صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    المهرة.. محتجون يطالبون بالإفراج الفوري عن القيادي قحطان    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    رسميًا.. محمد صلاح يعلن موقفه النهائي من الرحيل عن ليفربول    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    غاتوزو يقترب من تدريب التعاون السعودي    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام مع الوحدة وليس الانفصال
علماء دين جنوبيون وشماليون:الوحدة اليمنية.. فريضة شرعية وضرورة بشرية
نشر في الجمهورية يوم 21 - 05 - 2013

تعتبر الوحدة اليمنية المباركة التي تحقّقت في الثاني والعشرين من مايو المجيد 1990م نصراً لإرادة الشعب اليمني العربي المسلم الأصيل الذي ناضل من أجلها عقوداً من الزمن، حيث اعتبر تحقيقها ضرورة شرعية دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف، واعتبرها نواة لوحدة عربية وإسلامية شاملة, والمطّلع على كتاب الله وسنّة نبيه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجد أن هناك العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تدعو المسلمين إلى الوحدة ولم الشمل، في المقابل لا نجد آية كريمة أو حديثاً شريفاً يدعو إلى الفُرقة والشتات، رغم ذلك نستمع في هذه الأيام إلى أصوات نشاز تنبعث من محاريب المساجد تدعو إلى تشطير البلاد والعودة بالوطن إلى عهد التشطير والتقسيم, ولا شك أن هناك حقوقاً سُلبت وظلماً حاق باليمنيين في الجنوب وفي الشمال؛ لكن هل تبرّر هذه القضايا الدعوة إلى الانفصال والفُرقة والشتات؟!..
لتسليط الضوء أكثر على هذه القضية التقينا عدداً من علماء اليمن الأجلاء من جنوب الوطن وشماله والذين أثروا الموضوع.
الوحدة نعمة
الشيخ الدكتور بندر الخضر البيحاني، أستاذ الفقه المقارن ومؤلف كتاب (الوحدة والانفصال في اليمن رؤية شرعية) وهو من أبناء محافظة شبوة يقول:
الحقيقة إن الوحدة اليمنية تعتبر نعمة إلهية ومنّة ربانية امتن الله سبحانه وتعالى بها على هذا الشعب الواحد الذي هو واحد على مدار التاريخ، ومنذ أن أكرمنا الله سبحانه وتعالى بنعمة الإسلام كان كلما التحق أناس بهذا الإسلام دخلوا في جغرافية المسلمين؛ وأصبح بلد المسلمين واحداً بامتداد هذا الإسلام ومن ذلك اليمن، وجاءت الأحاديث التي تبيّن فضائل اليمنيين ومكانتهم «أن الإيمان يمان وأن الفقه يمان» وهذا يدخل فيه اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه، وهي نعمة؛ لأن أهم ما جاء به الرسل بعد كلمة التوحيد هو توحيد الكلمة، وأهم ما بناه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذهابه إلى المدينة بعد بناء المسجد هو بناء الأخوّة الإسلامية بين المسلمين من مهاجرين وأنصار وأوس وخزرج، فقامت تلك الأخوّة الكريمة، وقامت تلك الوحدة العظيمة بين المسلمين، وكانت هدية بعد أن عاش المسلمون في وحشة التفرقة والتمزّق ردحاً من الزمن وفترة من الوقت فامتن الله سبحانه وتعالى علينا بهذه النعمة العظيمة التي لابد أن نحافظ عليها.
مكانة عظيمة
وإذا تأملنا من الناحية الشرعية نجد أن الإسلام حافظ على الوحدة ورعاها في كل شعائره المتنوعة والمختلفة وأتانا بها من خلال النصوص القرآنية: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخوانا، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون) وكذلك الآيات الأخرى التي جاءت لتبيّن فضل إصلاح ذات البين والآيات التي جاءت تحذر المسلم من الوقوع في التفرقة والاختلاف: (ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) وغير ذلك من الآيات الأخرى، وكذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام اهتم بأمر الوحدة في كثير من الأحاديث، وبيّن أن الجماعة رحمة، وأن الفُرقة عذاب، وبيّن أن الشيطان أقرب منه بالنسبة للاثنين، كما حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين من الوقوع بأي أمر يخلُّ الوحدة حتى إنه لما تبادر إلى سمعه أن أناساً يقولون يا للمهاجرين يا للأنصار قال: (دعوها فإنها منتنة ) لأنها جاءت من أجل تمزيق المسلمين ومن أجل التفرقة بينهم؛ وكذلك الشعائر التعبدية المسلم يعيش روح الوحدة في الصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها من العبادات الإسلامية؛ كل هذا يدل على مكانة وعظم وأهمية الوحدة.
والوحدة سبيل لتحقيق القوة وسبيل للانتفاع الأمثل من خيرات البلاد وسبيل لحماية البلد من العدوان للانتفاع من الخيرات التي امتن الله بها على هذه الأمة وهي سبيل لتحقيق كثير من المقاصد الشرعية التي جاء الإسلام لتحقيقها، فكل ذلك يدعو المسلم إلى أن يسعى عملياً إلى الحفاظ عليها.
مظالم وعدوان
والدعوة إلى الانفصال في اعتقادي أنها تنطلق عند الكثيرين من أنها وقعت عليهم مظالم ووقع عليهم عدوان ووقع عليهم بغي إما في أراضي وإما في أموال وإما بالاستبعاد من وظائف وإما بالتنفُّذ من غير وجه حق، وأقول إن هذه المظالم يجب أن تُرفع على وجه السرعة، ويجب أن تُعاد إلى هؤلاء حقوقهم؛ ولكن لا ارتباط بين مسألة الوحدة وبين وقوع هذه الأشياء؛ لأنه في أي مكان يوجد التعطيل لشرع الله ويوجد العدوان على الناس ويوجد المتنفّذون بالباطل ويوجد التسلُّط بغير حق؛ لكن لابد أن نقف صفاً واحداً في سبيل رد المظالم وإعادة الحقوق إلى أهلها، وأن نكون قوامين بالحق والقسط وأن نتكاتف جميعاً في الشمال والجنوب لإعادة الحقوق إلى أهلها ومن أجل رفع الظلم، وأنا لا أعتبر أن هذه مبررات للدعوة إلى الانفصال؛ لأن مثل هذا العمل إنما سيؤدي إلى التفرقة والتمزُّق التي لن تعيد حقاً، والذي يعيد الحقوق هو إعادة هيبة الدولة وتثبيت الأمن والاستقرار وإزالة ورفع صور البغي والعدوان، ونتعاون جميعاً من أجل القيام بهذا الأمر، فنحافظ على النعمة الإلهية، وهي الوحدة وندفع هذه المساوئ والمظالم التي جاءت بسبب الوقوع في الظلم والعدوان.
نقف صفاً واحداً
كلمتي لإخواني الذين يدعون إلى الانفصال في الجنوب أقول: أنا أقدّر شعورهم وأنهم ينطلقون من المظالم التي وقعت عليهم؛ لكن أقول أتمنى منهم أن يصرفوا هذه الجهود في إعمار الوطن وبناء البلاد وصلاحها ومحاربة الفساد والمفسدين وفي غيرها من الأشياء الأخرى التي تعود على الأمه بالنفع، فبدل من أن يصرفوا جهودهم في الدعوة إلى تمزيق المسلمين وتفرقتهم؛ أقول هذه الجهود لابد من صرفها في إصلاح البلاد وإعمارها بطاعة الله وحكمها بشريعة الله تعالى، وإعادة الأمن والاستقرار، فعلينا أن نقف صفاً واحداً ضد أي شخص يمكن أن يكون سبباً في تخريب البلاد أو العدوان أو غيرها من الصور الأخرى، أما مسألة روح المناطقية والتمزيق فلن تأتي بخير، فربما في الجنوب يقولون عندنا قضية ونطالب بالانفصال؛ يمكن أن يأتي أناس من أبناء حضرموت ويقولون نحن أيضاً لنا مطالب خاصة ونريد أن يكون لنا اعتبار خاص غير الذين في الجنوب، ويمكن أن يأتي أناس من مأرب ويقولون ونحن لنا كذلك مطالب خاصة، لذا فالدعوة إلى الانفصال ليست حلاً، الحل أن نتكاتف في رفع الظلم والعدوان والتسلُّط بغير حق ونحقق ما مدحنا الله سبحانه وتعالى به: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فهذا هو الفلاح وهذا هو الرشاد، فنسير في ذلك وبإذن الله سبحانه وتعالى أننا حين نرى الأثر البالغ لذلك في تغير الأوضاع وفي تحسن الأمور أن الحال سيتغير ونحافظ على أخوّتنا وعلى اجتماع كلمتنا وعلى وحدتنا ونبتعد عن هذه الدعوات التي توصل إلى هذه الأمور التي ذكرناها.
الولاء والوحدة
الشيخ القاضي محمد الصادق مغلس، المدرّس في المعهد العالي للقضاء قال:
إن الإسلام جعل الولاء بين المؤمنين جزءاً من العقيدة؛ لذلك فالمصطلح عندنا في الترابط بين المسلمين باسم الولاء، أما كلمة «الوحدة» فلم تكن معروفة إلا في هذا العصر، والوحدة قد تجرى بين أناس ليسوا على دين واحد أو ليسوا على لغة واحدة ولا تجمعهم روابط موحّدة؛ لذلك عندما يريدون أن يتحدوا يتحدون، وعندما يريدون أن ينفصلوا ينفصلون بما يسمى ب«تقرير المصير» لكن عندنا في الإسلام من اختار الإسلام ديناً فإنه يلزمه أن يوالي الله أولاً؛ بمعنى أن يحب الله وينصره، وأن يوالي الرسول عليه الصلاة والسلام ثانياً؛ بمعنى أن يحب الرسول عليه الصلاة والسلام وينصره، ثم أن يحب كل مؤمن يقول الله سبحانه: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) فهذا عندنا جزء من عقيدتنا؛ لذك من دخل في دين الإسلام فلابد أن يوالي المسلمين جميعاً في أقطار الأرض كافة.
ونحن لا شك عشنا طوال 1400سنة كدولة واحدة، كان العالم الإسلامي كله دولة واحدة، الرسول صلى الله عليه وسلم أسس هذه الدولة وجاء الخلفاء الراشدون فتوسّعوا فجاءت دولة الأمويين فالعباسيون ثم دولة المماليك ثم جاءت الدولة العثمانية، فالمسلمون على مدار القرون الماضية كانوا دولة كبرى ملء الأرض وملء السمع والبصر، فليس حراماً على المسلمين أن يكونوا دولة كبرى وهم أمة كبرى، فلماذا الأمريكان معهم دولة كبرى تتكون من 52 ولاية، والأوروبيون اجتمعوا في الاتحاد الأوروبي وهم بضع وعشرون دولة وروسيا الاتحادية كذلك هي عبارة عن دول اتحدت و الصين دولة كبرى اتحدت من أقاليم وقوميات وأديان شتّى والهند أيضاً وهكذا، فالعالم لا يمكن أن يعيش فيه الأقزام وإنما يعيش فيه الأقوياء، وأما الأقزام فيتحوّلون إلى عملاء، فلا نريد أن نكون عملاء، فإذا تمزّقنا صرنا عملاء والتمزُّق الذي تعيشه الدول الإسلامية موقت منذ أن سقطت الدولة العثمانية، ونأمل من الله يجدّد لنا أمر ديننا فنعود دولة كبرى كما كنا من قبل.
ليست صحيحة
الذين يدعون إلى الانفصال هم في الحقيقة لا تتفق دعوتهم مع عقيدة الولاء كما قلنا بين المؤمنين، ولا تتفق دعوتهم مع عقيدة الإسلام ومع توجيهات القرآن والسنّة، يقول الله سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة) ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) فكما أنه ليس من المنطقي أن تقول اليد أريد أن أنفصل، وأن تقول الرجل أنا أريد أن أنفصل، وأن تقول العين أريد أن يكون لي كيان مستقل؛ ليس منطقياً وكذلك ليس منطقياً أن يقال ينفصل إقليم من بلاد المسلمين عن جسد الأمة الإسلامية أو جزء من إقليم يريد أن ينفصل، الجميع يعلم أن هذا الجزء من الإقليم سوف لن تكون له مقوّمات القوة وبالتالي ما هي النتيجة؟! أن يستدعي من الخارج من يحميه، وأن تأتي القواعد الأجنبية.
فأية دعوة للانفصال معناها استدعاء للأجنبي وإغراء له حتى وإن وجدت إمكانات في هذا الجزء اليسير فإنه يكون مغرياً للأقوياء فيأتي الأقوياء كي يستعمروا هذا الجزء ويستغلوه وبالتالي لا يمكن أن يستفيد هؤلاء الذين دعون إلى الانفصال بحجة أنهم سينفردون بالثروة وسيشاركون فيها العدو؛ فبدلاً من أن تكون الثروة للمسلمين جميعاً يأتي العدو فيمتصها عليهم؛ لذلك فدعوة الانفصال ليست صحيحة ولا سليمة لا شرعياً ولا حتى سياسياً كما قلنا، فالعالم كله يحاول أن يتجمع في كيانات ضخمة، ولا مكان للصغار إلا إذا صاروا عملاء.
أنصح من ينادون بالانفصال أن يراجعوا عقيدتهم وتديّنهم، وأظن إن شاء الله أنهم لو نظروا إلى هذا الأمر بتجرد وحرص؛ فإنهم سيصلون إلى هذه النتيجة التي ذكرناها، ومن سمح لنفسه أن يقتطع جزءاً من بلاد المسلمين كي ينفصل فسيأتي الدور عليهم، وسيأتي من يدعو إلى تقسيم الجزء المنقسم وتصغير المصغّر؛ لأن المنطق واحد، فما الذي يمنع أن يأتي أيضاً من يقول ننقسم إلى أصغر من ذلك ونصير عبارة عن كنتونات؟!.
نتائج لا ترضي
ونحن نعلم أن إخواننا في الجنوب قد ظُلموا كثيراً، ونحن نشعر بمشاعرهم ونشعر بما جرى عليهم في ما مضى بتقسيم الأراضي بصورة ظالمة وإعطائها لبعض المتنفّذين، وإقصاء الكثير من الوظائف المدنية والعسكرية وغيرها من صور الظلم والإجحاف بحقهم, والذي حصل لهم أيضاً حصل لإخواننا في تهامة وهم يعانون الآن من ذلك، لذا نحن نريد أن تعود هذه الأراضي كي تكون ملكاً للناس جميعاً وتوزّع بحسب الاستحقاق للمحتاجين وفي مقدمة المحتاجين الفقراء والمساكين وأبناء المناطق نفسها فهم أولى بها من غيرهم.
ونحن ندعو إلى إنصاف هؤلاء وإعطائهم حقوقهم كاملة غير منقوصة؛ لأن بوابة الشيطان هي الظلم، وعادة الشيطان يأتي للمظلومين من هذا الباب فيجرّهم إلى نتائج لا ترضي ومن ضمنها الدعوة إلى الانفصال، نحن لا نريد أن نعين الشيطان على إخواننا ونحاول أن نجذبهم إلينا وننصفهم.
وفي الحقيقة الظلم موجود في اليمن كله؛ لكنه ظهر بشكل صارخ في جزئنا الجنوبي الحبيب، فنريد أن يُنصف هؤلاء، وعلى الدولة أن تجعل هذا في أولى أولوياتها، ونحن راضون أن يحكمنا أناس من الجنوب، فهم إخوتنا وأحبّتنا، نسأل الله تعالى لوطننا الأمن والأمان والاستقرار.
فريضة شرعية
الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الخميسي، أستاذ الحديث وعلومه في جامعة صنعاء أكد فرضية الوحدة بقوله:
الوحدة في ديننا الحنيف فريضة شرعية وضرورة بشرية؛ لأن الله تعالى كما أمر بالفرائض أمر بالوحدة، أمر بالصلاة وقال: (وأقيموا الصلاة) وأمر بإيتاء الزكاة وقال: (وأتوا الزكاة) وأمر بصيام رمضان وقال: (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم) وكما أمر بهذه الفرائض أمر الأمة بالوحدة والاعتصام بحبله، ومعنى الاعتصام بحبله أن تكون الأمه أمة واحدة لا حدود لها يحكمها حاكم واحد، ورايتها راية واحدة، هذا ما جاء به الإسلام بقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا) ففي هذه الآية أمر بالوحدة ونهي عن التفرُّق والاختلاف، وبيّن جل وعلا أن هذا التفرُّق والاختلاف هو سبيل للفشل فقال: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) أي فشلها في ما بينها، فلا أخوّة ولا ارتباط فيما بينها، وبالتالي يؤدي ذلك إلى التناحر والاختلاف والتقاتل فيما بينها (تذهب ريحكم) أي لا أحد يخشى من هذه الأمة بعد ذلك وهذا ما نلاحظه اليوم ونشاهده رأي العين، فبعد أن كانت أمتنا الإسلامية حدودها الصين شرقاً ومن الغرب إلى حدود فرنسا حتى كان الخليفة المسلم يقول: أمطري أين ما شئتي فإن خراجك سيأتي إليّ، هذه الأمة التي كان يهابها الأعداء في ذلك الوقت صارت اليوم لما اختلفت وتفرّقت لا شأن لها ولا قيمة.
لذا فالذي يدعو إلى الانفصال يخالف أمر الله عزّ وجل ولا يقف عند حدود الله تبارك وتعالى الذي نهى عن التفرُّق وهو يدعو للتفرُّق، والذي يدعو إلى الانفصال يدعو إلى التناحر والقتال والجميع يعلم ما جرى من حروب بين أبناء الوطن عندما كان اليمن يمنين والتي كان سببها وجود الحدود الجغرافية فيما بينهم؛ ولما كان الأمر كذلك يجب على الأمة أن تعتصم بحبل الله تعالى، ولا يجوز الدعوة إلى الانفصال، والذي يدعو إلى الانفصال هو داعٍ من دعاة جهنم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثاء جهنم) وقد جعل الإسلام من دعوات الجاهلية الدعوة إلى العصبية، وأية عصبية أعظم من أن أقول: «أنا جنوبي، وأنت شمالي، وأية عصبية أعظم من أن أقول هذه حدودي وتلك حدودك، أية عصبية أعظم من أن يعامل بعضنا بعضاً كأجانب» كل ذلك عصبيات.
ومن دعا إلى الانفصال فإنه يدعو إلى عصبية، وليس منا من دعا إلى عصبية كما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام، وكما قال عليه الصلاة والسلام: (من مات وهو يدعو إلى عصبية فليس منا) وقد برئ الرسول صلى عليه وسلم من دعوات العصبية الجاهلية بقوله: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!) وقال: (دعوها فإنها منتنة) وكل ما كان من هذه الدعوات فقد وضعها الرسول عليه الصلاة والسلام تحت قدميه.
دعوات جاهلية
ويضيف: فأنا أربأ بإخواننا في الجنوب أن يدعوا إلى هذه الدعوات الجاهلية، كما أربأ بمن ينتسب إلى العلم وهذا الكلام موجه إليه وهو يعلم هذه النصوص ويعلم أن هذه الدعوات هي دعوات جاهلية ويعلم قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ومن دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثاء جهنم) فنربأ بهم أن يكونوا من دعاة الجاهلية، ونطلب منهم أن يدعوا إلى الوحدة والاعتصام، وألا يدعوا إلى تفرُّق الأمة واختلافها وتنازعها.
وهناك من يقول: أنا حينما أطالب بالانفصال فأنا لا أخرج عن دولة عمر بن الخطاب، ولا دولة عمر بن عبدالعزيز ولا نحو ذلك، ونحن نقول له: وأنت لا يمكن أن تنشئ دولة عمر بن الخطاب ولا دولة عمر بن عبدالعزيز، فأي دولة ستنشئونها ستكون على غرار الدول الموجودة في وقتنا الحالي، ولن تختلف هذه الدولة التي تريدون إنشاءها في الجنوب عن دولة الشمال، ولا يختلف حاكمها عن الموجودين، ولا يمكن أن تأتي بشخص على غرار عمر بن الخطاب أو عمر بن عبدالعزيز ولا حتى على غرار صلاح الدين وأشباه هؤلاء، والذي ترفع صوره اليوم هو علي سالم البيض؛ ذلك الرجل الذي تلطخّت يداه بدماء شعبه في الجنوب عندما كان حاكماً، فأي اختلاف إن لم يكن الأمر أسوأ من الحكام في الشمال؛ فلا أقل أن يكونوا مثلهم، أما أن يأتي من هو أصلح منهم فالأمر فيه نظر.
أطالب إخواننا في الجنوب ألا يكونوا دعاة عصبية ودعاة جاهلية، وأن يكونوا دعاة خير، ونحن نعترف أنه وقع على إخواننا ظلم، ولذا يجب رفع ذلك الظلم؛ لكن ليس للوحدة أي ذنب في وقوع ذلك الظلم.
والحقيقة أن الظلم قد وقع ليس على أهل الجنوب فقط بل وقع هذا الظلم على الجميع، انظروا إلى «المهمّشين» في طول البلاد وعرضها من تهامة وغيرها والذين يسكنون أكواخاً وأقل من ذلك بل إن بعضهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فعلى الجميع أن يتكاتفوا على رفع هذا الظلم، وعلينا أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا، ونتعاون على البر والتقوى، ولا نتعاون على الإثم والعدوان.
سبب الضعف
الشيخ الدكتور أمين علي مقبل، عميد كلية الشريعة في جامعة الإيمان قال:
الوحدة بين المسلمين فريضة شرعية؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا) فقوله «واعتصموا» أمر بالالتزام بالإسلام مجتمعين غير متفرّقين، ثم لم يكتفِ بالأمر بالاعتصام مجتمعين؛ بل أكد ذلك بقوله «ولا تفرّقوا» فأمر بالاجتماع ونهى عن التفرُّق، ثم إنه أكد هذا النهي بما يدلُّ على أن التفرُّق من الكبائر في الآية التي تليها بقوله عز وجل: (ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وأولئك لهم عذاب عظيم) فقضية الوحدة ليست أمراً خفياً في الشريعة، ويقول ربنا تبارك وتعالى مبرئاً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يكون من المتفرقين: (إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء) وأقل هذا يدل على التحريم إن لم يدلُّ على الردة والعياذ بالله .. والتفرُّق سبب الضعف كما قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) أي تذهب هيبتكم، فالفشل هو الضعف وذهاب الريح ذهاب القوة والهيبة من صدور الأعداء، ثم بيّن الله سبحانه وتعالى في أية أخرى أن الكفّار يجتمعون علينا، وإن لم نفعل ذلك يحصل الفساد الكبير، يقول تعالى في سورة «الأنفال»: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) أي إن لم يوالي بعضكم بعضاً وتكونوا يداً واحدة وأصحاب كلمة واحدة يحصل هذا الفساد الكبير في الأرض، وواقع المسلمين اليوم يحكي هذا الفساد من تسلُّط الأعداء عليهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم، والاستيلاء على بعض دولهم وأقطارهم، واستضعاف البقية، فالمسلمون بسبب تفرُّقهم ضعفاء، ولو كانوا وحدة واحدة لكان لهم أكبر هيبة في العالم.
وحدة واحدة
ونحن في اليمن إذا كان قد منَّ الله علينا بالوحدة بين الشطرين «الشمالي الجنوبي» بعودتهما إلى الأصل وهو بلد واحد؛ فإن من يدعو إلى التمزُّق فلا شك أنه يدعو إلى جريمة تخالف الشريعة؛ بل إن الشريعة تدعو إلى ضم جميع أقطار العالم الإسلامي في دولة واحدة، وهذا يريد أن يمزّق جزءاً قد اجتمع، فلا يحل هذا الفعل وهو نوع من النصر للأعداء والإضعاف للمسلمين ومخالفة لأمر الله ورسوله..وبالنسبة لمن يدعو إلى الانفصال فإن كان عنده تديُّن فإن نصوص الكتاب والسنّة تكفيه لأن يحرص على هذا المبدأ ويدعو إليه ويكافح لنصرته وبقائه؛ ومن ذلك في السنّة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم).
فقضية وحدة المسلمين دين في القرآن والسنّة؛ بل شعائر الإسلام تدل على أن المسلمين وحدة واحدة، فالصيام في يوم واحد، والحج للمسلمين في يوم واحد، والإسلام يدعو إلى الجماعة في صلاة الجمعة في كل أسبوع، والأعياد تمثيلاً لوحدة المسلمين واجتماع كلمتهم، وأن الذي يدعو إلى التمزيق لا شك أنه يدعو إلى جريمة ومعصية ظاهرة.
أعظم فريضة
وأضاف الشيخ مقبل قائلاً:
الله سبحانه وتعالى فرض العدل على الناس أجمعين، وتعتبر أعظم فريضة على من له سلطان، فعلى الأب أن يعدل بين أبنائه وبين زوجاته، وعلى القاضي أن يعدل في حكمه، وعلى ذي السلطان أن يعدل برفع جميع المظالم وبتسوية الناس في الحقوق كما يستوون في الواجبات، ويجب أن يكون الحق مبذولاً لكل مطالب بحق، وأن يكون الظلم مرفوعاً عن كل مطالب برفع ظلم سواء كان في شمال الوطن أم في جنوبه، وفي شرقه أو في غربه، فرفع المظالم فريضة.
وفي الحقيقة فإن النظام السابق قد ظلم الجميع في الشمال والجنوب، فإذا كان الظلم قد زاد في جنوب البلاد؛ فإن هذا لا يبرّر الدعوة إلى الانفصال، فالوحدة فريضة، والدعوة إلى الانفصال جريمة، ورفع الظلم فرض شرعي في كل أقطار البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.