قال لي في ألَمٍ :قبلَ ثلاثينَ سنةْ. كان في تلك الروابي مئذنةْ. أطلقتْ في البلدةِ الحرّة أصداءَ الأذانْ. ومسافاتِ الزمانْ. كنتُ والصِّبْيةُ مثلي، نتروَّى منهُ عشقاً خالصاً حدَّ التَّمامْ. وكبارُ الحيِّ كانوا كلما نادى ببلدتنا يجيبون النِّداءْ. ويقولون وهُمْ في دربهمْ :يا أيّها الأطفال هيّا للفلاحْ. ثُمّ كنّا، نُوقفُ اللعبةَ في بحرثوانْ. كم مضينا خلفهمْ. وحَدانا ذلك الصوتُ وذيّاكَ الأذانْ. ولأسبابٍ كثيرةْ. أصبحتْ في الدّرب أشياءٌ عَثيرةْ. وتَغرّبنا كثيراً في البلاد النائيةْ. واحتوتْنا بشقاها الساقيةْ. ثمّلمّا عادَتِ الأبدانُ، وانساقتْ إلى حيث الطفولة والصِّبا. لم تجدْ طعم الذي بالأمس كان الحلوَ في تلك الرُّبى. فارتمتْ حسرى على ماضي الزمانْ. أين ذاك الحبُّ ولّى؟ أين تغريدُ البلابلِ واليمامْ؟ أين ضيعنا الوئامْ؟ فأجابتنا على قَدْر السؤالْ. بنداءٍ لم يكنْ مثل النّداء الأوّلِ. لستُ أدري. هل أصدِّقْ؟ كان فيهِ سِنُّ لَدغةْ. وشعورٌ أنّهُ كان مُدبّبْ. لم أجدْ ذاك الرحيقَ الحلوَ والصوتَ الرخيمْ. فتساءلتُ فقالوا: عِلمُك الماضي قديمْ. نحنُ في عصر التشددْ. بينما انظر في الأرض الفسادْ. وأناساً نهبوا الأموالَ، والأرض اليبابْ! جاءنا الطوفانُ، والتجأتْ جموع الناس قُربَ المئذنةْ. كم رأينا في البلاد النائيةْ. صوراً شوهاءَ خلَّفها القتالْ. ثم هاجتْ ريحها نحو القنالْ. كم مضتْ بغدادُ في حربٍ ضَروسْ. وبلبنانَ انقسامْ. وبسوريّا انتقامْ. ثم جاءت للكِنانةْ. ربِّ سلّمها وسلمنا إذا حمي الوطيسْ. قيلَ في الماضي، بأنَّ لكل وقتٍ صرخةٌ وأذانْ. صار فينا اليومَ حتْمٌ كلُّ حزبٍ يقتدي بأذانْ! إنه الإسلام في هذا الزمانْ. لو تكرَّمتَ وأحببْتَ فقلْ لي : أين ضيّعنا الرَّوابي والرّجا والمئذنةْ؟ [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (60) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain