أيها الإمام المهدي، ما قصة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتحكيم العقول؟ ويا أُمَّة الإسلام والله الذي لا إله غيره، إنكم لن تتبعوا الحق حتى تنسون الروايات التي بين أيديكم عن أسلافكم فقد أضلّكم علماؤكم عن سواء السبيل بسبب تفسيرهم لكلام الله بالظن الذي لا يُُغني من الحق شيئاً. وأعوذُ بالله أن أكون كمثل عُلمائكم الذين اتبعوا أمر الشيطان وعصوا أمر الرحمن، ولربما يزأر على المهدي المنتظر أحد عُلماء الشيعة أو السنة والجماعة وكأنه ليث غضنفر وهو مُعرض عن الذكر فيقول: احترم نفسك يا من تزعم أنك المهدي المنتظر فتقول على عُلماء المُسلمين أنهم أطاعوا أمر الشيطان وعصوا أمر الرحمن فكيف تكون المهدي المنتظر وأنت تفتري علينا نحن عُلماء الأمة المُرشدين للبشر في جميع الأقطار بل نحن أنوار على المنابر في بيوت الله لتذكير البشر .. ومن ثم يرُد عليه المهدي المنتظر وأقول: فبئس الذكر ذِكركم و بئس الوعظ وعظكم وبئس العلم عِلمكم إلا قليلاً. وأقسمُ بمن رفع السبع الشداد وثبت الأرض بِالأوتاد أنكم اتبعتم أمر الشيطان الذي أمركُم أن تقولوا على الله مالا تعلمون وعصيتم أمر الرحمن الذي أمركُم وحرّم عليكم أن تقولوا على الله مالا تعلمون. فأعرضتم عن أمر الرحمن واتبعتُم أمر الشيطان، وفسرتُم القُرآن من ذات أنفُسِكُم بالظن الذي لا يُغني من الحق شيئاً ولذلك اتبعتم مُتشابهه وأعرضتم عن مُحكمه الذي لا يحتاج لتأويل وهو الحق المُحكم من ربكم. ولكن في قلوبكم زيغ عن الحق الأبلج في الآيات المُحكمات وأمركم الله أن تتبعوا آيات الكتاب المُحكمات البينات لِعالمكُم و جاهِلكُم وأما الآيات المُتشابهات فلم يأمُركم الله إلا بالإيمان بها فقط فتردون علم تأويلها للذي لا يعلم بتأويل المُتشابه سواه الله رب العالمين، ويُعلّم بِهنَّ من يشاء من عباده فبالله عليكم ألم نُحاجكم بِالآيات المُحكمات ولكِنكُم تذروها وراء ظُهوركم ثم تُحاجوني بالآيات المُتشابهات ومن ثم آتيكم بتأويلها الحق فأخرس ألسنتكُم ومن ثم تصمتون يا معشر عُلماء الأمة الذين حاوروني كثيرٌ منكم حتى إذا وجدوني هيمنت عليهم بالآيات المُحكمات ثم هيمنت عليهم بسلطان علم المُتشابه من القرآن فإذا هم يصمتون فيقولون فهل هذا هو المهدي المنتظر أم شيطان أشر؟ ولا يزالون في ريبهم يترددون كمثل الكافرين حتى يرون العذاب الأليم . ولكن الحمدُ لله الذي جعل من أنصار المهدي المنتظر في ذات البشر، وهي عقولهم ، ولكنهم عصوا عقولهم التي لا تعمى، وذلك لأن سبب صمت عُلماء المُسلمين هي أن عقولهم لا تخالف لدعوة المهدي المنتظر وتقول لهم إنكم أنتُم الظالِمون ولكنهم لا يوقنون بحكم عقولهم بينهم وبين المهدي المنتظر كما لم يوقن قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام بحكم الطرف الثالث الذي حكم بين رسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وبين قومه، غير أن نبي الله إبراهيم لم يعلم بهذا الحكم الحق ولكن قومه علموا بالحكم بينهم وبين إبراهيم ولكنهم لم يستجيبوا للحكم الحق. و لربما يود أحد عُلماء الأمة أن يقاطعني فيقول ومنهم هؤلاء الحكام ( العقول ) الذين حكموا بين رسول الله إبراهيم وقومه؟ ثم يرد عليه المهدي المنتظر وأقول: { فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ } صدق الله العظيم [الأنبياء:64] فانظر أيها العالم من هُم الذين حكموا بين رسول الله إبراهيم وقومه وقالوا لقوم إبراهيم {فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم، وسوف تجد أن هذا الحُكم الحق صدر من عقول قوم إبراهيم فتوى إلى أنفُسِهمْ حين رجعوا إلى أنفُسِهمْ بالتفكير، فقالت عقولهم لأنفسِهمْ إنكم أنتم الظالمون. وكُل واحد من قوم إبراهيم تلقى الفتوى من عقله حين جعلهم إبراهيم يتفكرون بعقولهم وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿51﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿52﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿53﴾ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿54﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴿55﴾ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿56﴾ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴿57﴾فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴿58﴾ قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿59﴾ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴿60﴾ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿61﴾ قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿62﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴿63﴾ فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿64﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ ﴿65﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿66﴾ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿67﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء] فانظروا لقول الله تعالى {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم، أي أنهم رجعوا إلى أنفُسِهمْ بالتفكير ثم جاءتهم الفتوى من عقولهم إلى أنفُسِهمْ {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم. وذلك لأن الأبصار هي حقاً لا تعمى عن الحق ولكن ليس لها سُلطان على الإنسان، ولكنها مُستشار أمين لا يخون صاحبه ولا ربه أبداً تصديقاً لقول الله تعالى: { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} صدق الله العظيم [الحج:46] فانظروا إلى عقول قوم إبراهيم المُجرمون فهل عميت عُقولهِم عن الحق ؟ كلا وربي، إنها أفتتهم أنهم هم الظّالِمُونَ والحق مع رسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام تصديقاً لقول الله تعالى { فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ}صدق الله العظيم فَمِنهُم الذين قالوا: { إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} ألا وإنها عقول قوم إبراهيم حين رجعوا إلى أنفُسِهمْ بالتفكير برهة في شأن الأصنام فأفتتهُم عقولهم بالحق ولكنهم لم يتبعوا عقولهم بسبب عدم يقينهم بفتوى عقولهم وقالوا إن آباءهم هم أعلم وأحكم فنحن على آثارهم مهتدون فلم يتبعوا فتوى عقولهم كما لم يتبع كثير من المُسلمين ممن أظهرهم الله على بيانات ناصر مُحمد اليماني فرضخت للحق عقولهم ولكنهم رفضوا فتوى عقولهم وقالوا: أرجلٌ واحد منا نتبعه ونذر كثيراً من الأئمة وعُلماء الأمة هيهات هيهات؟ ألا لعنة الله على من أعرض عن كتاب الله بعدما تبين لهُ الحق من ربه، فانظروا لقول نبي الله إبراهيم لقومه: {فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿64﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ ﴿65﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿66﴾ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴿67﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء] وقوله {أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴿67﴾} صدق الله العظيم ، وكذلك المهدي المنتظر يقول: ذروا ما وجدتم عليه أسلافكم واتبعوني أهدكم صراطاً مُستقيماً وإياكم أن تتبعوني في شيء يخالف للعقل والمنطق فترفضه عقولكم وهيهات هيهات [u]فهل حجة الله عليكم إلا العقل والمنطق {أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴿67﴾} صدق الله العظيم ألقى الشيطان فى أمنيته.. قصة أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والتسليم ألقى الشيطان فى أمنية رسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وآله الباحثُ عن الحق الذي لم يقتنع بعبادة الأصنام ويرى أنهم لا ينفعون ولا يضرون، ومن ثم تفكر في خلق السموات والأرض وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿74﴾ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴿75﴾ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴿76﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿77﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿78﴾} ويامعشر أولوا الألباب الذين يتدبرون الكتاب تدبروا قول إبراهيم {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿77﴾} صدق الله العظيم، وذلك هو التمني لاتباع الحق ولا يريد غير الحق وهذا هو البيان لشطر من الآية في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} صدق الله العظيم [الحج:52] ومن ثم يهديه الله الحق إلى الحق تصديقاً لقول الله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} صدق الله العظيم [العنكبوت:69] ومن ثم نأتي لبيان قوله تعالى {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}.. وذلك يأتي من بعد أن يهديه الله إلى الحق ويستخلصه لنفسه ويبعثه إلى الناس رسولاً، حتى إذا علم الله أن نبيه صار يعتقد في نفسه أنه لا ولن يشك في الحق الذي علمه الله به أبداً ونسي أن قلبه بيد ربه يُصرفه كيف يشاء ونسي أن الله يحول بين المرء وقلبه وأراد الله أن يُعلمهم درساً في العقيدة في علم الهدى ومن ثم يلقي الشيطان في نفسه شك في الحق الذي قد صار يدعو الناس إليه، ومن ثم يُحكم الله له آياته فيبينها له فيعلم أنه على الحق المُبين ويطهر الله قلبه من الشك تطهيراً. ونأتي الآن للبيان لقول الله تعالى: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} صدق الله العظيم، أي ألقى الشيطان في أمنيته شك من بعد أن تحققت أمنيته وهداه الله إلى الحق. فنعود لقصة رسول الله إبراهيم هل حدث له هذا من بعد أن اجتهد إجتهاداً فكرياً وبحث عن الحق وهداه الله إليه واستخلصه لنفسه وجعله للناس إماماً ورسول الله إليهم وصار يدعوهم إلى الحق ومن ثم ألقى الشيطان في أمنيته الشك ومن ثم حكم الله له آياته وطهر قلبه مما ألقاه الشيطان وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260]. الامام ناصر محمد اليماني..