مقالات زيارة أردوغانية لافتة ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 04/02/2014 تقلبت العلاقات التركية - الإيرانية كثيراً عبر التاريخ، واتسمت بالمواجهة في الحقبة الصفوية - العثمانية، ما أدى إلى انكفاء الفرس عن منطقة الشرق الأوسط لفترة طويلة، ولكن الإعجاب الشاهنشاهي بالتجربة العلمانية الأتاتوركية، أعاد الحرارة للعلاقات بين البلدين بعد العام 1923 ، ومن ثم تطور الأمر إلى تحالف برعاية أمريكية، وانضم البلدان إلى "حلف بغداد" في العام ،1955 لمواجهة السياسة السوفييتية في المنطقة . بعد انتصار ثورة الإمام الخميني في العام ،1979 عادت الشكوك المتبادلة بين البلدين، فخشيت أنقرة من تمدد الثورة الإسلامية إلى مساحتها العلمانية، وخافت طهران على ثورتها من العلمانية التركية المُدعمة بالهالة الغربية وبقواعد الناتو العسكرية . واستمرت سياسة اللاستقرار في العلاقات بين الدولتين فترة طويلة، إلى حين وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم من خلال الانتخابات التشريعية التي حصلت في تركيا في العام ،2002 فاستبشرت طهران خيراً بوصول الإسلاميين بقيادة طيب رجب أردوغان إلى السلطة . لم يكن مستوى التعاون الإيراني - التركي عالياً طوال الفترة التي حكم فيها الرئيس أحمدي نجاد طهران، رغم التحدي المشترك للبلدين القادم من الزاوية الكردية . فقد اختلف البلدان على الملفات الأساسية، لاسيما على موضوع الدرع الصاروخية الأمريكي الذي وافقت أنقرة على استضافته على أراضيها (وهو موجه ضد طهران )، وفي الملف النووي الإيراني الذي تخشى منه تركيا، إضافة للملف العراقي (حيث استضافت أنقرة طارق الهاشمي خصم المالكي حليف طهران) والأهم كان الخلاف الواسع في الموقف مما يجري في سوريا منذ آذار/مارس ،2011 حيث أيدت الحكومة التركية المعارضة، بينما وقفت الحكومة الإيرانية بقوة إلى جانب الرئيس بشار الأسد . مع تسلم الرئيس حسن روحاني للسلطة في طهران، عادت الحرارة إلى العلاقات بين البلدين، محكومة بتوجهات إيرانية انفتاحية جديدة من جهة، وبتعديلات واسعة في سياسة رجب طيب أردوغان، فرضتها الأزمات المتلاحقة التي واجهها، خصوصاً الاضطرابات الداخلية، وفضائح الاختلاسات المالية، وتدهور علاقاته مع مصر بعد ثورة 30 يناير 2013 . وحصل تبادل للزيارات بين وزيري خارجية البلدين محمد جواد طريف وداوود أوغلو، خلال الشهرين الماضيين، وعُقِد اجتماع تنسيقي بينهما في بغداد بحضور وزير خارجية العراق هوشيار زيباري بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 . زيارة أردوغان إلى طهران في29-1-2014 لافتة بتوقيتها، ومثيرة للاهتمام في آنٍ واحد، وتحمل أكثر من تفسير، وقد يكون لها نتائج متعددة، وفي مجالاتٍ مختلفة، وتُشير إلى إعادة تموضع جديدة في السياسة الرسمية لتركيا، من دون أن يعني ذلك التحاقاً بمعسكرات جديدة، أو ابتعاداً عن محورية قديمة، فمؤشرات التحول في السياسة الخارجية الإيرانية قد تكون سبقت أردوغان إلى منتصف الطريق، مكان اللقاء المتجدد الذي يريدانه، لتخفيف حالة الاحتقان الواسعة التي تسود الساحة الإسلامية، ولوضع حد للحرب الأهلية الإسلامية - الإسلامية أو (السنية - الشيعية) والتي تُضرج نافذة التلاقي بدماء المسلمين، من باكستان إلى اليمن إلى سوريا، مروراً بمعظم مناطق آسيا الصغرى . واستثنائية الزيارة الأردوغانية برزت من خلال النتائج الباهرة التي أعلن عنها رئيس الوزراء التركي، حيث قال بالحرف: "إن سنة 2014 ستكون ميلاد لعلاقات جديدة مع إيران"، والمعلومات الواردة من طهران تؤكد نية البلدين في زيادة التبادل التجاري بينهما من 13 مليار دولار في العام 2013 إلى 30 مليار دولار بحلول العام ،2015 من خلال اتفاقيات متعددة تم توقيعها بين أعضاء الوفد الكبير الذي رافق أردوغان ونظرائهم الإيرانيين، في المجالات التجارية والصناعية والسياحية، وخصوصاً في مجال الطاقة، ومنابعها المتعددة . ولعل أهم ما في لقاءات طهران الأخيرة الكلام المتعدد المصادر الذي نقل عن توجه إيراني - تركي للمساعدة على إيجاد حل سلمي للحرب السورية، لما للأولى من تأثير في الأسد، ولما للثانية من نفوذ في صفوف المعارضة . وبناءً على تلك المساعي، قد تكون للزيارة المُثيرة مساهمة في إخماد نار الحرب المذهبية المُشتعلة في أكثر من دولة عربية وإسلامية . وتحديداً في العراقوسوريا ولبنان . الخليج الامارتية