مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    المهرة.. محتجون يطالبون بالإفراج الفوري عن القيادي قحطان    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصداقة.. أحدث وسائل اكتشاف النفس..!!
نشر في الجمهورية يوم 14 - 01 - 2015

تختلف الرؤى والميول بين الناس في طريقة اختيار الصديق، ومواصفاته لأي غرض تكونت وكيف ومتى وأين ؟!، وتكاد تكون الصداقة الأمر الغالب في حياة الناس والأبرز في العلاقات الاجتماعية, ذلك الرابط الذي تهفو إليه أغلب النفوس الباحثة عن وطن يحملها إلى شاطئ الوئام والتودد.. وتعد الصداقة ضرورة من ضروريات الحياة والبقاء.. لكن على أي أساس تختار صديقك؟، و ماهي أكثر الصفات التي ترغبها فيمن ترغب أن يكون صديقك؟، هل ما زلت تُطلع صديقك على أسرارك؟، و هل الصداقة الحقيقية نادرة هذه الأيام؟، هل أنت لصديقك من هذا النوع (ربّ أخٍ لك لم تلده أمك)؟، أسئلة بحثنا عن إجابتها بين الأفراد.. فكان هذا الاستطلاع.
حوار
كانت الساعة الثامنة صباحاً هي موعد الذهاب إلى العمل عبر المواصلات العامة والتي يتوافد إليها كافة أفراد المجتمع، فكانت الحافلة تقل الموظف والطالب والمدرّس والعامل.
المذياع بدأ ينشد تراتيل الصباح عبر أثير إحدى الإذاعات المحلية، فصرّح المذيع بتعريف الصداقة “إنها شيء جميل جداً وهو عنصر مهم جداً في الحياة وهو سر من أسرار السعادة في الحياة، فالجميع يتفق على أن الصداقة تضيف نكهة خاصة للحياة، وحين تقدم السؤال لشخص عن أجمل لحظة في حياته سوف يربط أجمل اللحظات في حياته مع أصدقائه، كما أن الصداقة تعرّف بأنها مشاعر عاطفية إيجابية متبادلة بين الأصدقاء، وأن يسعى ويتمنى الفرد السعادة والخير للشخص الآخر دون انتظار مقابل، كما إن الصداقة لا تقتصر بين الأفراد بل أنها أيضاً بين الشعوب والأمم والقبائل بالإضافة إلى المنظمات أيضاً».
ولأن السياسة في حواراتنا أصبحت كالبصلة في كل طبخة، سيّس أحدهم الموضوع معلقاً أن ما يحصل في اليمن هو بسبب الصداقات الدولية.. حتى أسكته السائق أن الاستفتاح في السياسة يدبره ويصعب رزقه.
وحالما صدحت الفقرة الغنائية الخاصة بالبرنامج «طبيب جراح قلوب الناس أداويها وياما جراح سهرت الليل أداريها»، حتى ارتفع وقتها صوت أحد الركاب مستنكراً التناقض الصريح بين نفسية المذيع ومخرج البرنامج عن الصداقة (كل شيء من حولنا أصبح إسقاطات نفسية مذيع تحدث عن الصداقة وأهميتها ومخرج البرنامج ارفقها بأغنية طبيب جراح هذا دليل أنه شكله مليان جراح من أصدقائه وجالس يعالج جراحاتهم ولم يجد من يداوي جراحه، قد الواحد يجلس بدون صداقة تفادياً للجراح) وما أن أصدر تنهيدة جمعت حولها الكثير من المؤيدين ممن كانوا يصغون لحديه حتى قاطعه رجل طاعن في السن تظهر على ملامحه خبرات ودروس الحياة (يا إبني الشخص لا يقدر على العيش بلا أصدقاء مهما توفر له من نعيم وخيرات، فالأصدقاء هم ملاذنا الذي نلجأ إليه في أوقات الضيق والشدة والصداقة ضرورية للشباب لأن الأصدقاء يمدون بعضهم البعض بالنصائح التي تحميهم من الوقوع في الخطأ والزلل وهي مهمة للشيخ تعينه حيث يتقدم العمر ويضعف البدن ولكن ليس كل من سايرك صديقك، فالمواقف هي من تظهر لك الأصدقاء).
اشتد وتواتر الحوار بين الركاب موضحين أن اختلاف الزمان لا يأتي بأفضل مما كان عليه كبار السن. حتى جاءت مداخلة أحدهم وكان مظهره أشعث أغبر ولكن لسانه رتل أعذب الحان الكلام لدرجة أن الجميع أصغى له صامتين حين قال (يُقال من كثر أصدقاؤه فلا صديق له، لأن الصداقة تحتاج إلى اهتمام وعطاء كبير، وقد بيّن أرسطو أن صداقة المنفعة عرضية ومؤقتة، تنتهي و تنقطع بانقطاع الفائدة أما صداقة الفضيلة فهي أفضل أنواع الصداقة، فهي تقوم على تشابه الفضيلة وهي أكثر الصداقات دواماً، والصداقة الحقة لا تتكون بسرعة أبداً ولا تكتمل إلا على مدى الزمن. وتقوم في الأساس على المساواة في المكانة الاجتماعية حيث أن الأصدقاء يتبادلون الخدمات ذاتها أو يتعاوضون مزية بأخرى، حيث يقول الفيلسوف الكبير أرسطو إن الناس لا يصبحون أصدقاء عندما تتفاوت مراكزهم، وهذا منطقي جداً لأنه عندما تتسع المسافات لا سيما الثروة والمستوى الثقافي تنتهي الصداقات).
المعنى الحقيقي للصداقة
كانت الساعة تقترب من طي دفتر حافظة الدوام والأفكار تتداخل في رأسي حول الصداقة ومعناها الحقيقي والذاكرة تعيد مواقف جعلت صديقتي تشتعل غضباً كلما كان النقاش بيننا فيه صراحة وانتقاد.. ولكن إذا كانت الصداقة كما وصفتها - أماني الشرعبي - طالبة جامعية، إنها الصدق (والصدق هو نقيض الكذب وبهذا يكمن تعريف الصداقة بأنها صدق النصيحة والإخاء والصديق الحقيقي هو من صدقك، والصداقة تعني أيضاً اتفاق الضمائر على المودة وهناك فرق بين الصاحب والقرين وقد كتب الكثير من العرب في موضوع الصداقة).
فلماذا تتذمر- وفاء الصبري - طالبة جامعية ،من صراحة الصداقة وتعلل (شروط الصداقة قد وصفها الشاعر في قوله:
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلّفاً
فدعه ولا تكثر عليه التأسُّفا
ففي الناس إبدالٌ وفي الترك راحة
وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه
ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
فلا خير في خلٍّ يجيء تكلّفا
ولا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
فلو صديقتي ما تتقبّل شخصيتي كما هي وتريدني أتكلّف بطباعي وتصرفاتي «عشان» أناسبها، فهذه للأسف ما تسمى صداقة وإنما مصلحة وتريد تثبت للآخرين أنها قدرت تعمل من شخصيتي إعادة ضبط الطباع أو ممكن في أي وقت تتركني بسبب عدم تقبلها لطباعي.
الصداقات أنواع
فيما قال الشاعر عنتر عبدالعليم الصوفي: البيئة والظروف هي من تحدّد الأصدقاء.. و الصداقة الحقيقية قليلة حد الندرة وفيها يمتاز الصديق بكل الصفات الجميلة والأخوة والحب والاحترام والثقة والوفاء والإخلاص وعليها يترتب القول المأثور: ربّ أخٍ لم تلده أمك.
ولكن ينبغي أن نفرق بين أنواع الصداقات، فهناك صداقه العمل وهذه صداقه مرحليه تختفي باختفاء العمل غالباً وقد تتطور إلى صداقة حقيقية، وصداقة المصلحة وهذه أسوأ أنواع الصداقة وأكثرها انتشاراً وفيها تكون المجاملة والكذب سماتها الرئيسية، ولذلك نجد أن الأسرار هي الجهاز الذي يكشف مدى جوده الصديق ولا ننسى قول الشاعر: إذا ضاق صدر المرء عن كتم سره
فصدر الذي يستودع السر أضيقُ
ورغم ذلك يبقى السر هو لتحديد جودة الصديق الصديق عون في الشدائد:
وذهب هشام حسن - المدير العام المساعد للخدمات الطبية في جامعة تعز، لتفسير معنى الصداقة بأنها (ذات مفهوم عميق ليس من السهل أن أحتويه في بعض الكلمات فالصديق هو الخليل الذي يستطيع أن يكون لك العون في الشدائد عندما يتخلّى عنك الآخرون، وفي زمننا هذا أصبحت الصداقة محصورة في المصالح المشتركة غالباً ووفق إطار محدد وتختلف الصداقة وفق الفئه العمرية، كذلك نجد الصداقة تكون أكثر وفاءً عند سن ما دون البلوغ وكلما تقدم العمر تتحكم فيها المصالح وكذلك وفق الطبقة المعيشية، فنجد الصداقة متجذرة عند الطبقة الفقيرة أعمق من الطبقة المتوسطة والطبقة البرجوازية، كما أن الصديق يتأثر بصديقه بشكل عميق لذلك نجد ديننا الإسلامي الحنيف قد حرص على الإنسان أن يختار صديقه بعنايه فائقة، لأن كلاً منهما يؤثر على الآخر في السلوك والأخلاق والالتزام، فالصديق يكون له تأثير على سلوكك الديني والأخلاقي والاجتماعي أما إيجاباً أو سلباً. لكن في زمننا الحالي تغلب المصالحة كثيراً على مفهوم الصداقة والإيثار على النفس أصبح محدوداً).
الصداقة حقيقة أم خيال..؟
بدأ المساء يفرد أشرعته معلناً عن إيذان موعد انتهاء الدوام في العمل عندما اكتفيت من الآراء حول معنى الصداقة ولكن كل ذلك الكلام المنمق قادني للبحث عن قصص تثبت أو تعمق ذلك المعنى، فهل فعلاً الصداقة حقيقة أم خيال؟.. دلفت بذلك السؤال إلى الحافلة التي تكتظ بالطلبة الجامعيين وتفاوتت الإجابات.
فقالت منال السلامي - طالبة جامعية (فقدت سنة من دراستي الجامعية بسبب إنني لم أجد صديقة حقيقية تقف بجانبي في فترة ولادتي بطفلتي البكر وخصوصاً إنني أسكن في منطقة بعيدة جداً عن المدينة والجامعة وكذلك ليس لي في اليمن سوى زوجي فكل أهلي مغتربون، وعمله يبدأ الساعة 4 فجراً وحتى ال12 ليلا،ً ولذلك سلّمت أمري للظروف وأعدت السنة الدراسية وبفارق درجات لأنني لم أجد من يقدم إجازتي المرضية في الوقت المحدد).
المرء على دين خليله
يُقال: الصديق يُعبِّر عن شخصيّتك، تستطيع أن تعرف تفاصيل شخصيتك وزواياها من خلال شخصية صديقك، وصدق الحكماء حين قالوا: صديق المرء شريكه في عقله فكل واحد منا يميل إلى الناس الذين يشبهونه ويتماثلون معه في الصفات والاتجاهات الأخلاقية والفكرية.. ولتأكيد الحديث النبوي (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يُخالِل) جاءت عبارات سعيد ناجي العديني - طالب جامعي، لتسرد قصته مع صديقه حين قال: (تعرفت على صديقي الحقيقي بعد خيانة من صديقي المصلحي والذي كانت صداقته لأجل الغش المدرسي.! وعندما جاءت به الصدفة ليفك اشتباكاً في الجامعة حصل بيني وبين صديق الدراسة المدرسية بسبب فتاة، حيث كنت أتعهده بأسرار حبّي الوحيد، فكان يتحدث بها لكل من يريد أن ينتقصني عنده، فبعد تلك المشادة كان صديقي الجديد نسخه مني وأصبحنا للآن خمس سنوات أثبت من خلالها أن الصديق الحقيقي هو توأم شخصيتك ومرآة سلبياتك وخصوصاً أنه تعرّض مثلي لخيانة صديق، والحمد لله إنني وجدته في حياتي).
قصص
عندما قلّبت الأوراق قرأت تلك القصص الواقعية عن الصداقة والتي قد لا يتسع المجال لاستعراضها، كان فيها ما يبين أهمية الصداقة، وأن أكثر ما نقرأه بين سطور القصص وبين صفحات الكتب يجعلنا ندرك أن بعض القصص صالحة لكل زمان بينما تستند أخرى إلى التجارب الشخصية والباقي مجرد قصص وحكايات من الخيال, ومع ذلك، هناك شيء واحد مشترك في كل منها، وهذا هو المهم الأخلاق في الحياة، وحقيقة إن الأصدقاء الحقيقيين هم من عطايا الله سبباً يؤثر على صداقاتنا.
إلا أن سناء عبدالحق - طالبة جامعية سردت قصة تدعم المعنى الحقيقي للصداقة وتوضحه حين قالت إنها قرأت «ذات مرة عاش اثنان من الأصدقاء في قرية صغيرة قرب مدينة جايبور وكان جاي وفيجاي أصدقاء منذ طفولتهما وكانا يدرسان في إحدى الكليات والتي كانت على مسافة بعيدة عن مكان إقامتهم وكان عليهم عبور النهر والتلال والمرور فوق المنطقة الرملية ليتمكنا من الذهاب إلى الكلية معاً، في أحد الأيام الممطرة تعين على جاي وفيجاي المشي إلى الكلية كالمعتاد وفي الطريق كانا يناقشان بعض ما أخذاه في اليوم السابق من النظرية الذرية وكان للاثنين وجهات نظر مختلفة مما أدى إلى نقاشات حادة و أعقب ذلك لغة بذيئة من قبل الجانبين، حصلت أشياء سيئة لدرجة أنه في نوبة غضب جاي صفع فيجاي, حدق فيجاي بتعجب و انصدم في صديقه، وكتب يومها على الرمال “اليوم أعز أصدقائي صفعني» ثم استأنف كلاهما المشي ولكنهما كانا صامتين.
في هذه الأثناء، وصلا النهر الذي كان يفيض اليوم وكان فيجاي لا يحسن السباحة لكنه اضطر للمرور عبر النهر إلا أنه بدأ يغرق و مع قوة تدفق المياه و الفيضان شعر كأن النهر سيأخذه بلا رجعة، رأى جاي هذا و من دون التفكير لحظة قفز في النهر, بصعوبة استطاع سحب فيجاي من النهر وساعده على استعادة أنفاسه طبيعية.
كتب فيجاي عندما تعافى على التلة “اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي” , جاي الذي كان يراقب كل هذا سأل فيجاي: لماذا كتبت على الرمال عندما صفعتك ولماذا كتبت على التل عندما أنقذت حياتك؟ «أجاب فيجاي أنه علينا أن ننسى قريباً الخطأ الذي قام به أصدقاؤنا وأعزا الكتابة على الرمل لأنه يتم محوها في أي وقت من الأوقات، ولكن اذا فعلا شيئاً جيداً بالنسبة لنا علينا أن نتذكّره دائماً لهم فما يُكتب على الحجارة هو إلى الأبد، عندها احتضن جاي فيجاي و أكملا طريقهما إلى المدرسة وكأن شيئاً لم يحدث).
الصداقة في علم النفس الاجتماعي:
عندما أردت أن أغلق باب الموضوع بدعم علمي نفسي اجتماعي، توجهت إلى الأستاذة ميرفت أمين - الأخصائية النفسية بجامعة تعز، والتي تحدثت لتفسر الصداقة نفسياً واجتماعياً، بالقول (كل مجتمع تتحكم في علاقات الأفراد بينهم البين تلك العادات والتقاليد والقيم والمبادئ، ولذلك نحن في اليمن شعب محافظ إلى حد ما وما يصلح للرجال لا يصلح للنساء.. بالتالي صداقة النساء مع بعضهن تختلف عن صداقة الرجال وفي هذا السياق يرى ميشيل كميل، عالم الاجتماع في جامعة نيويورك أن الباحثين والعاملين في وسائل الإعلام دأبوا على الاعتقاد أن الرجل لا يستطيع كسب الصداقات الحميمة مثل المرأة، وأن الإنسان في أي مجتمع إزاء ذلك قد أضفى الطابع الأنثوي على الصداقة إلى درجة أن علماء الاجتماع ظلّوا لعقود طويلة يستخدمون المقياس النسائي لقياس علاقة الصداقة، فعلى سبيل المثال إذا لم يتحدث رجلان صديقان يومياً على الهاتف لكي يفضيا بما في قلبيهما فهما بذلك لا يرتقيان إلى علاقة صداقة حقيقية كالتي تتوافر لدى امرأتين صديقتين.
مضيفةً: أما المراحل الانتقالية في حياة الرجل فتمثّل الدراسة والعمل والزواج والطلاق والإنجاب حتى الموت.. هي المراحل التي يجد فيها الرجل الصداقات الحقيقية التي قد يرتبط بها بقية عمره.
متابعةً: وفي بحث حول الصداقة في عالم الرجال يقول أغلب علماء الاجتماع إنه عندما يتقابل رجلان في الوقت الذي يمران فيه بالمواقف نفسها يحدث بينهما في التو واللحظة ارتباط يدوم طويلاً.. فعلى سبيل المثال إذا تقابل رجلان فقد كل منهما زوجته أو رُزق كل منهما طفل فإن مثل هذا الموقف كفيل بأن يجمعهما في صداقة قد تستمر طوال حياتهما.
مرآة
«في رأي خبراء علم الاجتماع أن الصداقة هي أحدث وسائل اكتشاف النفس»، حسب ما تقوله مرفت، والتي توضح: فنحن نستخدم أصدقاءنا بصورة تلقائية كمرآة لنا نكشف من خلالها مراحل نمونا، كما إننا نمنح مكانة خاصة لأولئك الذين يشاركوننا المرحلة العمرية والطباع والأمزجة.. وإذا كان العمل هو أحد الأمكنة المناسبة للرجل لكي يكوّن أصدقاء من ذوي الاهتمام المشترك، فإنه من المهم أن يعلم الإنسان أن الصداقة تتطلب إظهار بعض نقاط الضعف التي ربما تكون خطيرة في بيئة تنافسية مثل مكان العمل. لذلك من الصعب تكوين صداقات حقيقية في نطاق العمل لأنها ستجعل المنافسة الشريفة واقتناص الفرص نوعاً من أسلحة الخيانة للصداقة وتدميرها بل قد تصبح صداقة مصلحة فقط تزول بزوال المصلحة.
متابعةً: لذلك نجد أن معظم الأشخاص الناجحين في مقرات عملهم يتسمون بالكياسة واللطف في مجال العمل إلا أنهم نادراً ما يجدون الصديق الحميم هناك، والسبب يرجع إلى بيئة العمل التنافسية التي لا تترك المجال لبناء الثقة التي هي المطلب الأول للصداقة الحقة، والتي هي في جوهرها خليط من المكاشفة وتبادل المشاعر والنية المخلصة تجاه فكرة الصداقة.
أسس موضوعية للاختيار
مواصلةً بالقول: وبالتالي، سنجد أن علم النفس الاجتماعي يوضح في كثير من الدراسات إن هناك منهجاً معيناً، يجب أن يتبعه كل فرد عند اختيار صديقه، الذي يستحق أن يصاحبه بقية حياته، ويساعده على فعل كل ما هو خير، وتكمن خطورة عملية اختيار الصديق في بدايتها؛ حيث يجب أن يكون الاختيار منذ البداية موفقاً على قدر المستطاع؛ وذلك يكون من خلال أسس ثلاثة موضوعة يجب مراعاتها لاختيار الصديق، وهي: التدين، ويدخل في إطاره حسن الخُلُق، وأن يكون التعارف لوجه الله - عزّ وجل - فضلاً عن أن تكون الميول متقاربة بين الطرفين، مشيرة إلى أن البحث عن الصديق الكامل أمر غير مقبول؛ لأن عوامل النقص تعتري جميع البشر، ومن ثم لا يمكن لنا أن نبحث عنها في الآخرين، على الرغم من أنها خيال افتراضي مزعوم.
دعائم للصداقة
وأضافت «ميرفت»: إن اختيار الصديق لا يقف عند مجرد أن يتعرّف كل طرف على الآخر، وإنما يستمر ذلك إلى ما بعد الصداقة من أجل الحفاظ عليها، ومن أهم السبل التي يمكن أن تكون داعماً من دعائم الصداقة التي تساعد على استمرارها: حسن المعاملة بين الأصدقاء، والأسلوب الطيب، والتعاون فيما بينهم، هذا إلى جانب التماس الأعذار للصديق الذي يتسم بطبيعة الحال بحسن الخلق، والسلوك المحمود، كما أن تهويل الأمور، والتعنُّت في المواقف المختلفة بين الأصدقاء، أمر قد لا يبشّر بخير، خاصة وأن الصديق الحق لا يُقْدِمُ على فعل شيء، إلا وهو يريد الخير لصديقه، فإذا وقع خطأ ما، فيجب أن يتفهم الطرف الآخر ذلك جيداً، وأن يلتمس له عذره.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.