مضت قرابة ثلاثة عقود واليمن ماتزال تستقبل موجات متزايدة من لاجئي القرن الأفريقي ، فخلال الأسبوعين الماضيين فقط تمكنت الأجهزة الأمنية والعسكرية من ضبط ست محاولات تسلل لمهاجرين غير شرعيين بعضهم يصلون جثثاً هامدة إلى سواحل اليمن والتي كان آخرها العثور على جثث (24) متسللاً أثيوبياً يوم الاثنين قبل الماضي بمديرية المخا على ساحل البحر الأحمر، بينما أفادت إحصائية صادرة عن الإدارة العامة لشرطة خفر السواحل يوم ال(27) من ديسمبر المنصرم أنها تمكنت من ضبط (18) عملية تسلل وهجرة غير شرعية في قطاع البحر خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر العام الماضي ، وقال صادق الفقيه أحد العاملين في المنظمات الإنسانية المعنية بقضايا اللاجئين أنه لا يكاد يمر أسبوع دون أن يصل لاجئون أفارقة تمكنوا من التسلل إلى سواحل المخا والمديريات الساحلية المجاورة لها ، مضيفاً أن عمليات تهريب اللاجئين تتم في ظروف غاية في القسوة وانعدام الإنسانية تصل في بعض الأحيان إلى درجة إقدام عصابات التهريب على قتل اللاجئين في حال لم يوفوا بالمبالغ المتفق عليها مع تلك العصابات بعد إيصالهم إلى اليمن ، مضيفاً أن عصابات التهريب لاتتورع عن إلقاء المتسللين إلى البحر في حال أحست بالخطر من قوات خفر السواحل ،ورغم تفاقم الأزمات الاقتصادية والأمنية في اليمن خلال الأربع سنوات الأخيرة إلا أن اليمن يستضيف ثالث أكبر عدد من اللاجئين على مستوى العالم بحسب ممثل المفوضية السامية لشئون اللاجئين في اليمن يوهانس فاندر كلاو ، لكن اليمن لم تتلق أي دعم يذكر لمواجهة أزمة اللاجئين الأفارقة ، وفي محاولة لتحريك القضية استضافت صنعاء في نوفمبر(2013) مؤتمراً إقليمياً لمناقشة قضايا اللجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن وقد تمخض عن المؤتمر عدد من التوصيات أبرزها توفير الدعم لليمن حتى تتمكن من إنفاذ القانون في مواجهة شبكات التهريب والاتجار بالبشر وتوفير الدعم اللازم لتنفيذ برامج إعادة اللاجئين وإلى جانب تلك التوصيات حظيت اليمن بالكثير من الإشادة عن دورها الإنساني تجاه اللاجئين ،لكن ذلك المؤتمر والدعوات المتكررة التي تطلقها الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية لم تفلح في تغيير موقف المجتمع الدولي وجعله أكثر فاعلية في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية للاجئين في بلد يعاني أصلاً من مشاكل كثيرة ومعقدة على الصعيد الاقتصادي والإنساني،وخلال العام (2013) قامت اليمن بحسب مصلحة الهجرة والجوازات بترحيل (719 و9) من المهاجرين غير الشرعيين ، لكن البلاد بالمقابل استقبلت خلال أربعة أشهر فقط وتحديداً من يناير إلى إبريل العام الماضي أكثر من (16) ألف لاجئ أفريقي بحسب ممثل المفوضية السامية لشئون اللاجئين . بينما لاتزال الإحصائيات الخاصة بعدد اللاجئين في اليمن تعاني من فجوة شاسعة بين الأعداد المرتفعة التي تعلن عنها الحكومة ، والأعداد المنخفضة التي تعلن عنها المنظمات الدولية ، وكانت دراسة صادرة عن مركز دراسات الهجرة واللاجئين بجامعة صنعاء في يونيو(2013) قد طالبت من الحكومة اليمنية تفعيل سياستها بما يتعلق بقضية اللاجئين وكيفية دخولهم لليمن ، وبعد تلك الدراسة بعام كامل قام مجلس الوزراء بتشكيل لجنة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني لإعداد مشروع قانون اللجوء وفقاً للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن بهدف تحديد الأدوار والمسؤوليات وفقاً للقانون في إطار الجهاز الإداري للدولة، والحد من تداخل قضايا اللاجئين مع قضايا الهجرة غير الشرعية وعمليات الاتجار بالبشر .. إلا أنه حتى الآن بحسب المحامي مصطفى سلام لم يصدرعن تلك اللجنة أي مشروع قانوني جديد قد يؤدي إلى تنظيم وضع اللاجئين أو المتسللين غير الشرعيين. يوماً بعد يوم تزداد الأزمات الإنسانية لأبناء اليمن ما جعل من اليمن تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تحتاج لمساعدات إنسانية خلال عام (2014) ، وهو تصنيف لم يشمل أزمة اللاجئين التي يبدو أن اليمن ستعايشها منفردة لوقت طويل قبل أن تحظى بلفتة إنسانية جادة من قبل المجتمع الدولي الذي يكتفي بتقديم الوعود فقط دون تنفيذ .