يستعد الشيخ الدكتور مشعل عبد الله الجابر الصباح اصدار كتابه الثاني "المرأة في الحياة السياسية الكويتية" باللغة العربية بعد ان صدر باللغة الانجليزية عن دار "آي. بي. توريس" لندن وماكميلان – اميركا بعنوان "المرأة في الحياة السياسية الكويتية Gender And Poitics In Kuwait: Women And ParticiPation In The Gulf". وحقق نجاحا وقبولا كبيرا في العديد من الاوساط . وذلك بعد الاتفاق مع احدى دور النشر العربية ... وقد وضع الشيخ الدكتور مشعل الصباح كفاح المرأة الكويتية تحت مجهر الرصد والمتابعة, واصفاً إياها بانها رأس الرمح في عملية إقرار الحقوق المدنية والسياسية للنساء في منطقة الخليج, مشيرا الى دور المرأة الكويتية الفعال طوال نشاطها النسائي في الدولة على المستويات الاجتماعية والسياسية كافة, بدءاً من الاستقلال, مروراً بكتابة الدستور وفترة الغزو العراقي للكويت, فضلاً عن كفاحها اللاحق من أجل ضمان حقها في التصويت بالانتخابات النيابية في العام 2006, الذي توج بفوز أربع نائبات بعضوية مجلس الأمة في العام .2009 . ويتناول المؤلف وهو أستاذ في جامعة الخليج في الكويت وديبلوماسي بوزارة الخارجية الكويتية في كتابه الذي يقع في 360 صفحة من القطع المتوسط, دور المرأة الكويتية السياسي في المجتمع باعتباره أولوية سياسية تهتم به الأممالمتحدة في القرن الحادي والعشرين, مشيراً إلى ان هذا الدور يكتسب أهمية كبيرة مع محاولات التحديث وبناء الدولة العصرية في دول مجلس التعاون الخليجي, وفي أعقاب الربيع العربي .. ويصور الدكتور مشعل الصباح ببراعة كيف كانت أزمة الخليج بين عامي 1990 و1991 عقب غزو صدام حسين للكويت حافزاً لإبراز دور المرأة في السياسة. ولهذا يتناول المؤلف بصورة موضوعية دور المرأة في المجتمع والسياسة بصورة شاملة ومشوقة للقارئ, حيث يتطرق في هذا السياق إلى دور المرأة في السياسة بمنطقة الخليج لاسيما ان هذا الموضوع لايزال يلفه الغموض بالنسبة للغرب, كما يشير الكاتب إلى كفاح المرأة الكويتية للمشاركة السياسية في المنطقة بالإضافة إلى نشاطها الاجتماعي. كما يلقي الكتاب بعض الضوء على الأنشطة والتنظيمات النسائية وجهود الجمعيات الاجتماعية مثل "الجمعية الثقافية" و"الاجتماعية النسائية" و "نادي الفتاة" وغير ذلك من الهيئات والمنظمات السياسية والاجتماعية المدنية النسائية. ويشير إلى التجارب النسائية في المجتمع الكويتي ومؤسساته مثل الحكومة والتعليم والعمل ووسائل الإعلام وتأثيرات هذه التجارب على سياسة الجنسين في الشرق الأوسط. ويقول الشيخ مشعل عبد الله الجابر الصباح في مقدمة الكتاب إن موضوع حقوق المرأة السياسية يثير جدلا قاسيا وشديدا, وان معظم مفكري الغرب ينظرون الى الثقافة الاسلامية الفريدة في هذه المنطقة من العالم على انها تضطهد المرأة وتحابي الرجل, ويساهم الاعلام بالصورة والكلمة في تعميق المفهوم القاتل بأن المجتمع اساسا ذكوري الطابع. وتعتبر الكويت نموذجا مصغرا لدول الخليج التي انتقلت من البداوة الى الحضارة, وتميزت عن الدول الاخرى بوضعها لدستور قوي متماسك مستند الى السلام والاستقرار بعد تدفق النفط في اعقاب الحرب العالمية الثانية. ويتناول الفصل الأول من الكتاب الذي جاء بعنوان "1991 نقطة تحول في السياسة الكويتية" الظروف الاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية والوضع السياسي للمرأة في الكويت قبل الغزو العراقي, كما يستعرض الازدهار الذي حققه اكتشاف النفط في الاقتصاد الكويتي وعمليات الاستثمار في البنية الأساسية للمجتمع, ويتحدث عن المرأة والتعليم والركائز التي قامت عليها الحركات النسائية, والظروف الاجتماعية والسياسية للمرأة قبيل الغزو, وأثر الغرو العراقي على المجتمع بتأثيراته المباشرة وغير المباشرة, كما تطرق إلى دور المرأة أثناء الاحتلال العراقي, ودورها النضالي أثناء هذه الأزمة, ويختم الفصل مؤكداً على ان "الحرب انتهت, وبدأت معركة أخرى". وفي الفصل الثاني يتحدث الشيخ مشعل عبد الله الجابر الصباح عن تطور حركة حقوق المرأة في الكويت وعلاقتها بعملية التحديث والجماعات النسائية, ويتطرق إلى مناقشة وضع المرأة في المجتمع الإسلامي خصوصاً في الدول الخليجية وكيف استخدم الغرب المرأة العربية لأغراض دعائية, وصورها وهي مرتدية الحجاب والنقاب رمزاً للاضطهاد, كما قام الإسلاميون باستخدام مفهوم المرأة للتعبير عن الخوف من الامبريالية الغربية بما تمثله من تحرر زائد وانحلال أخلاقي. ويشير في الفصل الثالث من الكتاب إلى أن ما يثير العجب خلال تلك الفترة هو معارضة المرأة الكويتية – بصفة عامة – لحرية المرأة أكثر من معارضة الرجل الكويتي لهذه الحرية, وهذا ما تأكد في عمليات التصويت في الانتخابات, وكان من شأن هذه الاتجاه تأخير الحركة الإصلاحية في تلك الفترة خاصة فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية للمرأة. ويقول الكاتب الشيخ مشعل الصباح في الفصل الرابع من الكتاب ان هناك ما يوصف بتعارض المواقف في الكويت فيما يتعلق بالحرية المدنية والمشاركة في العمليات الانتخابية والتصويت الديمقراطي, فمن ناحية نجد ان الكويتيات تمتعن بقدر كبير من الحرية وبنصيب وافر من العدل والانصاف في المجتمع المدني خاصة في مجالات التعليم والعمل ما ساعد على وصف الكويت بأنها من اكثر دول العالم العربي استنارة ووعيا, ومن ناحية اخرى حرمت النساء من المشاركة في تقرير مصيرهن, ما جعل الكويت توصف بأنها في عداد الدول الرجعية في منطقة الخليج. وباعتباره احد افراد الاسرة الحاكمة في الكويت فانه يرى ان الأسرة الحاكمة ذاتها فيها آراء قد تكون مخ .. بعضها يتسم بالمحافظة والآخر يتسم بالانفتاح والتحرر, وهناك من يريد استخدام أصوات العناصر النسائية كسلاح فعال بين الحكومة ومجلس الامة. ويشير الى ان امير البلاد الشيخ صباح الاحمد يميلون الى إعطاء النساء مزيداً من الحقوق السياسية. ويتناول الفصل الخامس من الكتاب علاقة المرأة الكويتية والسياسة وأشكال الحوار الوطني والعالمي حولها, فيقول الكاتب انه فيما يتعلق بحقوق المرأة في الكويت نجد أن الحوار لم يجر في فراغ, فقد شاركت وسائل إعلامية كثيرة في الجدل الدائر بهذا الخصوص, وظل أفراد الشعب على وعي كامل بما يجري بين الاطراف المختلفة من حوار وخلاف وصراع, ويمكن القول بأن وسائل الاعلام الكويتية اكتسبت الحرية الكافية لتغطية أخبار تلك الحوارات على طبيعتها, كما اتسع المجال امام المناقشات والمناوشات والانتقادات وغيرها على مختلف الاصعدة والجوانب (الدولة – القطاع الخاص – التيارات المتباينة – وسائل الاعلام – المواطنون الكويتيون العاديون – الطبقات المختلفة.... الخ). ويؤكد في الفصل السادس من الكتاب انه على الرغم من وجود بعض التبريرات لمثل هذه الاحكام الا أن الامر ليس بهذه السهولة, ويرجع السبب الى وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر من طائفة لأخرى, بل ومن فرد لآخر, هذا بالاضافة الى الاختلاف في الرؤى السياسية والاعتبارات الشخصية. وفي الفصل السابع يصف الكاتب معركة المرأة الكويتية من أجل نيل حقوقها كاملة ب"المعركة الطويلة", مشيرا إلى ان الحركة النسائية في الكويت بدأت في السبعينات ولا تزال مستمرة حتى اليوم, وتتطلع المرأة الى تحقيق المساواة كأي مواطن كويتي, وزادت شدة الكفاح في فترة ما بعد التحرير,وصدر قرار أميري بهذا الخصوص عام 1999 مع التركيز على الحقوق الديمقراطية, وزادت حدة المعركة مع بداية القرن الحادي والعشرين. وحتى ذلك الوقت كان التحدث عن حقوق المرأة مثل ورقة من أوراق اللعب تستخدم وقت الحاجة. ويقول الكاتب في الفصل الثامن من الكتاب, انه منذ وضع الدستور الكويتي عام 1962 ونساء البلاد يتمتعن بمساواة حقيقية في مختلف المجالات داخل المجتمع المتماسك , وضمن الدستور للمرأة حق التعليم والعمل. وتمتعت الكويت بسمعة طيبة باعتبارها إحدى الدول الحرة المتقدمة في العالم الإسلامي. وزاد حرص المرأة الكويتية على نيل كافة حقوقها المختلفة خصوصا بعد تحرير الكويت عام 1991 واثبات وجودها كعنصر عامل وفعال في بلدها, ويكفي ان القوى العاملة النسائية بلغت نسبتها 33.8 في المئة من إجمالي القوى العاملة في البلاد . دنيا الوطن