يتمدد الجرح من فجوة القلب ليتسع عرضاً وطولاً يلتهم صفحة الصدر متوغلاً كجيش مغولي متوحش ليحتل بقعة الظهر مخلفاً وراءه حريقاً ودماراً وعذاباً.. هذا الجرح يابس ومتشقق كأنا قد مرت عليه كل جراح العالمين حتى صار عتيداً و عتيقاً و موغلاً في الحزن والوجع.. أنت يا جرحي الرمادي العميق تؤلمني بشدة حتى لا أكاد أتنفس.. تؤلمني حتى صرت أخاف منك فلا أمر بقربك أو افتح معك حواراً جانبياً.. تؤلمني حتى أني صرت أنام على قلبي حتى أخفف من الوطأة أو حتى أكتم أنفاسه فيختنق ويرحل محملا بأعبائه. كيف لم ألق لك بالاً” وأنت تتوسع وتستفحل وأنت تلتهم خلاياي وتنتشر كسرطان.. تحيط بي كأفعى تعتصرني وأنا لا أعي أني أتألم.. كل ما أفهمه أن ثمة أمرا جللا يحدث لي وأن حالة ما تستفحل.. اغرب عن نفسي كالحريق الذي يشتعل عند كل غروب اسقط في بحر من الوهج.. أظنني قد انتهيت.. أظنك قد انتهيت.. حتى أفتح عيناي في شروق جديد ومتجدد بعذاباتك الكبيرة. هذا قبري هذه شعلة النار التي لا تنطفئ وحريقي الفاره ..إنه فخم كآمالي الكبيرة. .وأمجادي التي تخونني كلما دنوت منها. . تقتص مني كلما دنت مني. . أيها الجرح الذي يتمدد شيئاً فشيئاً. .لا أملك جيشاً يمنعك عن غزوي ولا وروداً تردك عن نحري ولا ترياقاً يعافيني منك. .لكني أملك أن أحيا بك وألوذ بك كطفلي. أتعايش معك كرصاصة دخلت بجسد ما واستحال إخراجها. إنها تقتل إن خرجت. .وتمنح الحياة لو ظلت كامنة ساكنة في ذلك الجسد المتواطئ مع الجرح.. يحملها بين حناياه ويمضي فلا هي تقتله وتريحه ولاهي تخرج فيحيا حراً آمناً .. يحمل رصاصته أينما حل حتى يكاد أن ينسى أن في جسده رصاصا ..في قلبه جرحا.. لكنها تتحرك شيئاً فشيئاً وببطء نحو قلبه لتنهشه أنه ينتظر الموت لكنه لا يموت. .إنها رصاصة باردة لا تعرف دفء قلبك.. جرح شاسع كصحراء? تعرف خضرة روحك ..إنه محتل وغادر.. خائن غير نبيل.. اسمع طقطقات قدميك وأنت تسير كوالدي الغاضب المتربص. ألوذ بالزاوية محيطة جسدي بذراعي الهزيلتين. .أحبس أنفاسي علك لا تدرك مخبئي وأروح في غيبوبة طويلة.. تحملني إلى سريري كوالد رحيم وتنام في قلبي بصمت فأبكي مرة أخرى وأنا أحلم بصباح أبيض من دون جرح ..بوطن ضاحك من دون بكاء.. بفرح دائم بدون حزن.. بشروق لا يتبعه غروب وحياة لا تنتهي بموت وأفق لا تلفه الحمرة، وشفاه لا تعبس أبداً..