إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    الدوري الاوروبي .. ليفركوزن يواصل تحقيق الفوز    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    لملس يفاجئ الجميع: الانتقالي سيعيدنا إلى أحضان صنعاء    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المضادات الحيوية..
عندما يصبح الدواء سُمَّاً نتجرعه!
نشر في الجمهورية يوم 11 - 06 - 2011

قد يصاب البعض بوعكة صحية بسيطة فيذهب مباشرة ودون وعي إلى الصيدليات الخاصة لشراء ذلك الدواء المعروف ب”المضاد الحيوي”، فنزلات البرد والعطس وجفاف الحلق وألمه... وغيرها من الأعراض تجعل الكثير منهم يعتقد بأن المضاد الحيوي هو الحل الأمثل لعلاج الأمراض المختلفة، أيا كان نوعها.
عشوائية تناول الأدوية
يؤكد الكثير من الصيادلة والتقارير الطبية أنه خلال الآونة الأخيرة ارتفعت أعداد الذين يتناولون المضادات الحيوية بصورة مطردة وعشوائية ودون اللجوء إلى وصفة طبية من الطبيب المختص، الأمر الذي بات خطرا يهدد حياة المريض ويضاعف من أعراض هذا المرض وتكمن الخطورة الأكبر حينما يستخدم هذا الدواء للأطفال وبجرعات مختلفة ودون استشارة طبية مما يجعل هذا الطفل في دائرة الخطر والأعراض السلبية لهذا الدواء فقد ثبت طبيا أن سوء استخدام مثل هذه المضادات يؤدي إلى تكوين سلالات ميكروبية تقاوم هذه المضادات وتتسبب في عدوى شديدة يصعب علاجها، بل وتضاعف من أعراض المرض، فتقل مناعة الجسم وتتدهور صحته وقد يؤدي ذلك إلى انتهاء حياته.
تحذيرات علمية
وقد أثبتت الدراسات الطبية أن تناول المضادات الحيوية بطريقة عشوائية يهدد خلايا الكلى والكبد ونخاع العظام، مما يؤدي إلى عدم قدرة جهاز المناعة على محاربة الميكروبات وإعطاء مناعة للجراثيم. والخطورة تكمن في تعاطي الحامل أو الطفل لمثل هذه الأدوية، ويؤدي الإفراط في تناولها إلى تكوّن نوع مقاوم للمضادات الحيوية، مثل بكتيريا الميكروبات العنقودية.. وقد كشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية أنه لا يتم إعطاء المضادات الحيوية المناسبة لعلاج الالتهاب الرئوي إلاّ لنحو 50% إلى 70% من المصابين بهذا المرض، بيد أنّ قرابة 60% من المصابين بالعدوى الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي يتلقون مضادات حيوية بشكل غير ملائم وفي البلدان النامية لا يتم، في مرافق الرعاية الصحية الأولية، توفير العلاج المضاد للأمراض الشائعة سوى لأقلّ من 40% من المرضى في القطاع العام و30% في القطاع الخاص, وأكثر من 40% من الأطفال يتلقون مضادات حيوية غير ضرورية.
قلة الوعي وغلاء المعيشة
بعض الأطباء يرجع أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى: قلة الوعي الصحي لدى المواطنين بالإضافة إلى غلاء المعيشة وارتفاع رسوم المعاينة الطبية لدى كثير من الأطباء، ما يجعل المريض يبحث عن العلاج بطرق أخرى غير سليمة توقعه في مشاكل عدة، بالإضافة إلى قصور المرجعية الطبية والمعلومات الكافية عن الأدوية لدى الأطباء؛ إذ تكون النشرة الداخلية للدواء هي مصدر معلوماتهم الوحيد، وهي غير كافية في غالبيتها للتعريف به، ناهيك عن استخدام بعض الأدوية من دون أية محاذير، إذ لا يوجد في البلاد العربية جهة متخصصة وعلى درجة عالية من الكفاءة لتقديم التقارير عن الأعراض الجانبية للأدوية.
إجراءات الفحص باهظة ومكلفة
وقد تعددت آراء المواطنين حول استخدام المضادات الحيوية فمنهم من يؤكد أنه يستخدمها بصورة عشوائية ودون استشارة طبية فيما يؤكد آخرون أنهم لا يتناولونها إلا عند الضرورة القصوى, وفي كل الأحوال فإن تناولها دون استشارة طبية قد تؤدي إلى مضاعفات بالغة الخطورة.
ويؤكد وسام الموظف في إحدى المؤسسات الخاصة أن أي آلام يشعر بها المريض في مختلف أنحاء جسمه تجعله يفكر مباشرة بالمضاد الحيوي كحل أمثل وسريع لشفائه. وأضاف: إنه من خلال قراءته لورقة الدواء واستشارته السريعة للصيدلي أدرك ما إذا كان الدواء مناسبا له من عدمه مع أنه أعلم أن هذه الطريقة ليست صحيحة، وأنه يجب عليه إجراء فحوصات طبية, ولكن نظرا لظروفه المادية الصعبة التي تقضي بأن يدفع مبالغ باهظة إجراءات الفحص الطويلة والمماطلة يلجأ إلى هذه الطريقة كحل سريع، ويؤكد أنه في كثير من الأحيان لا يستجيب جسمه لفاعلية هذا الدواء، بل تسوء حالته إلى الأسوأ فيضطر إلى وقف الدواء ويضيف في إحدى المرات تم إسعافه إلى المستشفى نتيجة تناولي إحدى المضادات الحيوية التي سببت له آلاما معوية وشعورا بالغثيان والتقيؤ والإسهال والدوار والشعور بالجفاف العام.
أعراض متشابهة
أما سامية فتؤكد أنها تستخدم المضاد الحيوي تحت إشراف الطبيب المختص، ولكنها في حالات كثيرة تستشير الصيدلي أو من لديه خبرة، وخصوصا عندما تكون الأعراض المرضية متشابهه للسابقة. تقول سامية عن الأسباب التي تدفعها لذلك: إن المستوصفات الخاصة تعتمد على التجارة والربح فآلام بسيطة تضطر فيها إلى دفع مبالغ كبيرة، وتضيف: إن المشكلة التي تعانيها أيضا هو عدم انتظامها بتناول الجرعة بالوقت المحدد، حيث إنها تتوقف بمجرد أن تشعر بالتحسن وهذا الخطأ أدركته مؤخرا؛ لأن جسدها في أحيان كثيرة لم يعد يستجيب لفاعلية الدواء.
المريض هو المسئول
ويؤكد الدكتور قاسم العاقل العامل بإحدى صيدليات محافظة عدن أن عدم وعي المرضى بخطورة استخدام المضادات الحيوية دون إجراء فحص طبي يجعلهم يطالبون بشرائها، بل ويصرون على ذلك غير مبالين بالنتائج والأضرار الصحية الخطيرة المترتبة. وقال: هناك مريض جاء إلينا مؤخرا ويشكو آلاما في الحلق والحنجرة ويصر أن نعطيه مضادا حيويا، ولكن من خلال وصفه للأعراض تم التأكد من أنه مصاب بمرض حمى الضنك, ولهذا فنحن ننصح الجميع بألا يتسرع في شراء أي دواء قبل أن يخضع للفحص الطبي ولا يستهين بأي أعراض مهما كانت بسيطة، فصحة الإنسان ثروته الوحيدة ويجب الحفاظ عليها.
الصيدلي هو المسئول الأول
من جهتها ترى الدكتورة الصيدلانية وديان غيلان العاملة في إحدى الصيدليات أن المسئول الأول عن صرف الدواء هو الصيدلي، حيث إن البعض منهم يعتمد على الأعراض الظاهرة عند المريض ويصرف الدواء تبعا لذلك ودون أن يلزمه بضرورة إجراء فحوصات مخبرية لمعرفة نوعية المرض. وتشير الدكتورة وديان إلى أن هناك أنواعا من المضادات أكثرها شيوعا تصرف في الصيدليات بدون وصفة طبية وهي من عائلة الاموكسيلات مثل دوكساسيلين والامبيسيلين. وقالت: لهذا فاستخدامها يجب أن يكون بطرق علمية صحيحة وبجرعات تتناسب وشدة الالتهاب ونوع البكتيريا المسببة له؛ كي لا يؤدي الاستخدام الخاطئ لهذه المضادات إلى اكتساب بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، فهناك مرضى يستخدمون مضادات حيوية بصورة مستمرة دون خضوعهم إلى فحص مختبري، وعندما لا يستجيب الجسم لهذا الدواء نتيجة لاكتساب البكتيريا المقاومة يضطر المريض إلى شراء مضاد أقوى، وقد يكون باهظ الثمن، وهنا يبدأ المريض سلسلة من معاناته من خلال نقص المناعة الجسدية والتي تؤدي إلى خلل ما في أداء ووظائف وخلايا جسمه بصورة عامة.
انعدام الثقة بالأطباء
زميلتها بشرى وهي أيضا صيدلانية أشارت إلى أن الصيادلة يقومون بصرف المضاد الحيوي في كثير من الأحيان بناء على رغبة المريض الذي لم يجد الطبيب المتفرغ والمستمع له بشكل كامل في مستشفى حكومي. وقالت:بعض الأطباء يرهقون المريض بفحوصات مكلفة مع أن الحالة المرضية تكون بسيطة جدا، فيعمد إلى تفخيم الأعراض كما هو الحال (المستشفى الخاص) حينها يلجأ المريض إلى الصيدلي اختزالا للوقت والمال وتحت أي ذريعة يبقى صرف الدواء وخاصة المضادات الحيوية عملية دقيقة تحتاج إلى تأني قبل صرفها؛ لأن لها مضاعفات حيث يجب مراعاة القانون في صرف الدواء المسموح به وفي الحد المسموح.
لا يوجد قوانين صيدلانية
يشار إلى أنه لا يوجد قانون يحمي الصيدلاني من صرف العلاج دون وصفة طبية أيا كانت نوعية العلاج، وفي نفس الوقت لا يوجد قانون يعاقبه على ذلك. وهذا ما أكدته الدكتورة الصيدلانية صيرة محمد نعمان. وقالت: إن بعض المرضى يصر على طلب المضاد الحيوي ولا يمكن إقناعه بأهمية العلاج من عدمه ويضطر بعض الصيادلة إلى صرف المضادات الحيوية دون الرجوع إلى الطبيب والسبب الرئيسي الحالة المادية لأغلب سكان الجمهورية اليمنية، حيث لا يستطيع كل فرد الذهاب إلى المعاينة لدى الطبيب بسبب التكاليف الباهظة الثمن السبب الآخر ممارسة بعض الصيادلة لمهنة الطب بكل ثقة بحكم تعاملهم المستمر مع الأدوية والوصفات الطبية، حيث يكون هنالك تشابه في بعض الحالات خاصة في التشخيص، ولكن قد يصيب في أحيان ويخطئ في أحيان أخرى.
أضرار بحياة المريض
من جهتها تؤكد الدكتورة نجوى فضل عبد الله طبيبة أمراض عامة أن المضادات الحيوية تلعب دوراً مهماً في علاج العديد من الأمراض، فإن استخدمت الاستخدام الأمثل باتباع إرشادات الطبيب وتوجيهات الصيدلي كان لها أثر إيجابي وفعال، وإن استخدمت بطريقة عشوائية وأسيء استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة قد تودي بحياة المريض.
لا تعالج العدوى الفيروسية
وقالت الدكتورة نجوى: إن معظم الأمراض المعدية يتسبب فيها نوعان من الجراثيم؛ البكتيريا، أو الفيروسات، ولهذا فالمضاد الحيوي يعالج العدوى البكتيرية، لكنه لا يعالج العدوى الفيروسية، فمثلا الزكام والإنفلونزا وأغلب حالات احتقان البلعوم سببها عدوى فيروسية، وبالتالي فإن المضاد الحيوى لن يفيد في علاجها ولن يحمى الآخرين من التقاط العدوى.
فقد يعتقد البعض أن المضاد الحيوي يجب أخذه في أي مرض مع أنه لا يفيد إلا في أمراض عدوى ناشئة عن بكتيريا، وأغلب أمراض الإنسان تكون ناتجة عن عدوى فيروسات أو فطريات أو أمراض تنشأ عن تغير في كيمياء الجسم، وبالتالي يظل الاستخدام الأمثل للمضاد الحيوي مقصوراً على الالتهابات البكتيرية.. ولذلك نجد حالات كثيرة تستخدم المضاد الحيوي، خاصةً مع أمراض البرد والإنفلونزا مع أنها ليس لها أي دور، بل على العكس تؤدي إلى تدمير البكتيريا الصديقة في جسم الإنسان وبالتالي تسبب تجريث التربة المعوية المناعية التي كانت المصدر الأول لمناعة الإنسان الطبيعية، حيث يولد الطفل بالولادة الطبيعية ويكتسب مئات الأنواع من البكتيريا النافعة الصديقة التي تهديها الأم لابنها، ولكن يحرم منها المولود بطريقة قيصرية، الأمر الذي يؤدي إلى نقص المناعة ويسبب الحساسية الصدرية.
اعتقاد شائع
هناك اعتقاد شائع بأن المضادات الحيوية يمكنها شفاء أي التهاب؛ لذا تجد كثيراً من المرضى يلحون على الطبيب أو الصيدلي في صرف مضاد حيوي لعلاج علتهم ومن ثم يوصف المضاد الحيوي إرضاء لهم بدلاً من نصحهم وتوعيتهم بالأخطار التي قد تنجم عن تعاطيه، أو عدم فائدته كأن تكون معاناتهم من التهاب فيروسي، لا تؤثر فيه المضادات كالرشح والإنفلونزا، ولهذا فالطبيب لا يجب أن يكتب المضاد الحيوي بناء على طلب المراجع قبل إجراء الفحوص اللازمة وتشخيص الحالة بدقه وإن استدعى الأمر مضادا حيويا، فيجب وصفه لمدة مناسبة وبجرعة مناسبة ولا يجب الاستمرار أو الانقطاع عن تناول المضاد الحيوي بالنسبة للمريض إلا بعد استشارة الطبيب للتأكد من القضاء على الميكروب المسبب للمرض وعلى الصيدلي عدم صرف المضاد الحيوي بدون وصفة طبية وإعطاء الإرشادات اللازمة للمريض بخصوص الجرعات و الوقت و التحذير من مخاطر مخالفة ذلك.
أضرار ونتائج سوء الاستخدام
وتشير الدكتورة نجوى إلى أن بعض المضادات الحيوية تؤثر على السمع وتحبط وظائف نخاع العظام مما يؤدي لنقص مناعة الجسم وقدرته على مكافحة الجراثيم وهناك بعض الحالات الخاصة مثل الأطفال والحوامل أو مرضى الفشل الكلوي والكبدي يجب استخدام المضادات بحذر ووعي ومعرفة مدى تأثيرها على أجهزة الجسم. وقالت: لهذا قبل إعطائها للمريض يجب أن يعرف الطبيب كفاءة الكبد والكلى والجهاز العصبي وخلايا الدم، خصوصا إذا كانت تؤخذ لمدة طويلة، ولا بد من وعي الطبيب بالتاريخ المرضي للمريض، ويتم كتابة المضادات على حسب وزن المريض وتحديد عدد الأيام المناسبة لتناول المضادات الحيوية.
فكلما زادت المضادات الحيوية التي توصف لعلاج السعال والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا أو إصابات البول أصبحت البكتريا أكثر مقاومة ويتحمل مسؤوليته إلى جانب المستشفى ووزارة الصحة كل من المريض والطبيب والصيدلي، وإذا لم يتم سن قوانين لتداولها وكذا تثقيف المواطنين بمخاطرها فإن اليمن يتجه نحو مرحلة ما قبل اختراع المضادات الحيوية وذلك بمقاومة الجراثيم لأحدث المضادات المعروفة.
القانون لم يحدد نوعية المضادات
يقول مدير الخدمات الصيدلانية في محافظة عدن الدكتور عبد الله ناصر: إن القانون رقم 26 لعام 2002م بشأن مزاولة المهنة الطبية والصيدلانية المادة 21 ذكر فيها أنه على مزاولي المهنة العمل كل في اختصاصه فيما يختص بالصيدلة وأشار القانون إلى أن على الصيدلي عدم تغيير كميات أو جرعات الأدوية الواردة في الوصفة الطبية أو استبدالها بأدوية أخرى ومنع القانون بيع الأدوية بصورة شخصية أو عينات أو مستحضرات صيدلانية مجانية أو حكومية للمرضى.. القانون لم يحدد بشكل واضح نوعية الأدوية التي يتم صرفها بوصفة طبية أو بدون وصفة طبية والأنظمة والقوانين تعطي للوزير صلاحية إصدار اللوائح التي تحدد فيها الأدوية التي تصرف بدون وصفة طبية.
ولذلك فنحن نأمل أن يشمل قانون الصيدلة والدواء مثل هذه الأنظمة التي تحدد فيها صرف نوعية المضادات بوصفات طبية وهناك مجاميع من الأدوية محدد عليها يجب أن تصرف بوصفة طبية.
صعوبة ضبط جميع الصيدليات
وعن الأسباب التي تجعل هيئة الرقابة والتفتيش تعجز عن ضبط المخالفين ومن يقومون بصرف المضادات من الجيل الثالث بطريقة عشوائية ودون وصفة طبية، يقول الدكتور عبد الله: من الصعب ضبط جميع الصيدليات، ولكن لدينا أولويات في مراقبة الوصفات الطبية والأدوية المصروفة بوصفة طبية أولها المهدئات والمنومات التي تخضع للرقابة وأثناء نزولنا نقوم بتنبيه الكادر الصيدلاني بضرورة الالتزام بصرف الأدوية التخصصية وبالأخص المضادات الحيوية بوصفات طبية وإعطاء الإرشادات الكاملة للمرضى بطريقة استخدامها وعدم التوقف عن أخذ العلاج حتى ولو شعر المريض بالتحسن حتى لا تتولد مناعة عند البكتيريا من المضادات الحيوية.
أهمية إجراء الفحوصات
وعن نوعية الفحوصات التي يجب أن يجريها المريض قبل أخذ المضادات الحيوية قال الدكتور عبد الله: يجب على المريض أن يخضع لفحص زراعي حيث يحدد هذا الفحص نوعية المضاد الحيوي للجيل الثالث وهذا يتعلق بالطبيب لأن هناك بعض الأمراض البسيطة بالإمكان علاجها من خلال المضادات الحيوية البسيطة ذات المفعول السريع والفعال. ونود أن نوجه كلمة لجميع الصيادلة بضرورة توفير الظروف المخزنية الملائمة، بدرجة حرارة لا تقل عن 25 بالمائة، بعيدة عن ضوء الشمس حتى لا تفقد المضادات الحيوية فعاليتها.
الصرف العشوائي مخالف للأنظمة
من جهته يؤكد نقيب الصيادلة في محافظة عدن الدكتور منصور غالب أن صرف الأدوية بطريقة عشوائية مخالف للأنظمة والقوانين وليس فقط المضادات الحيوية. وقال: هناك أدوية قد تسبب أضرارا كثيرة على المواطن على سبيل المثال قطر العيون وغيرها من الأدوية.
وحول دور النقابة قال: بالنسبة إلى دورنا في النقابة نحن نعمل على توعية العاملين في الصيدليات ونأمل أن يكون العاملون في الصيدليات كوادر مؤهلة ودكاترة من الصيادلة بحيث إن الدكتور الصيدلاني لا يصرف الدواء وهو يعلم خطورتها على صحة المواطن، ولكن المشكلة أن من يقوم بصرف مثل هذه الأدوية أناس غير مؤهلين لا يعلمون خطورة استخدام الدواء بصورة عشوائية بعكس الصيدلي المختص، إضافة إلى عدم وجود توعية بمضار الأدوية وعدم وجود ثقافة صحية بين أوساط المواطنين؛ لأن حملات وسائل الإعلام سيكون لها مردود كبير على الوعي الثقافي لدى الناس.
وعن المسؤولية الملقاة عند صرف المضادات بصورة عشوائية يقول الدكتور منصور: المسؤولية تقع على كثير من الجهات الصحية التي تتحمل جزءا من هذه المسؤولية، وهي عدم توعية المواطنين بالأضرار وعدم وجود نشرات دورية وندوات وبرامج تثقيفية سواء في التلفاز أو الإذاعة والتي بإمكانها أن تتطرق إلى قضايا ومخاطر استخدام الأدوية. وبالنسبة إلى النقابة فنحن نقوم بتوعية الإخوة العاملين في الصيدليات من خلال عقد لقاءات في الصيدليات بالمديريات بشكل دوري نشرح لهم بعض الممارسات الخاطئة وهناك دورات ستعقد مع الإخوة الصيادلة لعملية جودة ممارسة المهنة.
كلمه أخيرة
صحة الإنسان ثروة لا تقدر بمال إلا أن الكثير من الناس يعمد إلى تدمير هذه الثروة من خلال الإقبال على شراء وتناول مثل هذه المضادات دون روية ووعي وثقافة صحية بأضرار سوء الاستخدام، وكأن أمامهم أطباقا متنوعة وأصنافا شهية من الحلويات... إلا أن الكثير منهم يدفع في نهاية الأمر ثمنا باهظا؛ نتيجة لسوء هذا الاستخدام وقد يفاجأ البعض بظهور أمراض عضوية غريبة المنشأ، متناسين أنهم كانوا في يوما ما يتناولون هذه المضادات دون مراجعة طبية والتي أثرت عليهم على المدى البعيد. والدول المتقدمة لديها قوانين ولوائح صيدلانية تحرم وتمنع بيع هذه الأدوية من الطور الثالث إلا من خلال وصفة طبية، باعتبارها سموما تدخل أجساد أبنائها إذا ما أسيء استخدامها. إلا أننا نتساءل في الأخير: من هو المسئول عن حدوث مثل هذا الانفلات الطبي؟ هل تقع المسؤولية على عاتق الصيدلي الذي يعتبره الكثير المعاين والطبيب الأول والأخير، أم أن المسؤولية تقع على عاتق الطبيب ذاته؟ والذي يرهق المريض بمزيد من الفحوصات الطبية في سبيل تشخيص مرض بسيط يهدف من خلالها إلى رفع حصة أرباحه التجارية على حساب أرواح البشر، أم أن مكتب الصحة هو المسئول الأول والأخير، نتيجة لعدم سن قوانين ولوائح صيدلانية ولم يعمل على نشر الوعي والثقافة الصحية، أم أن الجميع يتحمل تبعات هذه المسؤولية التي تكرس هدفها بطريقة أو بأخرى لتدمير صحة وكيان هذا الإنسان والقضاء على هذه الثروة العظيمة التي لا تقدر بتجارة أو مال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.