مواضيع ذات صلة أحمد الجارالله المنبوذون, اليائسون عادوا الى فتح نيرانهم على القضاء في محاولة استباقية لترهيبه بعدما أيقنوا أنهم سيتجرعون, لا محالة, كأس أفعالهم بكل ما فيها من مرارة الاحكام القاسية على تسعة مبطلين منهم وعشرات مغرر بهم شاركوهم غزوة مجلس الامة في ليل الاربعاء الاسود الشهير, حين تغنى بعضهم أن أمه ولدته لمثل ذاك اليوم. هؤلاء الذين خسروا كل حروبهم, أذهب انفضاض الناس من حولهم ما تبقى لهم من صواب, وباتوا "خوارج العصر" بنظر عارفيهم, ولم يلقوا بعد أن خوت جعبهم من سهام مسمومة غير العزل والنبذ, يتوهمون أنهم باثارة غبار صبياني حول السلطة الثالثة يستطيعون تحقيق ما عجزوا عنه سابقا, وهدم أسوارها ببضع صيحات أشبه بنعيق بوم, كأنهم لم يتعلموا من دروس الماضي ومن اعتصاماتهم حول قصر العدل التي لم تفتّ من عضد القضاء او تحيده قيد أنملة عن نزاهته وعدله وقوته. لم يعد لأفعال هؤلاء أي صدى في البلاد حيث سئم الناس منهم, ولذلك كلما أطلقوا سهما طاش وزادهم الناس عزلا, فالكويت التي استعادت عافيتها بعد صدور الأمر السامي بتصحيح خلل النظام الانتخابي وسلسلة الانجازات التي حققها مجلس الامة في أشهر قليلة, وتعاون الحكومة معه, لن تستعيد كابوس نظام انتخابي زوّر الارادة الشعبية وأدى الى مخرجات نيابية كانت تقوم على شراء أصوات وإفساد ذمم, وتحالفات مصلحية تستقوي بها بعض الكتل للامساك بعصب الدولة, وليس خافيا على أحد ما وصلت اليه حال تلك المؤسسات من سوء إدارة إذ تحول بعضها مزارع لهذا النائب او ذاك, في مسعى الى انقلاب ممنهج يماشي ما حدث في كل من مصر وتونس, إنما بأسلوب مغاير. اليوم يخيَّل لهؤلاء أنهم يستطيعون زعزعة القضاء عبر سعيهم الى تشويه صورته علّهم يبعدون الكأس المرة عن شفاههم, اكان في ما يواجهونه من دعاوى أمامه حيث تنتظرهم سلسلة من الادانات, او للضغط على المحكمة الدستورية في قضية الطعن على مرسوم الصوت الواحد والعودة بنا الى المربع الاول, ويستخدمون أساليبهم الممجوجة إياها بتزيين أنفسهم أنهم المنقذون للوطن والشعب, لكن كما انفضحت اكاذيبهم وفشلوا في معارضتهم ومسيراتهم وتحركاتهم وتحريضهم وائتلافاتهم وراح كل واحد منهم يلعن الاخر, لا بد أنهم سيخسرون مجددا, فاذا كان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين, ماذا يسمى من يكرر عشرات المرات دسّ يده في الجحر ذاته؟ على هذه الجماعة التي تعاند الواقع إدراك أن لا عودة الى الوراء, وإن تغريداتهم ال"تويترية" حول القضاء ليست إلا نعيق بوم لن يرهبه, كما ان لا التصريحات او الندوات الهزيلة ستعيد الكويت الى زمن تحالفات المصالح وإثارة النعرات الطائفية او القبلية, او جرها الى حيث وصلت دول جلبت لها جماعات سياسية متخفية برداء الدين الفوضى, حيث تصبح هي مرجعية الدولة, فيما تكفّر شرائح المجتمع الاخرى, لأن الارهاب الفكري الذي يمارسونه لن يثني عزيمة الكويتيين, ولن يفت من عضد قضاء أثبت قوة شكيمته في الدفاع عن الحق, وفرض بأحكامه هيبة العدل, بل ان هذه السلطة المستقلة هي جزء من المجتمع, يدرك العاملون في صرحها ما هي مصلحة الوطن, وعوامل استقراره, والسبل الصحيحة الى رفع غبن فرضه انتهازيون على بلادهم. اليوم, فيما الكويت بدأت النهوض من وعكتها, لن يسمح أحد لقلة متضررة من تطبيق القانون بالعودة الى خطف قرار المؤسسات الدستورية مرة اخرى, من خلال تزوير الارادة الشعبية بنظام انتخابي تخلت عنه كل الديمقراطيات الحقيقية في العالم, ولن يسمح هذا الشعب الذي قال كلمته لتلك الجماعة الشاذة ان تكتم أنفاس الدولة, او ان تصمّ آذانه باصوات الابتزاز للتكسب الانتخابي, لأننا دخلنا مرحلة لم تعد تنفع فيها الاصوات العالية, بل هي مرحلة العمل والتنمية وسيادة القانون, يصونها القضاء العادل الذي سيبقى كالشمس بنزاهته لا تغطيه أصابع الابتزاز.