الدوحة - الراية : خصص الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الجزء الثاني من خطبة الجمعة بجامع عمر بن الخطاب، للحديث عن نيلسون مانديلا، الرئيس السابق لجنوب إفريقيا، الذي اعتبره رمزا للمساواة والعدالة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وبطل النضال ضد الفصل العنصري في بلاده. وأشار إلى أنه تم السماح لمانديلا أن يستقر في بلاده عندما أصبح عمره 90 عاما، وذلك بعد أن أمضى حوالي ثلاثة عقود في السجن، لافتاً إلى أنه زار مانديلا في مكتبه بجنوب إفريقيا من سنوات قريبة، وأن مانديلا رحب به أثناء زيارته. وأشاد بدور مانديلا عندما كان من أوائل من تبنوا المقاومة المسلحة لسياسة العزل العنصري في جنوب أفريقيا، لكنه سارع إلى الدعوة إلى المصالحة والعفو عندما بدأت الأقلية البيضاء في البلاد تخفيف قبضتها على السلطة بعد ذلك بثلاثين عاما. وحول الحكام العرب في مختلف الدول العربية، قال عنهم القرضاوي إنهم يظلمون شعوبهم، وإن الله يمهل هؤلاء ولن يهملهم، ولا يغفل عنهم أبدا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وأن كل ظالم سيأتي يوم وسينال عقابه، خصوصا من يقتلون الناس بغير وجه حق. وأكد أن الرئيس المصري محمد مرسي تعرض لظلم شديد من أول يوم تولى فيه حكم مصر، مشيرا إلى أن خصومه لم يتركوه ليعمل وإنما بدأوا في الهجوم عليه من أول شهر تولى فيه مقاليد السلطة لأنهم كانوا يبيتون النية على إزاحته. وقال: إن مصر أقدم وأكثر الدول العربية سكانا حيث يصل تعدادها إلى نحو 90 مليون نسمة، لذلك فقد مكر لها الماكرون مكرا كُبارا وقاموا بتحريض فئة من الناس تعيث في الأرض فسادا من الذين قال عنهم الله "الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد". وأشار إلى أن المولى عز وجل سجل لهؤلاء الطغاة ما فعلوه بهذا الشعب عندما قتلوا المصلين الصائمين القائمين من الرجال والنساء والشيوخ والشباب والأطفال من أبنائه مؤكدا أن الله لن يتركهم أبدا بل سوف يأخذهم أخذ عزيز مقتدر. ونبه إلى أن الشعب المصري أثبت وجوده من خلال هؤلاء الشباب والطلاب الذين صدرت بحقهم أحكام ظالمة وصلت إلى حد الحكم بالحبس 11 عاما على عدد من الفتيات وفي حين تم تعديل هذا الحكم أمام دائرة قضائية أخرى ليكون الحبس عاما مع إيقاف التنفيذ.. فقد تم الحكم على عدد من الطلبة بجامعة الأزهر بالحبس 14 عاما لكل منهم بخلاف غرامات تقدر بآلاف الجنيهات. وأقسم القرضاوي بأن من يحكمون مصر الآن هم حكام ظلمة وسيجزيهم الله ثمرة ظلمهم في الدنيا قبل الآخرة لأن الظلم لا يُترك إلى الآخرة بل يحاسب عليه الإنسان في الدنيا "ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله" "ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لأية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون". وأشار إلى أن الله لا يترك الظالمين أبدا بل سوف يأخذهم أخذا أليما شديدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتهُ" ثم تلا قول الله "وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" وقال إن طلاب الجامعات في القاهرة والمنصورة وطنطا والإسكندرية والمنوفية ومحافظات الصعيد وجميع محافظات مصر أثبتوا أنهم رجال لا يخافون الموت، بل حتى النساء أثبتن أنهن مثل الرجال تماما. وأشار إلى أن الثورة في مصر الآن لم تعد ثورة الإخوان فقط بل أصبحت ثورة جميع المصريين، لأن مصر كلها هي التي تثور الآن وليس الإخوان كما يقولون ومن يقفون ضد هذه الثورة عددهم محدود وهم يقلون يوما بعد يوم لأن حقوق الجميع انتهكت كلها. وأشار إلى أن الإخوان المسلمين اختاروا أن يكون مقامهم بجوار مسجد "رابعة العدوية" وهي امرأة كانت تعمل مغنية ثم تابت وأصبحت عابدة من العابدين العظام في الإسلام وأصبح اسمها الآن رمزا وشعارا عالميا يرمز إليه بالأصابع الأربعة يعتز به الناس في أنحاء العالم لأنه أصبح رمزا للمجاهدين والمناضلين الأحرار من أجل العدالة والحرية والكرامة الإنسانية. عقاب الله وحذر من يقومون بضرب الناس وتعذيبهم في مصر من أن كل شيء أصبح مكشوفا للعالم الآن بفضل التقدم التكنولوجي والكاميرات الموجودة في الهواتف المحمولة التي يمكنها أن تسجل كل شيء كما حذرهم من عقاب الله وانتقامه مؤكدا أن آخرتهم قد قربت وسوف يأخذهم الله أخذا أليما شديدا. ونوه إلى أنه لن تكون هناك انتخابات في مصر لأن الأمور أصبحت واضحة وهي أنه يجب أن يعود الدكتور محمد مرسي رئيسا شرعيا للبلاد ثم يتفق مع إخوانه ومع الشعب كله على ما ينبغي عليهم عمله خلال المرحلة القادمة. وخاطب حكام مصر.. قائلا:لا تركبوا رؤسكم، لا تقفوا ضد الحق والخير، لأن من وقف ضد الحق والخير فهو مغلوب أبدا، مؤكدا أنهم حكام ظالمون لأنهم قتلوا أشخاصا أبرياء بدون وجه حق ودون أن يفعلوا شيئا. وقال: اتركوا الميدان لغيركم لأنه ليس ميدانكم بل إنه ميدان الأحرار المخلصين المقسطين والله ناصرهم. وكان د. القرضاوي قد واصل في مستهل خطبته أمس الحديث عن قضية الظلم من وحي القرآن الكريم. وقال إن من الأشياء المهمة التي تعرض لها القرآن هي قضية العدل والظلم، مضيفا أنه يكفي أن من أسماء الله الحسنى "العدل"، فالله يحب العادلين والمقسطين ولا يحب الظالمين ولا يهديهم" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا". وأشار إلى أن الإسلام لم يأت بالعدل للمسلمين والظلم لغيرهم، ولكنه جاء بالعدل لكل البشر، فهو يحرم أن يقتل المسلم غير المسلم، ويحرم أيضا سرقة المسلم وغير المسلم.