أصدرت محكمة الجنايات الكويتية أمس، حكماً له مفاعيل القنبلة، على النائب السابق وقطب المعارضة مسلم البراك بالسجن خمس سنوات مع النفاذ بتهمة المساس بذات الامير، ما قد يفتح الباب أمام تحرك جديد للمعارضة في الشارع، في حين اعتبر البراك ومحاموه الحكم غير قانوني، ولكنه أكد أنه سيسلم نفسه لشرطة التنفيذ القضائي، غير أن مناصريه شكلوا ما يشبه السلسلة البشرية أمام منزله لعرقلة اعتقاله. وأعلن قاضي محكمة البداية وائل العتيقي في جلسة الحكم، التي لم يحضرها النائب السابق، أن المحكمة «حكمت بحبس المتهم مسلم البراك خمس سنوات مع الشغل والنفاذ». وكانت المحكمة وجهت للبراك عدة تهم من بينها التطاول على مسند الإمارة والإساءة للذات الأميرية بسبب خطابه الشهير في أكتوبر من العام الماضي بساحة الإرادة خلال ندوة بعنوان «كفى عبثا»، التي انتهت بصدامات مع القوات الخاصة، بتهمة العيب في الذات الأميرية والتطاول على مسند الإمارة. حكم باطل وقال المحامي عبد الله الاحمد لوكالة «فرانس برس» إن «الحكم باطل لانه ينتهك الاصول القانونية للمحاكمة ولأنه فشل في تقديم الضمانات الكافية للدفاع»، مضيفاً القول: «سنقوم بالطعن بالحكم أمام محكمة الاستئناف». وكان محامو البراك انسحبوا الاسبوع الماضي من جلسة محاكمته بعد أن رفض القاضي طلبات للاستماع الى شهود الدفاع ومن بينهم نواب سابقون ورئيس الوزراء، حسب ما أفاد احد أعضاء فريق الدفاع. واعتبرت المحكمة أن انسحاب المحامين من الجلسة الماضية كان القصد منه إطالة أمد التقاضي والمماطلة تجنبا لصدور الحكم. وبعد أن انسحب فريق الدفاع من القاعة، طلب البراك من القاضي وائل العتيقي تأجيل المحاكمة الى أن يتسنى له توكيل محام جديد. إلا أن القاضي رفض وعين جلسة أمس (الاثنين) للحكم. وكان يفترض أن تستمع المحكمة الى الدفوع الاخيرة من قبل فريق دفاع البراك في جلسة الأمس، واعتبر فريق الدفاع حينها أن تحديد موعد لجلسة الحكم «غير قانوني» وأن «اي حكم في القضية يعتبر باطلا وملغى». تضامن في غضون ذلك توالت ردود الفعل على حكم البراك، إذ تجمع المئات من أنصار النائب السابق في منزله بمنطقة الاندلس التي تبعد حوالى 20 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الكويتية، وذلك لتأكيد تضامنهم معه، وتشكيل سلسلة بشرية لمنع اعتقاله. وأعاد الحكم أجواء الاحتقان السياسي، لاسيما بعد وصف المعارضة الحكم ب«السياسي» متوعدة بتصعيد في الشارع ضد الحكومة من خلال المسيرات والمظاهرات المناوئة. وبينما أكد البراك بأنه سيقوم بتنفيذ الحكم حال وصول إدارة التنفيذ إلى منزله، قال إن «الحكم الصادر ضدي باطل»، مؤكداً أنه «سيكون خلف القضبان أقوى من البراك خارج القضبان». قضية سياسية وقال البراك مخاطبا الحضور أمام منزله: «القضية ليست قضية تسليم أو عدم تسليم.. أنا صاحب قضية سياسية.. وأنا عندما قلت ما قلته، كنت أريد للعالم أن يسمع ما يحدث في الكويت»، مضيفا القول: «أنا قلت ما قلته لأنني مؤمن فيه، وصاحب القضية لا يهرب ولا يتوارى، وصاحب القضية يقول لإدارة التنفيذ الجنائي حياكم الله بأي وقت، وشرطي عليكم واحد، هما أمران (تناول فنجان قهوة ومراعاة الكرامة) وحقي عليهم أمر تنفيذ الحكم بصورته الأصلية، مع أن الحكم باطل وخالف القانون وهو حكم سياسي خالف المادة 34 من الدستور، وخالف المادة 120 من قانون الإجراءات الجزائية، وخالف البند 3 من المادة 14 من القانون 12 لسنة 1996 بشأن اتفاقية العهد الدولي لحماية المتهمين». تصعيد حتمي من جهته، تنبأ المحلل السياسي المستقل محمد العجمي تعليقا على الحكم بأن «التصعيد أصبح حتميا بعد الحكم على البراك وذلك لثقله السياسي ولكونه رمزا مهما للمعارضة الكويتية»، مضيفاً القول إن «الحكم تطور مهم وخطير وكبير والامور متجهة نحو التسخين. والقادم من الايام سيشهد حالة من التصعيد ولربما يجمع المعارضة التي كانت تعاني من انقسام». نفق مظلم بدوره قال النائب السابق مبارك الوعلان موجهاً كلامه للحكومة: «أدخلتم البلد بنفق مظلم لايمكن لأحد أن يتنبأ بنتائجه بهذا الحكم السياسي على مسلم البراك»، مشيرا إلى أن رد الفعل سينطلق من ديوان البراك ويجب رد الجميل لمسلم البراك ولجميع الشباب «المغردين» المسجونين على خلفية قضايا الحرية، وأضاف: «الحقوق تنتزع انتزاعا ولاتعطى ولاتوهب، والآن سيحدد الشعب مستقبله ولن نخذل البراك». من جهته قال النائب السابق عبدالرحمن العنجري إن «الحكم سياسي سياسي بامتياز.. بعيد عن قواعد العدالة والضمانات الحقه للمدعي عليه، لافتا إلى عدم تمكين المحكمة من استدعاء الشهود التي طلبها المدعي عليه يعد تجاوزا على القانون». من ناحيته قال عضو المجلس المبطل د. خالد شخيّر: «اقسم بالله لأعيد خطاب مسلم البراك وأقول اليوم لايوجد كلام بل هناك فعل، وسيكون أمام منزل البراك». كما أوضح النائب السابق عبدالله البرغش أن «الأمة ستنتفض اليوم لتعبر عن رفضها لكل ما يجري». تدابير أمنية تم اصدار الحكم أمس في ظل تدابير امنية مشددة داخل وخارج مجمع قصر العدل. وسمح لعدد من المواطنين بالدخول الى الرواق بالقرب من قاعة المحاكمة بعد التأكد من هوياتهم، فيما منع من لا شأن له بالمحاكمة من الدخول. وانخفض مؤشر بورصة الكويت بنسبة 1.4 في المئة بعد صدور الحكم.