يعاني ملايين الناس حول العالم مرض ارتفاع ضغط الدم الذي يؤدي للإصابة بمتاعب صحية كثيرة، وهو يعتبر السبب الرئيس للإصابة بالنوبات والسكتات القلبية والدماغية، التي تعد من أبرز العوامل التي تؤدي للوفاة في المملكة المتحدة . ولذلك شعرت بإنزعاج شديد عندما قال لي طبيبي إنه قلق ومتوجس من مستويات ضغط الدم الخاصة بي . أنا الآن في مرحلة الخمسينيات من عمري، وقياس ضغط دمي يبلغ 140/،86 وهذا يعني اقترابي من دخول دائرة المخاطر الصحية المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، وحاجتي لأخذ علاجات وأدوية متروكة لتقدير الأطباء، ولكن قبل شروعي في أخذ أي عقاقير، بمجرد انتظامك في أخذ عقاقير ضغط الدم، ستصبح على الأغلب مرغماً على تناولها مدى الحياة، كنت أرغب في إنقاص ضغط دمي بوسائل وطرق طبيعية . في الأسبوع الماضي، وجدت دراسة بحثية أن نمط الحياة الصحي السليم يوازي في نجاعته، أغلبية عقاقير وعلاجات ضغط الدم الشائعة »نوعية الحياة الصحية الجيدة تقلص ارتفاع ضغط الدم بنسبة تبلغ 50% عند الرجال و30% لدى النساء« . وفي هذه الدراسة، نظر الباحثون في الرياضة المنتظمة، والنظام الغذائي المتوازن، يعتقد الباحثون أن النظام الغذائي الذي يكثر فيه الملح هو السبب الأكثر شيوعاً الذي يؤدي لارتفاع ضغط الدم، وبتقليل تناولي للملح، يمكنني إنقاص مستويات ضغط الدم الخاصة بي . . بيد أن التساؤل الذي يطرح نفسه هو: إلى أي مدى يمكنني تخفيض ضغط دمي؟ ما الكيفية التي نعتاد بها على تناول الملح؟ قبل شروعي في التجربة، استشرت البروفيسور غراهام ماغريغور رئيس جمعية مراقبة والعمل ضد الإكثار من تناول الملح وارتفاع ضغط الدم، وهو ظل منذ فترة طويلة يناضل لإقناع المسؤولين عن صناعة الأغذية في المملكة المتخدة لتقليص كمية الملح التي يضعونها في الأطعمة . لقد ربح معارك عدة، لكنه لم يحقق نصراً حاسماً في هذه الحرب . ويقول البروفيسور ماغريغور: »تأتي أغلبية الملح الذي نستهلكه من أغذية مصنعة، الجسم يحتاج لمقدار يقل عن 1 غرام يومياً لكي يؤدي وظائفه بطريقة سليمة، ومع ذلك تسمح السلطات الصحية في توصياتها باستهلاك ما يصل إلى 6 غرامات من الملح يومياً . ويبلغ متوسط استهلاك الفرد العادي من الملح يومياً نحو 9 غرامات« . والسبب الذي يجعل الأغذية المصنعة تحتوي على مقدار كبير من الملح، بسيط جداً: »الملح يجعل مذاقها أفضل« . والمشكلة هي أن الدماغ يصبح معتاداً على المذاق الملحي، ولذلك فإن مستوياته ينبغي أن تزداد للحصول على نفس »الصدمة المذاقية« . ويضيف البروفيسور ماغريغور قائلاً: »عملت جاهداً لإقناع المصنعين بتقليل الملح في الأطعمة الجاهزة بنسبة 20 ل 30% على مدار الأعوام السبعة الماضية، وفي يونيو/حزيران الماضي كشف النقاب عن أن نسبة الملح في الطعام ازدادت معدلات تقليلها بنسبة إضافية بلغت 6%« . هذه الإجراءات مشجعة ولكن توجد خطوات أخرى لابد من القيام بها وإتمامها . المصنعون قللوا كميات الملح ببطء بحيث لا يلحظها المستهلك ويمتنع عن شراء المنتج . أي شيء يساعد على تقليل ضغط الدم، يسهم بشدة في الحيلولة دون وفاة كثير من الناس بالنوبات والسكتات القلبية والدماغية . الأسبوع 1: قياس خط الأساس من أجل اختبار تأثير الملح في ضغط دمي، اقترح البروفيسور ماغريغور أن أعمل بنظام »الغذاء الطبيعي« لمدة أسبوع، ثم أتحول لنظام غذائي يكثر فيه الملح لمدة أسبوعين وأتبعه بنظام غذائي يقل فيه الملح لمدة أسبوعين أيضاً، وكان يتعين عليّ أن أقيس ضغط دمي يومياً . »عينات البول التي كانت تؤخذ مني خلال اليومين الأخيرين من كل فترة، كانت تعطي مؤشراً لمعدلات استهلاكي من الملح« . الأسبوع الأول من الغذاء الطبيعي، لم أضف فيه الملح للطهي، ولم أبتع وجبات جاهزة أو أتناول اللحم، كان سهلاً . وقد قال لي البروفيسور ماغريغور إن ضغط الدم يكون في الغالب أقل بعشر نقاط عندما يؤخذ في المنزل »مقارنة بقياسه في حجرة عمليات« لأن التوتر يرفع ضغط الدم، وفي نهاية الأسبوع كانت قراءة ضغط دمي 133/84 وأظهرت الاختبارات والفحوص أن استهلاكي من الملح كان 9 .6 غرام في اليوم . وقال البروفيسور ماغريغور: »هذه القراءة ليست سيئة، ولكن لابد من الإشارة لتنويهات الأطباء التي تعتبر أي زيادة على قراءة 130/80 سبباً للقلق . وارتفاع ضغط الدم يشخص بقراءة 140/90 أو أكثر، ولكن الشخص الذي في مثل عمرك ويتسم بصحة جيدة، ينبغي عليه أن يسعى لتحقيق معدل قراءة لا يتجاوز 120/75« . ضغط الدم في نهاية: 133/8 الأسابيع 2 و3: تحدي الملح الكثير حساب كمية الملح التي تستهلكها يعتبر عملية معقدة وصعبة . ومن الصعب على غير الحاصلين على شهادات جامعية في الكيمياء الحيوية والتغذية أن يستوعبوا بعض الإرشادات والمقادير التي تكون مطبوعة على الرقعة اللاصقة في المنتجات الغذائية المصنعة . ولا توجد طريقة موحدة تكتب بها كميات الملح، في المنتجات الغذائية، وبعض المنتجات تظهر، أو تطبع، مكوناتها بطريقة تنازلية بناءً على النسبة التي تجسدها بدلاً من إظهارها - أو كتابتها - كمقدار، ولكن إذا كان الملح في المرتبة الثانية أو الثالثة في القائمة، يكون من الواضح أن المنتج يحتوي على مقدار كبير منه . وهنالك منتجات أخرى، تسجل كمية الملح - في رقعة تعريف المنتج، ب 100 غرام، لكل مليغرام، لكل وجبة أو مقدار، لكل سدس من عبوة »في حالة منتج حمص ويتروز على سبيل المثال«، أو كنسبة مئوية من حصة استهلاكك اليومية الموصى بها، وبذلك تترك الصناعات الغذائية المستهلكين أمام خيار استخدام مهاراتهم الحسابية »أو الرياضية« التي يملكونها، لاحتساب مقدار الملح الذي يتناولونه . والملح، الذي يستخدم كمادة حافظة وكنكهة في ذات الوقت، هو مادة كريستالية مكونة من 40% صوديوم و60% كلورايد . وبعض المصنعين يلجأون لكتابة »أو تسجيل« مقدار ملح الصوديوم »ملح الطعام« في منتجاتهم الغذائية . وهذا الإجراء يمنح المستهلكين انطباعاً خاطئاً لأن الصوديوم هو الجزء الذي يسهم في زيادة ضغط الدم . »الغرام الوحد من الصوديوم يعادل 5 .2 غرام من الملح« . ولكي أزيد من استهلاكي من الملح، في الأسبوعين اللذين يفترض أن أكثر فيهما من تناوله -، اقترح البروفيسور ماغريغور أن أستخدم كتاب طهي معروف، أعده نجم أو نجمة شهيرة لأنهم على حد وصفه يستخدمون كميات كبيرة من الملح، ونصحني أيضاً بأن أبتاع الطعام من مصنّعين مرموقين . لأنهم لم يقللوا الملح كثيراً بسبب خوفهم من أن يؤدي تغيير الطعم لفقدان الزبائن . وعلى الجانب الآخر، تفعل محال البقالة الكبيرة »السوبر ماركت« ذلك بثقة أكبر، لأنهم يعتقدون أن الزبائن سيظلون مخلصين للمنتجات الرخيصة . وهكذا وجدت نفسي في خضم مأزق البحث عن أطعمة تعتبر الأغنى بالملح . ولم يتعين عليّ أن أبحث بقوة . فالخبز على سبيل المثال يعد من المتهمين المذهلين . والخبز الأسمر، الذي في الأغلب يعتبره الناس خياراً صحياً أفضل من الأبيض، كان ضمن الأرغفة الخمس الأكثر غنىً »أو ثراءً« بالملح التي فحصها البروفيسور ماغريغور وفريقه في اختبار عينات أجروه في الآونة الأخيرة، شمل 300 من عينات أرغفة الخبز الأكثر مبيعاً في المتاجر البريطانية . وفي هذه الاختبارات وجد فريق البروفيسور ماغريغور، أن القطعة الواحدة من خبز »باين دي كامباين« الأسمر الذي تسوقه سلسلة متاجر المخبوزات الراقية »بول«، تحتوي على 83 .2 غرام من الملح في كل 100 غرام، وهذا يعتبر تركيزاً ملحياً أعلى من تركيز الملح في مياه البحر، وإضافة إلى ذلك وجد الباحثون أن مستوى الملح يمكن أن يتفاوت من خبز لآخر ضمن المتجر نفسه . خبز »إيت ويل ملتي غرين بلومر« الذي تسوقه سلسلة متاجر ماركس وسبنسر، حلّ في المرتبة الرابعة في قائمة الأرغفة الأكثر غنىً بالملح، باحتوائه على 15 .1 غرام ملح في كل 100 غرام، في حين جاء خبز »إيت ويل أوتي بلومر« الذي تبيعه نفس السلسلة »ماركس وسبنسر« في مرتبة متأخرة للغاية في القائمة »الثالث من الأخير«، لأنه يحتوي على 65 .0 غرام ملح في كل 100 غرام . وفي المتوسط، تحتوي شريحة الخبز الواحدة على نحو 5 .0 غرام من الملح، وهذا مقدار يساوي عبوة صغيرة من المقرمشات . وإذا تناولت 6 شرائح فقط من الخبز في يوم واحد، تكون قد استهلكت نصف المقدار اليومي الموصى به من الملح . خبز ريفيتا، موفر السعرات المفضل بالنسبة لي، يحتوي على 9 .0 غرام ملح في كل قطعة، وهو بهذه الكمية بالكاد يصح أن نقول إنه صحي . الحبوب يمكن أيضاً أن تكون غنية بالملح، »كورن فليكس كيلوغز«، على سبيل المثال، يحتوي على 3 .1 غرام من الملح في كل 100 غرام . على مدار الأسبوعين، رششت الملح على كل ما أكلته بدلاً من استخدام وصفات كتب طهي النجوم . وتناولت كميات كبيرة من الخبز، وجبن »الشيدر« تحتوي على 8 .1 غرام لكل 100 غرام«، وال»بيكورينو رومانو« تحتوي على 5 .7 غرام في كل 100 غرام . وكنت ألتهم علب سمك »الأنشوجة« تحتوي سمكة الأنشوجة الواحدة على 1 غرام ملح«، وتناولت قطع التوفو المخللة »5 .1 غرام في كل 100 غرام«، وسمك الحدوق المدخن »1 غرام لكل 100 غرام«، إضافة إلى المكسرات والمقرمشات المملحة . وبذلك أصبحت كميات الطعام المملح التي تناولتها، كابوساً بالنسبة لي . فقد كنت أشعر بغثيان ومذاق ملح سيئ في مؤخرة حنجرتي طوال اليوم . وبعد مرور أسبوع كنت أشعر بخمول، ودوار، وكنت أتعرض لنوبات صداع، وزاد وزني وشعرت بأنني تسممت . والأمر الأكثر أهمية، تجسد في الارتفاع المنتظم في ضغط دمي من 133 /84 »نقطة البداية« ل 145 /88 . لم أستطع أن أستمر في هذا البرنامج الغذائي، ولذلك توقفت عن تناول الملح وبعد يومين شعرت بأن صحتي باتت أفضل كثيراً . وخلال هذين الأسبوعين، لم تجر لي فحوص بول إلا في نهاية الأسبوع الثاني، ولذلك لم يسجل الباحثون قراءة مستوى الملح عندما كان في قمته . وقد قال لي البروفيسور ماغريغور إنه يتوجب عليّ أن أتبع نظاماً غذائياً قليل الملح وأرجع مرة أخرى للملح الكثير في نهاية الأسبوعين، ولكن هذه المرة لمدة أسبوع واحد فقط . ضغط الدم في النهاية: 145/88 . الأسابيع 4 و5: الملح بسرعة: »اتباع نظام غذائي يقل فيه الملح يعد أيضاً أكثر صعوبة مما قد يبدو للوهلة الأولى« . من يتصور احتواء السلاطة المحضرة في »السوبر ماركت« على الملح؟ وكذلك شوربة ميسو التي يزعم أنها صحية »2 غرام في كل حصة«؟ في الحقيقة، يمكن للأطعمة الصحية أن تكون من أسوأ الجناة . فعلى سبيل المثال تحتوي خضروات ماري غولد السويسرية على 6 .17 غرام صوديوم لكل 100 غرام »ما يعادل 44 غراماً من الملح« . ونسبة لتوجسي من احتمال إخفاقي في هذا الاختبار أيضاً، اخترت الخيار السهل وتناولت أطعمة طبيعية مثل الأفوكادو، السمك الطازج، الفواكه والخضروات وكنت أعد سلطتي . »لم أنهار إلا في مناسبتين، الأولى في مطعم والثانية في حفل عشاء« . وبشكل عام كنت أشعر بأن صحتي ممتازة، وكنت نشيطة ومتفائلة . »ضغط دمي كان يتراجع بانتظام« . وبحلول اليوم الثالث نزل ضغط دمي ووصل لمستوى صحي جيد 112/،72 وفي نهاية الأسبوع الثاني سجل قراءة مستقرة ووصل ل 111/72 . وأظهرت اختبارات البول أن استهلاكي من الملح قد انخفض، وأوضحت الفحوص أنني لم أتناول أكثر من 2 .3 غرام من الملح . وكنت مندهشة للغاية حينما اكتشفت أن تقليص استهلاكي من الملح بنسبة تصل للنصف، نجم عنه تراجع ضغط دمي بأكثر من 20 نقطة . ضغط الدم في النهاية: 111/72 . الأسبوع 6: العودة للملح: عندما عدت للنظام الغذائي الذي يعتمد على الإكثار من الملح، هذه المرة لفترة 7 أيام، عاد الغثيان والخمول وارتفع ضغط دمي مرة أخرى . وبعد 3 أيام فقط بلغ مستوى 132/73 . وبالكاد أنهيت الأسبوع وأظهرت نتائج الاختبار متوسط ملح بلغ 9 .10 غرام . ضغط الدم في النهاية: 132/73 التداعيات في الوقت الحالي أرقب وأتابع استهلاكي من الملح بعناية ولكن ليس بهوس . وضغط دمي استقر عند 118/72 . وبالطبع الحياة لا تكون ممتعة من دون تناول قليل مما تحب . والأنباء الجيدة هي أن الأنواع المختلفة من الطعام نفسه يمكن أن تحتوي على مستويات مختلفة للغاية من الملح، ولذلك ينبغي البحث عن خيار الطعام الذي يحتوي على أقل مقدار من الملح . وعلى سبيل المثال تحتوي بيتزا ال»تيك أواي« »أو بيتزا الطلبات الخارجية« على مقدار أزيد من الملح يبلغ ضعفين ونصف المقدار الذي تحتويه بيتزا السوبر ماركت« . ويقول البروفيسور ماغريغور: »أغلبية الأبحاث التي أجريتها كانت مع أناس لديهم ارتفاع في ضغط الدم، ومن المثير رؤية تأثير الملح في شخص في النطاق الطبيعي . هذا يؤكد أهمية حث الجميع على تقليل استهلاكهم من الملح« . تناول كميات كبيرة من الملح يمكن أن يصبح إدماناً . فالجسم يعتاد عليه ويشتهي المزيد . والعكس صحيح . فعندما تخفض تناولك للملح للمرة الأولى، قد يبدو طعامك فاقداً للمذاق »أو غير مستساغ« . ولكن بعد بضعة أيام، يتأقلم الجسم وما تأكله سيكون له مذاق خاص به وأي شيء مالح سيصبح، بشيء من الحظ، غير محتمل . »جسدك حتماً سيكافئك« . قياس أو معايرة ضغط دمك - ضغط الدم يشمل أو يتكون من رقمين، الرقم الأول يجسد انقباض ضغط الدم، »أعلى مستوى يصل له ضغط دمك عندما يخفق قلبك« . الرقم الثاني يجسد ضغط الدم الانبساطي، أقل مستوى يبلغه عندما يرتاح قلبك بين الضربات »أو النبضات« . - ويقول الأطباء أن أي رقم يتجاوز 140/90 يعتبر مقلقاً، لأن قوة الدم تضع جهداً إضافياً على الشرايين والقلب . - هنالك حالة تسمى ب»متلازمة المعطف الأبيض« يرتفع فيها ضغط الدم حينما يقلق المرضى من رؤية طبيب، لكنه ينخفض عندما يصلون للمنزل . - معرفة قراءة ضغط دمك بنفسك ليس أمراً صعباً، ولكن من المهم أن تفعل ذلك بطريقة سليمة . »أنا أستخدم جهازاً يبلغ ثمنه 40 جنيهاً إسترلينياً وهو متوافر في معظم الصيدليات« . - البروفيسور ماغريغور نصحني بأخذ قراءة في وقت واحد كل يوم . ويتوجب عليك أن تتأكد من أن مثانتك فارغة، وقدميك مستقيمتين على الأرض، وذراعك في نفس مستوى قلبك وينبغي عليك أيضاً أن تمتنع عن الكلام . - خذ 3 قراءات، تاركاً دقيقة بين كل قراءة . استبعد القراءة الأولى وخذ متوسط من القراءتين التاليتين .
