يكتسب قطاع الزراعة في اليمن أهميته كأحد أهم القطاعات الإنتاجية الرئيسة كونه يوفر فرص عمل لأكثر من 54 % من إجمالي القوى العاملة ممن يشتغلون في هذا القطاع ويسهم بنحو 17.6 % من إجمالي الناتج المحلي سنويا. ونظراً لأهمية هذا القطاع الذي يعتمد عليه ما يزيد عن 74 % من سكان المناطق الريفية، فقد حظي خلال الأعوام الماضية، ولاسيما منذ إعادة تحقيق الوحدة المباركة باهتمام واسع من قبل الدولة بغية تطويره وتنميته من خلال إنجاز وتنفيذ جملة من المشاريع الإستراتيجية النوعية ومشاريع البنى التحتية الأساسية، وكذا المشاريع المؤسسية المتخصصة بإدارة وتنمية الموارد الطبيعية والمياه الجوفية وتطوير أنظمة الري وحماية البيئة والتربة من الانجراف ومواجهة التصحر. ومن أبرز المشاريع المنفذة في هذا الشأن خلال السنوات الماضية مشروع التعاونيات الزراعية في المناطق الشرقية (ميفعة وشبوة) بتكلفة 25 مليون و650 ألف دولار، ومشروع التنمية الريفية لمحافظات (شبوة، أبين، حضرموت, لحج) بتكلفة 38 مليون و630 ألف دولار، والذي يعنى بدعم صغار المزارعين في الأرياف، إلى جانب مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة بتكلفة تزيد عن مليار ريال والهادف إلى تشجيع المزارعين التوجه نحو استخدام تقنيات وأنظمة الري الحديثة باستخدام شبكات الري بالتقطير والتنقيط للحد من استنزاف المياه وضمان استمرارية الزراعة وديمومتها. وشملت المشاريع المنفذة، مشروع تنمية المساعدات الذاتية لمحافظات (لحج، أبين، تعز، إب، الضالع، البيضاء) بتكلفة 541 مليون و800 ألف ريال، والمرحلة الثانية من مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة الذي غطي 15 محافظة بتكلفة 35 مليون دولار إضافة إلى 15 مليون دولار تم إضافتها لهذا المشروع كمنحة من البنك الدولي، باعتباره من المشاريع الإستراتيجية الهامة لمواجهة مشكلة ندرة المياه والجفاف. كما شملت أيضا إنجاز المرحلة الثانية من مشروع سد مأرب خلال الفترة (2003-2007م) بتكلفة 30 مليون دولار، ومشروع إكثار البذور والخدمات الزراعية في مختلف محافظات الجمهورية خلال الفترة (1998- 2003م) بتكلفة 460 مليون ريال، وكذا تنفيذ مشروع التنمية الريفية للمرتفعات الوسطى بتكلفة 26 مليون و400 ألف دولار، ومشروع التنمية الريفية بمحافظة المهرة بتكلفة 17 مليون و795 ألف دولار، ومشروع تطوير وادي حضرموت بتكلفة 38 مليون و630 دولار، فضلا عن إنجاز مشروع تطوير الري بمحافظتي الحديدةولحج بتكلفة 25 مليون و600 دولار، ومشروع صيانة وادي بناء بتكلفة 210 ملايين ريال. وإلى جانب ذلك أولت وزارة الزراعة والري قضايا تسويق وتصدير المنتجات والسلع الزراعية اهتماماً كبيرا خلال الأعوام الماضية، بهدف دعم البنية التحتية اللازمة لإنجاح عملية التسويق والتصدير، حيث جرى في هذا الجانب إنشاء ما يزيد عن 16 سوقا ومركزا لتجميع السلع الزراعية في مختلف المحافظات، وإنشاء عددا من المراكز والوحدات الخاصة بجمع ونشر المعلومات التسويقية الزراعية. ونتيجة لتلك الجهود، فقد ارتفعت رقعة المساحة المزروعة بالمحاصيل الغذائية المختلفة من حبوب غذائية وفاكهة وخضروات ومحاصيل نقدية وأعلاف من 899 ألف و424 هكتار عام1991م، إلى مليون و579 ألف و 855 هكتار في عام 2010م، فيما ارتفع حجم الإنتاج الزراعي إلى 5 ملايين 759 ألف و897 طن عام 2010م مقارنة ب 3 ملايين و815 ألف طن عام 2004م. كما ارتفعت إنتاجية الحبوب الغذائية المختلفة (الذرة، الذرة الشامية، الدخن، القمح، الشعير) خلال نفس الفترة من 447 ألف و470 طن إلى نحو مليون و12 ألف و945 طن، وزادت إنتاجية الفواكه من 316 ألف طن إلى مليون و36 ألف و862 طن، فيما ارتفعت إنتاجية الخضروات من 641 ألف طن إلى مليون و165 ألف و14 طن، والبقوليات من 43 ألف طن إلى 98 ألف و161 طن. أما المحاصيل النقدية ( البن، السمسم، الفول السوداني، القطن، التبغ) فقد حققت هي الأخرى معدلات نمو مرتفعة، حيث ارتفعت المساحة المزروعة بهذه المحاصيل من 53 ألف هكتار عام 1991م إلى نحو 90 ألف و665 هكتار عام 2010م، وارتفعت إنتاجيتها من 27 ألف و700 طن إلى 94 ألف و679 طن . ورافق عملية التوسع في زراعة المحاصيل المختلفة وتنامي إنتاجيتها تطورا مؤسسيا وفنيا وتشريعيا في قطاع الإنتاج النباتي تمثل بتأسيس وحدة رقابة على جودة المنتجات النباتية تقوم بمسح أسواق المحافظات للتأكد من جودة البذور، وانشاء وتجهيز مختبر لفحص البذور المتداولة والأصناف المنتجة، إلى جانب تطوير المشاتل والتوسع في إدخال شبكات الري الحديثة. وقد أثمر ذلك في تنامي الصادرات الزراعية بشكل ملحوظ لترتفع من 722 مليون ريال عام 1990م، إلى نحو 45 مليار ريال أواخر عام 2007م، حيث احتلت محاصيل الفواكه والبن المرتبة الأولى في قائمة الصادرات الزراعية. ولم تقتصر الجهود على ما تحقق، بل تركزت الجهود خلال الأعوام الماضية على التوسع في حجم المساحات المزروعة وزيادة إنتاجيتها من خلال تبني وتنفيذ مشاريع جديدة وتوسيع أنشطة وزارة الزراعة والري لاسيما ما يتعلق بتطوير نشاط وخدمات الإرشاد الزراعي ووقاية النباتات والتخلص من المبيدات والحفاظ على البيئة. ففي مجال الإرشاد الزراعي ، نفذت الوزارة العديد من البرامج والحقول الزراعية في مختلف المناطق الزراعية بمحافظات الجمهورية بهدف توعية المزارعين وتعريفهم بالتقنيات الزراعية الحديثة لزيادة إنتاجية الوحدة الواحدة من المساحة المزروعة، وتنفيذ حقول إيضاحية لنشر تقنية معاملة البذور وتعقيمها بالمبيدات الفطرية قبل زراعتها لحماية المحاصيل من الإصابة بالأمراض، فضلا عن التوعية بالطرق السليمة لمكافحة الآفات والأمراض الأكثر انتشارا، ونشر طرق التقليم والتطعيم والإكثار لأشجار الفاكهة في بساتين المزارعين وإدخال ونشر زراعة بعض المحاصيل في عدد من المناطق ذات الاحتياج الغذائي.. كما نفذت الإدارة العامة للإرشاد والتدريب الزراعي خلال العام الماضي أكثر من 400 حقلا إرشاديا للمزارعين في كافة محافظات الجمهورية في مجالات الإنتاج النباتي والحيواني والاستخدام الآمن للمبيدات. وفيما يخص مبيدات الآفات النباتية، جرى خلال عام 2004م التخلص من 462 طنا من المبيدات المنتهية والمواد الملوثة التي تراكمت منذ الأربعينيات في أكثر من 40 موقعا، بحيث أصبحت اليمن من أوائل الدول العربية في التخلص من المبيدات المنتهية والسامة. كما تمكنت الإدارة العامة لوقاية النباتات من خفض المبيدات المصرح بتداولها من 1024 مبيد إلى 157 مبيد، وتخفيض واردات اليمن من المبيدات إلى أقل من 400 طن بنهاية عام 2010م، بعد أن كانت تقدر بنحو 2100 طن في عام 2006م، إلى جانب تنظيم تداول المبيدات وإنشاء وتشييد محطات للحجر النباتي وفقاً لأحدث المواصفات العالمية في منافذ الطوال والبقع وعلب وشحن والوديعة ومينائي عدنوالحديدة بتكلفة تقدر بنحو 158 مليون ريال. وفضلا عن ذلك كثفت الإدارة العامة لوقاية النباتات خلال الفترة الماضية من إجراءاتها الرقابية على تداول المبيدات من خلال حملات الرقابة والتفتيش الدورية والمفاجئة التي استهدفت محلات ومخازن تداول المبيدات في كافة المحافظات، وإعداد قائمة بالمبيدات المحظور تداولها في اليمن، وكذا تعزيز وتطوير أنشطة وقاية النباتات من خلال توفير أجهزة حديثة لتحليل الأثر المتبقي من المبيدات على منتجات الفواكه والخضروات، وإنشاء مختبر الأثر المتبقي للمبيدات بصنعاء بتكلفة 50 مليون ريال بهدف تفعيل الرقابة على تداول المبيدات والحد من أضرارها البيئية والصحية، إضافة إلى إنشاء مركز لمراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي وإدخال نظام ووسائل التنبؤ الحديثة لمراقبة الجراد الصحراوي وحماية المحاصيل الزراعية منها. وفي مجال تطوير الحجر النباتي تم إنشاء محطات حجر نباتي في عدد من الموانئ وتحديث محطات الحجر القائمة في المنافذ الجمركية بتكلفة 125 مليون ريال، وذلك بهدف تعزيز دورها في عملية الرقابة على تصدير واستيراد النباتات والمحاصيل الزراعية. كما قامت وزارة الزراعة والري وفي إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وما تضمنه من إجراءات لتوسيع الرقعة الزراعية وتحسين الإنتاجية، باعتماد لائحة تنظيمية جديدة عام 2008م تضم ثلاثة قطاعات هي قطاعات تنمية الإنتاج الزراعي، والري واستصلاح الأراضي، والخدمات الزراعية ليضم كل قطاع إدارات متخصصة في مختلف المجالات الزراعية والخدمات، وذلك بهدف مساندة جهود تطوير الإنتاجية الزراعية كماً ونوعاً، وتحسين معدل النمو السنوي للقطاع الزراعي ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني بما يكفل تطوير هذا القطاع الحيوي والهام وتعزيز دوره في توفير الأمن الغذائي. وتركز الوزارة خلال الفترة المقبلة على تعزيز جهودها لمواصلة تنفيذ حزمة من التدخلات والأنشطة الهادفة إلى تطوير القطاع الزراعي وتوسيع رقعة المساحات المزروعة ورفع إنتاجيتها، لاسيما لمحاصيل الحبوب، من خلال تشجيع المزارعين ودعمهم بتوفير البذور المحسنة والمخصبات، والمستلزمات والآلات الزراعية الخاصة بالحصاد وتيسير عمليات الإقراض الزراعي، إلى جانب تطوير البحوث الزراعية بغية التوصل إلى تقانات زراعية حديثة تساعد في زيادة الإنتاجية ورفع جودتها بما يصب في رفع مستوى حياة المزارعين وتمكين المنتجات الزراعية من المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية.