منير النمر 3/2/20014 يا عنترهْ. يا عنترهْ. مُتْ فوقنا أو تحتنا، فكلّ أسم شارعٍ لن تعبُرَه وكلّ حارةٍ حاصرتها.. قتلتها.. شرّدتها تبقى جحيمَ عنتره فشعبنا يسأم وجهَ البقره ويكره "الكولا"..، ويشتم الكره ولم يعدْ يستطعم الماءَ، وموتاهُ صفوفاً عابره يسأمُ كلّ شارعٍ يحمل أسم عنتره يضجر من شرابهِ من عطره الفاخر، من دبابةٍ تقتل شعبا كاملاً.. من لغةٍ وسجدةٍ مُزوَّره وشعبنا لا يفتح التلفازَ والمذياعَ والجريدةَ المكرره ولم يعدْ يملكُ فلساً واحداً لعنتره ولم يعدْ يعلقُ الأحلامَ والأصنامَ في غرفته المُدَوَّره ولم يعدْ يمشي وراء خصيةٍ تحمل نفط َعنتره وكلَ ليلٍ يذكر الآلامَ والأحزانَ والرصاصةَ المدمِّرَه ويكتب الأشعار كيْلا ينصره ويرسم الغابات بعد موتها مخضوضره وعنتره. وعنتره. يحلمُ بالكره عنترةٌ ما زال عند بابنا، وجارنا، وحارةٍ، وكل نسمةٍ مُعطَّره يطاردُ النساءَ والأحلامَ والأعشابَ والنخيلَ والكره "يسكر طول الليل عند بابها ويجمع الإيجار من سكانها و يطلب الزواج من نسوانها و يطلق النار على الأشجار ... و الأطفال ... و العيون ... و الأثداء ...والضفائر المعطره" وعنتره وعنتره وعنتره يحلم بالكره لكن صبح جارتي أعدمَ شكلَ عنتره قرّرْ أن يمحو نجومَ عنتره يسأم من حضوره المسكونِ بالمؤامره وعنتره يحلمُ في مماته بمقبره بتُربِنَا القابع تحت الشجرهْ في موتهِ يحلم بالكره وبالضفائر المعطَّرَه وبالنساء والأطفال والإيجار والمدينة المهجرّه ما زالَ في ترابه يحلم أنْ يَبِعَنا، كأيِّ سلعةٍ بسوقه المُعَمَّرَه وعنتره أغمض عينيه على زجاجة الكولا ولم ينمْ لكنه فكّر ألف مرّةٍ بمجزه ومات عنتره ما أفجره ما أفجره... . ما بين "عنتره" اليوم، و"عنتره" الأمس يوجد فارق واحد عند الشعوب العربية، هذا الفارق يشخص بقوة في القصيدة حيث أن الشعوب لم تعد تخاف "عنتره". في ستينات القرن الماضي كتب الشاعر الراحل قصيدته الشهيرة "من يوميات شقةٍ مفروشة" التي بدأهاب"هذي البلاد, شقةٌ مفروشة يملكها شخص يسمى عنتره". كان عنتره وهو الطاغية العربي في بعض الدول العربية وقت ذاك مهيمنا على مسرح الحياة بأدق التفاصيل اليومية. جاءت هذه القصيدة "عنتره" بعد أن كنتُ أسمتع لقصيدة الشاعر الراحل نزار قباني، فأعادني لتلك الحقبة، اليوم نحن أمام واقع مختلف بعد زمن الربيع العربي الذي من أهم محاسنة أن الشعوب العربية بدأت بقوة قول "لا" للطاغية، فأطيح بشكل متتال بحكام عرب ما كان أحد يعتقد قبل ذلك أن "عنتره" سيطاح به. سقطت تلك الصورة النمطية والعلاقة القائمة على الخوف، من هنا تأتي هذه القصيدة لتكمل ما لم يتم في قصيدة نزار. دنيا الوطن