ما إن تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية حتى أعلن رغيف الخبز تقلصه لأدنى حد؛ وتسارع أصحاب المخابز والأفران إلى تقليل وزن الرغيف والروتي، وزادوا في سعره وتلاعبوا بجودته، وتفاوتت أحجامه من مخبز لآخر، مما زاد حالة الهلع والمعاناة التي يعيشها المواطن المغلوب على أمره، في ظل ظروف سياسية ومعيشية وأمنية متعثرة وغير مستقرة، وصلت حتى لرغيف عيشه وبطون أطفاله الذين ما عاد يشبع أنين أمعائهم الخاوية رغيف بحجم إصبع اليد، وشارف على الانقراض.ومن هنا ارتأينا في هذا التحقيق أن نعيش مراحل تقلص وانقراض رغيف العيش و الروتي وأسبابها، وهل هذه الزيادة قانونية، وما دور الجهات المختصة من هذه الزيادة التي أعلنتها مخابز وأفران الخبز في مناطق مختلفة من محافظة تعز، وسنستطلع آراء المواطنين المختلفة علنا نجد من يتلقف أنين الحروف وصرخات الملهوف، في وطن مازال يرتجي لحظة عيش آمنٍ و كريم . ولعلنا نجد من يجيب على سؤالنا من ينقذ رغيف الخبز من الانقراض. “التموين” هو من يحدد الوزن والحجم في البدء كان يجب أن نعرج على أحد مخابز بيع الروتي والرغيف، ورأينا أن حجم الروتي قد أصبح أصغر من ذي قبل بكثير، وسألنا أحد عمال هذا المخبز فرد قائلاً: إن حجم الرغيف ووزنه يتحدد بسبب الديزل الذي نستخدمه كي ننضجه، وطبعاً كما تعرفون إن الديزل قد ارتفع سعره ولهذا نضطر إلى انقاص وزن الروتي والرغيف، لأنه إذا كان بنفس الوزن السابق فسيكون خسارة كبيرة علينا. وأضاف: طبعاً نحن لا ننقص الوزن والحجم من أنفسنا، وذلك من التموين الذي يقوم بتحديد الوزن والحجم للروتي في المخابز والأفران، وسيزداد أيضاً سعر الروتي, الذي كان بعشرة ريالات سيصبح سعره خمسة عشر ريالاً، والذي كان بعشرين سيكون بخمسة وعشرين، والسبب الزيادة الأخيرة في الأسعار . مَنْ يخارج المواطن المغلوب؟! وأيضا ذهبنا إلى مخبز ثان وثالث ورابع وكان جوابهم نفس الجواب السابق (إن سعر الديزل ارتفع ولم يعد يخارجنا أن نبيع الرغيف بنفس الحجم الأول). طيب لماذا لم يسألوا أنفسهم إذا هذا الغلاء لا يخارجكم فكيف ومَنْ يخارج المواطن المغلوب على أمره يا أصحاب المخابز؟. لا توجد رقابة تموينية الأخ محمود غالب.. وجدناه يشتري رغيفاً من المخبز، حيث قال: حجم الروتي والرغيف كل يوم يقل ويصغر حتى صار كأنه ميدالية صغيرة نعلق عليها المفاتيح، وصار رب الأسرة الذي لديه عشرة أو تسعة أطفال يعجز أن يشبعهم و يوفر لهم لقمة تشبع بطونهم بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار، وبعد أن أصبح حجم الرغيف كما ترونه الآن وارتفع سعره وخصوصاً لو كان رب الأسرة دون وظيفة ثابتة ورزقه حسب تساهيل ربنا , مؤخراً صرنا نلاحظ أن أصحاب الأفران نقصوا بشكل واضح حجم الروتي كما يشاءون، خصوصاً أنه لا يوجد هناك رقابة عليهم من التموين ومن جهات الاختصاص، وبالتالي يجد أصحاب الأفران المستغلون فرصتهم في التلاعب كما تريد أطماعهم دون مراعاة لظروف الناس الفقراء والمساكين، ودون رحمة لحال أحد؛ أهم شيء ربحهم هم فقط. المواطن ضحية هذا ما أيدته الوالدة أم مصطفى ربة بيت حيث قالت: أصحاب الأفران فيهم صفة سيئة جداً أنهم يستغلون حاجتنا للخبز فيمسكوننا من نقطة ضعفنا، ويتحكمون بلقمة العيش التي نأكلها حسب مزاجهم بدون رقيب ولا حسيب، أو أي قانون يعاقبهم . فالروتي أصبح صغيراً جداً بحجم أصبع طفل صغير, كيف نسوي ونحن معنا الكثير من الأطفال، وقد صار حجمه بهذا الشكل ولما نسألهم (ليش صغر الروتي والرغيف بهذا الشكل), يقولون أن كل شيء غلا وأسعار الدقيق أيضاً ارتفعت , وبهذا الشكل وجدوا لهم سببا لتصغير حجمه، ونحن المواطنين الضعفاء الضحية، ونتحمل كل القهر والجوع من أجل طمعهم وعدم الرقابة عليهم بشكل مستمر. ضعفان من العذاب أما الأخت أسرار الرفاعي، موظفة قالت: بالتأكيد الجميع لاحظ الحجم الجديد للروتي والرغيف وخصوصاً في الأيام الأخيرة، وبالتالي زادت معاناة المواطن الفقير الذي يحاربونه في لقمة عيشه وتأثيره كبير عليه. فمن حقه يعيش وهذا شيء صعب على المواطن وبالذات الذي دخله محدود، و معه الكثير من الأطفال, كيف يربيهم وكيف يقدر يؤكلهم أساساً اذا كان رغيف الخبز ليس سعره موحداً عند الجميع ولا حجمه أيضاً.. وأضافت: أما أصحاب الأفران فقد استغلوا الوضع ولأنهم بلا ضمير فقد زادوا من عذابنا ضعفين؛ ومن هنا يأتي دور الجهات الحكومية في ضبط المخالفين وعقابهم وتوحيد حجم ووزن واحد حتى لا يتمكن أحد من التلاعب بها. توحيد الوزن أما أيمن الذاري فيقول: في الأيام الأخيرة هناك من يعبث ويرفع الأسعار كما يشاء، سواء التجار أو أصحاب البقالات وغيرهم، وهذا ينطبق أيضاً على أصحاب المخابز والأفران التي تبيع الرغيف والروتي، والتي استغل أصحابها رفع الدعم عن المشتقات ومن بعدها مباشرة خرج لنا الروتي بشكله الجديد صغير الحجم والوزن وأيضاً جودة ليست كما الأول. وأردف: وفي هذه الحالة لابد على جهات الاختصاص أن تقوم بتوحيد وزن وحجم رغيف الخبز سواء الرغيف أو الروتي حتى تمنع المستغلين من استغلال الأوضاع والتلاعب بقوت الناس، فكل شيء أصبح غالياً والغلاء انهك المواطن بشكل كبير جدا، كم سيتحمل المواطن المسكين كل هذه المصائب على رأسه وأين الرحمة ؟ مات الضمير وكان رأي الأخت سعاد الشرجبي، (مدرسة) كالتالي: كل ما نمر به من ظروف صعبة ومن غلاء شديد سواء بنقص حجم الروتي أو زيادة سعر البر والدقيق، والغلاء الذي صار يقتلنا ومن أزمات لم نعرف كيف نخرج منها لطريق واضح , كل هذا سببه أن الضمير مات عند اغلب الناس، سواء من التجار أو من المسئولين؛ وعدم مراعاتهم لظروف الشعب ولمعاناته وقلة دخله التي لا تتناسب مع زيادة الأسعار والغلاء الذي يتزايد كل لحظة وأخرى، ونحن رواتبنا كما هي لم تزد ريالاً واحداً. وأضافت: أما رغيف العيش أصبح أصحاب المخابز يتلاعبون به حسب مزاجهم, فنرى اختلاف الحجم من فرن لآخر، ولا يوجد حجم موحد عند الجميع، ولا ندري أين جهات الاختصاص من هذا العبث. أين الضمير في كل هذا وكل ما يجري للمواطن المسكين الذي صار مثل المجنون يمشي يكلم نفسه، ولا يوجد من يرأف بحاله ، حسبنا الله ونعم الوكيل. دراسة لتحديد الأسعار ولمعرفة رأي جهات الاختصاص توجهنا إلى مكتب الصناعة والتجارة وكان لنا لقاء مع مدير مكتب الصناعة والتجارة الدكتور عبد الغني حميد، الذي قال: أما ما يخص رغيف الخبز والروتي فقد كانت هناك محاولة من قبل أصحاب الأفران والمخابز وخصوصاً بعد الإعلان الرسمي بزيادة بالأسعار أنهم يرفعون سعر الروتي، لكن تم تشكيل لجان من قبل المكتب ونقابة الأفران والمخابز ومشاركة من السلطة المحلية بالمحافظة وبعض منظمات المجتمع المدني، وتم توقيع محضر أن تبقى الأسعار كما هي خلال أغسطس، على أن يتم التواصل مع جمعية الأفران والمخابز وعمل دراسة بتكلفة إنتاج القرص، بحيث تكون الدراسة جاهزة في نهاية شهر أغسطس وعلى ضوئها يتم تحديد السعر الجديد. وأضاف: وبالنسبة لنقص حجم الرغيف الذي تقوم به بعض الأفران فهو غير قانوني، وأي مخالف يتم ضبطه وعمل محضر مخالفة وإرساله إلى النيابة، وهناك أسعار محددة لكنهم لا يلتزموا بها، وإجراءات الضبط بالنسبة لنا كمكتب الصناعة والتجارة فليس من حقنا نحبس ولا نوقف ولا نعاقب، فقط نعمل وفق القانون محضر بالمخالفة، ونرسلها إلى النيابة، وهناك يدبرون أنفسهم ويخرجون ويعودون لما هم عليه. المواطن صامت وغير متعاون معنا أما الأخ عبدالله محمد ناصر – مدير الأسعار في مكتب الصناعة والتجارة أفاد بقوله: جاءت لنا شكوى بخصوص الأفران ووزن وسعر الروتي من أحد المحامين، وبعدها نزلت بنفسي وزرت مجموعة من المخابز وبالفعل وجدت تلاعباً كبيراً في وزن الروتي والرغيف، فلم أجد فيها قرص روتي تجاوز ال 100 جرام .فالوزن في بعض المخابز 60 جراماً والبعض الآخر 70 والآخر 80 والسعر 15 و20 ريالاً. وأضاف: وحين كتبت المحضر لم أجد ولا مواطنا متعاونا معي ووقع معي على المحضر وعلى مخالفة صاحب الفرن، برغم أنهم جميعهم مستاوون من هذا الوضع، لكن خوفهم وجبنهم يجعلهم يتراجعون عند الموقف الجاد ولم أجد أيضاً ولا صاحب مخبز مراقب الله. و برأيي إن صمت المواطن على الظلم هو ما يجعل أصحاب المخابز يتلاعبون بالوزن، لأن المواطن يصيح وعند الجد يخاف ويصمت ويرفض أن يقوم بعمل إيجابي أو شكوى تدين أي متلاعب وهذا ما يشجعهم على التلاعب. مزاجية وتلاعب وبعد أن استمعنا لكل الآراء نقول إن مشكلة رغيف الخبز لن تُحل وكل يتلاعب على هواه بل يتوجب تظافر كل الجهود سواء من الجهات المختصة ومن المواطنين ومن أصحاب المخابز ومن السلطة المحلية.. ويتوجب أيضاً وحتى لا يظل التلاعب مستمراً بوزن رغيف الخبز وسعره لجميع الأفران والمخابز، وألا يظل الوضع كما هو عليه الآن من المزاجية والتلاعب بأقوات الناس دونما وجه حق، والإبلاغ عن كل المخالفين لأن تغافل جهات الاختصاص في أمر مصيري كهذا يعتبر كارثة حقاً.. فالعملية تكاملية لا تأتي إلا بتعاون الجميع واشتراكهم في فضح كل وضع خاطئ وكل متلاعب بأقوات الكادحين كي لا يتمادوا في ظلمهم.