أدى التهافت على تحويل حيازات الجنيه المصرى إلى نقص فى إمدادات العملة الصعبة ودفع بعض المتعاملين إلى الشارع بحثا عمن يريدون بيع الدولار الأمريكى ما أدى لظهور سوق سوداء جديدة. وبدأ الجنيه المصرى فى التراجع بفعل انتفاضة سياسية أطاحت بحسنى مبارك من السلطة فى 2011 وفقدت العملة المصرية الآن ثمانية بالمئة من قيمتها منذ 30 ديسمبر الماضى. وسعر الجنيه أقل فى السوق السوداء وهى علامة على أنه بالرغم من أن البنك المركزى تمكن من وقف تراجع العملة فى السوق الرسمية الأسبوع الماضى فإن المصريين يخشون الاحتفاظ بحيازاتهم بالجنيه. ويتجول بعض المتعاملين بحذر خارج مكاتب الصرافة المعتمدة والبنوك فى القاهرة ويعرضون سعرا أفضل لمن يريدون بيع العملة الصعبة وهى طريقة غير قانونية. وقال أحد المتعاملين "لا توجد دولارات،كل من يأتى يطلب دولارات لكن الامدادات شحيحة." وأخذ البنك المركزى خطوات الأسبوع الماضى لإدارة سعر الصرف من بينها تقليص نطاق تداول الجنيه،وبلغ سعر الجنيه فى أحدث عروض الشراء 6.71 جنيه للدولار فى سوق ما بين البنوك اليوم الأحد. ويشكل ذلك انخفاضا بنسبة 13.4 %عن مستوى الجنيه عشية الانتفاضة التى أدت لسقوط مبارك ودفعت بمصر إلى عامين من الاضطرابات التى أبعدت السياح والمستثمرين. وفى أحد شوارع القاهرة عرض تاجر بيع الدولار مقابل 6.95 جنيه يوم الخميس أى أعلى من السعر الرسمى بنسبة 3.5 %،وطلب آخر 6.89 جنيه للدولار. وانعكس تراجع الجنيه فى انخفاض الاحتياطيات الأجنبية المصرية التى هبطت إلى 13.6 مليار دولار فى نهاية يناير كانون الثانى لتنزل عن مستوى 15 مليار دولار اللازم لتغطية واردات ثلاثة أشهر،وعشية الانتفاضة على مبارك كان مستوى الاحتياطيات 36 مليار دولار. ويقول بعض المستوردين إنهم يضطرون لتدبير احتياجاتهم من العملة الأجنبية مما يسمونها السوق الموازية أو المفتوحة مما يؤدى لتعقيد مناخ الأعمال المتضرر بالفعل بسبب الاضطرابات السياسية. وقال مسؤول تنفيذى كبير بشركة استيراد مصرية إن الشركات تستطيع الآن تدبير احتياجاتها من الدولار من السوق السوداء لكنه توقع أن تقل الامدادات أكثر فى الأسابيع المقبلة. وأضاف "الشركات لا تجد مشكلة فى تدبير احتياجاتها من الدولار من السوق المفتوحة. لكن هناك هامشا يتراوح بين 16 و20 قرشا بين سعر البنك والسوق المفتوحة." وتوقع المسئول الذى طلب عدم نشر هويته لأنه يناقش سوقا غير مسموح بها قانونا أن تشح الامدادات بسبب عوامل مثل الاضطرابات السياسية. وقال "ماذا سيحدث؟ من المرجح أننا سنلاحظ اختفاء بعض المنتجات من أرفف السوبر ماركت. التحديات التى نواجهها الآن لا تقارن بما قد نكون فى طريقنا إليه." وقال هشام رامز محافظ البنك المركزى إنه ليس قلقا من ظهور سوق سوداء للعملة. ونقل ملحق بنوك اليوم الاسبوعى التى تصدره صحيفة العالم اليوم المالية عن رامز قوله إنه واثق من أن السلطات لديها الأدوات للقضاء على هذه السوق تماما. ولا يوجد ما يشير إلى أن الشرطة استهدفت أى تاجر عملة. ولم يرد مسؤولون من البنك المركزى على مكالمات ورسائل الكترونية من رويترز تطلب التعليق على الموضوع. وقال مصرفى له عملاء من الشركات الكبيرة إن المصرفيين الذين يسعون للوفاء باحتياجات عملائهم من العملة الصعبة عبر القنوات الرسمية يضطرون للانتظار أسابيع أو شهورا. وقال المصرفى الذى طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مصرح له بالحديث لوسائل الإعلام "اعتدت أن أطلبها وأحصل عليها فى اليوم التالى أو الذى يليه على أقصى تقدير." ودفع تراجع الاحتياطيات الأجنبية البنك المركزى لاستحداث عطاءات منتظمة للدولار الأمريكى فى أواخر ديسمبر كانون الأول لتفادى أزمة عملة. وقال سايمون كيتشن من المجموعة المالية هيرميس "من الصعب توقع حدوث توازن طويل الأمد فى سوق الصرف لحين تحسن الوضع السياسى وحتى نرى على الأقل اتفاقا مع صندوق النقد الدولي."
