رحمك الله يا جمال.. كنت شجاعا بما يكفي لأن يستهدفك الجبناء من قناصة النظام. يسقطون خوفا فيما ترتفع روحك نحو الجنة هازئة بهم. يكفيك فخرا أن تكون أول إعلامي يروي بدمه ثراء ثورتنا العظيمة شهيداً تحمل الكاميرا وهم يحملون السلاح وآلات القنص الحديثة. أنت أقوى منهم لأنك تواجه الرصاص بالفلاش، بثوبك الأبيض كبياض قلبك، كنت خارجا من رحاب الجمعة، فيما هم والغون في وحل النهب والبلطجة وسرقة البسمة من شفاه الأطفال. كم أشعر بالوحشة لك يا جمال وأنا أضع رجلي في عتبه منزلك، يصعب علي أن أرى أطفالك، كانوا يتشوقون للخروج معك، كنت تحدثني عن حفظهم للشعار الذي أصبح حلماً لليمنيين جميعا "الشعب يريد إسقاط النظام". "مها، نها، مصعب، صهيب" سأقول لكم يوما ما من اغتال أرواحكم الطرية باكرا، سأخبركم بماذا كان يحلم أبوكم؟ كيف استرخص روحه من أجل هدف أسمى فكانت الشهادة أغلى شيء يقدمه فداء لملايين الأطفال الذين يحلمون بيمن مختلف، وطن يكون ملككم أنتم تشعرون بالانتماء له عندما ترددون هتاف النشيد الوطني؟ كنت يا صديقي تتهيأ للشهادة. الوحيد من زملاء كثر وفقك الله لصيام يوم الخميس، إحساسك لم يخب عندما خاطبت زملاءك بأن أطفالك أمانة في أعناقهم.
نعدك أننا سنظل أوفياء لأطفالك وأطفال من سقطوا شهداء هذه الثورة التي حررتنا جميعا، نم في جنان الخلد فإننا جميعا، فخورون بك، إن اليمن فخورة بك، لا تقلق ليسوا أولادك الأيتام، إن الشعب هو اليتيم بدون هذا الفجر الذي نصنعه. جمال .. كنت تفزع هذا النظام الهش، كان يريد أن يرتكب جرائمه بعيدا عن عدستك وتوثيق زملائك الآخرين. في المرة الأولى، فجر الخميس، كنت تتلقى بصدرك العاري القنابل الغازية وأحجار البلاطجة، لكن مشيئة الله أرادت أن تستشهد في وضح النهار، إرادة الله شاءت أن تصوم الخميس فتلقى الله ظهر الجمعة.
جمال الشرعبي هو الاسم الذي يعرفه به زملاؤه ومحبوه، كان له مواقف يعرفها الجميع. يعرف الكثير من زملائك سواء في العمل الرسمي باللجنة العليا للانتخابات أو في الوسط الإعلامي شخصيتك المميزة، لم تكن يوما تمسك العصا من الوسط، إنها ميزة العظماء وحدهم الذين يبنون موقفا ويقدرون حجم الانحياز له والتضحية من أجله. رحمة الله تغشاك صديقي جمال، كم كنت قويا وأنت تواجه الحياة، وكم كنت قوياً وأنت تواجه الممات!! وحسبنا الله ونعم الوكيل.