تناول مركز ابحاث اوروبي موضوع العلاقات الايرانية الاميركية، واستنتج ان العقبة الاساس امام التوصل الى اتفاق نووي وامام العلاقات الايرانية الاميركية، هم حلفاء اميركا في المنطقة. بروكسل (مواقع) كتب معهد دراسات "مجلس العلاقات الخارجية الاوروبي" في مقال له، ان أغلب القضايا التي قد تسبب الأرق لباراك اوباما، يمكن حلها عبر مختلف السبل: الطائرات التجسسية، العقوبات، عمليات التفتيش، او حتى التهديد بالتدخل. الا ان المشكلة الاكبر تكمن في كيفية منع الحلفاء من تدمير ما يعد مكسبا اساسيا لولايته الثانية: الاستئناف التاريخي للعلاقات مع ايران. فعندما يصل الامر للشرق الاوسط، فإن اكبر العوائق التي تواجه اوباما تأتي من قبل حلفائه لا اعدائه. ومع امكانية عقد اجتماع ثنائي بين اميركا وايران في جنيف، ومع دعم الاتفاق الاميركي الروسي بشأن الاسلحة الكيمياوية السورية، تبدو في الأفق بوادر تبعث على الأمل بأن يتحول النظام الايراني من خصم الى شريك لأميركا. * العلاقات مع ايران تحظى بأهمية قصوى لأميركا من السابق لأوانه ان ندرك، هل بإمكان الرئيس الايراني، حسن روحاني، تسجيل اختراق ام لا؟ لكن مع اجتماع الدبلوماسيين في جنيف للتفاوض مع منظمة الاممالمتحدة، يمكن الادراك بسهولة انه لماذا عقد الرئيس اوباما أمله على هذا الاتفاق الى هذا الحد؟ وقد اوضح لي احد الاعضاء السابقين في الكونغرس ممن يعرفون اوباما، بنفس القدر الذي تحظى به قضية الصحة والعلاج في الداخل من اهمية، فإن الاتفاق مع ايران قد يشكل منعطفا؛ وبالضبط كموضوع الصحة والعلاج، فإن التحالف مع ايران قد تم تجاهله من قبل الرئيس "بيل كلينتون". وقد التفت اوباما الى خطر نشوب حرب طائفية واقليمة في الشرق الاوسط. واذا فشلت العلاقات الدبلوماسية مع ايران، سيكون اوباما لدى الرأي العام كشخص أثار حربين جديدتين في الشرق الاوسط - مع سوريا ومع ايران - في الشرق الاوسط بدلا من كونه من أنهى حربي العراق وافغانستان. * اهداف روحاني واضحة تماما ويبدو ان الاهداف التي طرحها "روحاني" واضحة: عكس مسار العقوبات ضد ايران من اجل تحسين الظروف الاقتصادي ورفع مكانة بلاده. وقال لي خافيير سولانا - الدبلوماسي الاوروبي السابق رفيع المستوى الذي بدأ المفاوضات مع روحاني عندما كان مسؤولا عن المفاوضات النووية من الجانب الايراني - قال: "ان روحاني شخص منطقي يمكن التعامل معه". ومنذ توليه السلطة، اتخذ روحاني خطوات من اجل تغيير الظروف. حيث اختار "محمد جواد ظريف" الدبلوماسي الداهية الموالي للغرب، وزيرا للخارجية وأوكل اليه مهمة الملف النووي بعد ان سحبها من المجلس الاعلى للامن القومي. والملفت اكثر انه عيّن "علي شمخاني" احد ابطال الحرب، وهو ايراني من اصول عربية، رئيسا للمجلس الاعلى للامن القومي. * ليس الكل راضون عن آفاق التقارب بين هذين الخصمين التاريخيين في مفاوضات جنيف، دعا ظريف الى طرح خارطة طريق للتوصل الى اتفاق نووي في غضون سنة واحدة، مع تطبيق معايير بناء الثقة في مجال البرنامج النووي وإلغاء اغلب العقوبات والمشكلات الدبلوماسية. واشار الى رغبة ايران في الحد من تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية واستخدام السبل الاخرى لطمأنة العالم بأن ايران لن تكون قادرة على تصنيع القنبلة النووية. وفيما اذا حصل تقدم في المفاوضات، فسيكون من الممكن تطبيع العلاقات بين اميركا وايران والتحرك نحو حل سياسي في سوريا. لكن ليس الكل راضون عن آفاق التقارب بين هذين الخصمين التاريخيين. فحلفاء اميركا كاسرائيل والسعودية، قلقتين من ان تدفعا ثمن هذه المصالحة من مصالحهما الرئيسية. * اسرائيل والسعودية تعارضان الصداقة بين ايران واميركا وإذ يستعد الدبلوماسيون للمفاوضات في جنيف، صرح "بنيامين نتنياهو" ان خفض الضغوط على ايران في الوقت الراهن خطأ كبير، لأن العقوبات بدأت للتو بإعطاء ثمارها. ان ضغوط نتنياهو تأتي بالتحديد على وزير الخارجية الاميركية، جون كيري، الذي ركز كثيرا على السلام بين اسرائيل وفلسطين. وأقوى اقتراح قدمته واشنطن لإيران هو إلغاء العقوبات - الامر الذي يتطلب موافقة الكونغرس. * عربستان تستغل القضية السورية ضد ايران الحليف الآخر لأميركا - المملكة العربية السعودية - تبدي موقفا اكثر غموضا. فالرياض وبدلا من الاعتماد على السياسات الاميركية لتدمير علاقاتها مع ايران، تمارس ضغوطا اكبر على الحروب بالوكالة، وخاصة في سوريا، من اجل الإخلال في التوصل الى اتفاق نووي والقضاء على فكرة التفاوض من اجل التوصل الى حل سياسي للازمة السورية. وقد قال لي مسؤول سعودي بارز ان الرياض تعارض تماما القبول بأي مسار دبلوماسي مع ايران والاسد، وادعى ان السعودية تستخدم موارد غير محدودة من اجل الانتصار في هذه الحرب. مثلما يقول "مارك لينتش" في "فورين بوليسي"، "السعودية تود دوما ان تحارب ايران حتى مقتل آخر جندي اميركي (او سوري)". * الحصول على نفوذ لدى الدول المعادية اسهل من الدول الصديقة كلما تزداد السياسات الداخلية في اميركا تفاقما، كلما ازداد اوباما بحثا عن المصداقية في خارج البلاد، وسرعا ما سينتقل الاحباط لدى الكونغرس في الداخل الى الحلفاء الخارجيين. ومثلما تشير حالتي اسرائيل والسعودية، فإن الحصول على نفوذ لدى الدول المعادية اسهل من الحصول على نفوذ لدى الدول الصديقة والحليفة. فعادة ما يكون التعامل سهلا في العلاقات التي يفترض فيها الجانبان (وغالبا على الخطأ) على المصالح المتبادلة. * خطاب اوباما في منظمة الاممالمتحدة كان خطرا على حلفائه خلال اجتماع الجميعة العامة لمنظمة الاممالمتحدة، تحدث اوباما عن ملل الشعب الاميركي من الحرب، وتحدث بشكل غير دبلوماسي عن الرغبة بعدم التدخل في سائر الدول والناجم عن الاكتفاء الذاتي. حيث قال: اننا نرغب بأن نوفر الطاقة من الدول التي تريد ان تتعاون معنا. ويبدو ان هذا التصريح انذار للحكام الديكتاتوريين العرب، ولكن وبنظرة فاحصة، قد يكون انذارا لأقرب حلفائه: تعاونوا معنا او سنتخلى عنكم. ويبدو ان اوباما بصدد استخدام كلام ارميا النبي الذي قال باكيا في كتاب العهد العتيق "احذروا اصدقاءكم؛ ولا تثقوا بأحد في قبيلتكم". /2926/