خريف يطاول الشّمس قراءة بقلم محمود أبو قطيش خريف يطاول الشّمس رواية صدرت حديثًا – تموز 2013- للكاتبة المقدسيّة نزهة أبو غوش في 240 صفحة عن المؤسسة الفلسطينيّة للتّوزيع والنّشر. لقد شدتني أحداث الرّواية، وجعلتني أشعر أنّها جزء من مأساة ومعاناة قريبة مني، أدور مع دورانها، الذي يرمز الى دوران شعب طالت معاناته عنان السماء، وأسمعت آذان صماء. نجحت الكاتبة نزهة أبو غوش أن تؤرجح القارئ وتضعه في أرجوزة الزمان والمكان؛ ليتذوق ويعاني معاناة فئة من شعب همشت، ولم يؤخذ بالحسبان مأساتها ومعاناتها؛ لعدم توثيق تاريخها. أرى أنّ هذه الرواية الأُولى الّتي تجسّد الحقيقة بتقنية فنيّة، وواقعية يتعذر فيها الفصل بين خيال الكاتبة والكتابة الوثائقية، فمرة تأخذك الى وقائع تاريخية موثقة وتناقضات لواقع عربي مرير، وازدواجية معايير وقيم لمحتل بغيض، وتهاون وتبريرات لمجتمع أبى الا الرضوخ لحثالة البشرية. لفت انتباهي الرمزية للقيادات الفلسطينية والعربية، فعندما اعتمد الفلسطينيون في القيادة على غيرهم والمتمثلة في (أبو مرزوق) كاد ان يهوي بهم الى هاوية واستغلّهم لمصلحته وأنانيته، حتّى فيما يتعلق بأساسيات ومقومات الحياة، مثل شربة الماء الّذي كان يساوم عليها وأخذ ثمنها من اللاجئين. عندما اعتمد المهاجرون على أنفسهم وصارت لهم القيادة المتمثلة في وردة، الشّخصيّة الرّئيسيّة في الرواية. الّتي ترمز للقوّة والتّحدي، حيث استطاعت أن تتحدى الصعاب والجبال والوديان والعثرات، مستغلة كل ذرة حبّ وحنان لبلدها وذكرى الشّهداء ولم تتخلى - رغم معناتها- عن الصالح العام، والقضية الأساسية فذكرت القائد الشهيد بأذن الله عدد القادر الحسني رحمه وطيب ثراه، وجمعنا معه وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلّم في جنة الفردوس. شخصيّة (أبو مرزوق) ترمز ألى القادة العرب الذين همّهم ملأ جيوبهم وكروشهم على حساب معاناة شعوبهم. استطاعت الكاتبة ان تصل لمرحلة الإِثارة الفنيّة المدهشة بواقعية خالية من التعقيدات الفلسفية التي لا حاجة بها، وان تصرخ في وجه التّاريخ وتضع قدمها على رأس الخذلان وخيانة العهود والمواثيق للاستعمار الانجليزي والتواطؤ الصهيوصليبي، وتقاعس القيادة العربية؛ للوصول الى السّؤال المفزع المرير الذي يعصر الوجدان لماذا؟ وكيف وصل بنا الحال الى ما نحن عليه ؟؟؟ رغم النذر والتكهنات والهواجس، دخان يعمي العيون، والأمل بالعودة رذاذ من طلّ وصراع ما بين الدّخان والرّذاذ؛ دخان تمثله قوى عاتية مستحكمة خطّطت ودرست وأعدّت وبين رذاذ من نقاط ماء لريّ صحارى شاسعة من التخاذل والتّآمر، وعدم الوعي وقلة الإيثار وتضافر الظروف ضد الضحية الممزوج دمها بتراب أرضها، وقدرها بمعاناتها وتخلي أُمتها مُزج في قسوة عدوّها . هذا الرذاذ الرّطب متمثل في القائد وزوج وردة وعلي ووردة وأقرانهم من الشّهداء والمناضلين. إِنّ الرمزية التي حملتها الرّواية زادت من رونقها وعمقها وتأثيرها، حيث منحت ذوقاً شدّ القارئ، فقرأها بقلبه قبل عقله . إِنّ خروج علي من الصّندوق هو الكنز المخبّأ في محاريب الجوامع وعليه تعول الكاتبة في دحر وهزم العدو الدّخيل على الجامع، الذي لم يستطع فك رموز المخبّأ له والمنتظر والأمل المنبثق من رمز الأيمان بالمسجد. متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم تقم بتفعيله. ما هذا ؟ Bookmarks هي طريقة لتخزين وتنظيم وادارة مفضلتك الشخصية من مواقع الانترنت .. هذه بعض اشهر المواقع التي تقدم لك هذه الخدمة ، والتي تمكنك من حفظ مفضلتك الشخصية والوصول اليها في اي وقت ومن اي مكان يتصل بالانترنت للمزيد من المعلومات مفضلة اجتماعية