شعراء وأدباء قدماء امتلأت دماؤهم بالوحدة والاتحاد وتنبأوا بالوحدة اليمنية قبل تحققها، وشعراء محدثون أكدوا أن وحدة الشعب اليمني كانت حلم السنين وأصبحت حقيقة واقعة وتغنى بها الفنانون، وآخرون أكدوا أن للقصيدة دوراً في إذكاء روح الوحدة والنضال الوطني، وآخرون عدوا الوحدة اليمنية حكمة إلهية وقصيدة تسقي جداولها تربة اليمن الظامئة وقالوا: هي الحنايا والهدى والحنان والأمان والسلام والندى، وما قامت إلا بتضحيات الأبطال من الجنود والرجال المخلصين الذين سحقوا الإرهاب وحرروا اليمن من براثن الإمامة والكهنوتية والتفرق، وآخرون اعتقدوا أن للشعر والأدب دوراً بارزاً في الوحدة اليمنية على وجه الخصوص وفي الوحدة العربية والإسلامية على وجه العموم وأن الوحدة ميلاد جديد للشعب اليمني ، التقى فيها الأحبة وقضت على التشطير والانفصال... عن هذا وغيره كان هذا الملف... الوحدة في شرايين البردوني والشرفي والأهدل لقد تنبأ الشعراء السابقون بالوحدة اليمنية ونظموا في ذلك قصائد عدة؛ وكان هذا التنبؤ مقدمة حقيقية لتحقيقها ومطلباً وطنياً ارتضاه الشعراء بوجه خاص والشعب اليمني بوجه عام، ومن هؤلاء الشعراء: البردوني والشرفي والأهدل. - عبدالله البردوني فالشاعر الكبير عبدالله البردوني - رحمه الله – تنبأ بالوحدة اليمنية قبل تحققها، وكان لحدسه وذكائه الفذ أثر كبير في الإحساس بالوحدة والتغني بها، وما أجمل قصيدته المعنونة ب «الحكم للشعب» التي نضمها قبل الوحدة، وذكرنا بالوحدة وأنكر التشطير وتنبأ أن شمسان سيلتقي نقماً وترتمي صنعاء في أحضان أختها عدن قائلاً: حنَ الشمال إلى لقيا الجنوب وكم هزت فؤاديهما الأشواق والشجن وما الشمال؟ وما هذا الجنوب؟ هما قلبان ضمتهما الأفراح والحزن ووحّد الله والتاريخ بينهما والحقد والجرح والأحداث والفتن «شمسان» سوف يلاقي صنوه «نقماً» وترتمي نحو «صنعاء» أختها «عدن المجد للشعب والحكم المطاع له والفعل والقول وهو القائل اللسن وقال البردوني قصيدة أخرى تحت عنوان «غريبان.. وكانا هما البلد» عام1974 متنبئاً بالوحدة، وكان عدد سكان الشطرين حينها تسعة ملايين نسمة: رأيت نخل المكلا في ملامحه شميت عنب (الحشا) في جيده الغيد إلى أن يقول: لاقيت فيك “بكيلاً” “حاشداً” “عدناً” ما كنت أحلم أن ألقى هنا بلدي رأيت فيك بلادي كلها اجتمعت كيف التقى التسعة المليون في جسد؟ - محمد الشرفي أما الشاعر الكبير محمد الشرفي فقال عام 1983م قصيدتين تنبأ بهما بالوحدة قبل تحققها، نختصر من أبياتهما الآتي: عدن حبي ودار الحب صنعاء وحدة تطويهما خلقاً وطبعا أينما سرت أرى وجهي بها وأرى نفسي مع نفسي تسعى وهنا أو ها هنا لي أخوة شمخوا أصلاً وطالوا اليوم فرعا صنعوا الثورة من أجسادهم هل سوى الثوار من يحسن صُنعا التراب الحر ما نامت به كبرياء الأرض أو خانته مسعى إلى أن يقول الشرفي: هذه داري ولكني أرى في زوايا الدار والأهلين صدعا حلم الوحدة يجري ظمأً فأديروا كأسها رياً وشبعا قدر الأوطان في وحدتها من هنا يملك للأقدار دفعا؟ رحلة التمزيق ما أجدت حمى يتشهى الوصل أو جدته نفعا - عبدالرحمن الأهدل الشاعر والكاتب الكبير المرحوم عبدالرحمن الأهدل، منذ القدم وهو يتغنى بالوحدة؛ ففي قصيدته «الوحدة وطريق المجد» يقول: وقفنا كثيراً ننادي الحياة نموت اكتئاباً نعاني الضجر ونشكو الجبال بآلامنا وكم عذبتنا ليالي الكدر ونسأل تاريخنا كيف؟ ماذا؟ توارى عن الأرض قال القمر فكم عاش عيبان يبكي الشتات وردفان بين الضنى والسهر وبيحان يشكو لذي يزن متى نعتلي صبحنا المنتظر؟ وتجلت حكمة الشاعر بعد الانتظار للوحدة وبزوغها الذي كان مؤكداً لديه وهو يقول: فإن المسافات تحتاج عزماً ولابد من قدم للسفر إذا كانت الأرض تحتاج غيثاً فلابد من سحب للمطر وفعلاً تحقق ما كان يؤمله ويضعه كشرط لتحقيق الوحدة المباركة عندما قال في البيت الذي يليه: فها قد تلاشى الظلام اللعين وعاد التلاقي جنينا الثمر