فيما يشتعل العنف في مصر، وقعت حالات اغتصاب جماعي لفتيات في ميدان التحرير. وقالت مصادر في المجلس القومي للمرأة ل"إيلاف" إن المجلس استطاع توثيق 23 حالة اغتصاب جماعي في ميدان التحرير، خلال اليومين الماضيين، خلال إحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير. فيما قالت مدير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف إنها استطاعت توثيق ثلاث حالات. صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قالت الدكتورة ماجدة عدلي مدير مركز النديم للتأهيل ضحايا العنف، ل"إيلاف" إن المركز استطاع توثيق ثلاث حالات اغتصاب جماعي في ميدان التحرير في الذكرى الثانية للثورة، وتحديداً يوم السبت 26 يناير/ كانون الثاني الجاري، مشيرة إلى أن عمليات الاغتصاب تتم بطريقة ممنهجة. وأوضحت أنه وفقاً لروايات الضحايا، فإن البداية تكون بمحاولات تحرّش، ثم يفرض مجموعة من الشباب كردونات بشرية حول الضحية، بحجة حمايتها من التحرّش، ويتم اقتيادها إلى أحد الشوارع الجانبية، فيتم اغتصابها بالتناوب. وقالت إن إحدى الضحايا تم اقتيادها من ميدان التحرير إلى شارع جانبي خلف مطعم هارديز الشهير، وتناوب أكثر من سبعة شبان على اغتصابها بطريقة عنيفة، مع الضرب والركل والشتائم. ولفتت إلى أن الجناة عادة ما يجرّدون الضحية من ملابسها، "كما ولدتها أمها، ويتركونها في حالة إعياء شديد عارية أيضاً".وأضافت عدلي أن إحدي الضحايا تعرّضت للاغتصاب ثم محاولة للقتل عبر الطعن بالسكين، وتجريح جسدها بطريقة بشعة، مشيرة إلى أن الجناة عادة يتعاملون مع الضحية بطريقة هستيرية، وغالباً ما يتعاطون مواد مخدرة، ويصيبون الضحية بالرعب في البداية، حتى لا تتكلم أو تصرخ، فضلاً عن أنهم غالباً ما يكونون مسلحين بأسلحة بيضاء، يتم الاعتداء بها على من يحاول مساعدة الضحية. قالت عدلي إن عدد الضحايا يفوق الثلاثة بكثير، مشيرة إلى أن هناك حالات كثيرة رفضت التعامل مع المركز لمساعدتها قانونياً أو صحيًا، واكتفت بتجرّع مرارة وألم الاغتصاب، خشية الفضيحة والعار. وأضافت أنها لا تستطيع تأكيد أو نفي رقم 23 حالة اغتصاب، لافتة إلى أن العدد كبير جداً، ولكن ليست لديها إحصاءات دقيقة، لاسيما في ظل رفض الضحايا التعامل قانويناً، إضافة إلى أن الجناة مجهولون. فيما تقدم مستشفى السلام الدولي ببلاغ إلى النائب العام يفيد بوصول فتاة تبلغ من العمر 19 عاماً في حالة إعياء شديدة، نتيجة تعرضها للاغتصاب الجماعي في ميدان التحرير، وورد في محضر الشرطة حول الواقعة أن الفتاة نقلت إلى المستشفى عقب تعرّضها للاغتصاب الجماعي من قبل مجموعة من الشباب المجهولين يوم 26 يناير/كانون الثاني، الجاري، ونقلتها سيدة إلى المستشفى، بعدما عثرت عليها في حالة إعياء تام في أحد الشوارع الجانبية، وكانت تعرّضت لعنف مفرط، عقب الاغتصاب، وأوضح المحضر أن الفتاة تعرّضت للطعن بالسكين في أنحاء متفرقة من جسدها. وقال مركز نظرة للدراسات النسوية، إنه استطاع توثيق شهادة إحدى الناجيات من عمليات الاغتصاب الجامعي في ميدان التحرير في وقت سابق، أثناء المظاهرات الرافضة للدستور، وقالت الفتاة التي لم يذكر المركز اسمها: الجمعة 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 في تمام الساعة السادسة والنصف مساء نزلت أنا وصديقتي لنعلن رفضنا للدستور المشوّه، وسط الملايين ممن نزلوا للغرض نفسه (أود أن لا أسمع أحدكم يقول "ايه اللي وداكوا هناك")، مشينا حول الصينية في الميدان ووصلنا إلى ناصية شارع القصر العيني وشارع محمد محمود، كانت الشرطة تلقي قنابل مسيلة للدموع بغزارة، وبدأ الركض والتدافع، أمسكت بيد صديقتي ولكني فقدتها بعض لحظات. آخر شيء سمعته منها هو أن هناك من يتحرّش بها وسط التدافع. أضافت: حين استطعت الرؤية مرة أخرى لم أجد صديقتي، ووجدت صديق لي كان هاربًا من الغاز بالقرب مني، قلت له إن صديقتي هناك يتحرّشون بها، فذهبنا لننقذها، وقد اكتشفت وقتها أنني فقدت الموبايل، وجدت صديقتي حولها المئات من الأشخاص... حاولت أن أخلصها أنا وصديقي، لكنهم دفعونا سويًا، فوقعنا فوق بعض، ثم فصلونا إلى دائرتين، وقتها لم أدرك أي شيء... لم أفهم ماذا يحدث... من هؤلاء؟. كل ما كنت أدركه أن هناك المئات من الأيادي تجرّدني من ملابسي وتخترق جسدي بكل وحشية، لا سبيل للنجاة، فالكل يقول إنه يحميني وينقذني، لكن ما كنت أشعر به هو أن الدوائر القريبة مني والملتصقة بجسدي يغتصبونني بأصابعهم من الأمام والخلف، بل وأحدهم كان يقبلني من فمي... أصبحت عارية تمامًا، وتدفعني الكتلة الملتفة حولي إلى الممر المجاور لمطعم هارديز. تابعت سرد شهادتها: أنا داخل هذه الدائرة المغلقة بإحكام، وكلما كنت أحاول أن أصرخ وأن أدافع عن نفسي وأن استنجد بمخلص كانوا يزيدون من عنفهم واغتصابهم، وقعت مرة أخرى في مياه المجاري الموجودة أمام هارديز، وأدركت في هذه اللحظة أن في الوقوع موتي. قررت أن أحافظ على هدوئي طالما الصراخ يتبعه عنف أكبر، وحاولت أن أبقى واقفة أتشبث بأيديهم التي تخترقني وأكتافهم، ثم في الممر بجوار هارديز وقعت مرة أخرى في بلوعة المجاري نفسها وأنا عارية... استطعت أن أنجو من الموت دهسنا تحت أقدامهم وجدت باب العمارة، حيث يقف البواب خلف الباب، ولا يريد أن يفتح... بقيت محجوزة في مدخل العمارة وقتًا طويلًا... .تتدافع الأجساد من حولي، الذين مازالت أيديهم تنتهكني، بل وكنت أرى منهم من يقف على أماكن عالية لكي يتمكن من المشاهدة مجانًا ليغذي إحباطاته الجنسية بالمشاهدة... أشعر بأني قضيت وقتًا طويلاً في هذا الركن، إلى أن ألقى لي أحدهم بلوفر، والذي كان شبه مستحيلاً أن أرتديه، فالأجساد تلتصق بي وتمنعني من ارتدائه، نجحت في لحظة ما أن أرتدي البلوفر، وهي اللحظة التي سمعت مجموعة من الشباب على يساري يتفقون على أن يأخذوني إلى مكان آخر، وعلى حد تعبير أحدهم "ناخدها وبعدين واحد واحد يا شباب". واصلت سرد روايتها: وفجأة بدأت الكتلة البشرية تدفعني مرة أخرى، ولكن ليس في اتجاه المستشفى الميداني، دفعوني في الاتجاه المعاكس في اتجاه خرابة مظلمة، خفت من أن تنتهي بي الحال في هذه الخرابة، حاولت الوصول إلى قهوة في الطريق، لكنها لم تفتح، وكذلك محل للأدوات الالكترونية أيضًا لم يفتح، بل وتحرّش بي أحد العاملين في هذا المحل وأنا أمر من أمامهم... شعرت بيأس جعلني استنجد بهذا الرجل الذي أمامي مباشرة، والذي كنت أختبئ في ظهره لأستر عورتي، والتي كانت يداه تعبث بمؤخرتي، أخذت استعطفه قلت له إني أم – وهذه حقيقة- وإنه رجل شهم وبطل، وإني اخترته لكي يحميني، توسلت إليه لكي يفسح لي طريقًا للمستشفى الميداني. تتابع "لا أدري حقًا ما دفع هذا المتحرّش لإنقاذي بعدما توسلت إليه... ولا أعرف كيف فجأة أشهر حزامًا، وأخذ يضرب كل من حوله ويصرخ بجنون "أنا اللي هحميها... أنا اللي هحميها"، لا أدري كيف استيقظ ضميره لكنني وجدت نفسي أزحف كي أصل إلى المستشفى الميداني... هناك رأيت أول سيدتين فشعرت بالنجاة... كان مازال نصفي الأسفل عاريًا تمامًا... فألقوا عليّ البطانيات وسط محاولات من المتحرّشين لاقتحام المستشفى والالتفاف حولي مرة أخرى... أعطى لي أحدهم سرواله وآخر موبايله لكي اتصل بأحد... بدأت أرى أصدقائي وهم يحاولون اختراق الكتل البشرية الملتفة حولي. كان شيء في غاية الصعوبة لكي أخرج من المستشفى الميداني وأصل إلى بيت صديقة لي قريبة من المستشفى. حين صعدت إلى بيتها كان المتحرّشون مازالوا ينتظرون أسفل العمارة. أشعر بأنني لم أحكِ الحكاية كما حدثت... الوصف أقل حدة مما حدث لي ولصديقتي، التي عرفت بعد ذلك أن المتحرشون أخذوها إلى عابدين، وأن من أنقذها كانت سيدة من عابدين. أشعر بالأسف والحزن والأسى لما حدث من حالات أخرى بالأمس في 25 يناير 2013... لذا قررت أن أكتب شهادتي، لكي يعلم كل من يريد أن يدفن رأسه في الرمال أن ما يحدث جريمة بشعة قد تحدث لأمك أو أختك أو ابنتك أو لصديقتك أو حبيبتك. لن نخاف... لن نختبئ في بيوتنا، التحرّش مرض اجتماعي متفش منذ سنين، يستخدمه النظام الحالي لكي يرهب الفتيات والسيدات، ولكن يجب أن نعلم جميعًا أن قضية التحرّش هي قضية اجتماعية، وليست سياسية فقط، وما يحدث في الأعياد والمناسبات والأماكن المزدحمة تشهد على ذلك. لا أعرف إن كانت هذه الشهادة ستحدث اختلافًا أو تغييرًا... فمازالت الانتهاكات تمارس، ولكن هذا أضعف الإيمان.