يعاني أكثر من ثلثي سكان الكرة الأرضية من مشكلة أو أكثر في العمود الفقري، وبحسب الإحصاءات فإنه كلما ازدادت الدول ثراءً ازداد مواطنوها سمنة وازدادت مشاكلهم في العمود الفقري، حيث إن الأمراض العضلية أو العصبية والعظمية الناتجة عن خلل في العمود الفقري كثيرة ومتعددة، فمنها الانزلاق الغضروفي ومن أعراضه ألم في الرقبة أو الظهر أو كليهما، والشعور بألم أو تنميل في الأطراف العلوية أو السفلية وعدم القدرة على ممارسة المهام اليومية . وهناك أيضاً تقوس العمود الفقري ومن أعراضه ضعف القدرة على التنفس، وألم حاد أو مزمن في الرقبة والظهر، كما أن ضغطه على الأضلاع قد يؤثر سلباً في الأعضاء الداخلية كالرئتين والحمل، كما توجد إصابات الشلل الرباعي والنصفي ومن أعراضه فقدان الإحساس بشكل جزئي أو كامل للطرفين، وعدم القدرة على التحكم بعضلات هذين الطرفين، الضعف العضلي الشديد لهذين الطرفين، خمول الأعصاب المتحكمة بهما . في هذا الصدد حاورت "مجلة الصحة والطب" الدكتور علي عبدالهادي اختصاصي تقويم وعلاج العمود الفقري، للتحدث حول أحدث التقنيات في هذا المجال . ما الذي يميز تخصص تقويم وعلاج العمود الفقري؟ وما الحالات التي قمت بعلاجها؟ - ما يميز هذا التخصص هو أن العلاج به يتم من دون الحاجة إلى اجراء عملية جراحية، بل تستخدم فيه أجهزة حديثة لإعادة تأهيل الوظائف العضلية والعصبية للعمود الفقري . أما الحالات التي قمت بعلاجها فهي في غالبيتها حالات متعلقة بأمراض العمود الفقري وتتنوع وتتدرج من الحالات الخفيفة كآلام الظهر والرقبة وحالات الديسك إلى الحالات الأكثر صعوبة كالشلل الناتج عن عمليات العمود الفقري والشلل الناتج عن الحوادث . ما أفضل حل لتعديل انحناء العمود الفقري؟ ولماذا؟ - العلاج اللاجراحي من أفضل العلاجات في هذا المجال، وهناك برنامج علاجي خاص يتضمن علاجاً فيزيائياً ورياضياً وتقويمياً لفرض ليونة خاصة على منطقة التقوس بحيث يتم بعد فتره من الزمن تغيير ميكانيكي لشكل التقوس وفرض استقامة وعينة تتناسب مع حالة المريض ونسبة التقوس وعمر المريض، ولا بد من الذكر هنا أن الوقاية وتغيير نمط الحياة مهمة جداً بل وجزء من العلاج، كما أن عمر المريض له تأثير في نسبة نجاح العلاج فالمرضى تحت سن 18 نسبة نجاح العلاج أعلى كما أن سبب التقوس يلعب دور في نسبة النجاح، ولابد من الذكر هنا أن المرضى الذين يتجاوز عمرهم ال18 ونسبة الاعوجاج كبيرة جداً هذا التقوس له تأثير سلبي على القلب والرئتين فالجراحة هنا قد تكون هي الحل مع أن لها تأثيرات سلبية . المعروف أن الطبيب يعالج على أساس علمي فكيف تتعامل مع الحالات المرضية على أساس ابتكاري وإبداعي؟ - كل حالة مرضية تواجهنا لها خصائصها ومميزاتها من حيث التشخيص وأساليب العلاج، فإيجاد الطريقة المناسبة والأسلوب العلمي الصحيح لمعالجة تلك الحالة يتطلب خصوصية وأسلوباً علاجياً يتناسب مع تلك الحالة . ما رأيك في جلسات المساج؟ وهل تعمل على تخفيف الآلام أم تزيدها؟ - المساج كلمة عامة جدا، فهناك المساج الذي لا ينتمي بأي طريقة إلى العلوم الطبية التطبيقية فتكون عشوائية ومؤذيه على المدى البعيد، أما المساج الطبي الذي يتم تحت إشراف طبي ويمارس من خلال مختصين في هذا المجال فهو يندرج تحت العلوم الطبية التطبيقية وله فوائد شتى كتخفيف آلام العضلات وتنشيط الدورة الدموية . وأريد أن أشير هنا إلى أن المساج الطبي هو جزء من علاج حالات العمود الفقري والمفاصل . هناك حالة لسيدة كانت تتلقى جلسات علاج بالمساج التايلاندي، وقد أصيبت بالشلل بعد احدى الجلسات . . ما رأيك بهذه الحالة؟ - المساج كما ذكرنا يجب أن يكون طبياً وتحت إشراف طبي، وكما وضحت فإن المساج الطبي هو جزء من العلاج وليس العلاج كله، والسيدة المذكورة تعرضت لمساج أدى إلى احداث صدمة عصبية لعمودها الفقري مما عرضها للشلل، وبحمد الله بعد فتره من العلاج بالتقويم استطاعت أن تستعيد قوامها وتمشي من جديد . كيف يعالج طب "تقويم العمود الفقري" المرضى؟ - يتم العلاج حسب الطبيب المختص المعالج، فمنهم من يستخدم الجراحة وهذه طريقة علاجية مربحة جداً من الناحية المادية ولكنها تفتقر إلى الأخلاق الطبية وقد تودي بحياة المريض، أما أنا شخصياً فأمارس تقويم العمود الفقري من دون جراحة مستخدماً أحدث الأجهزة والتقنيات الطبية . ما أسباب آلام العمود الفقري؟ - من الأسباب الأساسية الأسلوب الحياتي الممارس في البيت والعمل كاستخدام الكمبيوتر لساعات طويلة في البيت أو في العمل أو في المدرسة، والجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات وبشكل خاطئ، كما أن قلة الرياضة وقلة الحركة عند الصغار والكبار من أكبر المسببات لمشاكل العمود الفقري، وهناك أسباب ثانوية كحوادث السيارات والإصابات الرياضية وإصابات العمل التي لها آثار سلبية على العمود الفقري . كيف نتجنب مشكلات العمود الفقري والرقبة؟ - يتم تجنبها بعمل الفحص المبكر للعمود الفقري، وممارسة الرياضة، ومن المهم التقليل من ساعات الجلوس أمام الشاشات كالكمبيوتر والتلفاز والتغذية الصحية للجسم . هل هناك أعراض جانبية محتملة خاصة على النساء والحوامل؟ - نعم، توجد أعراض جانبية، وبالنسبة للحوامل فتكمن في زيادة الوزن . هل توجد تمارين علاجية؟ وما هي؟ - هناك تمارين علاجيه محددة لتتناسب مع الحالة الصحية للعمود الفقري، أما الرياضات العامة كالسباحة والمشي السريع والتمططات والإيروبيك وغيرها فهي مفيدة ولها تأثير إيجابي بشكل عام . كيف تشخص الحالات والتعامل معها بحسب نوعها؟ ومتى يتم التدخل الجراحي؟ يتم تشخيص الحالة بعد الفحص السريري وإجراء الفحوصات اللازمة كالتصوير الشعاعي والرنين المغناطيسي وتحليل الدم وفحص نسبة الهشاشة، وحسب ما جاء في كتب الطب المتقدمة فإنه يجب ألا يكون أي تدخل جراحي في منطقة العمود الفقري (الرقبة والظهر) إلا في حالات استثنائية جداً وألا يكون الدافع المادي هو المحفز لأجراء هذه العمليات . هل تذكر أبرز الحالات التي تم علاجها من دون جراحة؟ وما معوقاتها وكيف تم إنجاح العلاج؟ - هناك الكثير من الحالات لا يسعنا المجال للتكلم عنها ولكن سأسرد بعضا منها، فقد جاءت حالة من اليمن لطبيب قلب أصيب بالشلل الرباعي نتيجة جلطة دماغية وتم التعامل معها بشكل مكثف واجتهاد مميز من قبل طاقم الفريق، وقد استعاد المريض قدرته على المشي بنسبة 70% وقدرته على استخدام الأيدي 80% وذلك بفضل الله . كما أذكر قصة أخرى حيث جاءتنا حالة لسيدة مصابة بشلل نصفي نتيجة عملية في العمود الفقري تمت في ألمانيا، وبعد فترة من العلاج استطاعت السيدة أن تمشي من جديد وبلغت نسبة الإحساس بقدميها أكثر من 80% . وهناك حالة أخرى لامرأة في منتصف الأربعينات أجريت لها عملية تثبيت معدني في العمود الفقري في أحد المستشفيات، وبعد مرور فترة وجيزة من العملية أصبحت مقعدة ولكنها لم تفقد الإحساس بالقدمين، وقام فريقنا الطبي بإجراء العلاجات اللازمة فاستعادت قدرتها على المشي من جديد بفضل الله . ما التقنيات الحديثة المستخدمة في طب "تقويم العمود الفقري"؟ هل يمكن أن تذكر بعضها؟ - التقنيات المستخدمة في تقويم العمود الفقري متنوعة ومتجددة، وأساليبها وتقنياتها مختلقه، وهناك تقنيات كثيرة جداً في هذا المجال منها التحفيز العصبي للعمود الفقري، وتقنية الضغط العكسي للعمود الفقري، وتقنية الأمواج الصوتية .