للنوادر والعجائب مسبباتها وأسبابها ، كالتي كنا نقرأها أو نسمع عنها ونحن صغارا في المدارس ، مثل نوادر وقصص جحا وأبي نواس وعلي بابا ، لكن أن تأتينا كبائر النوادر والعجائب ممن يلقبون بالمشايخ وعلماء الدين في نظام دولة الاحتلال اليمني ، فتلك هي المصيبة بعينها ، ولكن لا عجب في ذلك إذا ما جعلنا العالم يتعرف عليها ، ويتعرف عن التركيبة السيكولوجية الغريبة لهؤلاء العلماء ، في عدم ترددهم أو تورعهم أو خوفهم من الخالق سبحانه وتعالى ، في ابتكار الفتاوى باسم الدين الحنيف حسب الطلب وحسب التفصيل ، وجعلها جاهزة لكل من هو بحاجة إليها ، وطبعا فهي ليست فتاوى مجانية ، ولكنها ذات قيمة مالية وأسعارها بحسب حجم ونوع الفتوى ، ومن شروطها الدفع المسبق . من بين تلك الفتاوى الصادرة من هؤلاء المشايخ الجهابذة اليمنيين الزنداني وقرينه الديلمي ، أنهما وبعد الحرب الغادرة على شعبنا في الجنوب العربي صيف 1994م ، أفتيا بأننا كفرة وملحدين وشيوعيين ، وأن قتلنا وسفك دمائنا ونهب أموالنا وثرواتنا ، واحتلال أراضينا كلها حلال في حلال ، وأسميا تلك الحرب الغادرة بالانتصار العظيم ، وقد تغنى بهذه الفتوى المخلوع علي عفاش ، وأجهزته الإعلامية بحالة من الزهو والتباهي والانتعاش ، إلى أن دارت به الدائرة وانكشفت الحقائق ووأدت تلك الفتاوى في مهدها . ومن متاجرة هذا الثنائي ( الزنداني والديلمي ) باسم الدين الحنيف قولهما المردود عليهما ، أن دولتنا الجنوب العربي لم تكن بها مساجد ولا جوامع للصلاة ولا علماء دين ولا أهل فتاوى ، وكأن شعبنا الجنوبي العربي المسلم ، لم يعرف عبادة الخالق ولا تشييد المساجد والجوامع ، ولا رجال الدين والفتاوى الإسلامية إلا بعد الوحدة المشئومة ، بينما مدينة تريم بمحافظة حضرموت تحتضن وحدها 360 مسجدا ومصلى . وإضافة لذلك أنه خلال حربهم الغادرة على دولتنا الجنوب العربي ، كانوا قد وصمونا بالمرتدين ، وهم الذين لم يقروا ولا يعرفون شيئا عن الجنوب العربي وشعبه ، المتمسك بالدين الحنيف منذ الرسالة المحمدية . إن ما لم يعلمه هذا الثنائي ( الزنداني والديلمي ) عن شعب الجنوب العربي ، وخصوصا أهل حضرموت فضلهم على الشعوب التي حلوا أو ارتحلوا إليها في أصقاع المعمورة ، فهذه الصفة الحضرمية حاول هذا الثنائي ( الزنداني والديلمي ) استغلالها في ترديد أنها من صفات اليمنيين بينما لم يكن اليمنيين سوى تابعين وشقاه وعمالا في بعض دول الجوار ، وأتحدى أن يكون أي يمني بمثل هذه الصفات في أي من هذه المعمورة ، ولم يفطن الزنداني والديلمي أن للحضارمة أيضا مساهماتهم الفعالة في النهوض والارتقاء في أي بلد يرحلون إليه بحكم حبهم لمغامرات الهجرة والاغتراب ، وبصماتهم والشعوب التي هاجروا إليها تشهد لهم نشر تعاليم ديننا الحنيف وامتلاكهم الناصية التجارية وتعليمهم قواعدها لتلك الشعوب ، وتبوئهم المناصب العالية في شتى المجالات العملية والعلمية والسياسية والحكم ، وما إلى ذلك من الذي يطول الحديث عنه . في الأخير نقول لهذا الثنائي الذي اتخذ من تكفير شعبنا الجنوبي العربي منهجا وارتزاقا ، العودة إلى رشدهما وترديد هذا القول المأثور للأديب والكاتب جبران خليل جبران ، ( ليتني طفل لا أكبر أبدا ، فلا أنافق ولا أداهن ، ولا أكره أحدا ) بدلا من هذه الأمور المغرضة ، ولازلت أتذكر نوادر الشيخ الجليل الزنداني في زيارته الخاطفة لمحافظة حضرموت بعد الحرب الغادرة مباشرة ، وبرفقته جيش جرار من الحرس ، عند إلقائه خطبته المشهورة ذات النمط الواحد ، في مسجد جامع عمر بالمكلا ومدينة الشحر وأخيرا في مدينة تريم ، والتي نقلت حينها عبر التلفاز ، بأن قوات الوحدة والشرعية كانت ترافقهم الكرامات ، ومنها أن كتيبة واحدة أروت عطشهم ماءا استخرجوه من حبة واحدة من جوز الهند ، وان الرياح هبت على ساحل البحر في المكلا ، أثناء مشي هذه القوات فكشفت عن عدد كبير من الألغام المزروعة ، واختتمها بحكاية الثعبان الذي سقط من على الشجرة ، التي كانت قوات الوحدة والشرعية والكرامات الزندانية يستظلون تحتها فتجنبوا شره ... ولذلك نقول لهذين الشيخين الجليلين أن مثل هذه الحروب النفسية لم يعد لها أي تأثير حتى في نفسية الطفل الجنوبي ، فعسى أن يتجنونها مخافة من الله الذي سنقف جميعنا بين يديه في يوم لا ينفع فيه دفع مسبق أو متأخر .