.. إلى أين تنظر، عمّن تبحث يميناً وشمالاً؟! إنني أخاطبك أنت يا من تقرأ كلماتي، أنت يافع في المرحلة المتوسطة أو في الثانوية، أنت شاب في المرحلة الجامعية، بل ربما أب أو أم أو مربّي أجيال، أيًاً كانت مهنتك أو دورك في الحياة، فأنت قصة نجاح.. كل يوم تقرأ وتسمع قصص أولئك الناجحين ممن خلّدهم التاريخ وتحدّثت بصماتهم بعد رحيلهم عنّا، أما أولئك المعاصرون فكم تمنيتَ أن تكون منهم مؤثّراً أو ملهماً أو رائداً من روّاد نهضة الأمة.تجر الآه بعد الآه، وتأتي بالعذر بعد العذر، قائلاً في نفسك: تأخرتُ ولم أبدأ، ماذا عساي أن أفعل؟ سبقني الكثيرون، لا أملك ما يؤهّلني لأنجح وأكون منهم، لا أجد المال الكافي، لا أحد يدعمني أو يقف معي ويأخذ بيدي ..... إلخ.. تأمل معي عزيزي القارئ: سامسونج، آبل، سوزوكي، سوني، ...... إلخ ماركات سيطرت على أسواق العالم، هل تدرك معنى ماركة من صنع البشر تسيطر على العالم؟. ماذا عنك أنت، ألست ماركة من صنع الله الواحد الأحد، وهل يستوي صنع الله مع صنع البشر..؟! لا تندهش من سؤالي وتستغفر الله، بل اندهش واستغفر الله من فعلك بذاتك واستهانتك بصنع الله وما وهبك من قدرات غير محدودة، ألست ضمن هذه الآية التي يقول فيها الله سبحانه وتعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) سورة النحل «88»؟! فكيف بك تهرول بعد ماركات صنعها البشر ولا تنظر إلى ماركتك الشخصية فريدة الصناعة.؟!. انهض الآن.. انفض عنك الغبار.. أيقظ المارد الذي في داخلك وحطم قيودك.. الآن في هذه اللحظة استشعر عظمة الخالق في صنعك ماركة ليس لها مثيل وابدأ في استثمار حياتك.. أنت لم تُخلق لتعبد هواك وتعمر في ذاتك الخاصة ما لا يرضاه لك الله وتقلّل من شأن حياتك، وجودك في الحياة يتطلّب هدفاً ومعنى، رسالة ورؤية، تأثيراً وأثراً. حياتك قضية، فهل أدركت قضيتك التي تعيش وتناضل من أجلها..؟! ابحث عنها وفتّش في أعماقك؛ لن تجدها عند أولئك الذين خذلوك وأضعت وقتك أسفاً عليهم، ولن تجدها عند أولئك الذين حاربوك وأرهقت عقلك في البحث عن تبرير لما فعلوه، ولن تجدها فيمن أحببت أن يكونوا شركاء الرحلة معك ومازلت تنتظر إلى أن شعرت بأنك تأخرت، ولن تجدها في أصدقاء انتظرتهم يمدّوا يد العون إليك وهم يغفلون حقيقة ما تريد منهم، ستجدها فقط في أعماقك، قضيتك أنت تسكن أعماقك، نادها ستأتيك والعالم كله مسخر ليساندك ويكون معك في نصرة قضية سامية غايتها الفردوس الأعلى.. ابدأ الآن مهما كان عمرك وفكّر معي في هذه التساؤلات: من أنا ومن أكون، وأي نوع من الرجال أو النساء أريد أن أكون، ما نوعية الحياة التي أريد أن أعيشها، وما الأثر الذي أريد أن أتركه في الحياة بعد رحيلي، ما دوري الحقيقي في أهلي وأصدقائي ومجتمعي، هل أسهمت في نصرة الإسلام والمسلمين في الأرض، وهل لي نصيب في نهضة الأمة وإعادة الحضارة..؟!. نعم.. أستطيع أن أكون قصة نجاح أنا قائد ملهم ومؤثّر في بيئتي وأصدقائي ومجتمعي، أنعم بحياة الوفيرة والثراء، السعادة، الحب والسلام، أملك قضية وأعيش من أجلها، والأمة هي همّتي ولها أحيا وأنثر بسمتي إنجازاً يخلّدُ أثري، وحين تطوى صحائف الأيام يجدون اسمي محفوراً على جدار الزمن ويردّدون مر وهذا الأثر. لماذا توقفت..؟! هذا هو أنت، وهذه الكلمات هي تُمثّلك، أمازلت تشك في قدراتك..؟!. أنت الآن تقرأ المقال في ضوء المصباح، بل أقول في بصمة أديسون “مخترع المصباح” يا ترى هل كان أديسون يمتلك خمسة من العقول ولك عقلٌ واحد، أم أنه كان له ضعف ما لديك من الأطراف..؟! بل هو مثلك تماماً، لكن الفرق الوحيد أنه فشل 999 مرة وقال أنا لم أفشل بل اكتشفت 999 مرة لم توصلني إلى اختراع المصباح الذي أريد، فكم مرة تجاوزت فيها عن إخفاقاتك ونهضت مسرعاً لتكمل ما بدأت..؟! بل ربما تقرأ مقالي في ضوء النهار على مقعد جميل يُقبل الأرض حيث بصمة نيوتن “مكتشف الجاذبية” يا ترى هل نزل نيوتن من الفضاء، أم له كرامات الأنبياء، وهل وصل إلى هذا القانون بتلك السهولة، أم كانت مرحلة في سلسلة إنجازاته التي كانت بداياتها محرقة في ظل ظروف صعبة، بل هو مثلك تماماً، لكنه تحدّى الواقع ليسجّل بصماته على جدار الزمن، أنت الآن تقرأ كلماتي وأفكاري المتواضعة التي ترجمتها حروفاً على الورق، يا ترى قلمي هل يسيّره خاتم سليمان في استرسال الأفكار وانتقاء الكلمات..؟! بل قلمي مثل قلمك؛ لكنه اختار أن يكون مؤثّراً ولو عن طريق هذه الكلمات البسيطة.. يقول علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه: «وتحسب أنك جِرمٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر» والآن ماذا قرّرت أن تفعل، أمازلت تفكر..؟!. بالتأكيد أنت قصة نجاح.. قرّر الآن وابحث عن قضيتك، وركّز على ما تريد أن تكونه، فإن ما تركز عليه تحصل عليه، واعمل بالأسباب وتوكّل على الله القائل: (وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى) سورة «النجم: آية 9». مدرّبة في التطوير والتحفيز الذاتي [email protected]