إعداد علي محمد الهاشم[email protected] @AliAlHashim2 ،، لم يأت أحد أفلام هوليوود الأخيرة ويحمل عنوان «سقوط أوليمبوس» (Olympus has fallen) حول محاولة استحواذ قوة إرهابية تابعة لكوريا الشمالية على البيت الأبيض للولوج إلى ترسانة الأسلحة النووية الأميركية من فراغ؛ فلقد تزامن اطلاق هذا الفيلم مع ما يحدث على الساحة الدولية على أرض الواقع من بوادر حرب على وشك الوقوع في أي لحظة ما بين الولاياتالمتحدة وحليفتها كوريا الجنوبية من جهة وبين كوريا الشمالية المتطلعة إلى التوسع جنوبا من جهة أخرى. ومع توالي تهديدات كوريا الشمالية ضد كل من الولاياتالمتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية، قد يتساءل البعض ما إمكانات كوريا الشمالية، والتي يمكن أن تدفعها إلى شن حرب ضد الولاياتالمتحدة الأميركية؟ إنها حتما الصواريخ البعيدة المدى التي تمتلكها كوريا الشمالية.،، من المعلوم لدى الخبراء المختصين بالشؤون الاستراتيجية والعسكرية، ان كلفة تطوير صاروخ باليستي (ارض - ارض) اوفر من الناحية المالية من تطوير سلاح جوي لدى دول العالم الثالث، كما انه امر بسيط من الناحية التقنية وهذا ما ادى الى انتشاره بصورة مقلقة، فعدد الدول التي باتت تملك هذا النوع من الاسلحة التكتيكية يزداد في الوقت الذي يسود فيه شعور بعدم الاستقرار على مستوى قارات العالم، في الوقت الذي تواجه دول عدة خطر تجهيز هذه الانظمة بذخائر غير تقليدية (اسلحة تدمير شامل). دولة مثيرة للقلق تحتفظ كوريا الشمالية ببرنامج فاعل لاسلحة الدمار الشامل، بالاضافة الى برنامج طموح لامتلاك صواريخ عابرة للقارات، وكانت كوريا الشمالية تعي الدرس الذي استفادت منه خلال الحرب الكورية في الخمسينات، ومذاك الوقت وهي تبحث عن نظام تسليحي يكفل لها البقاء في مواجهة اعتى دول العالم، وهي الولاياتالمتحدة الاميركية، ومحاولة اخراجها من شبه الجزيرة الكورية والسيطرة عليها، والامر الثاني الاستقلال عن الدول الداعمة لنظامها كالاتحاد السوفيتي الذي انهار والصين، والابتعاد عن نفوذ تلك الدولتين السياسي، كي لا تتلقى اوامرها منهما، وبالتالي تقع فريسة لاهواء الغير، ومن اجل ذلك ارتأت كوريا الشمالية ان افضل وسيلة لضمان ذلك هو في انشاء صناعة محلية لسلاح استراتيجي يكفل لها ذلك الامر، فكان برنامج الصواريخ الباليستية التكتيكية واقامة المفاعلات النووية للانتاج المزدوج (الطاقة والذخائر النووية). مراحل تطور البرنامج الصاروخي في بداية التسعينات أطلقت كوريا الشمالية مشروع إنتاج صواريخ من صنع محلي، هي في الأساس مبنية على «سكود C»، فقد وجدت كوريا الشمالية ان اضافة مرحلة دفع صاروخية أخرى عليه تؤدي الى مضاعفة مداه من دون ان يتم ذلك على حساب وزن رأسه الحربية، على عكس ما استخدم في الصواريخ العراقية من اضافة وصلة اضافية للصاروخ اطالت من طوله مع خفض وزن الحمولة الحربية، وهو ما قلل من كفاءة الصواريخ العراقية، وأطلق على ذلك الصاروخ الجديد لقب «نودونغ 1» وأحيانا يعرف باسم «رودونغ 1/ Rodong-1»، وقد أجري أول اختبار اطلاق لذلك الصاروخ في عام 1993، وهو يحمل من على منصات متحركة ويبلغ مداه الألف كيلومتر أي أكثر من %25 من مدى صاروخ «سكود C» الأساسي، الجدير بالذكر ان «شهاب 3» الايراني و«غوري 1/2» الباكستاني، ما هي الا نسخ تستند في تصاميمها على صاروخ «نودونغ 1» الكوري الشمالي. مكمن الخطر بعد نجاح عائلة صواريخ «نودونغ 1» ظهرت سلسلة جديدة من الصواريخ الكورية الشمالية اطلق عليها لقب «تيبودونغ Taepodong»، وابتدأت «بتيبودونغ 1» ذي المرحلتين ويبلغ مداه تقريبا ما بين 1500 الى 2000 كلم، أما النموذج الأحدث فهو ‹تيبودونغ 2› ويبلغ مداه من 4000 كلم 6000 كلم والمعلومات المتوافرة عن آلية اطلاق كلا الصاروخين هو من منصات ثابتةِ وهي قادرة على ضرب أهداف (بالنسبة للنموذج «تيبودونغ 2») تقع في الاسكا وبلوغ الشاطئ الشمالي الغربي للولايات المتحدة الاميركية وحتى جزيرة غوام/Guam التي هي تخضع للسيطرة الأميركية ويوجد بها قاعدة دائمة للبحرية هناك وهذا ما أثار قلق الولاياتالمتحدة الاميركية من قدرة تلك الصواريخ بلوغ أراضيها ويمكن لصواريخ «نودونغ 1 وتيبودونغ 1 و2» ان تحمل رؤوسا نووية أو كيماوية أو حتى بيولوجية، وتقول تقارير من ان الكوريين الشماليين تمكنوا من معالجة ذلك تقنيا، وهناك نموذج مشتق من تيبودونغ 1 ومن ثلاث مراحل هو نفسه الذي اطلق في 31 اغسطس من عام 1998 في الحادثة الشهيرة، والذي فشل وسقط بالقرب من سواحل اليابان في محاولة من بيونغ يانغ لصنع وسيلة نقل لأقمار صناعية ووضعها في مدارات حول الارض. الرد الأميركي تستعد الولاياتالمتحدة لمواجهة خطر صواريخ كوريا الشمالية ليس فقط بقوتها الضاربة وحسب بل بمنظومة دفاعية مضادة لتلك الصواريخ المعادية تتمثل من شقين مهمين: الشق الأول يتمثل بمنظومة «إيجيس» (AEGIS) العائمة والتي تحملها مدمرة بحرية قادرة على التصدي ليس للصواريخ البالستية وحسب بل وتتعدى تلك القدرة على إسقاط أقمار صناعية وتدميرها وهي في مداراتها القريبة من الأرض، وقد أثبت ذلك منذ سنوات ماضية حينما أطلقت تلك المدمرات أحد صواريخها المضادة لتدمر قمرا صناعيا قديما تابعا للولايات المتحدة في مدار منخفض حول الأرض. أما الشق الثاني فيتمثل بمنظومة «ثاد» (THAAD) العتيدة وكلتا المنظومتين «ثاد» و«إيجيس» من صنع شركة «لوكهيد مارتن» الشهيرة بصنع طائرات الستيلث الشبح. وقد قامت الولاياتالمتحدة بالفعل بنشر بطاريات صواريخ «ثاد» الأرضية في جزيرة غوام لكن الأدهى في ذلك أن كل صواريخ المنظومتين سواء تلك التي ترجع ل«إيجيس» و«ثاد» يمكن تبادل التحكم والتوجيه المشترك بينهما بل والربط بمنظومة رادارية عائمة ضخمة هي منظومة رادار الإنذار المبكر «إكس/X» مما يوسع من عملية إطلاق تلك الصواريخ للنظامين بوقت مبكر وبفعالية اعتراضية كبيرة للقضاء على الخطر الداهم الذي قد تمثله صواريخ كوريا الشمالية البالستية. مقدمة لمنظومة دفاعية عالمية إن نشوب أي حرب أو تراشق بالصواريخ ما بين الولاياتالمتحدة الأميركية وحليفتها كوريا الجنوبية من جهة وبين كوريا الشمالية من جهة أخرى سيحدد ملامح الدفاع ضد الصواريخ البالستية للعقد القادم وما بعد، فقبل ذلك رسمت أولى تلك المواجهات ما بين صاروخ وصاروخ خلال حرب عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من غزو النظام الصدامي البائد عام 1991 ومن بعده تكررت المواجهة ولو بشكل شبه محدود عام 2003 إبان الاجتياح الأميركي للعراق، وبالتالي سيبقى الدفاع الصاروخي البالستي المشترك (من قواعد عائمة بحرية وأخرى أرضية) ك«إيجيس» و«ثاد» عنصرا أساسيا للحيلولة من خطر التعرض للصواريخ البالستية والحد منها. ماذا يمكن أن تخفي كوريا الشمالية؟ يمكن لموقع كوريا الشمالية أن يشكل نقطة إيجابية لمصلحتها، حيث أنها محاطة بالمياه التي يمكن أن تصعب من عملية استهدافها من الخارج، بالإضافة إلى ارتباطها البري المباشر مع كوريا الجنوبية والذي يمكن أن يسهل من عملية توغلها إلى جارتها، وطبقا لما ذكره الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي في كتاب مذكرات حرب اكتوبر أن الكوريين الشماليين استفادوا من طبيعة بلادهم الجبلية ومن وفرة الأيدي العاملة في بناء الأنفاق الواقية من القنابل الذرية، وقد جعلوا هذه الآفاق تحتوي في باطنها مصانعهم وحتى مطاراتهم بحيث لا يظهر من ذلك المطار في باطن الجبل سوى ممر الإقلاع وهو ما قد يصعب على الولاياتالمتحدة من الرد والحد من الخطر الكوري الشمالي.