انطلاق دوري "بارنز" السعودي للبادل للمرة الأولى عالمياً    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    جماعة الحوثي تتوعد ب"خيارات حاسمة وجريئة".. ماذا سيحدث؟    الرئيس العليمي: مليشيات الحوثي قتلت نصف مليون وشردت 4 ملايين يمني وليس لديها الرصيد الأخلاقي للدفاع عن فلسطين    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    تاليسكا سيغيب عن نهائي كأس خادم الحرمين    كريستيانو رونالدو يتصدر قائمة فوربس للرياضيين الأعلى أجرا    الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً ويشنّون حملات اختطاف في احدى قرى حجه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    إصابة مواطن ونجله جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات شمال لحج    موقف بطولي.. مواطنون يواجهون قياديًا حوثيًا ومسلحيه خلال محاولته نهب أرضية أحدهم.. ومشرف المليشيات يلوذ بالفرار    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    من يقتل شعب الجنوب اليوم لن يسلمه خارطة طريق غدآ    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع كتاب «في الدولة الطائفية»
نشر في الجمهورية يوم 16 - 04 - 2014

«في الدولة الطائفية» كتاب للمفكر مهدي عامل، صدر عام 1988م، عن دار الفارابي، وهو كتاب متوسط الحجم ،ويقع في “280”صفحة، ابتدأه المؤلف بمقدمة أشار فيها إلى أن ما سوف يتبعه في هذا الكتاب هو «نقد ينعقد فيه النظري على السياسي في وحدة فكر مناضل».
ينبه المؤلف في مقدمته إلى خطورة أن تفكر بفكر خصمك، إنها ضربة قاتلة. أعني لاغية لكل اختلاف به يتميز فكرك عن فكر خصمك. وكيف يقوم الفكر إن لم يكن الاختلاف، والحرب بالكلمات أدهى. وبالكلمات يغريك خصمك حتى يوقع بك، يطربك ، فيشل فيك قدرة العقل على النقد ، فتستسلم إذّاك لمنطلقات فكره، يقدمها بداهات بها تنزلق إلى مواقعه. هكذا يفقدك فاعلية فكرك، فتبقى، حتى في نشاط فكرك المعرفي أسيراً لمنطلقات فكره. لذا وجب النقد .«فشرط النقد الاختلاف بين فكر الناقد والفكر المنقود وامتلاك أدوات النقد، فالنقد إنتاج لمعرفة هذا الاختلاف، فإذا التقى الحد الفاصل بين الفكر المسيطر و الفكر الثوري النقيض، انتفى النقد. إن على الفكر النقدي أن ينتج اختلافه، كلما أنتج معرفته “في سيرورة إنتاج مستمر” حتى لا ينزلق “إلى مواقع فكر الخصم، في شكله الطائفي المسيطر ».
في نقد الفكر «التوافقي»
في نقده لدراسة “النظام السياسي اللبناني نظام فريد من نوعه لأنطوان مسرة» يؤكد مهدي عامل أن الحديث عن لبنان فريد من نوعه، في تركيبه الطائفي، هو ما أسس له فكر “شيحا” وأخذ منه الجميع من أيديولوجي البرجوازية اللبنانية ،ومنه ينطلق “انطوان مسرة” فالوظيفة الأيديولوجية إياها التي كانت لمفهوم الفرادة في فكر شيحا، وفي فكر من أخذ عنه، أوجزها في هذا القول: إن الفريد غير قابل للتغيير، أو التغير ولا يصح عليه هذا ولا ذاك. إنه الجوهر أبداً .لا يدخل في دائرة العام ولا في دائرة عقله، فله عقله دون غيره، لا يشاركه فيه أحد، ألم يكن والد الرئيس الحالي – تقدس اسمه – عنيت بالطبع بيار الجميل - يردد دوماً لمن يسمعه أو لا يسمعه «الصيغة الصيغة. إنها الفريدة .حرام أن تتغير».. يناقش المؤلف بوعيه النقدي قول “مسرة” «في لبنان تحترم حقوق الأقليات كجماعات ،وتحمى بفضل الدور المؤسسي والتحكيمي والموازن الذي تؤديه الدولة. وفي المجتمع المتعدد، علينا الإقرار بوجود جماعات ثانوية بسيطة بين الدولة والمواطنين ،ولولاها لما أمكننا الكلام عن التعدد ...» وهذا الطرح يراه المؤلف، لغة أيديولوجية تكرس للفكر المسيطر شكلاً من الوجود، من خلال تقديمها على أنها بداهات، يتم من خلالها اختصار «الطريق إلى الوعي العام بلا توسط، والوعي هذا يطمئن إليه راضياً ببداهته. ولعل أول من صاغ الفكر البرجوازي المسيطر في شكل من البداهة هو شيحا» فكل ما كتبه شيحا حول تجربة لبنان التاريخي مرتبط بتعريفه للبنان على أنه «بلد أقليات طائفية متشاركة» لهذا يجب توجيه النقد ضد هذه البداهات، لأن القول «إن الطائفية كيان اجتماعي قائم بذاته، متماسك بلحمته الداخلية، عميق الجذور في وجوده، حتى يكاد يكون في حاضره ما كان، قبلُ، في ماضيه ،متكرراً بلا تغيير. وهكذا تستحيل الطائفة بهذا التعريف الحاضر في كل ما قرأت ،جوهراً، أو ما يشبه الجوهر، من حيث هي العنصر الأول البسيط، أو الوحدة الاجتماعية الأولى في تكوين المجتمع اللبناني الذي يتعدد بتعددها، فيتحدد طائفياً، كإطار خارجي لمجموعة من الأقليات المتعايشة. ولا تقوم في مثل هذا المجتمع علاقات اجتماعية سوى بين الطوائف، ولا يمكن لمثل هذه العلاقات فيه أن تتحدد إلاّ كعلاقات طائفية ،مهما حاول البعض من المتحذلقين أن يتذاكى بتوفيق يقوم به بين ما يسميه بفظاعة “الطائفية والطبقية” فمثل هذا التوفيق مستحيل في مبدئه. لقد تحولت الطائفية التي صنعتها الرأسمالية – في علاقتها بالدولة، إلى علاقة مؤسسية «فيها توجد الطوائف، بها تقوم. هذا ما يؤكده انطوان مسرة نفسه في نص آخر... يقول في خلاصة كتابه، بترجمة من الفرنسية شبه حرفية ليس حلاً لدياليكتيكية الدولة والطوائف في لبنان إلغاء طرف من المعادلة. لا وجود للطوائف في لبنان بدون الدولة، لأن كلاً منها ليست، بمفردها، الأكثرية. ولا وجود للدولة أيضاً بدون الطوائف كأقليات، وهي كيانات مستقلة قائمة بذاتها، والدولة من تؤمن لها ديمومة وجودها ،كجواهر منغلقة على ذاتها. الدولة هي بحسب المنطق الطائفي لأنطوان مسرة «شفيعة الطوائف، كفيلتها ،وضامنة ديمومة وجودها» إنها حاجة متبادلة حيث تؤمن الدولة وجود الطوائف، وتؤمن الطوائف وجود الدولة، بهذا الفكر يصبح لبنان الكيان الجوهر، في تعدد طوائفه، وفي دولة هذه الطوائف لكن تاريخ لبنان الحديث يؤكد عكس ما يقول مسرة، أو يؤيد ما نقول. ففي عهد الاستقلال بالذات، تعزّز بناء النظام الطائفي، الذي أقيمت أسسه في عهد الانتداب، وفي عهد الاستقلال اكتمل الوجود المؤسسي للطوائف، في كيانات سياسية لها استقلالها الذاتي المحكوم بأنظمتها الخاصة. لقد كان لدولة الاستقلال، أعني دولة البرجوازية اللبنانية، الدور الأول في تعزيز هذا البناء (بدلاً من تقويضه)،وفي تأمين الأطر المؤسسية الضرورية لوجود هذه الكيانات ،وديمومتها».
يرى المؤلف أن التوازن الذي تقيمه هذه الطوائف، هو توازن هيمنة، ومن ذلك يصبح مفهوم «دولة الحَكَم» وهمياً «إلاّ إذا كان دور الدولة هذا بالذات يكمن في تأمين هذا التوازن، أي بالتالي، في تأمين الهيمنة الطائفية، هي دون غيرها، الطائفة المهيمنة، وإظهار علاقة الهيمنة هذه بين الطوائف كأنها علاقة مساواة أو مشاركة.. إن المنطق الطائفي الذي يقضي بأن تكون الطوائف قائمة بذاتها، هو نفسه الذي يقضي بضرورة أن تكون تلك الطائفة المهيمنة، مهيمنة بذاتها، ويقضي كذلك بضرورة أن تكون الطوائف الأخرى خاضعة لهيمنتها، لأنها، بذاتها، ليست مهيمنة، بل عاجزة عن الهيمنة. هكذا يتحدد منطق الفكر الطائفي، في ضرورته الداخلية، كمنطق فكر عنصري.. إنه، إذن يكمن في تأمين التحقق الآلي لإعادة إنتاج تلك العلاقة من الهيمنة الطائفية التي بها يقوم المجتمع المتعدد، فهو، بهذا المعنى فقط، دور «تحكيمي موازن» وهو، بهذا المعنى أيضاً، في تناقض مع دور الحَكَم الذي يضع الدولة في موقع محايد».
في علاقة الدولة بالفرد: يتابع «أنطوان مسرة” رؤيته للمجتمع اللبناني كمجتمع متعدد ويميز «بين هذا المجتمع، والمجتمع الموحد أو المتجانس، من جهة علاقة الدولة بالمواطنين. لئن كان هذه العلاقة في المجتمع المتجانس علاقة مباشرة، فهي في المجتمع المتعدد غير مباشرة، تمر بالطائفية، التي هي وسيط ضروري بين الدولة والمواطن. كان أولى بصاحب النص أن يقول «بين الدولة والفرد» ففي المجتمع الطائفي لا وجود للمواطن، والدولة لا تعترف بوجوده، إلاّ منتمياً للطائفة، فالطائفة هي الوحدة الاجتماعية، وليس الفرد «في المجتمع المتجانس وحده يوجد الفرد كمواطن مستقلاً بذاته، في علاقته المباشرة بالدولة. وشرط وجوده في هذه العلاقة الحقوقية، أي يكون حراً من كل انتماء آخر(ديني أو طبقي مثلاً) غير انتمائه إلى ذاته التي هو فيها، وبها، في علاقته «بالدولة» والطريف في الأمر هو أن مسرة ، يقيم تعارضاً بين المجتمع المتجانس، والمجتمع المتعدد، وهذا يعني «أن الأول لا طوائف فيه .ومثاله، عند مسرة «الديمقراطيات الغربية الكبرى» لكن هذا القول خاطئ تماماً. فالولايات المتحدة مثلاً - وهي من أكبر الديمقراطيات الغربية. إن لم تكن أكبرها على الإطلاق – تضم عدداً من الطوائف، هو أضعاف ما يضمه لبنان منها، فلماذا يُعد المجتمع فيها متجانساً، بينما هو متعدد في لبنان؟ لماذا الطوائف في فرنسا أو كندا أو استراليا أو الاتحاد السوفياتي ليست طوائف، بينما هي فقط في لبنان ،طوائف؟ بحسب منطق الفكر المادي الذي نعتمد في نقض الفكر الطائفي، نجيب بالقول: إن الطوائف ليست طوائف إلاّ بالدولة –لا بذاتها، كما يوهم الفكر الطائفي - والدولة في لبنان هي التي تؤمّن ديمومة الحركة في إعادة إنتاج الطوائف كيانات سياسية، هي بالدولة وحدها، مؤسسات «ولقد أشار شيحا قبل تلاميذه الذين جاءوا من بعده، إلى هذا المنطق الطائفي
حين أكد «أن الوجود الفعلي للطوائف هو وجودها السياسي، لا الديني، وهذا ما يؤكده، أيضاً، أدموند ربّاط» بحسب منطق الفكر الطائفي الذي يحكم مسرة إما أن تكون العلاقات بين الطوائف، في المجتمع التعددي، متوازنة، وإمّا أن تكون عنفيّة. وتوازنها قائم بالدولة. فإذا ضعفت الدولة، أو قل أضعفت، اختل هذا التوازن، ودخلت الطوائف في حالة حرب، لأنها حرب بين طوائف، لا يمكن أن يكون فيها حسم لصالح واحدة منها ضد أخرى. لا يمكن أن يكون فيها بالتالي، غالب ومغلوب. مهما طال أمدها «لهذا يرى مسرة ضرورة إعادة التوازن الطائفي، لإعادة السلم والدولة في آن ،وكأن قدر المجتمع أن يعيش أبدية طائفية، وغياباً وتغييباً للمواطنة والمواطن! وأن تبقى الدول ضامنة الطوائف بلا تغيير، حتى يبقى المجتمع طائفياً كجوهر! وكأنه مجتمع قائم بذاته «من خارج التاريخ، لا بشروطه التاريخية، كأن تاريخه لا يخدشه التاريخ» وهذا قول يهدف إلى تأبيد النظام السياسي الطائفي. من هنا كان قول انطوان مسرة عن الديمقراطية التوافقية في لبنان «إن تصنيف النظام السياسي اللبناني كنظام توافقي يسمح بتغيير النموذج ،ودراسة استمراريته «فتصنيف النظام السياسي في لبنان كنظام توافقي يجعله مجتمعاً تعددياً طائفياً، فهو نموذج وبه يكون التفسير، لأنه فريد بتوازنه الطائفي، وهذا القول ليس سوى محاولة لعقلنة ما هو خارج كل عقل! يسأل مهدي عامل في رده على هذا الطرح الخارج عن كل عقل «أليس النظام التوافقي، في توازنه الهيمني نفسه، نظاماً أقلوياً» أليس مأزق الاثنين واحد، من حيث أن كلاً منهما يستثير الآخر ويستدعيه، كحل، والعكس بالعكس، في حركة تبادل الحلول والمآزق؟ أليس هذا المأزق الواحد هو مأزق النظام السياسي الطائفي، في وصوله إلى نقطة القطع في حركة استمراره ،أي إلى لحظة الحسم في ضرورة تغييره؟ واللغة برغم قدرتها على التمويه الأيديولوجي، ليست قادرة على أن تمنع التاريخ من تحقيق ضرورته» فأزمة النظام السياسي اللبناني تكمن في طائفيته، والحل في تغييره بنظام مواطنة، مهما حاول انطوان مسرة وأمثاله أن يصوروا إصلاح هذا النظام السياسي الطائفي في «إعادة إنتاج هذا النظام »، لأن العلة في وعيهم المزيف للحقائق، يكمن في «تحرير النظام من عائق إعادة إنتاجه وتأبيده».
عوامل تأبيد النظام:
تتمثل هذه العوامل بالنسبية التوافقية بين الطوائف، فحرب الثمان سنوات، جعلت اللبنانيين - بحسب زعم انطوان مسرة – يدركون كلفة الإخلال بهذا التوازن، ولهذا يصبح التغيير من وجهة نظره يعني الحرب «إما القبول بتأبيد النظام الطائفي، وإما الحرب على من يرفضه. وهذا هو الحل إياه الذي يقترحه مرة، في لغة جامعية مهذبة، أعني منافقة» والخلاصة لا للتغيير.
وأما العامل الثاني، فيتمثل ب«فدرلة» النظام، أي الدولة الفيدرالية، بكل ما تعنيه هذه الفدرلة من حق الفيتو المعطل، التي تلجأ إليه طائفة ما هنا أو هناك، فالفيتو من خصائص التوافقية «ولعل التناقض الذي أشرنا إليه، بين قول يؤكد فيه أن “الفيتو” ذاك هو من خصائص التوافقية» وقول آخر هو فيه معطل لها، ليس تناقضاً منطقياً أو شكلياً، أعني قولياً، بقدر ما هو بالعكس، التناقض الموضوعي الفعلي في بنية النظام السياسي الطائفي، الذي هو تناقضه المأزقي، أما الأول فهو انعكاس في القول لهذا المحتجب عن القول. لذا ربما كان أهم ما يأتي في اللغة الأيديولوجية المخملية إلى القول هو فراغ. لكن هذا الفراغ، في تلك اللغة، مأوى المعنى «ومهدي عامل يشير هنا إلى تناقض طرح انطوان مسرة عن الفيتو، كمبدأ للمشاركة والمساواة الطائفية.
وفي إشارة أخرى إلى نص مسرة على أنه معطّل للنظام!
والعامل الثالث في تأبيد النظام يتمثل في “التسويات في مسائل السيادة” فتزعزع استقرار لبنان يعود بالنسبة إلى مسرة إلى الوجود الفلسطيني المسلح، والحرب الباردة بين العرب والصراع الأمريكي السوفياتي في المنطقة، وعن النزاع العربي الإسرائيلي ،فالمجتمع المتعدد «الطائفي» إذا توفر له التوافق لا يعيش ولا يعرف أزمة ،إنما الأزمات تأتي من خارجه ،وكأن لبنان خارج الوجود وخارج التاريخ! فأسباب تزعزع النظام اللبناني بحسب الوعي الزائف، أو تزييف الوعي تكمن بالقضية الفلسطينية «الوجود الفلسطيني المسلح، فرض عليه فتزعزع استقراره واختل به –لا بممارسات إسرائيل العدوانية – توازن نظامه التوافقي «ولا هو – أعني لبنان – معني بالصراع المحتدم في العالم العربي، وفي حركة التحرر الوطني، بين نهج رجعي هو نهج البرجوازيات العربية في خياناتها الوطنية المتتالية ،ونهج ثوري هو النهج الوطني السليم في ممارسة العداء ضد الإمبريالية والصهيونية، والرأسمالية» إن مكر اللغة الأيديولوجية لدى انطوان مسرة يكمن في ملمسها المخملي. تقول ما تخفي، وتخفي ما تقول، كأنها في خجل مما تقول، أو في نفاق مستمر. هكذا يسري فيها النص الذي قرأنا. ماذا يخفي؟ ماذا يقول ببساطة، وبلا مواربة أو تورية؟، يقول: إذا نقل إلى لغة عارية من جلدها المخملي، إن اجتياح اسرائيل للبنان في عام 1982م، أحدث تحولاً جذرياً في تطور العلاقة الصراعية بين العرب وإسرائيل، فباتت إسرائيل فيها سيدة المنطقة بلا منازع «وإليكم نص مسرة» تتوقف قابلية النموذج للحياة على تنظيم العلاقات مع المحيط الذي يشهد حالياً حالة تحول. إن تزعزع استقرار لبنان قد نتج بصورة خاصة عن الوجود الفلسطيني المسلح، والحرب الباردة بين العرب والصراع الأمريكي السوفياتي في المنطقة وعن النزاع العربي الإسرائيلي. ففي عام 1982م دخلت إسرائيل إلى العالم العربي من باب واسع، وهذه كلها وقائع ينبغي استخلاص العبر منها في ما يتعلق بمستقبل علاقات لبنان بمحيطه». يستمر احتياج الدولة الطائفية إلى الاستقواء بإسرائيل في كل منعطف وصراع داخلي وخارجي «كشرط لديمومة تجددها، وانتزاع لبنان بالتالي، من انتمائه العربي ،وسلخه عن محيطه الطبيعي».
العامل الرابع: النموذج التوافقي، يقول مسرة «رابعاً، تتوقف قابلية النموذج في الحياة، وهذا أمر جوهري – على ميزان قوى متوزان، مع بنى دفاعية تسمح في حال الخطر، بالحفاظ على الطابع المتعدد للمجتمع، الذي هو شرط ديمقراطيته» ومن رد مهدي عامل على هذا الطرح ،قوله «يخطئ من يقيم التناقض السياسي في لبنان بين طائفية هي، في تعدديتها السياسية الديمقراطية نفسها، وفاشية هي إلغاء لهذه التعددية الطائفية. فالتناقض الفعلي ليس قائماً بين هذين الطرفين، إنه بالعكس، قائم بين الطائفية والديمقراطية. ذلك أن الفاشية لا يمكن أن تولد إلاّ في رحم هذا النظام السياسي الطائفي لسيطرة البرجوازية الكولونيالية اللبنانية، الذي فيه تكونت، ومنه خرجت، وبه اشتد ساعدها لتحميه، لا لتنفيه. لكنها، بالطبع كانت تقوّضه فيما هي كانت تحميه – أو تحاول حمايته –ومن حيث هي كانت تحميه. طبيعي إذن، أعني ضروري أن يكون نقيض الفاشية في لبنان، هو نقيض الطائفية. وهو نقيض النظام السياسي البرجوازي، الذي فيه التحم الفاشي بالطائفي التحاماً بات، بسببه كل نقض للفاشية نقضاً للطائفية».
لبنان بين الاختلال والوحدة:
في تعريف ناصيف نصار للطوائف بأنها «هويات جماعية واضحة تماماً، متعددة الأبعاد، ومتأصلة عميقاً في التاريخ: وهي تؤلف معاً كلاً ديناميكياً معقداً للغاية» وهو تعريف نجده يتواشج مع تعريف ميشال شيحا لبنان بأنه «بلد أقليات طائفية متشاركة» وعلى أساس هذا التعريف «يقوم الفكر الطائفي متماسكاً ببداهاته.. فإن تكون الطائفية هوية جماعية، يعني أنها وحدة اجتماعية قائمة بذاتها، متماسكة بلحمتها الداخلية، ولها، لذاتها، كامل الوضوح، إنها العنصر الأول البسيط الذي منه يتركب الكل المركب ،كالمجتمع، وهو شبيه ببداهته وبساطته، بالعنصر الديكارتي، وله، مثل هذا الوضوح كله، بل إن له، كهذا وضوح البداهة، وضرورتها. أما التعقد، فهو ليس للعنصر، بل للكل المركب من مجموع العناصر الداخلية في تركيبه .كالكل المركب الديكارتي إياه، والعلاقة بين الطوائف، في المجتمع المتعدد بتعددها، كالعلاقة بين العناصر في هذا الكل المركب الديكارتي، علاقة خارجية، ولا يمكن لها أن تكون كذلك، مهما تداخل بعضها في بعض، ومهما كان تركيبها معقداً.. هنا تكمن ربما فائدة الثقافة الفلسفية في الارتقاء بالفكرالطائفي إلى مرتبة الفكر الفلسفي من خلال البحث عن الطوائف «العناصر، الوحدات، الكيانات، الجوهر» ولهذا التاريخ جذور بلا زمان، بل يجعلونها على امتداد الزمان كله، إنه الزمان المطلق النافي للزمان الاجتماعي.
إن مقولات الفكر الطائف «تكاد تكون مجتمعة في مقولات الفكر الشيحاوي، فشيحا هو، بالفعل، واضع أسس ذاك الفكر، يكرر من أتى بعده ممن يأخذ من بمنطلقات فكره، ويبني على قاعدة فكره. ومن هؤلاء ناصيف نصار، يقر بذلك، ويحدد هذه المنطلقات، عن حق بأنها تعريف لبنان «على أنه بلد أقليات طائفية متشاركة، وبأن السلطة فيه، وبالتالي، شراكة بين الطوائف في إطار من التوازن، حقله البرلمان والحكومة...” لكن نصار يأخذ على شيحا و من تبعه أنهم «لم ينظروا إلى الشراكة إطلاقاً كمرحلة انتقالية نحو وحدة وطنية حقيقية» ولم يطرح ،بالتالي «مسألة التخطي الأيديولوجي والمؤسسي للنظام الطائفي» وهكذا يميز نصار نفسه من خلال الفكر الطائفي و منطلقاته، يحاول أن يتخطى الطائفية، وهو منطق متناقض، لأن الفكر الطائفي لا يمكن نقده بفكر طائفي، وإنما بفكر وطني مغاير ومختلف عنه في الأسس والمنطلقات “كيف يمكن لمثل هذا النظام من التعايش الطائفي الذي بقوم به كيان لبنان نفسه، أن يكون «مرحلة انتقالية نحو وحدة وطنية حقيقية» إن في هذا القول تناقضاً صارخاً مع منطلقات الفكر الطائفي. واحدة من اثنتين: إما أن تكون منطلقات هذا الفكر غير مقبولة –لاسيما في تعريف لبنان وتعريف الطائفة - وإما أن تكون مرفوضة.. ذلك النظام السياسي من التعايش الطائفي، من حيث هو في اتساق معها – بل ربما كان الأوحد الذي هو في اتساق معها -، ضروري بضرورة منطلقها الداخلي. أما رفضها، فيسمح بأن يكون تغيير ذاك النظام أمراً ممكناً «إن النظر إلى النظام الطائفي كمرحلة انتقالية طموح يتناقض مع تأبيد النظام الطائفي ومنطلقاته، ولذلك فعلى نصار «كي يجد حلاً لهذا التناقض الذي هو فيه، إما أن يتخلى عن طموحه فيقبل بالنظام الطائفي دائماً لتعايش الأقليات الطائفية وتشاركها فيكون حينئذٍ متسقاً مع منطلقات فكره وإما أن يتخلى عن هذه المنطلقات، ويجد أخرى هي في اتساق مع طموحه.. هي بالضبط، منطلقات فكر مناهض للفكر الطائفي، نقيض له.. فكر يرى في الطوائف علاقات سياسية محددة بحركة محددة من الصراعات الطبقية في بنية اجتماعية كولونيالية محددة، ولا يرى فيها كيانات قائمة بذاتها «فتحديد الطوائف ككيانات جوهرية، قائمة بذاتها يقضي حتماً بتأبيد النظام» فنصار، إذن يحاول أن يوفق بين أمرين متناقضين لا توفيق بينهما: فكر طائفي وفكر غير طائفي. تأبيد الطائفية وتخطي الطائفية، ولا مفر له من الوقوع في هذا التناقض، إذ هو ينطلق في محاولته تخطي الطائفية، من منطلقات هي بالعكس منطلقات تأبيد الطائفية، ولا خروج من هذا التناقض إلاّ برفض هذه المنطلقات.. «الدولة الطائفية بين الفعل والتمثيل» ما يطلبه شيحا من الدولة الطائفية، يشبه مطلب نصّار، والتناقض في قول شيحا هو عينه فيقول نصار، بسبب وحدة المنطلق في القولين» فنصار يرى في الدولة “ممثلاً وفاعلاً” كأن لها وجهين مختلفين، هي في الواحد منها غيرها في الآخر. فهي في علاقة تبعية بالطوائف، من حيث تمثل هذه الطوائف وتخضع لرغباتها «مما يجعل الدولة ليست واحدة سوى في الإطار الخارجي، لهذا فهي قابلة للتفتت والتفكك في أية لحظة، بحسب شروط هذا التعايش، هذا يعني أن التعايش الطائفي ليس بنية توحيد للمجتمع، لذلك يصبح قول نصار إن الدولة كفاعل «تستطيع الإفادة من الأسس الحقيقية للتعايش، ومن ثمراته لكي ترى قواعد نظام اجتماعي سياسي جديد» قلاً متناقضاً مع حقيقة الدولة غير المستقلة عن الطوائف، كونها في علاقة تبعية «هل بإمكان الدولة، التي هي ممثل للطوائف أن تكون فاعلاً، بالمعنى الذي تحدد في نص نصار؟ ألا يحول طابع التمثيل الطائفي للدولة دون قيامها بفعلها التغييري ذاك الذي فيه يكمن دورها؟ بل ألا يقضي قيامها بدورها هذا أن تكون دولة غير طائفية؟ بل وبعبارة أشد وضوحاً ومباشرة: أليس تغيير الدولة الطائفية شرطاً ضرورياً لقيام الدولة بدورها الموكل عليها في تغيير المجتمع ونظامه السياسي الطائفي؟ هل بدولة طائفية يمكن تغيير هذا النظام الطائفي؟ كأني بنصار يقول ما قاله مسرة «كلما تكرست أسس النظام الطائفي، وترسخت، وتعزّزت، صار بالإمكان تخطيه. ذلك أن تغييره يمر بتأبيده. هذا مأزق الفكر الطائفي، يتكرر في أكثر من نص. ونص نصار قد لا يكون له هذا الوضوح الذي أسقطته عليه، لكنني لا أظلمه، بل أفهمه بحسب منطقه» فقول نصار«... يجدر بنا أن نحيا تجربة التعايش الطائفي حتى النهاية، أي حتى تكوين دولة وطنية حديثة فعلاً ومحققة تماماً لماهية الديمقراطية » يتضمن الشيء ونقيضه «الذي ربما وجب القول إن الانتقال منه نحو تلك الوحدة ليس في الحقيقة انتقالاً من نظام هو نظامه، إلى آخر جديد مختلف عنه، بقدر ما هو انتقال من إليه دون تغيير. وفي هذا اكتماله» وكذلك يأتي الحديث عن الديمقراطية الطائفية ضمن هذا المأزق الفكري، الذي يرى الماضي نموذجاً للمستقبل، وما قبل الحرب نموذجاً لما بعد الحرب «وأن الدولة الطائفية هي نموذج الدولة الوطنية الحديثة، وأن الديمقراطية الطائفية هي نموذج كل ديمقراطية «فالديمقراطية الطائفية ليست ديمقراطية لأنها هيمنة وسيطرة، وإلغاء للمواطن، كفرد وللطوائف الصغيرة! فالنظام السياسي للتعايش الطائفي يغيّب الطبقات الكادحة كقوة سياسية مستقلة، ويمكن للديمقراطية الطائفية أن تتحول إلى فاشية طائفية كما جرى في الحرب الأهلية في لبنان.
الطائفية كتعبير عن قوى الهيمنة:
ليست الطائفية كياناً وجودياً ممتداً في الزمان، لكنها علاقة سياسية مرتبطة بالصراع الاجتماعي والاقتصادي، فهي قائمة بالدولة لا بذاتها «حين تتحرك الطبقات الكادحة في حقل صراعها الطبقي كطوائف، وتمارس هذا الصراع من موقع تبعيتها السياسية الطبقية لممثلي الطوائف من شتى أطراف البرجوازية. لكن هذا الشكل الطائفي الذي يغيب فيه وجود الطبقات الكادحة في حقل الصراع الطبقي كقوة سياسية مستقلة، هو شكل من هذا الصراع ،محدد به ،وليس محدداً بوجود أنطولوجي وهمي للطوائف. قد يكون الإطار الطائفي في شروط تاريخية محددة، هو الرئيسي من بين الأطراف الاجتماعية الأخرى جميعاً، لكن هذا لا يعني بتاتاً أنه الرئيسي «بمعنى الأوحد».. إنه الرئيسي بمعنى آخر محدد بدقة، هو أن السياسي، دون العوامل الأخرى، هو دوماً الرئيسي في تحدده نفسه بالأساسي الذي هو الاقتصادي، وهو المسيطر أيضاً، في شكل رئيسي منه هو الطائفي، لا لأن الطوائف مثل ذلك الوجود بل لأن الدولة البرجوازية دولة طائفية، بها تقوم الطوائف، في وجودها المؤسسي نفسه الذي هو وجودها الاجتماعي، وبها يرتسم المجرى الطائفي للصراع الطبقي، وينجح في ترويض هذا الصراع «واضعة الطبقات الكادحة في علاقة تبعية بها من خلال تمثيلها السياسي والطائفي.
توظيف المنهج التغييري:
يستعين بسام الهاشم ب«ماكس فيبر» ضد «ماركس» من خلال تغييب الاقتصادي واستبداله بالديني «وأهم من إعطاء الديني الدور الحاكم في التغيير الاجتماعي، تغييب للاقتصادي، فهو العمود الفقري من هذا
المنهج» لذلك يرى مهدي عامل، أن نظرة خاطفة في منهج معالجة الظاهرة السياسية عند فيبر، شبيه بمنهج معالجة المسألة الطائفية عند الهاشم «بل هو كأنه هو» «بينما هي في واقعها التاريخي الفعلي، مسألة سياسية «فالهاشم ينفي أن تكون الطائفية من صنع السياسي «القوى الأوربية» وإنما يراها أطراً تعكس حاجات المجتمع وتطلعاته الأساسية ووجوده الذاتي!
إن رفض الهاشم أن تكون القوى الأوربية لها علاقة بتكون البنية الاجتماعية اللبنانية «هو في الحقيقة رفض للنظر في هذه البينية في إطار علاقة تبعيتها البنيوية بالإمبريالية التي منها تكونت تاريخياً، كبنية كولونيالية، وفيها لا تزال تتجدد بتجددها» ورؤية للطائفية خارج سياقها السياسي والاقتصادي ،وإنما «جذورها التاريخية في الدين – والدين قائم بالغيب، يحكم التاريخ من خارج التاريخ -،لا في بنية علاقات الإنتاج القائمة».
مركزية الدولة وتعدد الطوائف:
إن مركزية الدولة الواحدة يقتضي بالضرورة إلغاء التعدد الطائفي، الذي يتأسس بالدولة ،فالتعدد «هذا يقضي عكسياً، بضرورة تعدد الدولة مهما اختلفت أنواع وحدتها، فهي ليست سوى أشكال فيها يتموّه تعددها. فلا مركزية للدولة، لا وحدة لها، إذا قامت على قاعدة تعدد طائفي» .إن زعم الهاشم بأن الخلاص من الطائفية يكون بتكريس الطائفية، وتكريسها في مؤسسات الدولة، يؤكد أن الدولة للطوائف، والطوائف بها تتجدد، ولا ضرورة للتغيير» ,ينطلق أصحاب التعدد الطائفي والفدرلة اللبنانية والديمقراطية الطائفية من أن لبنان مجتمع تعددي قائم بتعدد طوائفه، وتعدد ثقافي حضاري سياسي، وبالتالي تعدد مؤسسي، من هنا يصبح لكل طائفة وجوداً مؤسسياً مستقلاً» من حيث هي كيان مستقل قائم بذاته، ثقافياً، وحضارياً وإثنياً، وبالتالي قومياً أيضاً».
ليس هناك من حل لأزمة الدولة الطائفية سوى «بناء دولة ديمقراطية وطنية فعلية، هي وحدها ضامنة حرية الوجود الديني المتعدد للطوائف. إن الخوف الذي ينتاب الفكر الطائفي، بما هو فكر برجوازي ليس خوفاً على الوجود الديني للطوائف، بل خوف على وجودها السياسي، أن يكون زواله بإلغاء الطائفية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.