سهاد عثمان قراءّة في كتاب " خريف يطاول الشّمس" للأديبة: نزهة أبو غوش خريف يطاول الشّمس رواية للكاتبة نزهة أبو غوش في 240 صفحة عن المؤسّسة الفلسطينيّة للنّشر والتّوزيع. أنا مربيّة أطفال في مدرسة أبو غوش/ القدس، ومحاضرة في كليّة سخنين لدار المعلمين، والمؤلّفة هي والدتي الّتي أعتزّ بها كثيرًا . لقد تربّيت على قيم ومعايير وتراث وأخلاق عربيّة فلسطينيّة. عرفت التّاريخ من فم الآباء والأجداد، سمعته وما زلت أجترّه . أجد صعوبة بالغة في توصيل ما تعلّمته لأبنائي – طلابي، وأولادي- الّذين همّهم هو الوسائل التّكنولوجيّة الّتي يشتقّون منها معرفتهم، ويضيّعون وقتهم وهم بعيدون جدًّا عن أي شيء اسمه التّاريخ، وهم يحفظونه ؛ من أجل الامتحان فقط وبصعوبة بالغة. قرأت رواية" خريف يطاول الشّمس" فوجدت تاريخ قضيّتنا مفروشًا أمامي بلغة سلسة تشجّع على القراءَة، يكثر فيها عنصر التّشويق والإِثارة. العاطفة، تناسب الأحداث. أحداث الرّاحلين عام 1948، المهجّرين، المبعدين عن أراضهم ووطنهم. يغلب عليها الحزن والأسى، والألم، والفقدان والضّياع، والقليل القليل من الفرح المسروق. وجدت أمامي تراثًا فلسطينيًّا بحتًا: الأغاني، الأهازيج الشّعبيّة، التراويد، أغاني الحسرة والفراق، أغاني الفرح في الأعراس، والطّهور، ووقت الحصاد.. أرى في هذه الرّواية تعويضًا للأبناء عن التّاريخ الّذي لا يحبون قراءَته، وإِنّهم سيفهمون الأحداث التّاريخيّة الواقعيّة الّتي وضعت في قالب روائي جميل يشجّعهم على القراءَة. تناولت الرّواية جوانب الحياة المختلفة: الاقتصاديّة، والعلميّة، والدّينيّة، وقد ظهر ذلك على الشّخصيّات في الرّواية الّذين تأثّرت نفسيّاتهم بدرجات مختلفة: الحاجّة فوزيّة وصلت مشفى الأمراض النّفسيّة في بيت لحم. عبد الحكيم، عمل جاهدًا ؛ من أجل رفع معنويّاته ومعنويّات أُسرته، فلم يقبل أن يسكن في خيام اللاجئين، واستأجر بيتًا حقيرًا. علي، عاش صراعًا مريرًا ما بين عقله وقلبه. قال له قلبه عُد لمحبوبتك وابقَ معها في الغربة مع المهجّرين؛ وقال له عقله: عُد لوطنك لأرضك، حارب ، جاهد، قاوم المحتلّ. تغلّب أخيرًا عقله على قلبه. أمّا شخصيّة البطلة وردة فكانت أكثر الشّخصيّات تأثُرًا بالواقع الجديد. حزنت وتألّمت لفقدان زوجها الّذي داس على لغم مزروع بالأرض، قاومت حزنها وألمها، تحدّت. قاومت. قرّرت العودة مع أبنائها بأيّ ثمن. عاشت صراعًا مريرًا بين أن تعيش في أرضها ووطنها، شرط أن تملك هويّة جديدة ألا وهي هويّة المحتل، أو أن ترفض هذه الهويّة وتعيش لاجئة مع اللاجئين الآخرين؛ فقرّرت أخيرًا العودة مهما كان الثّمن. شخصيّة أُم عبد العزيز الّتي فقدت ولدها ثائرًا ولم تعرف طريقه، عاشت هي أيضًا صراعًا ما بين عودة ولدها لحضنها، أو عيشه بعيدًا عنها بين الجبال وفي المغر مهدّدًا بالمخاطر. كذلك عائلك عبد الواحد ورفيقة الّتي عاشت داخل المخيّم تستجدي لقمة العيش بعد عيشها معزّزة في بلدتهم لفتا. كيف رحل الأهل، وكيف تشتّتوا، وكيف فقدوا أرواحهم؛ من أجل العودة، وكيف كانت رحلة الضّياع ، ومن ساهم في ضياع الأرض والوطن؟ كلّ ذلك سيفهمه الأبناء والأحفاد من خلال رواية خريف يطاول الشّمس، وسوف يعرفون لأيّ مدىً وصل هذا الخريف؟ ربّما يحفّزهم هذا على صنع ربيع أخضر جميل مزهر. أشكرك والدتي أيّتها الكاتبة المبدعة على كلّ ما صنعته؛ من أجل أبنائنا. متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم تقم بتفعيله. ما هذا ؟ Bookmarks هي طريقة لتخزين وتنظيم وادارة مفضلتك الشخصية من مواقع الانترنت .. هذه بعض اشهر المواقع التي تقدم لك هذه الخدمة ، والتي تمكنك من حفظ مفضلتك الشخصية والوصول اليها في اي وقت ومن اي مكان يتصل بالانترنت للمزيد من المعلومات مفضلة اجتماعية