الجميع يعرف ان زمرة "جيش العدل" هي بقايا زمرة "جند الله" الارهابية في شرق البلاد، والتي اعترف زعيمها المعدوم، عبدالمالك ريغي، انها كانت تحظى بدعم تام من اميركا والناتو كما ان السعودية تعد الداعم الاول لها في المنطقة. طهران (فارس) أثار موضوع استشهاد احد حرس الحدود الايرانيين الخمسة المخطوفين، أزمة جديدة في العلاقات بين طهران واسلام آباد، إذ ترى ايران ان السلطات الباكستانية هي المسؤول الرئيسي لانعدام الامن في حدودها الشرقية، وفي المقابل تتهم باكستانايران بعدم التعاون بشأن موضوع حرس الحدود المخطوفين. وقد برزت هذه الازمة في وقت تمر به العلاقات بين ايرانوباكستان بظروف غير مناسبة، رغم الماضي التاريخي للعلاقات بين هذين البلدين المؤثرين في المنطقة والمجالات الواسعة للتعاون بينهما. ويبدو ان اسلام آباد وبعد فوز نواز شريف في الانتخابات الباكستانية، ترجح ان تضع علاقاتها مع المملكة العربية السعودية في الاولوية، لأن نواز شريف قضى سنوات المنفى في السعودية ولديه علاقات اقتصادية شخصية ايضا مع الامراء السعوديين، والآن وبدلا من انشاء انبوب نقل الغاز من ايران الى الهند، يفضل ان يحصل على احتياجات بلاده من الطاقة عبر مسار السعودية الاقل كلفة والاقل اثارة للضجة، وايضا ليحصل على حصته من هذه الارباح، كما انه مستعد للتعاون مع السعودية بشأن سوريا مقابل الحصول على مساعدات مالية من الرياض، حتى انه مستعد لإرسال قواته العسكرية الى السعودية وهذا بالضبط خلافا للمسار الذي انتهجته الحكومة الباكستانية السابقة، لأن هذه الحكومة كانت ترى ان العلاقات مع طهران اكثر فائدة على الامد البعيد. في مثل هذه الظروف، جاءت ازمة اختطاف حرس الحدود الايرانيين لتزيد الطين بلة، لتتلبد العلاقات بين ايرانوباكستان بعد انسحاب اسلام آباد من المشاركة في المشروع الغازي بين ايرانوالهند، في وقت شن المسؤولون الايرانيون هجمات لاذعة على الباكستانيين، الامر الذي يبدو انه لا يصب في المصالح الوطنية للبلاد في الظروف الراهنة. ان تشديد الخلافات بين ايرانوباكستان ليس فقط لا يصب في مصلحة طهران، بل ان جميع فوائده ستتجه الى السعوديين، لأنه سيكون من الاسهل على نواز شريف الارتماء في احضان الرياض من خلال إضعاف العلاقات التاريخية بين ايرانوباكستان، وسيكون التيار المعارض للحكومة الباكستانية في موقع أضعف في انتقاداته للسياسات الخاريجية لنواز شريف، ومن جهة اخرى فإن دخان هذه الخلافات سيؤذي عيون منظمة التعاون الاقليمي "اكو" ومجموعة الدول غير العربية في منظمة التعاون الاسلامي. وستتضرر الصين باعتبارها صديقا لايرانوباكستان، من هذه الخلافات، لأن هذه القضية ستصب في مصلحة الاستراتيجية الاميركية في آسيا، لأنها قد تأمل ايضا ان تواجه طهران وبكين مشكلات تزامنا مع انسحاب الناتو من افغانستان. ومن جهة اخرى، علينا ان نضع بعين الاعتبار ان نصب جام غضبنا بسبب استشهاد عنصر حرس الحدود الايراني، على الحماة الرئيسيين ل"جيش العدل". والكل يعرف ان "جيش العدل" انما هي بقايا زمرة "جند الله" الارهابية في شرق البلاد، والتي اعترف زعيمها المعدوم، عبدالمالك ريغي، انها كانت تحظى بدعم تام من اميركا والناتو كما ان السعودية كانت الداعم الاول لها في المنطقة. اضافة الى ذلك، وحسب اعتراف سلطات اسلام آباد، فإن حكومة هذا البلد لا سيطرة لها عمليا على ولاية بلوجستان، وكل هذه الفرضيات توصلنا الى نتيجة ان وراء اختطاف خمسة من حرس الحدود الايرانيين واستشهاد 16 آخرين منهم على يد ارهابيي "جيش العدل"، ايادي خفية بصدد اختلاف العداء بين ايرانوباكستان. ولابد ايضا ان نضع بعين الاعتبار ايضا ان الباكستانيين انفسهم أصبحوا عاجزين عن السيطرة على مليشيات الطالبان والتكفيريين المرتبطين بقصور الامراء السعوديين، رغم ان هؤلاء الارهابيين انفسهم كانوا الى الماضي القريب أداة بيد المخابرات الباكستانية، مثلما اصبحوا اليوم أداة بيد المخابرات التركية ليحققوا مصالح وأطماع قصيرة الامد في افغانستانوسوريا. وفي الختام، لابد من أن نأمل بأن تتمكن الدبلوماسية الايرانية الفاعلة، بأن تقنع باكستان بالتعاون في مسار مواجهة الارهاب والتوصل الى امن اقليمي، مثلما استعرضت ايران قوتها بوجه الارهابيين وحماتهم الغربيين والعرب في موضوع القاء القبض على ريغي. حميد رضا كاظمي /2926/ وكالة انباء فارس