عاشت الساحة التاريخيّة "باب المكينة" بمدينة فاس العريقة حفلة لا تُنتسى، حفرت في ذاكرة سكّان وزوّار المدينة، وأحيتها الفنّانة السوريّة أصالة نصري، وتفاعل الجمهور العربيّ والأجنبيّ مع مقطوعاتها الغنائيّة بشكل مثير للغاية. وارتدت أصالة تصميماً فريداً لزيّ مغربيّ منحها حضوراً خاصّاً على خشبة "باب المكينة"، الفضاء الذي يحمل عبق التاريخ المغربيّ. واعترفت الفنانة نصري خلال الحفلة أنّها كانت "مرعوبة وخائفة" حين صعدت إلى الخشبة، لكنّ حرارة اللقاء والأجواء العامّة للحفلة أنستها هذا الخوف وساعدتها في تجاوز "رهبة اللحظة". وحملت الفنّانة أصالة نصري جمهور مهرجان فاس للموسيقى العريقة إلى مجد الأغنية العربيّة وإلى الإيقاع الطربيّ الأصيل بصوتها الفيّاض وبالإيقاعات المتداخلة التي تبرز تعدّد وتنوّع المقامات الفنيّة العربيّة. وفي التفاتة منها، طلبت الفنانة أصالة نصري من الجمهور، خلال الحفلة، أن يسامحها على الهفوات البسيطة التي قد تكون حدثت لتُنهي هذا العرس الفنيّ بأغنية "سامحتك". وتمكّنت أصالة نصري، خلال الحفلة الفنيّة، أن تحمل الجمهور، الذي ضاقت به جنبات الفضاء التاريخيّ "باب المكينة"، في رحلة روحيّة ممتعة إلى الشرق والشام تحديداً، حيث المقامات والألوان الموسيقية العريقة والتجدّد والتنوّع في الألحان وضبط الأداء على إيقاع أنغام تأسر القلب وتسمو بالروح إلى مدارج الصفاء. وغنّت نصري، رفقة فرقتها الموسيقيّة بقيادة المايسترو يحيى الموجي، أعمالاً، مثل: "مقولتليش" ذات الإيقاع الأندلسيّ المبهر والسريع شيئاً ما، والذي تحتلّ فيه القيثارة ونغماتها مساحات كبيرة، كما أدّت مجموعة من الأغاني التي تحتفي بالمحبّة واللقاء ومعاتبة الحبيب والشكوى من الشوق والفراق ومن الهجر والصدّ، من قبيل: "ما بقاش أنا" و"إلى متى" و"لو مارجعتش" وغيرها، قبل أن تؤدّي أغنية مغربيّة هي "جوني مار" للفنّانة أسماء المنوّر بإحساس أبهر الجمهور. وكانت أصالة قد عقدت قبل ذلك ندوة صحافيّة، قالت فيها إنّها حضّرت لجمهور "باب المكينة" عملاً هو عبارة عن قطعة موسيقيّة هيّأتها بهذه المناسبة، وغنّت فيها للفنّ باعتباره "بلسماً للجراح"، كما احتفت فيها بكلّ أولئك الذين "يُقدّرون الأشياء"، وبكلّ من "أبدع في الفنّ بمختلف تجلّياته". واعتبرت أصالة أنّ إحياءها للحفلة ضمن فعاليات مهرجان فاس للموسيقى العالميّة العريقة، هو بمثابة جائزة كبرى تحصل عليها بعد سنين في خدمة الفنّ والأغنية العربيّة".