وحده يشعر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بالملل والرتابة من فرط تحول الحدود حوله إلى ما يُشبه الجثث الساكنة! ولأن ذلك كذلك فقد خالف نتنياهو ما تم الاتفاق عليه مع الرئاسة والحكومة الإسرائيلية في عدم الإعلان عن البدء في بناء مستوطنات جديدة في الأرض المحتلة! لقد اتّفق قادة إسرائيل على مواصلة المضي في الاستيطان ولكن دون إعلان، منعًا لما قد يحدث من حرجٍ كبير وقليل للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وللرعاة الآخرين. لكن الرجل من فرط الملل والسأم ورتابة كل شيء حوله آثر الإعلان!! لماذا أصمت والعالم حولي لا يسألني أو يستوقفني أو يستجوبني؟! لماذا أصمت والعرب مُنشغلون بالحرب فيما بينهم، وتحويل جبهاتهم صوب قراهم وجبالهم ومدنهم؟! مل نتنياهو من فرط الهدوء القاتل، وهو يعرف أن كيانه الصهيوني لا يمكن أن يعيش أو يواصل الحياة في الهدوء! شعر الزعيم الصهيوني بالقلق من كثرة استرخاء العرب، فآثر الإعلان حد الاستفزاز.. يستفز مَن؟ وكل الناس حوله إما نائمون أو هائمون أو مهمومون أو مغمورون وغارقون في الهم "لشوشتهم"؟! لقد تزامن ملل نتنياهو وإعلانه لدرجة الصياح بالمضي في الاستيطان مع الذكرى السنوية الخامسة للحرب الصهيونية الشاملة على قطاع غزة! ففي مثل يوم أمس شنّت القوات الإسرائيلية هجومًا بشعًا على غزة سقط فيه أكثر من 1419 شهيد من بينهم 920 رجلاً و111 امرأة و412 طفلاً بالإضافة إلى إصابة أو إعاقة نحو 5 آلاف فلسطيني! إنه الهجوم الأفظع في الألفية الثالثة الذي دام 22 يومًا بالتمام والكمال، تدرّبت فيها الطائرات الإسرائيلية على العربدة في السماء العربية والدبابات الإسرائيلية على جرف وتدمير كل شيء، بدءًا من البيوت وانتهاءً بالمساجد ومرورًا بالمصانع والمدارس والمستشفيات، بل والمؤسسات الدولية والإغاثية!! لقد كان يمكن لنتنياهو أن يصبر قليلاً حتى تمر هذه الذكرى، لكن لماذا يصمت والناس نائمون ومستغرقون في النوم؟! وإن صحوا اجتمعوا.. وإن اجتمعوا ناموا من جديد.. الأمن القومي العربي نام، والجامعة العربية تكاد تروح في خبر كان، فلماذا يصمت نتنياهو وقد شعر بالملل من كثرة الانتظار، ومن عدم جدوى الحصار، ومن سماع نفس عبارات الشجب والاستنكار؟! أشجب كما تشاء، واستنكر كما تشاء، وسوف أمضي كما أشاء! هكذا يُفكِّر نتنياهو ويُنفِّذ، والعرب في تمام الاسترخاء! هكذا تزداد بجاحة نتنياهو، والعرب غارقون في بحار الخوف والفتنة والصراعات الداخلية وشبح الحروب الأهلية على الحدود مع الأردن، أو على الجانب الأردني آلاف اللاجئين السوريين ولا فخر! وعلى الجانب اللبناني استعداد مُكثّف للدفاع عن دمشق، ليس في مواجهة إسرائيل وإنما في مواجهة سوريا ولا فخر! وعلى الجانب المصري انشغال بالحرب على الإرهاب.. إرهاب سيناء، لا إرهاب إسرائيل.. وعلى الجانب العراقي استنفار لمواجهة الهجمات الانتحارية! وعلى الجانب اليمني تعبئة لمواجهة الهجمات الانفصالية! وعلى الجانب السوداني نفير لمواجهة ما يجري في جمهورية جنوب السودان، ورعب مما قد يجري في جمهوريات شرق السودان وغرب السودان.. ويا هوان الهوان! هذا هو وضع الحدود والجيوش العربية؛ التي أُسست للدفاع عن الأراضي العربية في مواجهة القوات الصهيونية! هذا هو وضع الدول العربية -إلا من رحم ربك- في مواجهة الصراعات الأهلية لا المخططات الصهيونية! في ضوء ذلك آن لنتنياهو أن يمد ساقه في وجه العرب، والأمم المتحدة، والعالم "الحر"! فاصلة: كتبتُ مقالاً مماثلاً عن العربدة الإسرائيلية قبل أعوام، وفي غمرة السخرية من التطبيع كتبت أن "الأخ" بيجين؛ أدمن الدم العربي.. وبمجرد أن لمح كاتبنا العربي الراحل الأديب عبدالله الجفري كلمة "الأخ بيجين" لامني في مقال شهير، فرددتُ عليه بأنَّها السخرية حد الكمد من إرهابي قتل أخي الشهيد وحيد قنديل.. وعندها آثر الراحل الكبير أن يُخصِّص مقاله التالي عن أجمل توضيح ورد إليه من كاتب هذه السطور. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain