العليمي يناقش مع الرئيس المصري التطورات الراهنة في منطقتي البحر الأحمر وخليج عدن مميز    ظلام دامس يلف وادي حضرموت: خروج توربين بترومسيلة للصيانة    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    أسماء من العيار الثقيل.. استقطاب اللاعبين بالدوري السعودي ترفض طلبات للأندية للتوقيع مع لاعبين لهذا السبب!    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    طفل يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل قاعة الامتحانات.. لسبب غريب    الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة مأرب (فيديو)    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    رئيس الاتحاد العام للكونغ فو يؤكد ... واجب الشركات والمؤسسات الوطنية ضروري لدعم الشباب والرياضة    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأغنية الوطنية.. في موكب الوحدة

في كل ثورات العالم وقضاياه الإنسانية والوطنية كان للأغنية مكانها وموقعها, المؤثر في حركة الجماهير المتطلعة, بل هي قد تسبق الأحداث وتتنبأ بها لتحققها أولاً في القلوب والأفئدة, قبل أن تكون واقعاً معيشاً, والإنسان اليمني بفطرته مبدع لكل أنواع الفنون وأشكالها، جسد ذلك في مهاجله وزوامله وأشعاره المغناة، لذا رافقت الأغنية كل منعطفات النضال، رافقت أيام الثور ات اليمنية المختلفة، رافقت إرهاصات الوحدة وأثنائها ومابعدها، ومازالت إلى اليوم تبدع وتستحث المشاعر والقلوب للاصطفاف، ضد كل ما يعترض مسيرة الوطن من مشكلات وأزمات، تريد تمزيقه وتشتيته من جديد..
ومن المعروف أن الأغنية الوطنية سرعان ما تجد طريقها إلى المتلقي فتنتشر انتشاراً واسعاً، وهذا ما يميزها عن غيرها، فهي ليست حكراً لشريحة معينة أو فصيلاً معيناً من الناس، أحزاباً أو جماعات، إنما هي للناس كافة، كلٌ يقرأ فيها ما يفهمه عن الوطن وقضاياه ومبادئه وقيمه، وقد وجدت أغان وأناشيد ما زالت إلى اليوم تتردد على الرغم من وجود مستجدات جديدة وأمور فرضتها السياسة أكثر من أي شيء آخر..
بدايات
فمنذ بدايات القرن العشرين وجد اليمني نفسه مكبلاً بقيود كثيرة, فرضها الاستعمار, وصنعتها الإمامة من جهل ومرض وأمية وبعد عن المدنية وأسباب الحضارة والتواصل مع العالم, فوجدت الخطط والمؤامرات أن يظل الشعب اليمني مفككاً وممزقاً, تتناوشه النزاعات والقلاقل, وتعتوره الحروب والمشكلات, وتنال منه العصبيات والنعرات القبلية والمناطقية, مثل قضية “عدن للعدنيين” التي صنعها المستعمر ذريعة لكي يستمر بالتحكم في أفضل مؤانئ العالم, وغير ذلك من المشاريع التي أريد منها إبعاد اليمنيين عن يمنيتهم ووحدتهم واستعادة مجدهم وحضارتهم.
بساطة
ورغم كل ذلك بقيت اليمن هي القلب النابض والهدف الأسمى لنضالات الثوار وتضحياتهم الغالية, نجد ذلك كمثال واضح في الاغاني الوطنية, والتي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي, والتي تفاعلت معها الجموع لبساطة كلماتها وقرب ألحانها إلى الآذان المتشوقة للحرية واسترداد الكرامة والحقوق المسلوبة.. فنجد هناك نوعاً من التشوق والتذكير بالوحدة مثل:
“عدن وصنعاء عواصم والبعد مش ساعتين
كرامة الشعب ترفض أن اليمن دولتين”
فهناك نوع من الحب لهذه الارض الممتدة في القلب أولاً, فلذكرها قدسية, والعيش في كنف أبجديتها حياة أخرى بدايتها الحلم ونهايتها الحلم أيضاً, فالبيت السابق هو من أغنية تعد من أجمل الأغاني الوطنية, وهي من رائعة محمد عطروش, من كلمات أحمد سيف ثابت, التي جسدت آمال وتطلعات الشعب اليمني نحو التوحد والتجمع من جديد فهو الحب الذي دعاه لا غير وهو يشارك في ذكرى الثورة المجيدة:
ذا حب صنعاء دعاني
أقضي بها ليلتين
أعيش أفراح أيلول
الرمز للثورتين
يا ليت يا طير تسرح من عدن للعدين
ولا حواجز بتسال لا وين وإلا منين
فهو التمني أن تنتهي كل الحواجز التي كانت تقف أمام التقاء اليمنيين وتجمعهم وإزالة عوامل التوتر والخوف حين يفكر أحدهم بالقدوم إلى الشمال أو العكس..
ذاهبون
ومن أغاني عطروش الخالدة أيضاً أغنية “ذاهبون” والتي فيها الارتماء للحضن الدافئ، الذي فيها إحساس الانتماء، وأن العودة لا بد منها فهناك ظمأ يبحث عن ارتواء، وفراق يتشوق للالتقاء من غير موعد إلا موعد القدر نفسه:
ذاهبون .. إلى آية ملكنا..
وليس لما سوف يكتبه النرد في شأننا..
أو تشير اليه الحظوظ .. لنا
ظمأ الشمس للأفق عنواننا
والشظايا التي للضحى دربنا
ومنذ انبثاق الهوى.. والهوى حبنا
ودرب لنا
واعتناق المنون لصهر الوجود وجود لنا
حضن
ومن الفنانين الذين تغنوا باليمن قبل الوحدة, ونشدوا التوحد حسن محمد فقيه، فالأم هي اليمن, وستظل حضناً دافئاً نعود إليه كلما اشتدت بنا المحن:
اليمن يا أم يا أغلى وطن
صنعاء سبتمبر واكتوبر عدن
معبودة انت وشعبك مفتتن
سيظل يهتف لليمن نفسي فداك يايمن..
تاج النهار
عبد الفتاح إسماعيل أو ذو يزن المحب للأرض والإنسان, تغنى للأرض والفلاح البسيط للارتماء في حضن الطبيعة كرومانسي محب بلغة فيها من الحنين للوصال, ففي اغنية “تاج النهار” الأكثر من رائعة والتي تغنى بها محمد مرشد ناجي, نجد الثورية والإصرار على تحقيق الهدف مهما كانت التضحيات, وباسلوب جذاب كانت للأغنية وقعها الجميل وفيها:
بكرت غبش عاد الصباح ما حنش
قدام ضباب نصف الطريق ما بنش
فوقي نكاب جنبي ضياح موهنش
عاد الصباح يولد ونوره ما شنش
مخلف صعيب لكن قليبي ماهنش
مهما توجع في هواك ماانش
* * * * * *
شوق الصباح اشراقته شجونك
يمحي الغسق يمحي الضباب حنينك
تاج النهار ويعكسه جبينك
الهام أحلامي بريق عيونك
يابلادي
ومحمد مرشد ناجي يعد من أكثر الفنانين الذين تغنوا بالوطن وقضاياه ، والتي نجد فيها الشجن والحنين الواضح لعناق اليمنيين، ومن أجمل الأغاني أغنية “يا بلادي‏” وهي من كلمات الشاعر الرقيق لطفي جعفر أمان، والتي جاءت من غير المتوقع، فهي قصيدة قوية وهادرة، زادتها جلالاً قافية الباء الفخمة، إذ يقول فيها:
يا بلادي يا نداء هادراً يعصف بي
يا بلادي يا ثرى ابني وجدي وأبي
يا كنوزاً لا تساويها كنوز الذهب
اقفزي من قمة الطود لأعلى الشهب
يا بلادي كلما أبصرت شمسان الأبي
شاهقاً في كبرياء حرة لم تغلب
صحت يا للمجد في أسمى معاني الرتب
يا لصنعاء انتفاضات صدى في يثرب
فنلاحظ أن العروبة فيها واضحة، والقومية ظاهرة، فهناك تطلع للتحرر والتغيير، لن يشمل صنعاء وعدن قلبي اليمن، بل سيشمل كل الأرض العربية كما حلم الشاعر وتغنى الفنان بصوته الهادر..
أضحوكة المباسم
ومن الأغاني التي نحس فيها البساطة في الكلمات والألحان الراتقة البديعة, أغنية محمد عبده زيدي والتي غناها أيضاً محمد عطروش, والتي قيها أكبر تجسيد للروح اليمنية الباحثة عن الخلاص وفيها من التصوير والتجسيد فغدت اليمن كأنها فتاة فاتنة لها من المحاسن الكثير:

يا جميلة والظفائر *** تبن وحسان
يا كحيلة والحواجب *** مخا وعمران
يا كعيبة والكواعب *** صبر وشمسان
يا ضحوكة والمباسم *** تعز وبيحان
يا فاتنة والمفاتن *** واحة تبن والمشنه
فهي آية للحسن والجمال, معدداً مناطق الحسن فيها والخضرة والوجه الحسن كماقيل, ولم لا وهو ينتقل بك من شمسان وتبن وإب وحسان وهي المناطق التي تشكل تداخلاً عذباً في الفن والإبداع الإلهي..
ريح الشروق
هي رائعة الشاعر الغنائي د.سعيد الشيباني الذي افتتن باليمن ومناطقها الأثيرة في القلب, فتعد «ريح الشروق» ملحمة يمانية بامتياز, ففيها ذكر الكثر من المناطق موزعاً القافية وكأنه ينشد التنوع وأن هناك خيطاً رفيعاً يجمع اليمنيين وهو الحب, وقد أبدع في غنائها الفنان فرسان خليفة ومنها:
ريح الشروق ما جزعك الأعروق
قد لي سنة من الحبيب مفروق
مع البروق وشوق قلبي محروق
هيجت أشجاني والقلب مشقوق
* * *
مريت أنا أمشي على دمنتين
دمنة ((خدير)) ودمنة ((النخلتين))
ودعت ((قراض)) و ((والراهده)) مرتين
ودعت أحبابي على دمعتين
وزعت قلبي مائه أو مائتين
على ((حراز)) على قرى ((الحيمتين))
شعبي هو أحبابي ولي منيتين
ترك السلاح وبسمة المقلتين
شعبي انتبه وأنت أمام فتنتين
الإنجليز والرجعية فتنتين
من ذا يحقق لي ولو رغبتين
حب الحياة ووحدة القبلتين
ثنائيان
أما الشاعر عبدالله عبدالكريم والفنان الراحل طه فارع اللذان شكلا ثنائياً جميلاً ومبدعاً, فلهما من الأغنيات الكثير, التي نشدا فيها الوحدة, فكان فيها من القوة وصدق المشاعر وتأكيد الرغبة وحقيقة الحلم الوحدوي للشاعر والفنان, ولا يتسع هذا الحيز المتاح لتناول إبداعاتهم التي تغنى بها طه فارع وتغنت معه كل الجماهير بها وتعايش معه حتى أشرقت شمس نهاره الساطعة وفي يوم الثلاثاء الموافق الثاني والعشرين من مايو 1990م ورفرفت رايته الوحدوية في سماء مدينة عدن الباسلة ليعلن للعالم عن ميلاد وطن جديد في ضحى هذا اليوم المجيد:
هلا بالبهجة علينا والهنا
ياسعد هذا الشعب حققنا المنى
عيد وحدتنا لنا ميلاد جديد
مرحباً بوحدة الشعب المجيد
بلدنا نورت
ومن أجمل الاغاني التي أغنيت لعبدالله عبدالكريم “والله بلدنا نورت” والتي غناها محمد عبده زيدي وفيها:
والله بلدنا نورت
في عيد ثورتنا المجيد
والفرحة عمت
وانجلت
مبروك علينا كل عيد
يافلاحين
يازارعين
في الأرض ثمرات الكفاح
والله بلدنا نورت
هتافات
وهكذا نلاحظ بأن التغني وترديد الأناشيد والاهازيج في سفر الوحدة وموكبها, كان ومازال نبض كل الشعراء والفنانين ، فهي الميلاد والبشارة واليوم الذي تحققت فيه اغلى الأماني ،وسنظل نهتف ونردد كما هتف الشاعر المحضار والفنان القدير عبدالرحمن الحداد في هذه الانشودة عن هذا اليوم المجيد:
مايو وفي الثاني والعشرين منه
ياشعبنا حققت أغلى الأماني
وبنيت فوق الجنتين ألف جنة
وجنيت بالوحدة أحلى المجاني
ياشعبنا لك بانزف التهاني
لانك تريد العز ماتقبل الهون
وحدة وبالوحدة لنا النصر مضمون
حافظ على الوحدة بيسري ويمني
أيوب
ويجدر بنا هنا أن نتوقف في حضرة الفضول وأيوب, اللذين يعدان من أجمل من تغنى للوحدة وبشر بها, بل وحلما حلمهما, إذ ماتزال أصداء أغنياتهما إلى اليوم تتردد, ومايميز هذه التجرية أنها كانت لشعراء عديدين أيضاً من الشمال والجنوب.. ففي شمس الثاني والعشرين من مايو 1990م رائعة الشاعر أحمد الجابري:
لمن كل هذه القناديل تضوي لمن
وهذه المواويل في العرس تشدو لمن
هل الأرض عاد لها ذو يزن
وعاد الزمان وعادت عدن
ياسموات بلادي
ومن أجمل الأناشيد «يا سماوات بلادي» والتي أبدع فيها الفضول شعراً وتألق أيوب بها لحناً وأداءً يأخذ الألباب , يجد القارئ أو المستمع لها من البداية وحتى النهاية أن القصيدة تعبق باليمن الطبيعية ووحدته التي أكد تحققها كواقع معاش قبل قيامها بعقود والتي جاء فيها:
يا سموات بلادي باركينا
وهبينا كل رشد ودعينا
نجعل الحق على الأرض مكينا
هاهنا نحن وقد وحدنا وطنا
أصبح منا أثمنا
وغدت أصقاعه معبدنا
لا ولن نعبد فيها وثنا
أو يرى نخاس أرض أننا
نأخذ الدنيا ونعطي اليمنا
أربعينياتنا فيها رفضنا
وضحى سبتمبر فيها رفضنا
أربعينياتنا فيها رفضنا
وضحى أكتوبر فيها رفضنا
ومدى السبعين يوماً قد رفضنا
خيوط الشمس
فالوحدة في فكر وضمير الفضول هي النشيد الرائع الذي يملأ النفس, وهي عهد عالق بكل ذمة فرض عين، وعليه فكل من سعى لتحقيقها فقد أبرأ ذمته وكذلك من يحافظ عليها فقد أبرأ ذمته أيضاً.
ثم يؤكد أن راية اليمن الموحد هي نسيج حالكة من كل شمس من خيوط الشمس ولذلك ستظل هذه الراية خالدة وخفاقة للأبد.. ومعاً نردد:
ليس منا أبداً من مزقا
ليس منا أبداً من فرقا
ليس منا أبداً من يسكب النار في أزهارنا كي تحرقا
وحدتي ..... وحدتي
يانشيداً رائعاً يملاُ نفسي
أنت عهدُ عالق في كل ذمة
رايتي .......رايتي
يانسيجاً حكته من كل شمس
أخلدي خافقة في كل قمة
هذه يومي
ومن أجمل الأغاني “هذه يومي” والتي كتبها الفضول بعد توقيع اتفاقية 30/مارس 79م في الكويت بشأن الوحدة اليمنية خاصة بعد الاتفاق على دستور دولة الوحدة, فلم تسع الدنيا قلب الفضول فجهز قصيدة ليوم الوحدة القادم لامحالة والتي قال فيها:-
هذه يومي فسيروا في ضحاها
فالضحى أشرق منها واكتساها
ونسجنا شمسها ألوية
تحتها صارت خُطانا تتباهى
واتى الخير إلى هامتنا
لاثماً منا أنوفاً وجباها
واستعار المجد من قاماتنا
قامة لم يُعطه طولاً سواها
إنه يوم عطائي
فيه أغنيت تأريخي حياة ووجودا
وبه مارست جردي وأطعت
سماحاتي وبريت الجدودا
وبه مديت كفي وألحمت
شطرى وحطمت القيودا
في الثاني والعشرين من مايو عام1990م وضع اليمن حداً لمعاناته بتحقيق الوحدة اليمنية المباركة.. فهذا اليوم الخالد ليس ككل الأيام، إنه يوم ترجم فعلياً أحلام وطموحات الشعب اليمني الذي ظلّت تراوده على مدى زمن طويل، جاءت الوحدة اليمنية مبشّرة بعهد جديد وحاملة مشاعل الحرية والتحديث والتقدم، وقد سارت الوحدة بخطى حثيثة في هذا المضمار.
ولن نحصي هنا محاسن هذه الوحدة وفضائلها وايجابياتها فهذا أمر يطول كثيراً، لكننا سنسجل هنا دور الشعر في مواكبة هذا الحدث العظيم، ونقصد بالشعر هنا الشعر الغنائي الذي ترجم طموحات وأفراح الشعب اليمني من أقصى الوطن إلى أقصاه، كيف تغنّى بهذا الحدث، وكيف صوّر أفراح الشعب وتفاعله مع هذا اليوم المدوّن بأحرف من نور في ذاكرة الزمن..
فقبل الوحدة بسنوات كان الكثيرون من الشعراء والأدباء يحلمون بتوحيد الوطن المشطور، يحلمون بمجيء يوم يلتحم فيه الجسد المشطور ليصير جسماً واحداً أكثر قوة وصلابة.. فلم يكن بوسع الشعراء في ذلك الحين سوى العزف على أوتار الأماني والأحلام بتحقيق وحدة الوطن اليمني الكبير إلى أن جاء اليوم الذي تصبح فيه الأحلام والأماني حقائق ساطعة تملأ الدنيا نوراً وإشراقاً.. وستكون بدايتنا في هذا الطواف الوحدوي الجميل مع الشاعر عباس الديلمي الذي كان واحداً ممن تغنّوا بالوحدة في وقت مبكر حينما سلّم باكورة أعماله الوطنية للفنان القدير أيوب طارش.. فقد كانت قصيدة “موكب التحرير” التي لحنها وغناها الفنان أيوب طارش واحدة من الإضاءات الوحدوية المتفائلة.. والذي يقول مقطع منها:
موكب التحرير ألّفت القلوبا
وتوحّدنا شمالاً وجنوبا
وفتحنا لسنا العلم الدروبا
نلاحظ أن الشاعر انصهر مع هذا الحدث وذاب فيه من خلال استخدامه للفعل الماضي “توحّدنا” وكأنه يعيش هذا الجو، مع أن الوحدة في ذلك الوقت لم تكن بشكلها الطبيعي التي هي عليه الآن.. ومع ذلك وصل به التفاؤل حد الاندماج مع الحدث وكأنه حقيقة واقعة وليس مجرد حلم يومض في الذهن والوجدان.
المقطع سالف الذكر كان في عام1972م حينما كانت الوحدة بين شطري الوطن حلماً بعيداً أو ضرباً من المستحيل.. لذا ظل حلم الوحدة هاجساً جميلاً يداعب نفوس الشعراء.. قصيدة “موكب التحرير” التي شدا بها فناننا القدير أيوب طارش كانت بداية عباس الديلمي، لكنه واصل فرحه بزحف موكبه الوحدوي من خلال قصائد أخرى تحمل نَفَسَاً مميزاً ومضموناً واحداً وهو الوطن.
الجميل في قصيدة عباس الديلمي هذه وغيرها والتي تغنت بالوحدة في وقت مبكر هو ترجمة إصراره على أن يجعل الوطن المشطور موحّداً.. ويجب أن يتكيّف ويتعايش مع هذا الإحساس المتفائل في وقت كان يعيش فيه الوطن أحلك ظروف التشطير.. ولذلك جاءت قصائد كثيرة لعباس الديلمي ولغيره من الشعراء في ذلك الوقت لتكون إضاءة مشرقة في ليل بهيم ملفوف بالقتامة والسواد.. فيقول عباس الديلمي في قصيدة أخرى:-
زرعنا الحب ورداً
في ظلال البن للأحفاد
فلن يغرب لوحدتنا
ضياءٌ أشعل الأجداد
ولن تحجب مشاعلنا
سحابٌ تحمل الأحقاد
فنحن الحب نحن الحرب
نحن السلم يا أمجاد
- ويقول في قصيدة “البناء والصمود:
كلّ قلبٍ صار يشدو طربا
لعناقٍ ضمّ أبناء سبا
وعلت زغرودة الأم لمن
لم يعد عن شعبه مغترباً
وهكذا ظل إحساس شاعرنا بالوحدة وبالتحام الوطن المشطور في نمو وفي تصاعد مستمر، فعبّر عنه بأسلوب فريد وبديع.. ففي قصيدته “ترانيم وحدوية” رسم خارطة اليمن الواحد، ووزّع الفرح والخير والانتصار على كل جزء فيه وأوجد تمازجاً بين المناطق اليمنية ليؤكد واحدية هذا الوطن الذي لا يقبل التجزئة والتشطير.. فيقول:
مثلما النهج واحد
واليمن واحدة
قد جمعنا السواعد
والقوى الواعدة
نبتني مجد خالد
راسخ القاعدة
وامتلك شعب صامد
تجربة رائدة
**
عانقي كرم صنعاء
يا نوارس عدن
بين أفراح عاشق
بالعشق اقترن
بعد أشواق كانت
همّهم والشجن
قد جمع بينهم
بالخير حب اليمن
**
لا رجع عهد ولّى
جرّ خزيه وسار
ما على الحر يملأ
من عدوّه قرار
فافخري يا مكلا
واشمخي يا ذمار
ها هي اليوم تُتلى
آية الانتصار
أعتقد أن الحس الوطني قد ضجّ واشتعل في أعماق أكثر من شاعر يمني, لأن الوحدة اليمنية كانت الهاجس الجميل الذي يطوف مخيّلة ووجدان معظم شعراء الأغنية الوطنية, فهذا الشاعر المبدع (لطفي جعفر أمان) لم يخفِ مشاعره الوحدوية فكان أن صاغ هذه القصيدة الغنائية التي لحّنها وغنّاها الفنان (محمد مرشد ناجي):
هات يدك على يدّي
تعاهدني وأعاهدك
وأكون لكْ على ودّي
وتكون ليْ على ودّك
هات يدّك على يدّي
كان الجميع يرى أن في الوحدة القوة والعزة والكرامة وتحقيق التطلعات والأمنيات الصغيرة والكبيرة على حد سواء.. ويمضي قائلاً:-
هات يدّك أقسم لك
ببلادي وتقسم لي
با تكون لي وأكون لك
أخلص لك وتخلص لي
هات يدك على يدي
آمالك ترويني
وجراحك تجرحني
وشجونك تشجيني
وسعادتك تسعدني
هات يدك على يدّي
إلى أن يصل إلى بيت القصيد فيقول:
آلامنا وآمالنا
تواسينا وتجمعنا
هات يدك وعاهدنا
قوتنا في وحدتنا
هات يدك على يدي
وفي غمرة هذا الفرح العظيم لابد أن نمر على شاعرنا المبدع الأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان صاحب الرصيد الضخم من الأغاني الوطنية التي واكبت العديد من الأحداث والمناسبات الوطنية المختلفة.. وسنقف عند واحدة من هذه القصائد على اعتبار أنها على صلة بما نحن فيه من فرح بيوم الوحدة الخالد وهي القصيدة ذائعة الصيت “رددي أيتها الدنيا نشيدي” والتي يقول في مقطع منها:
وحدتي. وحدتي . يا نشيداً رائعاً يملأ نفسي
أنت عهدٌ عالق في كل ذمّة
رايتي.. رايتي.. يا نسيجاً حكته من كلّ شمس.
اخلدي خافقة في كل قمّة
فهذة واحدة من قصائد حماسية ووطنية عديدة كتبها الشاعر الفذ عبدالله عبدالوهاب نعمان، وقد كانت عبارة عن تنبؤ مبكر بالوحدة اليمنية.. فقد كانت حلماً كبيراً احتل مساحة وجدان الشاعر كلها.. وظل صدى هذا الحلم يتردد في أعماق الشاعر ويهفو ليوم التحقق.. لقد كان الفضول واحداً من أبرز الشعراء الذين تغنوا بوحدة اليمن الطبيعه عبر العديد من قصائده الحماسية وملاحمه الوطنية والتي لا يخلو معظمها من إشارة للوحدة ولكنها إشارة أبلغ من عبارة كما يقولون.. وليت الفضول اليوم في عداد الأحياء ليرى حلمه الذي تغنّى به زمناً طويلاً كيف صار اليوم حقيقة ساطعة تملأ سمع الزمان وبصره، لقد كان الفضول رائعاً في رسم صورة جميلة الملامح لهذا الحدث العظيم، وكان موفقاً حينما اختار الفنان الكبير أيوب طارش ليقوم بتلحين وغناء ملاحمه الوطنية الخالدة التي أضفى عليها أيوب بُعداً جمالياً آخر إضافة إلى ماهي عليه.. فأكسبها أيوب ثوباً قشيباً أكسبها الخلود والعظمة..
فعند سماعنا لأيوب وهو يشدو برائعته الوحدوية “رددي أيتها الدنيا نشيدي” وغيرها يتملكنا إحساس بالزهو والنشوة والعظمة ويجعلنا نتلاحم مع هذا الحدث ونذوب فيه بعد أن كان حلماً بعيد المنال وصعب التحقق.. فقد كانت الوحدة بالنسبة للفضول نشيداً مقدّساً مكتوباً في القلب بأحرف من نور.
يملأ النفس والوجدان روعة ونشوة وإحساساً عارماً بالفرح ليس له حدود، كان الفضول يرى أن الوحدة عهد وحلم استوطن القلوب والمُهج والنفوس فيحق له أن يُسرف في وصفه والتغني به على اعتبار أنه من أهم الأحلام ومن أكبر الطموحات التي تراكمت - وعلى مدى عهود طويلة – في وجدانات الناس وأذهانهم.. فعندما يشدو أيوب طارش بأغانيه الوطنية تلك – والتي يصعب حصرها وجمعها في هذه العجالة – يفجّر فينا طاقة من الإحساس الوطني والتي ظلت حبيسة الأعماق ومكبونة سنوات طويلة ..جاء يوم الوحدة ونبتت في كل أرجاء الوطن اليمني الكبير آلاف الزهرات والورود العابقة بشذى الوحدة الفوّاح الذي عطّر حياتنا وأيامنا بالأمل والفرح والتفاؤل بعهد جديد سيكفل لنا الخير والنماء والتقدم.. عندما تحققت الوحدة اليمنية زغردنا طويلاً ومازلنا لكن الشعراء والفنانين والمبدعين كانوا أسبق من الجميع في التعبير عن هذا الفرح من خلال قصائدهم وأغانيهم وكتاباتهم، ولم ينته الفرح عند هذا الحد بل خلال العقد المنصرم من عمر الوحدة اليمنية المباركة ظلت قرائح الشعراء تجود بجميل ما لديها.. ففي كل عام نطالع قصيدة هنا وقصيدة هناك، أغنية هنا وأغنية هناك.
وهذا يعني أن تحقق الوحدة جعل حياتنا فرحاً موصولاً دائماً ومستمراً لا ينقطع.. وعودة إلى الفضول نقول: إن تكراره لكلمة “وحدة” مرتين في المقطع السالف الذكر جاء ليؤكد أهمية الوحدة في تحقيق العدل والمساواة والنماء والعزة والتقدم لأبناء هذا الوطن السعيد بوحدته.. وعودة إلى الفنان أيوب طارش نقول: أنه استطاع أن يترجم مشاعره الوحدوية من خلال تلحينه لكثير من القصائد, فقد تعامل مع كثير من الشعراء.. وغنى قصيدة غنائية لشاعر لا يحضرني اسمه في هذه اللحظة.. يقول مقطع من هذه القصيدة:
يوم كنت جاهل تجرّعت الأمَر
من غاب قالوا عدن شلّت نَفَر
واليوم شبّيت وعلّمني البصر
أن اليمن واحدٌ بحرٌ وبر
إلى أن يقول:
غنّيت أنا رأس عيبان الصمود
للأرض للشعب وللوحدة الخلود
وأبصرت ردفان يحلف ما يعود
الشعب شعبين ولا نقبل حدود
لقد عبّرت هذه الملحمة الغنائية عن واحدية اليمن أرضاً وإنساناً، وأن مسالة التقسيم والتجزئة مرفوضة وغير مقبولة ليس من الشعب فحسب بل حتى المكان المتمثل في الجبل والسهل والوادي كلها تتمنى الالتحام الذي يرمز للقوة.
ويواصل الفنان القدير أيوب طارش تغريده الوحدوي الذي يملأ الآفاق فرحاً وابتساماُ وأملأ بسّاماً فيصدح لأحد شعرائنا بهذا المقطع:
صنعاء سمعي وعدن
في عيوني بصري
وفؤادي نذرته
لاتحادي الأكبرِ
إلى أن يقول:
فابتسم يا ثغر حقّات
وارتشف من عين مارب
واسكب الكاسات”.....”
وأدرها للحبايب
والفنان اليمني القدير محمد علي ميسري غنّى للوحدة أغاني كثيرة وجميلة بل أنه أول فنان يمني يغني للوحدة في عام 1967م هذه الأغنية التي كتب كلماتها ولحنها ونختار منها هذا المقطع:
غنّي يا عدن الثورة
زُفّي لنا أجمل صورة
غنّي يا عدن الثورة
وهنّي وحدتنا الكبرى
غنّي يا صنعاء يا بلادي
غنّي لأجمل واحلى أعيادي
غنّي غنّي غنّي وهنّي
يا عدن الثورة
ولأحد شعرائنا الأجلاء غنى الفنان محمد مرشد ناجي في بداية عقد التسعينيات, أي بعد الوحدة مباشرة أغنيته الوحدوية “يا سهيل اليمن” منها هذا المقطع:
وحدتك عزّتك
وحدتك منعتك
مهما حاموا اللئام
المطر شا يشُن
فرغم قصر هذا المقطع إلا أنه يختزل قضية هامة وهي أن بالوحدة تكون العزة والمنعة.. فمهما حيكت المؤامرات لإجهاض الوحدة، ومهما أحاطت بها المكائد والدسائس ستظل شامخة شموخ الجبال لا تعصف بها رياح المكائد.. فالوحدة اليوم صارت صخرة صمّاء تتحطّم عليها كل محاولات الإجهاض والتآمر.
وكل عام والوطن والشعب ينعمان بخير الوحدة ونعيمها إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.