قررت نيابة الصحافة والمطبوعات أمس الأول الأحد الإفراج عن الزميل عبدالكريم ثعيل بعد أن قضى أكثر من شهرين في سجن تابع لجهاز الأمن القومي. رحلة اختطاف واحتجاز غير قانوني وإهانات وتهم باطلة يرويها ثعيل في حوار مع المصدر أونلاين.. إلى التفاصيل: حاوره: شادي ياسين
* كيف تم اعتقالك؟ - كنت في طريق العودة إلى المنزل ليلاً مع شقيقي بسام ورفيقي حمير المقبلي، وأثناء مرورنا أمام إحدى نقاط التفتيش التابعة لجنود النجدة القريبة من مدرسة الأحمر بجوار وزارة الكهرباء استوقفنا الجنود وطلبوا منا إبراز البطائق الشخصية أشهرت وحمير بطائقنا، لكن شقيقي بسام لم تكن بحوزته البطاقة، وأثناء ذلك تنبه أحد الجنود لصورة الشهيد يحيى الرعيني على زجاج السيارة الخلفي، فقاموا إثر ذلك بإجبارنا على النزول من السيارة واقتادونا إلى غرفة حيث يبيت الجنود، وهناك وجدنا عدداً من الجنود بلباس مدني، وكنت على يقين بأنهم من الأمن القومي، وبمجرد دخولنا للاستفسار عن سبب التوقيف قاطعنا أحد الجنود بالقول بأن بحوزتنا صحف من حق "المخربين" ويقصد شباب الثورة، ثم أخذوا كل ما في حوزتنا من الأدوات منها الهواتف وجهاز الكمبيوتر المحمول، ثم ذهبوا إلى السيارة وفتشوها وأخذوا أعداداً من الصحف الصادرة عن الساحة كانت موجودة في السيارة. قلت لأحد الضباط الحاضرين فتشونا أنا صحفي وعندي مكتب إعلامي، قال الجنود إننا من شباب الساحة فأكدت له ذلك، فقاموا عقب ذلك بإخراجنا إلى الشارع وأجرى الضابط الذي تحدثت معه اتصالاً، وسمعته يذكر اسمي ثم أمر بإحالتنا إلى قسم شرطة النجدة القريب من المكان، وقبل إيقافنا كنت قد اتصلت للمنزل طلبت منهم تجهيز العشاء، وهذا هو الاتصال الذي أنجانا، أدخلونا بعد ذلك إلى الزنزانة، وهي مكان قذر ورائحته عفنة لا يمكن أن تبيت فيه حتى الحيوانات، وكان هناك 6 أشخاص محتجزين فيها، ومن حسن حظنا أنني قابلت فيها أحد المعروفين من جيراننا في الحي، كان مسجوناً على ذمة قوله "لماذا لم يوقع صالح المبادرة ويرحل عنا" أمام أصدقائه فقام أحدهم بالتبليغ عنه. ثم طلبت منه حال خروجه أن يخبر أقاربي ليقوموا بتبليغ الساحة ومن فيها إذا ما تأخرت أكثر من يومين فليعلموا بأني سأكون في الأمن القومي، الساعة 1:30 ظهراً من اليوم الثاني دخل الشاويش وقام بعصب أعيننا وتقييد أيدينا ثم أصعدونا إحدى السيارات وبعدها انطلقت السيارة.
* كيف عرفت أنكم في الأمن القومي؟ - كنا نسمع صوت الأذان وكنت أعرف صوت المؤذن، علمت أننا بجوار مسجد البكيرية وهو مقارب لمبنى جهاز الأمن القومي. * كيف تم وصولكم إلى مبنى الأمن القومي؟ - حينما أنزلونا من السيارة أدخلونا في زنازين انفرادية، وكان هناك أصوات ازدحام أثناء ما كنا متوجهين إليها في السيارة فعلمنا أننا داخل المدينة وليس خارجها. * هل حققوا معكم حال وصولكم؟ - لم يحققوا معي بل كان في اليوم الثالث، لكنهم حققوا مع أخي بسام في اليوم الأول للاعتقال ولم أعلم الكثير حينها إذ كنا مفترقين ووزعونا في زنازين انفرادية. * كيف وجدت المعتقل؟ - حين وصلنا أنزلونا تحت الأرض حيث تقع الزنازين ونحن معصوبي العيون، ما يشبه البدروم وشعرت بوجود غرف، وقد أنزلوا شقيقي وحمير المقبلي قبلي، وعشنا لحظات رهيبة في ذلك المكان. * ماذا عن التحقيق.. متى كان يتم وكيف كان يسير؟ - أجروا معنا جلسات تحقيق بشكل منقطع، وبعدها نقلوني أنا وحمير إلى مكان آخر في المبنى في زنازين أخرى، حيث كانوا يفتحون الباب بشدة وبطريقة عنيفة أثناء نومنا ويطلبون مني الدوران إلى الخلف، ثم يقيدون يدي، ويعصبون عيني، ثم يدخلوني إحدى الغرف، ويجعلوني واقفاً أنصت للأسئلة وهم يحاولون إرغامي على الإجابة، ثم يقومون بتشغيل أجهزة كهربائية لإشعاري بالخوف وكان ينعتني المحقق دائماً بزعيم الساحة، وظلوا في إحدى التحقيقات وهم يقولون لي لقد ضحك عليكم اللقاء المشترك، وفي إحدى جلسات التحقيق هددوني بتعليقي من قدمي، وأخرى بالتعذيب بالضرب المبرح، وظلوا يسألوني من يقود الساحة ومن يمولها وكيف، وسألوني عن بعض الشخصيات وخاصة منهم في لجنة النظام واللجنة الأمنية، ثم استعلموا عن علاقتي بالصحفي نجيب اليافعي وأخذوا الرقم السري بالبريد الإلكتروني الخاص بي، وظلوا يحدثوني عن انتمائي لتنظيم القاعدة أم للحوثي، وأخرى يسألوني عن أموال قالوا إنني استلمتها من قطر وأني كنت أذهب مراراً إلى السفارة القطرية وألتقي فيها بالسفير، واتهموني بالقتال في أرحب بحكم أنها منطقتي وبتصوير معسكر الصمع واتهموني بالتواصل مع قناة الجزيرة، ويرغمونني بدافع الترهيب على الإجابة بنعم. وفي مرة من المرات وأنا معصوب العينيين طلب مني المحقق "البصم" على ثلاث أوراق قال إنها أقوالي فطلبت منه أن يمكنني من قراءتها، فرفض ذلك، وجعلني "أبصم" عليها بشكل إجباري، وفي إحدى جلسات التحقيق قام محققون مبتدئون بتوجيه عدد من الأسئلة علي وتزاحموا في توجيه الأسئلة، وكان كل منهم يقاطع الآخر وفي ذات الوقت أخذ أحدهم يتهمني بانتمائي للقاعدة وآخر يتهمني باستلام أموال من قطر، وكانوا يتعلمون التحقيق الأمني عليّ، وتم التحقيق معي أكثر من 5 تحقيقات خلال اعتقالي في الأمن القومي، و منعت من رؤية الشمس أو التعرض لأشعتها طوال فترة الاحتجاز أو حتى تنفس أوكسجين نظيف. * ما قصة تهمة قطر؟ - وجدوا أوراق عقد عمل في جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي تتحدث عن مبلغ مالي حوله لي أحد الزملاء أثناء ما عقدت نية فتح المكتب الإعلامي الذي دشنته قبل الثورة بأشهر، واتهموني باستلام تحويلات مالية للثورة لتجميع الشباب. * أنت تحدثت عن وجود شباب من الناشطين في الساحات معتقلين في الأمن القومي، كيف عرفت ذلك؟ - كانت زنزانتي الانفرادية بجوار دورة المياه فكنت أشاهد من ثقب الباب شباناً وهم يمرون من أمام زنزانتي يبدو عليهم أنهم من الساحة وحينما كان الضابط المكلف بمراقبة زنازيننا يغط في نومه، كنت أتحدث مع أحدهم وهو معتقل بجواري أكد لي أنه من شباب الساحة، وكانت المحادثات ممنوعة في المعتقل. * ماذا عن أخيك بسام وزميلك حمير ماذا حصل لهما؟ - لم أعرف عنهما شيئاً خاصة ونحن متفرقون، وتم الزج بنا في زنازين انفرادية لم أعلم عنهما إلا حينما تم الإفراج عنا. * هل سمحوا لك بالاتصال بعائلتك أو التواصل مع أصدقائك؟ - منذ بداية الاعتقال وهم يحدثونني عن سماحهم لي بالاتصال لكن ذلك لم يتم بالطبع، وأي شيء كنت أطلبه لم أجد أحداً يستجيب لذلك، ففي إحدى المرات طلبت دخول الحمام إذ كنت أعاني من ألم في بطني فلم يتم الاستجابة لي ورجوت الجندي الذي يراقب زنزانتي أن يسمح لي بدخول الحمام، إذ كان يسمح بدخوله ثلاث مرات في اليوم فقط، وكان رد الجندي لي "أقضي حاجتك في مكانك"، وأحياناً كنا نبول في قناني بلاستكية داخل الزنازين. * هل زارك وفد صحفي أو حقوقي إلى المعتقل؟ - لم أر الشمس ولا لمست الريح، لكن حين تم إحالتي إلى سجن البحث الجنائي زارني أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين مروان دماج بعد أن علموا بأني موجود في سجن المباحث وقضيت هناك قرابة الأسبوع، وبهذه المناسبة انا أتقدم بالشكر الجزيل لزملائي في نقابة الصحفيين وخاصة الأمين العام، وللناشطين الحقوقيين والمنظمات الحقوقية التي تابعت قضيتي. * طوال فترة اعتقالك ماذا كنت تتمنى؟ - كنت أتمنى سماع أصوات الثوار وهم يفتحون السجن ويفرجون عني وعن كل المعتقلين، فضلاً عن تحقيقهم لحلم إسقاط نظام صالح.
الصورة لثعيل أثناء إلقاءه كلمة في ساحة التغيير يوم الأحد (تصوير: محمد العماد).