مواضيع ذات صلة كارلا خطار "آن الأوان لنكون كلّنا تحت سقف الدولة، ولا أحد يكون فوق القانون لكي نستطيع فرض هذا القانون".. ظاهرياً، يُخيّل الى القارئ أن شخصية وطنية أدلت بهذا التصريح لكنّه لا يلبث أن يصاب "بنوبة" من الضحك حين يدرك أنه لوزير الطاقة العوني جبران باسيل. فباسيل نفسه يتآمر مع السلاح ضدّ الدولة وكأنه يتعهّد بذلك أن يكون شريكاً في بناء دويلة السلاح، ثم يطالب "الدولة بأن تحمي مدينة ومنطقة وبلداً بكامله". وشاء القدر أن تكون تصريحاته هذه من طرابلس التي يتآمر عليها بشار الأسد وحلفاؤه من قوى 8 آذار في لبنان لتكون "الفتيشة" لخراب لبنان. وباسيل وعمّه الجنرال ينتميان الى قوى 8 آذار، وتصريحات الصهر الغيور على مصلحة لبنان تثير الضحك لدى كل الأطراف ولا سيما حلفاؤه. فقد عبّر، خلال تهنئته الوزير فيصل كرامي بنجاته من الحادث، عن مخاوف تختلجه حيال لبنان ووحدته واستقراره. بل وأكثر من ذلك، اعتبر باسيل أن "البلد يحتاج الى تضحية، وليس الى استغلال حادثة ولا ظرف أو أي شعور طائفي مناطقي"، متناسياً كيف راح عمّه رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" يسوّق لنفسه قبيل موسم الإنتخابات بحادثة مصطنعة ومحاولة اغتيال مركّبة. وإن كانت تصريحات باسيل متناقضة مع السياسة التي يتّبعها تكتّله، لكنّه أدّى واجبه كاملاً، بعد عمّه، على أبواب الإنتخابات النيابية، معلناً سلّة مطالب يوجّهها الى الدولة اللبنانية. فاستعداد باسيل "لتقديم الغالي والنفيس للحفاظ على استقرار لبنان" يكاد لا يقارن بالبلبلة التي أحدثها الوزير "الوطني الحرّ" في قضية المياومين، ويبقى استعداده للتضحية ناقصاً إزاء كل التظاهرات التي قامت ضدّه والدواليب التي أحرقها المتظاهرون وكلّهم من أتباع حليفه المسلّح. جبران يحمي السلاح ويسكت عنه ويقبل بأن يتغلغل في كل المناطق والدولة، ويستخدمه عمّه الجنرال لإفتعال محاولة اغتيال ثم يتّضح أن أحد المنتمين الى "التيار" يساعد مندسين تابعين للنظام السوري على الإختباء في لبنان.. إزاء هذا الواقع أليس مضحكاً أن يطالب باسيل بدولة القانون؟ في دولة القانون التي يريدها باسيل، الكهرباء مقطوعة والمياه شحيحة والهواتف النقالة لا تلزم للأحاديث الطويلة والإنترنت يقطع صلة لبنان بالعالم. وفي دولة قانون باسيل السلاح منتشر والمسلّحون المجرمون يظهرون بالجرم المشهود في مواقع الجرائم. ولا بدّ أن باسيل عايش دولة القانون في فرنسا حيث كان يتردد بكثرة ليلتقي الجنرال الذي يتمتع بالحياة الباريسية مع عائلته.. هناك في فرنسا، البلد المثال للقانون والديموقراطية، تعلّم باسيل أن دولة القانون يفترض أن تخضع للسلاح وللعصابات المقاوِمة وتلك التي تبيع المخدرات وتصنّع الحبوب منها، ولمفتعلي الحروب ولمن يكبّدون خزينة الدولة مصاريف الإعمار ثم يتساءلون عن مال الخزينة ويصفونه ب "الإرث الثقيل".. هل يمكن القول إن باسيل سئم من حليفه المسلّح؟ طبعاً لا، لأن الحليف المسلّح طالب مراراً بالدولة ووقف عقبة في وجه قيامها. في الواقع، لو عرف باسيل حقيقة قيام الدول الديموقراطية، لكان أدرك أن في تلك البلدان لا وجود لأمثاله من المصلحين الذين يتوزّرون نتيجة تقاسم الحصص بعدما يحقّقون "سقوطاً" مدوياً في الإنتخابات النيابية. وإن كان فعلاً يريد دولة القانون والمؤسسات، لكان استخدم جرأته غير المعهودة واستقال، لأن من كان اللبنانيون لا يريدونه بالقانون ممثلاً لهم في المجلس النيابي، فلا يمكن أن يقبلوا به وزيراً متنقلاً لم يثبت "كفاءته" الهندسية في أي وزارة. هل فعلاً يطالب باسيل بدولة القانون؟ طبعاً لا، إنما في ازدواجية السلطة والمعارضة هذه..لا يريد باسيل سوى أصوات الناخبين. لا يخفي رئيس تحرير موقع "القوات اللبنانية" طوني أبي نجم ضحكته إزاء تصريح باسيل فيقول "أغرب ما في هذه الحكومة أن وزراءها يطالبون الدولة بتحمّل مسؤولياتها وباتّخاذ الإجراءات"، متسائلا "أليسوا هم الدولة؟" ويتابع "من المفترض أن تطالب المعارضة، أي نحن، الدولة بأداء واجبها، إنما المشكلة تكمن في وجود أشخاص لا حول لهم ولا قوة يشكلون في الحكومة "موديل" ولا يتّفقون إلا على تقاسم الحصص وقالب الجبن، وهنا نفهم لمَ لا يتّخذون القرارات ولا يلاحقون الأمور". ويصف أبي نجم "الفترة منذ ما بعد حادثة طرابلس وحتى اليوم بالمفارقة الغريبة، خصوصا عندما يطالب الوزراء الدولة بأمر ما وكأن لا دور لهم في اتّخاذ القرار، واللافت وجود 4 وزراء في الحكومة من طرابلس ومعهم رئيس حكومة، فيما تعاني المدينة فلتاناً، أمنياً، خطيراً"، مضيفاً "المفارقة أيضا ان المسلّحين من الجانبين ينتمون الى الطرف السياسي نفسه." ويتابع "فإما أن يتحمّلوا مسؤولياتهم ويتّخذوا قرارات لنزع السلاح المتفلّت والسلاح غير الشرعي، وإما فليستقيلوا ويغادروا لأن الإزدواجية التي يعتمدونها مضحكة". ويختم أبي نجم "كأنهم يريدون أن يحصلوا على مغانم السلطة، وفي الوقت نفسه يلعبون دور المعارضة في الإعلام، وهذا لا يحدث إلا في حكومة هجينة مثل حكومة اليوم." من جهته، يبدي أمين عام التربية في حزب "الوطنيين الأحرار" ادغار أبو رزق أسفه "لكون قوى 8 آذار تنسى مؤسسات الدولة حين تكون في موقع السلطة، فهذه القوى، ومنها "التيار"، شرعنوا الأجنحة العسكرية ومنهم أصحاب الصفقات المشبوهة الذين يشجعون الفلتان وصناعة الكابتاغون وصفقات السيارات، وبالتالي كل المشاريع المشبوهة". ويتابع أبو رزق "في عهد هذه الحكومة النمو بات صفراً، كما أن كل السياح الأجانب والعرب قاطعوا لبنان، بفضل الحكومة التي لا تلتزم بسياساتها وأوّلها النأي بالنفس". ويشرح "هم يتدخّلون يومياً بالشأن السوري ويرسلون مسلّحين الى الداخل، وبما أنهم يتصرفون بهذه الطريقة، فلا يحقّ لهم مطلقاً أن يتحدثوا عن قانون لبنان أو دولة لبنان." ويختم "هم من خرقوا القوانين وشرعنوا السلاح غير الشرعي".