ربة المنزل تقدم لأمتها أكبر خدمة وتسهم إسهاماً كبيراً في التنمية وخدمة المجتمع والحياة، نشأت في أمريكا حركة تسمّي نفسها (حركة كل نساء العالم) إنها لا تطالب بحرية المرأة، ولا بمساواتها بالرجل، ولكنها تطالب بأن تعود المرأة إلى حياتها الطبيعية تحت قيادة الرجل وفي ظل الأسرة التي هي منشأ الاستقرار والسعادة للصغار وللكبار.
وسبب نشأة هذه الحركة أن السيدة (مورابيل مورجان) وهي ربة منزل أمريكية ألّفت كتاباً تعرّضت فيه لكثير من أسباب فشل الحياة الزوجية وانهيارها، واقترحت مجموعة من الحلول ووسائل العلاج للعلاقات الزوجية المنهارة في المجتمع الأمريكي، وفوجئت أوساط النشر الأمريكية أن هذا الكتاب قد حقّق رقماً خيالياً في المبيعات والانتشار، وقد أدى انتشار ذلك الكتاب إلى نشأة الحركة النسائية الجديدة (حركة كل نساء العالم) واستطاعت تلك الحركة أن تضم في صفوفها عدداً كبيراً من النساء من جميع أطياف وأجزاء المجتمع الأمريكي، وفتحت هذه فصولاً دراسية لتعليم السيدات الراغبات في إنشاء حياة زوجية سعيدة، وتوفير الهناء والاستقرار لها ولمن يعيش معها.
وألّفت السيدة الفرنسية (كريستيان كولانج) كتاباً بعنوان (إني لبيتي راجعة) وحول هذا الكتاب قدم التلفزيون الفرنسي ندوة حضرتها مجموعة من السيدات الفرنسيات يمثلن عدداً من المذاهب السياسية والاجتماعية، وكانت مؤلفة الكتاب قد نجحت في التوفيق بين عملها وبيتها، فربّت أربعة أبناء، وعملت في الصحافة مدة خمسة وعشرين عاماً، وتعتبر نفسها من الناجحات في التوفيق بين العمل والمنزل، وكانت قناعتها قوية، وشعورها عميقاً وجارفاً أن المرأة لا يكمل نموها النفسي والروحي، ولا تبلغ كمال تطورها ولا يتألق جوهرها إلا إذا قامت بدور الأم قياماً كاملاً غير منقوص.
أضرار واستنتاجات
في البدء لابد من الإشارة إلى أن مناقشة شرعية عمل المرأة ليس هنا مجال بحثها؛ خاصة أن عمل المرأة في بعض الحالات يعتبر حاجة وضرورة لبقاء الأسر وتأمين معيشتها خاصة في حال فقد المعيل، ولكن الحديث يتناول ذكر بعض الأضرار التي لحقت بالمرأة وأسرتها من جراء خروجها إلى العمل، هذا الضرر الذي يُخشى أن يترك أثراً على الأجيال المقبلة والذي يمكن أن يلاحظ عند الاطلاع على أحوال المرأة العاملة الغربية التي مرّت بالطريق نفسه التي تمر به المرأة العربية اليوم، ومن أبرز الأضرار التي يمكن استنتاجها تتلخّص في عدم تنازل الرجل عن أي حق منحه إياه الشرع أو العادة أو التقليد، لذلك فهو يرفض أن يقوم بأي عمل قد لا يتناسب معه، لهذا تجد المرأة نفسها تعيش عبء خيارها العمل المزدوج لوحدها ولا تحصل على دعم الرجل أو على دعم المجتمع، وهذا الرفض للتعاون قد يكون إرادياً يفعله الرجل عن رغبة وتصميم، كما قد يكون لا إرادياً وذلك عندما يطال المهمات التي هي أصلاً من اختصاص الزوجة كما حدّدتها طبيعتها الجسدية كالحمل والإرضاع والاهتمام بالأطفال، أما عدم التعاون الإرادي فحجة الرجل فيه هو قول الله سبحانه وتعالى: “الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض...”.
- تقول منال سعيد الشيباني (موظفة حكومية): هذا التفضيل الذي جاءت به الآية إنما هو ناتج عن قيام الرجال بالذب عن النساء، كما يقوم الحكام والأمراء بالذب عن الرعية، وهم يقومون أيضاً بما يحتجن إليه من النفقة والكسوة والمسكن، وقد استدل جماعة من العلماء بهذه الآية على جواز فسخ النكاح إذا عجز الزوج عن نفقة زوجته وكسوتها.
- وتواصل سهام حميد (طالبة جامعية) مستنكرة: بعض الأزواج يجهلون مفهوم القوامة ويربطونها فقط بالرجولة، فلا ينظر هذا الزوج إلى تقصيره في القيام بواجباته الزوجية، إنما ينظر فقط إلى حقوقه والتي من أبرزها السمع والطاعة، إلا أن عمل المرأة لا يستطيع أن يلغي قوامة الرجل نظراً لخطورة مسألة إلغاء القوامة، على الأسرة والمجتمع العربي والإسلامي.
- لتصل إلهام عبدالرحمن (طالبة دراسات إسلامية) في طرحها: القوامة فطرة عند المسلمين وعند غيرهم، فقد قرأت عن امرأة فرنسية دخلت على قاضٍ فرنسي ذات مرة وقالت له: لا أريد زوجي، قال: لماذا..؟! قالت: لأنه لم يأمرني ولم ينهني، قال: وما العجب في ذلك؛ أليس فيه ما يؤيد دعوة فرنسا بلد الحرية..؟! فقالت: لا أريده.. أريد رجلاً يأمرني وينهاني، مشيرةً إلى أن المرأة بفطرتها تحتاج إلى رجل يحميها ويقودها، ويأمرها وينهاها، حيث ثبت أن المرأة التي تقول: زوجي لا يسألنا رحنا أم جئنا حزينة في داخلها؛ لأنها تعتقد أنها تحت رجل ضعيف؛ بخلاف التي تقول: لا نستطيع أن نفعل أو نترك إلا بإذنه فلابد أن نسأله.
- وأضافت إلهام: قوله تبارك وتعالى: “الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض...” وهذه إشارة للمؤهلات الفطرية غير المتوافرة عند المرأة كالقدرة على المواجهة والتحمُّل وتقديم العقل على العاطفة، والنظر في عواقب الأمور ومآلاتها، والمؤهل الثاني: “وبما أنفقوا من أموالهم” ومن هنا يتضح أن المرأة حتى لو أنفقت على البيت فإنها لا تنتقل إليها القوامة؛ لأنها لا تمتلك القوامة الفطرية، فهي لا تملك إلا الدموع بخلاف الرجل الذي يواجه ويصادم، ولو أن الطلاق أحد الحقوق الخاصة بالقوامة في يد المرأة لطُلق الرجل 20 مرة في اليوم، و القوامة لا تعني التسلُّط أو القهر وإنما تعني الحماية والعطف والتوجيه والقيادة، فالسفينة لا تستطيع أن تسير إلا برُبّان واحد.
- فيما أشار عبدالعزيز سالم (موظف) إلى أن قوامة الرجل على المرأة في قول الله سبحانه في كتابه نصّ في المسألة وهو العليم الخبير وهو خالق الرجل والمرأة، وعمل المرأة ومساهمتها في تدبير أمور البيت مادياً لا يجعلها في موضع الرجل، والقوامة لا تعني إلغاء المشاركة والمشاورة والتفاهم، ونظراً لمتطلبات البيت والحياة لم يعد الرجل وحده أقدر على إدارة البيت مادياً، بل أصبح يريد المرأة أن تشاركه في العمل وتساعده في توفير متطلبات الأسرة، ومن ثم تمشي سفينة الأسرة بنجاح إلى بر الأمان.
اختلاف ونضوج
إن اختلاف النضوج العقلي بين الفتاة العاملة وربة الأسرة العاملة يجعل الحوار مع هذه الأخيرة أكثر عقلانية وتقبلاً للأفكار دون عصبية وتهوّر، كما أن لاختلاف أهداف العمل بالنسبة للنوعين أثره في إنجاح هذا الحوار.
- أميرة عبدالسلام (مدرسة تربوية) تقول: تتعلق الفتاة في بعض الأحيان بالعمل لقتل الفراغ أو لتحقيق بعض الحرية في التحرُّك والخروج من المنزل، أو رغبة في إثبات الذات عن طريق الاستقلالية المادية، فيما تتعلق الزوجة وربة الأسرة بوظيفتها تعلقاً معيشياً في كثير من الأحيان، مع رغبة شديدة عند بعضهن في التخلّي عن العمل والتفرغ لتربية الأولاد خاصة في سن الطفولة، ومن أسباب الحديث عن معاناة الزوجة وربة الأسرة العاملة: هو وجود الضائقة المادية التي طالت كثيراً من الناس، وتركت أثراً على نفسية المرأة العاملة التي زاد حملها وكُلفت بمهام لم تعهدها من قبل.
- كما تمثّل صورة الزوجة التي تقوم بشؤون البيت والأولاد فقط طرازاً قديماً لم يعد متواجداًَ في العصر الحالي ومتطلباته، من وجهة نظر إيمان محمد (موظفة حكومية) لتواصل: فبينما تذهب الزوجة إلى العمل صباحاً وتعود مساءً يتواصل دورها كذلك في العمل المنزلي لتوفر لزوجها وأولادها اللقمة الطيبة والثياب النظيفة، وبذلك تصبح عاملة في جهتين خارج وداخل الأسرة، وضع مادي صعب وحياة مستعصية، ومتاعب في تحمل الدور الأسري؛ كل هذا يلقى على عاتق المرأة.
- وأسباب هذا الوضع تتعدّد بحسب ما وضّحته أم أيمن (ربة بيت، وموظفة حكومية) والمشاكل الزوجية بسبب عمل المرأة عديدة ومن أبرزها أحياناً غضب الزوج المستمر وفرض وجوده الرجولي بصراخه ونفسيته التي تحوّل الحياة الأسرية إلى جهنم الدنيوية، وقد يكون السبب تفوق راتب الزوجة على راتب الزوج، أو طرد الزوج من العمل نتيجة الضائقة الاقتصادية وعدم إيجاده وظيفة أخرى ما يضطره إلى الاعتماد على وظيفة زوجته حتى في مصاريفه الشخصية لفترة طويلة، وما يبعث على الخوف من تفاقم هذه الحالة هو وجود النموذج الحي التي تقتفي المرأة العربية أثره، وهو نموذج الزوجة الغربية التي تشير أخبارها إلى مدى القهر والاستبداد الذي يمارسه الزوج عليها، حيث يجبرها على العمل خارج المنزل وداخله دون الاهتمام لنوعية العمل الذي تقوم به، فإن ضاقت بذلك ذرعاً وأعلنت احتجاجها على هذا الظلم، أحيلت إلى قطيع النساء المطلّقات، بعد أن تنال نصيبها الأوفى في الإيذاء والضرب..!!.
دراسات
وقد أدّى الأمر ببعض الدارسات اللواتي يدّعين المحافظة على حقوق المرأة أن يتخوّفن من هذه النقطة، إذ أدركن أن القوانين التي يمكن أن تُسن لصالح المرأة لا فائدة منها إذا لم تقترن بتصحيح للذهنية السائدة، لذلك قالت إحداهن: إن خروج المرأة إلى العمل في ظل هذه الظروف يؤدّي إلى أن يتضاعف الاستغلال الواقع عليها، وبدلاً من أن تكون أداة للعمل داخل البيت فحسب، تصبح بالإضافة إلى ذلك أداة للعمل خارج البيت ولحساب زوجها.
عمل المرأة سلاح ذو حدين قد يحوّل خسارة المرأة لراحتها واستقرارها داخل البيت إلى خسارتها للجو الأسري مع زوجها وأولادها، حيث يسود جو مشحون بالتوتر واللوم نتيجة تقصيرها في واجباتها العائلية، هذا التقصير الذي لا يخفّف منه الاستعانة بالآخرين، فهذه منى عز الدين، إحدى النساء المتزوجات - والتي سلبها عملها خارج البيت أنوثتها - تخشى أن تخسر أبناءها وتذهب تضحيتها أدراج الرياح، فلا تجد في شيخوختها ابناً باراً أو ابنة مُحبة، لأن من الأسباب الموجبة لبر الأم والإحسان إليها الحمل والفصال والتربية والإشراف، فقد قال الله تعالى: “ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً، حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً، وحمله وفصاله ثلاثون شهراً...”.
واجبات مسلوبة
هل تقوم الأم العاملة اليوم بواجب الرضاعة لأكثر من أربعين يوماً..؟! سؤال استنكاري علّل به عبدالقوي سعيد (موظف في شركة خاصة) عدم قبوله لزوجته في مواصلة عملها بعدما تزوّجها، ليواصل: فهل تقوم هذه الأم بواجب العناية بأبنائها ومراقبة نموّهم والسهر على راحتهم، أم أن هذا الأمر أصبح من اختصاص الخادمة أو دور الحضانة، أو ما تيسر من المساعدين من أهلها، فهل إذا كَبِرَ هذا الطفل (طفل الرضاعة) تستطيع أمه أن تطالبه بحقها في الرعاية والاهتمام تنفيذاً لقوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً؛ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً...» أم أنه سيترك أمه لدور العجزة كما تركته هي فيما مضى لدور الحضانة..؟!، السؤال يحتاج إلى جواب، لكن أن يلد السؤال سؤالاً آخر فإنها ربما تصبح كالمثل القائل: «جاء يكحلها عماها..!!».
- منير سالم المقطري (طالب جامعي) قال: الحديث عن آثار هذا العمل على المجتمع متعدّدة، ولعلّ أهمَّها استيلاء كثير من النساء على وظائف كان من الممكن أن يستفيد منها رجال مسؤولون عن عائلات، أو شباب يحتاجون إلى بناء أسر وتكوين عائلات، فلماذا أصبحت النساء تنافسنا في العمل، ولماذا يسمح الرجل لزوجته بالعمل ويحرم أخاه الرجل أن يحصل على عمل ليتزوّج ويكون له بيت وأطفال..؟!.
سد الفراغ
إن قضية عمل المرأة تحتاج إلى وعي للمشكلة القائمة، إذ أن هذه القضية تواجه تبايناً كبيراً في الرأي حتى في صفوف النساء أنفسهن، ففيما تتمسّك كثيرات من النساء بعملهن ويعتبرنه منفساً يهربن منه من مصاعب الحياة، تقول إحداهن وهي موظفة ذات منصب مرموق: مهما تكدّست مشاكلي فسوف أخرج في اليوم التالي أذهب لأرى الناس، حيث أحسّ بقيمتي وبموقعي العام، وأجد كلمتي مسموعة وأوامري تنفّذ، وأكون ملكة بعملي عكس ما أنا في بيتي بين زوجي وأولادي مجرد جارية وجدت لخدمتهم فقط..!!.
- بناء على ما تقدّم عبَّرت ميرفت العزي (إحدى المرشدات الاجتماعيات) عن حيرتها في الحديث عن هذا الموضوع، على الرغم من كَون عمل المرأة وقعودها في البيت يعتبر آلة لتفريغ المشاكل النفسية، إلا أنه لم يجد أن عملها المهني الذي يزيد من أعبائها قد يوفّر لها حلاً لهذه المعضلة، فلهذا من الضروري للمرأة والمجتمع أن يعمل على إيجاد الحلول المفيدة لمشكلة عمل المرأة، ومن هذه الحلول ما يمكن أن ينفّذه الزوجان المعنيان بالأمر عبر تفاهمهما حول هذا الموضوع، إذ أنه إذا كان عمل المرأة ضرورياً لتأمين الدخل الكافي للأسرة، فعلى الزوجين أن يتعاونا لسدّ الفراغ الذي يتسبّب به غياب الزوجة الطويل عن المنزل، فإن في قيام الزوج ببعض الأعمال المنزلية وفي مساعدته في تدريس الأولاد إشاعة لروح التعاون في البيت، واستبدال لأجواء المشاحنة والبغضاء بأجواء السكن والمودة التي لابد منهما للمحافظة على الاستقرار الأسري.
التشاور والتراضي
ومن هذه الحلول ما يؤمّل تنفيذه من أجل تحسين وضع المرأة العاملة بشكل عام، كتوظيف من تحتاج منهن إلى العمل بوظيفة يمكنها القيام بها في منزلها أو تأمين راتب شهري لربة البيت التي فقدت معيلها يدفع عنها ذُلّ العوز والسؤال، خاصة أن الراتب الذي يمكن أن تتقاضاه في الخارج في أغلب الأحيان يكون زهيداً مقارنة بالجهد الذي تبذله، أو إيجاد فرص عمل خاصة بالنساء التي يمكن أن تسد حاجة اقتصادية ويمكن أن تتخلّى كثيرات من الفتيات عن أعمالهن لعدم وجود فرص الاختلاط المتوافرة حالياً ما تجعلها غيرة زوجها عرضة للمشاكل والهموم.
الاكتئاب النفسي
وعن الآثار النفسية لإلغاء القوامة على المرأة قال الدكتور طاهر شلتوت: بالنسبة للمرأة بشكل عام أعتقد أن تحميلها أداء أدوار نفسية داخل الأسرة وخارج الأسرة قد يزيد لديها الإحساس بالقلق والتوتر والذي قد تبدو مظاهره عليها في ضعف الأداء بشكل عام بالحياة، والذي قد يؤثّر سلباً على طبيعة الحياة الزوجية بينها وبين زوجها، ما يؤدّي بدوره إلى خلل في العلاقات بينها وبين الأبناء.
وفيما يتعلّق بالنتائج المترتبة على الأبناء قال شلتوت: إن التكوين النفسي للشخصية يحتاج إلى معزّزات إيجابية وأرخى سلبية لتشكيل السلوك السوي الصحيح للأبناء؛ وغالباً ما يلعب الأب بدوره القيادي داخل الأسرة سواء المادي أم المعنوي جزءاً مهماً في هذه المعززات، ولذلك تختل أدواره إذا انتزعت منه القوامة خصوصاً إذا كانت الزوجة تعمل والزوج جليس البيت وعاطلاً عن العمل، وبالتالي يحدث اختلال شديد في منظومة المعززات والذي قد ينتج عنه اختلال في منظومة السلوك والقيمة والأخلاق عند الأبناء، لافتاً إلى أن هذه الآثار تم رصدها بالفعل في بعض المجتمعات الغربية التي تخلّت عن هذه العلاقة السوية ومنها منظومة القوامة.
السؤال الأكبر
هل ما نتمناه يتمناه سوانا، وهل ما ندعو إليه مستحيل في ظل مجتمع تكثر فيه التناقضات حتى في البيت الواحد..؟! كثيراً ما تحسد المرأة العاملة من قبل بعض النساء الماكثات في البيت بسبب خروجها يومياً واستقلاليتها المادية؛ غير أنهن لا يرين الجانب المظلم من يوميات المرأة العاملة التي يتوجّب عليها أن تكون عاملة مثالية في مقر عملها وربّة بيت من الدرجة الأولى، وأماً صالحة، غير أن الواقع ليس دائماً وردياً بالنسبة للمرأة العاملة التي تجد نفسها مجبرة على العمل داخل البيت وخارجه، بالإضافة إلى الاهتمام بتربية الأطفال.
لكن يبقى الحل الأنجع هو تسطير المرأة العاملة برنامجاً خاصاً يمكّنها من التوفيق ما بين كل المسؤوليات التي تنتظرها، وعمل المرأة في مجتمعاتنا أصبح في الكثير من الحالات حاجة ملحّة، إذ أن المرأة وجدت نفسها مجبرة على العمل قصد المساهمة في التكفل بأعباء واحتياجات الأسرة بعدما كان دخول المرأة عالم الشغل من بابه الواسع نابعاً من إيمانهن أن العمل حق مشروع وترسيخ لمبدأ تحقيق الذات، وهنالك فئة من النساء من نجحن في التوفيق ما بين العمل في المنزل وخارجه لكن على حساب صحتهن واهتمامهن بأنفسهن؛ إذ تفكر فقط بإرضاء العائلة من زوج وأطفال، وهنالك من فشلن في ذلك ما أدّى إلى نشوب مشاكل جسيمة في البيت، ومع الزوج أساساً الذي يريد من زوجته أن تكون امرأة خارقة؛ إذ يطلب منها أن تساعده في تحمُّل نفقات البيت ومن جهة أخرى، يطالبها بأداء كل الواجبات على أكمل وجه دون مد يد العون لها.
- ونقول في الأخير للرجال إنه يتوجب عليهم مساعدة زوجاتهم في البيت وتفهمهم للتعب الذي يعانينه، ومد يد العون ولو بأبسط الأمور كالاعتناء بالأبناء مثلاً أو وضع المائدة، فلا عيب في ذلك؛ إذ أن سيد الخلق «صلى الله عليه وسلم» كان يخدم أهل بيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.