بسم الله الرحمن الرحيم وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين .. أخي السائل والسائلة لقد سبق عرض خلافة الملكوت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها لأنها مسؤولية كُبرى سوف يسألهم الله عنها، فخشيت السموات والأرض والجبال من حمل هذه الأمانة الكُبرى فهي أعظمُ مسؤولية في الكتاب. ثم عرضها الله على آدم من بعد خلقه فقبلها وحملها حُباً في المُلك وليس طمعاً في تحقيق اسم الله الأعظم الذي جعل الله فيه السر من خلق آدم وزوجته وخلق الملكوت كُله ليعبدون نعيم رضوان الله، ولذلك خلقهم ليعبدون نعيم رضوان الله . ولكن آدم وزوجته يجهلون حقيقة اسم الله الأعظم الذي جعله الله صفة لرضوانه على عباده النعيم الأعظم من نعيم ملكوت الدُنيا والآخرة. وقبل آدم أمانة الخلافة على الجن والملائكة والإنس من ذريته طمعاً في الملك، ولذلك جعل الله فتنته بسبب حُبه للملك ولولا حُبه للملك لما استطاع إبليس فتنته هو وزوجته. ولم يأكل آدم وزوجته من الشجرة إلا حين كذب عليه إبليس وقال: { يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه:120] قال : {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿20﴾ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴿21﴾} [الأعراف] وكذب عدو الله اللعين.. ونظراً لحُب آدم وزوجته للملك والنعيم الذي جعلهما الله مُسخلفين فيه أكلا من الشجرة ليدوم ملكهما فيكونا فيه من الخالدين تصديقاً منهم بقسم إبليس إن الله ما نهاهما عن هذه الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها إلا لأنهما إذا أكلا منها لن يشيخا ولن يموتا ثم يكونوا في هذا الملك الذي هم فيه لمن الخالدين. فعصى آدم ربه فغوى نظراً لجهله بحقيقة اسم الله الأعظم الذي يوجد فيه سر خلقهم هو وزوجته، ويوجد في حقيقة اسم الله الأعظم سر خلق الملكوت كُله ولم يعلموا أن رضوان الله لهو النعيم الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة . ولكن مَنْ عبد الله كما ينبغي أن يُعبد وحقق الهدف من خلقه أتاه الله ملكوت الآخرة والأولى، تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿24﴾ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿25﴾} صدق الله العظيم [النجم] ومالك الملك هو الله وحده. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:26] وسلامٌ على المُرسلين ... والحمدُ لله رب العالمين. المُفتي بعلم الكتاب خليفة الله عبد النعيم الأعظم، الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.