حين صدر القرار الجمهوري بتعيين سمير رشاد اليوسفي رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر، رئيساً للتحرير.. آنذاك كان العدد اليومي من صحيفة الجمهورية شبه جاهز، غير أن القرار الجمهوري الجديد أوقف العدد، وبعد عشر دقائق فقط كان رئيس «الجمهورية» الجديد مجتمعاً مع هيئة التحرير وكادر المؤسسة الفني يناقش معهم ملامح العمل الجديدة التي بدأ في تنفيذها مباشرة متحدّياً الظروف الصعبة التي كانت تمر بها “ الجمهورية” الصحيفة والمؤسسة.. صبيحة اليوم التالي وتحديداً عند التاسعة صباحاً خرج طاقم العمل ،فيما عدد الجمهورية الجديد يشق طريقه صوب الأكشاك والمكتبات، مزهواً بحلّته الأنيقة ومضمونه المثير والمتميز وفي«16» صفحة بدلاً عن “12” ..وفي ذلك اليوم وجدت مطبعة السورز العتيقة نفسها أمام مهمة بدت مستحيلة، فلم يسبق لها أن شحذت همتها وقامت بالطباعة بثلاثة ألوان.. فقد توقفت عند الطباعة بلونين سنين طوالاً.. ويبدو أنها أدركت أن ثمة سنوات مجهدة مازالت بانتظارها. على مدى 3 أشهر كانت الجمهورية خلية نحل لا تكل، لقد أحدث فيها رئيسها الجديد حالة انتعاش هائلة.. ساعده في ذلك انتماؤه القوي للمكان الذي احتواه أواخر العام 1992م وقدّمه كصحفي بارع وطموح، ليصبح خلال فترة بسيطة من أشهر الصحفيين في البلد، ومؤسساً ثم رئيساً لتحرير صحيفة الثقافية في 16 يوليو 1999م،تلك الصحيفة التي حظيت باهتمام ومحبة القرّاء من كل الشرائح والأطياف بما في ذلك الشريحة الواسعة من المثقفين والأدباء النخبويين الذين وجدوا فيها وفي رئيس تحريرها متسعاً لإبداعاتهم الغزيرة التي ظلت تبحث عن متنفس بقعة ضوء على مدى سنوات طويلة.. فجاءت الثقافية لتصبح ملهمة ورائدة الصحافة الثقافية والوطنية في بلادنا. تماماً كالجمهورية فعلت الثقافية، فقد تخرّج من بين صفحاتها خلال أكثر من “6” أعوام أفضل الكُتاب والصحفيين المتواجدين على الساحة الصحافية والإعلامية. لقد أعادت الثقافية ورئيسها الاحترام للصحافة بمواضيعها الهادفة والجريئة ومناقشاتها بحيادية وموضوعية كل ما يعتمل على الساحة الوطنية، وفتحت بمهنية عالية ملفات ساخنة لم تكن الصحف ولا الإعلام الرسمي يتجرّأ على فتحها، وقد دفعت ثمن ذلك بأن اقتيد رئيس تحريرها سمير رشاد اليوسفي إلى النيابات والمحاكم وفي أكثر من قضية. نجاح اليوسفي في الثقافية جعله مهيئآً وجديراً بتولي قيادة الجمهورية رئيساً لمجلس إدارتها ورئيساً لتحريرها.. أعتبر سمير رشاد اليوسفي مهمته الجديدة تحدياً من النوع الذي يعشقه ويستمتع بخوض غماره وراهن على ذكائه الإداري القيادي وخبرته الصحافية كأسلحة أوصلته بعد “7” أعوام إلى نجاح لافت وتؤكده أحوال مؤسسة الجمهورية المستقرة مالياً وإدارياً وانتشارها الصحفي الواسع فضلاً عن امتلاكها لطابعة ألمانية هي الأفضل بالنسبة لبقية المؤسسات الشقيقة والمنافسة.. استطاعت الجمهورية التفوّق على إمكانياتها المتواضعة في مراحل عديدة من عمرها، منذ منتصف العام 2005م وحتى اليوم استطاعت أن تعزّز من حضورها المميز ويحسب لرئيسها اليوسفي تمكنه من إخراجها من مرحلة ركود كانت تعايشت معها في الفترة من 2000م 2005م بسبب عديد عوامل قاهرة.. استعان «رئيس الجمهورية» الجديد بخبرات وكفاءات صحفية وإدارية من أبناء المؤسسة، وواءم بين هيئتي تحرير الجمهورية والثقافية كنجيب الجرموزي وعبدالله حسن وخالد حسان وخالد راوح وهم من أفضل ما أنتجته «المؤسسة» من صحفيين متمكنين ويحظون بسمعة مهنية مرموقة، وبذلك استطاع تأمين العمل الصحفي والمراهنة على تنوعه وتميزه ما شجعه على إصدار ملحقات يومية تخاطب مختلف الشرائح وتصل إلى كل القراء في كل أنحاء الجمهورية، كما أن اليوسفي لم يغفل مسألة الكادر الفني الذي استطاع شحذ همته وإبداعه فكان الإخراج الصحفي والطباعة عنواناً لافتاً ومميزاً «للجمهورية» وملحقاتها وإصداراتها النوعية. في مطلع العام 2012 عاد سمير رشاد اليوسفي إلى رئاسة «الجمهورية» بعد أن قدّم استقالته بسبب مجزرة الكرامة التي وقعت بسبب محاولة النظام السابق إخماد ثورة الشباب السلمية التي انطلقت في ال11 من فبراير 2011.. عاد بعد توقيع المبادرة الخليجية المنهية للأزمة التي عصفت بالبلد وأثّرت مالياً وإدارياً على كل قطاعات الدولة.. عاد مراهناً على محبة كل زملائه في المؤسسة فقدّم معهم أداءً لافتاً وأدخلوا الجمهورية في مرحلة استقرار لم تشهدها المؤسسة من قبل بين كل مؤسسات وقطاعات الدولة.. ليس غريباً أن تسبق الجمهورية كل منافسيها لأنها مؤسسة رائدة تتكّىء على تاريخ حافل ومشرف.. وتسري في شرايينها حيوية كادرها الشاب. بين الشارع اليمني بمختلف شرائحه، تكويناته، أطره السياسية وبين الجمهورية الصحيفة والمؤسسة علاقة تتسم بالثقة المتبادلة.. تلك الثقة لم تأتِ من فراغ، لكنها نتاج أداء مهني عالٍ يحترم ذائقة القراء ويسمو بها. ما حصل في الجمهورية وصف بالعمل الجبّار من قبل النخبة ورأى فيه المسئولون تطوراً لافتاً يستحق مُحدِثوه جزيل الثناء.. غير أن ذلك الثناء ظل منقوصاً عن قيادة الجمهورية وكادرها ولم يكتمل إلا بعد التأكد من أن شعوراً بالرضا عبّرت عنه وجوه قراء بسطاء ربما لا يجيدون عبارات الإطراء المنمقة، لكنهم يعبّرون عن إعجابهم بطريقة عملية تؤكدها زيادتهم العددية في رصيد قرائهم “رأس مال حقيقي” لم تكن الجمهورية عبر تاريخها الصحفي المتميز إلا منبراً حراً ومهماً للوطن وناسه. وهاهي الجمهورية في العام2014م بعد مرورأكثر من نصف قرن على تأسيسها تسجّل حضوراً قوياً وتتهيأ للمستقبل بإرادة نجاح توارثتها جيلاً بعد جيل. أكثرمن نصف قرن صحافة - بين تاريخ 20 أكتوبر 1962م، و20 أكتوبر 2014 ، أكثر من نصف قرن صحافة. وعلى الرغم من هذا الرقم الضارب في الكِبر، إلا أن صحيفة الجمهورية مازالت شابة، وقادرة على مواكبة التطورات على الدوام، بجيل شاب، لايعرف اليأس. “الجمهورية” التي صدرت منذ قيام الثورة السبتمبرية حتى عام 1976م،عن مكتب الإعلام والثقافة بتعز، ثم عن “ مؤسسة سبأ” العامة للصحافة والأنباء منذ 1976م 1990م، لتستقل كمؤسسة صحفية وفقاً للقرار الجمهوري الذي صدر عقب إعلان الوحدة.. لم تخلق وفي انتظارها مطبعة ألمانية حديثة،بل عانت كثيراً، وتحمّل الجيل السابق من موظفيها وصحفييها ورؤساء تحريرها، مشاق كثيرة، يستحقون الثناء عليها في هذا اليوم.. ظلت الصحيفة تُجمع بالحروف اليدوية، وتُطبع بآلات عتيقة.. التحرير الصحفي أيضاً، كان من الأشغال الشاقة؛ كافة محتويات العدد اليومي، تتم متابعتها عبر الإذاعات المحلية والعربية والدولية بتسجيل الأخبار، وتفريغها فيما بعد عبر الورق، حيث لا فضائيات في ذاك الزمن، ولاوجود لشيء اسمه الانترنت. - منذ 20 أكتوبر 62م حافظت الجمهورية على صدورها كل يومين، وابتداءً من عام 1963م، تراجعت لتظهر كل خميس، ثم تحولت فيما بعد إلى يومية وكانت تُصدر وقتذاك عن مكتب الإعلام والثقافة بتعز إلى عام 76م، وعن «مؤسسة سبأ» العامة إلى 90، ثم عن مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة بعد إنشائها عام 90م. - طيلة الفترة السابقة، ومنذ الوحدة ظلت الصحيفة تصدر ب 12 صفحة باللونين الأحمر والأسود، حتى مايو 2005م، ظهرت الجمهورية بحلّة مختلفة بعدد 16 صفحة يومياً بثلاثة ألوان، وملاحق يومية متخصصة، بعد أن كان للصحيفة ملحق رياضي فقط يُصدر كل سبت.. ثم وتزامناً مع احتفالات بلادنا بالعيد ال20 للوحدة اليمنية ، افتتح رئيس مجلس الشورى السابق عبدالعزيز عبدالغني مطبعة الجمهورية الجديدة، لتدخل الجمهورية ،الصحيفة والمؤسسة مرحلة جديدة من التميّز ، لكنها الآن مصحوبة بتقنيات عالية. لحظات الولادة الأولى بآلة طباعة بدائية موروثة من العهد العثماني، كانت مخصصة لطباعة صحيفة النصر الملكية، انطلقت الجمهورية بعد أن وجّه الرئيس الأسبق عبدالله السلال بضرورة إصدار الصحف لتوعية الناس وحث الهمم لمناصرة الثورة، وفي ظروف شحيحة وإمكانيات صعبة ومجموعة قليلة من العمّال لا يتجاوز عددها أصابع اليد، لكن الحماس الثوري كان في نفوس الآباء المؤسسين عوضاً عن نقص الإمكانيات ، حيث كانوا يقومون بعمل شاق جداً في مختلف المراحل، فيما يتعلّق بجانب إعداد المواد الصحفية، حيث كان يجب عليهم أن يأخذوا الأخبار من الإذاعات ونقلها إلى الصحيفة، بينما كان الكتّاب يضطرون إلى كتابة أكثر من مقال في اليوم الواحد لتحفيز الجماهير وتعريفهم بقيمة الثورة وما تحمله من آمال، إلى جانب تذكير الشعب بالويلات التي عايشوها على يد الأئمة. [email protected]