نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعلم گيف تواجه ثورة شعب
نشر في الجمهورية يوم 07 - 02 - 2014

كان خروج موسى بقومه تعبيراً سلمياً عن رفضه لسياسة فرعون بعد سنوات من القهر والفساد والظلم والاستبداد التي مارسها القوي الظالم في حق الشعب الضعيف ، وللذكرى نقول للمدافعين أو الجاهلين بسياسة فرعون ، أليس فرعون من علا في الأرض وأفسد فيها وجعل شعبه فريقين فريق يعمل وهم بني إسرائيل وفريق يأكل وهم قومه والمقربون منه ، فريق يكدح وفريق يربح ، فريق يزرع وفريق يحصد ، ثم زاد على ذلك فلوث يديه بدماء الأبرياء من بني إسرائيل بقتل الذكور من الرضع خشية أن يتكاثر عددهم فيكونون خطراً عليه وعلى قومه كما يظن أو كما أشير عليه قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } القصص4 .
- أليس فرعون هو من كان يرى نفسه مالكاً لا حاكماً فمصر ومن فيها وما بها وما عليها جميعها أملاكه، البشر والبقر على السواء قال تعالى:{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الزخرف51 ، أليس فرعون من كان ينفق أموال مصر وخيراتها في بناء القصور لينعم بها في حياته وفي بناء القبور لينعم بها بعد موته قال تعالى (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ{10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ{11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ{12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ{13}) الفجر ، والمقصود بالأوتاد الأهرامات التي كان يبنيها الفراعنة ويملئونها بألوان الأطعمة والأشربة والأموال اعتقاداً منهم أن الحياة ستعود إليهم فيأكلون ويشربون ويستمتعون فترى عينيك في قبورهم وبعد موتهم ما يتمنى بنو إسرائيل القليل منه في حياتهم والطغيان جنون .
- أليس فرعون من كان يقرر مصير شعبه منفرداً دون الرجوع إليهم فرأيه صواب لا خطأ فيه وكلامه حق لا باطل فيه ومن كان كذلك فلا يناقش في أمره ولا يراجع في رأيه إسمع له قائلاً في غرور { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ }غافر29 ، أليس فرعون من كان يمنع الناس من الإيمان أو التعبير عن قناعتهم إلا بإذن مسبق منه ألم يقل للسحرة عندما أعلنوا إيمانهم (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{123}) الأعراف، وأخيراً بلغ به الغرور مداه فزعم أنه الإله فقد رأى نفسه متصرفا في الأرزاق يعطي هذا ويمنع ذاك، ومتصرفا في الأرواح يقتل من يشاء ويعفو عمن يشاء، ورأى ذكره يملأ القلوب فزعاً وخوفاً وكل الناس من شعبه يتمنى رضاه ويتقرب إليه وكلها أوصاف لا تكون إلا للإله فتجرأ أن يقول {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }النازعات24 ، ويقول { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي}القصص38 ، ولذلك فلا غرابة بعد كل ممارسات النظام الفرعوني أن يصدر الإعلان بل القرار الإلهي بزوال ملك فرعون وإعادة الأمر إلى نصابه بنصرة المستضعفين وجعلهم مصدر السلطة و استخلافهم في الأرض وجعلهم الوارثين لملك فرعون قال تعالى {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } القصص5.
إلا أن فرعون لم يسلم لشعبه ولا لإرادة الله بل حاول بكل ما لديه من قوة إجهاض الثورة متحدياً إرادة الله وإرادة الشعب ، وكانت محاولاته متعددة الأساليب تمثلت في استهداف رموز وقيادات الثورة، وتضليل الرأي العام، واستخدام المال العام والوظيفة العامة في شراء المؤيدين وكسب الأنصار، واستهداف المنشقين عن النظام ، واتهام المعارضين له بتضليل الناس ونشر الفساد في البلاد، وقمع الخارجين سلمياً على النظام، وممارسة العقاب الجماعي، واللجوء إلى التهدئة عند الشعور بالضعف ثم نقضها، والتهوين والتقليل من شأن المعارضين له والخارجين عليه، واستخدام كل أنواع القوة والترهيب وعلى رأسها القوة العسكرية، وسنستعرض هذه الوسائل من خلال قصة موسى في القرآن .
أولها: استهداف رموز وقيادات الثورة
من المعلوم أن الثورات تبدأ من النخبة ثم تنتقل إلى عامة الناس سواء أكانت هذه النخبة سياسية أو فكرية وعليه فإن هذه النخب غالباً ما تكون قيادات للثورة أو رموزاً لها في أقل الأحوال وهو ما يجعلها في مقدمة أهداف النظام القمعي ، وفي النظام الفرعوني كان موسى عليه السلام رأس الثورة فمنه بدأت قبل أن تجد لها أنصاراً من بني إسرائيل ، وخشية من انتقالها إلى قومه كان لابد من القضاء على موسى عليه السلام تحت أية ذريعة ، حتى جاءت حادثة البلطجي المتنفذ من قوم فرعون حين اعتدى على أحد الضعفاء من بني إسرائيل فلم يجد الرجل أمامه إلا الاستغاثة بموسى عليه السلام قال تعالى {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ{15} القصص.
- لقد أحس موسى أنه استعجل التغيير باستخدام العنف وعلم أن هذا من عمل الشيطان فلام نفسه وتاب إلى الله {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{16} القصص، غير أن هذه التوبة لم تدم طويلاً إذ سرعان ما تكرر المشهد باعتداء آخر من أحد البلاطجة المتنفذين على ذات الرجل من قوم موسى مما يدلك على أن حوادث الاعتداء على البسطاء والمستضعفين كانت من المشاهد المتكررة التي يراها الناس كل يوم ولم تكن حوادث فردية أو طارئة، هذا الاعتداء المتكرر والسافر جعل موسى في حالة غضب من هؤلاء البلاطجة فبادر لنصرة الرجل وكان من أمرهم ما ذكره المولى عزوجل {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ{18} فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ{19}} القصص.
- ومن البجاحة في دولة فرعون أن يصف المعتدي على حقوق الضعفاء موسى بالجبار لأنه أراد نصرة المظلوم من الظالم، ولم يلبث الخبر أن وصل إلى فرعون فلم يعقد محاكمة عادلة لموسى خشية أن يفتح ملف الانتهاكات المتواصلة من أشياع فرعون على المواطنين البسطاء من قوم موسى ويبدأ السؤال من وراء هؤلاء البلاطجة؟ من يدفعهم ؟ ومن يحميهم؟ ومن المستفيد من وجودهم؟ وهل لهم صلة بالقصر الفرعوني؟ وووووو؟ كما أن في هذه الواقعة الذريعة المناسبة للقضاء على موسى رأس الثورة، وبدأ الملاء يخططون لقتل موسى وكاد يقع المحذور وتنتهي الثورة لولا رعاية الله والمخلصين من أنصار الثورة قال تعالى: {وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ }القصص20 ، ولم يكن من حل إلا أن يرحل موسى ناصر المظلومين ورجل العلم والحكمة وعدو الظلم والظالمين ويبقى فيها فرعون رجل الفساد وقاتل الأبرياء.
- رحل موسى بعد أن فقد الأمان وخرج يطلبه بعيداً عن أرضه وقومه ليجده في مدين التي استوطنها عشر سنين يسوق أغنام الناس ليطعمها وفرعون في بلده يسوق أمته وشعبه ألوان العذاب ولا نملك هنا إلا أن نقول (لك الله يا مصر .. لك الله يا مصر) ثم هل لنا أن نسأل من الأولى أن نقول له (إرحل – إرحل – إرحل) موسى أم فرعون ؟.
ثانيها: تضليل للرأي العام
عاد موسى بعد غربة طويلة بعيداً عن بلده ليستأنف النضال لتحرير بني إسرائيل بأمر من الله ومعيته وبرفقة أخيه هارون الناطق باسم الثورة لفصاحته {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{10} قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ{11} قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ{12} وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ{13} وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ{14} قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ{15} فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ{16} أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{17}) الشعراء ، ورأى فرعون في عودة موسى وطلبه السماح لبني إسرائيل بالرحيل عن مصر إلى أرض أخرى يعيشون فيها بحرية وكرامة تحدياً سافراً له ، وبدأ بتزييف الحقائق فادعى أن الآيات التي جاء بها موسى سحر وليست حقه والغاية منها إخراجه وأنصاره من مصر والرحيل عنها وليس الرحيل ببني إسرائيل، واستمر التضليل فأعلن أنه سيواجه التحدي بالتحدي والسحر بالسحر وطلب تحديد موعد للقاء فقال: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى{57} فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَاناً سُوًى{58} طه.
- لقد تم تحديد الموعد بيوم عيد يجتمع فيه الناس كما يجتمع الثوار في زماننا في أيام الجمع عيد رأس الأسبوع ليبينوا رفضهم للأنظمة الفاسدة، وجمع فرعون السحرة ليقلب الحقائق ويضلل الناس {فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }الشعراء38 ، وجمع الزبانية الناس (وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ{39} الشعراء) والمراد من اجتماع الناس إتباع السحرة ولو كان الحق مع موسى( لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{40} الشعراء) ولعل هؤلاء الناس من أصحاب الدفع المسبق .
ثالثها: استخدام المال العام والوظيفة العامة في شراء المؤيدين وكسب الأنصار
وجاء أمهر السحرة من كل أنحاء مصر (قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{36} يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ{37}الشعراء) وقبل أن يبدأ السحرة بتضليل الناس تأييداً لفرعون طلبوا منه ثمناً لعملهم فاجتماعهم من أنحاء البلاد وقطعهم للمسافات الطويلة ووقوفهم في ذلك الحشد العظيم وقيامهم بتضليل الآلاف ليس إيماناً منهم بشرعية فرعون بل طمعاً فيما يعطيهم من أجر وهذا ما كان يعلمه فرعون بيقين مهما راوغ أو أنكر وهو ما جعله لا يوافق على طلبهم فحسب بل زادهم ما هو أعظم من المال وهو الوعد بجعلهم من المقربين ومن أنواع التقريب منح المناصب كل ذلك ليكسب ولاءهم قال تعالى:(فلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ{41} قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ{42}) الشعراء.
رابعها: استهداف المنشقين عن النظام
بعد الوعود والإغراءات التي قدمها لهم فرعون أخذ السحرة كالببغاوات يرددوا مقالة فرعون {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى{63} فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى{64}) طه ، وبدأ السحرة في حماس بممارسة عملية التضليل للناس وجاءوا بما يحير الألباب ويضلل العقول ويجعل الحق باطلاً والباطل حقاً قال تعالى {قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ }الأعراف116، وبلغ تأثير سحرهم إلى موقد الثورة وصاحب العلم والحكمة المؤيد بالآيات موسى عليه السلام لولا أن ثبته الله قال تعالى :{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى{67} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى{68} وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى{69} طه، وواجه موسى تضليلهم بالحقائق ، وسحرهم بالآيات {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{45}) الشعراء، فكانت نتيجة التحدي {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف118.
- ومع ظهور الحق وزوال الباطل أعلن السحرة انشقاقهم عن النظام الفرعوني وانضمامهم لموسى وهارون وصار خصوم الثورة بالأمس أنصارها اليوم قال تعالى: {فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ{119} وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{120} قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ{121} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{122})الشعراء، إلا أن رأس النظام فرعون أتهم المنشقين عليه بالتآمر مع الثوار وصار يتوعدهم بالصلب والقتل بعد أن كان يعدهم بالتقريب والأجر وصار أنصاره خصومه ، وأتباعه أعداءه لمجرد أن أعلنوا عن إيمانهم وقناعتهم بالحق الذي رأوه ({قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{123} لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{124} قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{125}) الأعراف ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.