تجددت المواجهات المسلحة بين جنود اللواء الثالث مشاة جبلي، وأفراد الشرطة العسكرية في مدينة مأرب، التي فرض اللواء الثالث مشاة جبلي سيطرته عليها، وأعلن تمردا عسكريا ضد قيادة المحافظة، وقيادة المنطقة العسكرية الثالثة، المتمركزة في مأرب. واندلت مواجهات عنيفة، مساء أمس الثلاثاء، بين الشرطة العسكرية وجنود اللواء الثالث مشاة جبلي، في جميع شوارع ومداخل مدينة مأرب، وذلك بعد يوم واحد من الاشتباكات التي دارت بين الطرفين، أمس الأول (الاثنين).
وقالت مصادر محلية إن الاشتباكات التي تجددت أمس بين الطرفين، استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة، حيث انتشر جنود الشرطة العسكرية بجوار مدرجات الشرطة العسكرية بالمدينة، فيما تفرق جنود اللواء الثالث مشاة جبلي في عدد من المواقع داخل المدينة وعلى مداخلها.
وأفادت المصادر أن الاشتباكات التي استمرت لأكثر من 40 دقيقة، أسفرت عن سقوط 4 جرحى من جنود اللواء الثالث مشاة جبلي، بالإضافة إلى إصابة طفل من المارة.
ونقل مراسل "المصدر أونلاين" عن مصدر عسكري في المحافظة قوله إن قيادة المنطقة العسكرية الثالثة، أعلنت حالة الطوارئ، وحظر التجوال داخل المدينة.
وأكدت مصادر محلية أن هدوءا حذرا ساد مدينة مأرب عقب الاشتباكات، معربة عن قلقها من تجدد الاشتباكات بين الطرفين، اللذان قاما باستحداث نقاط عسكرية في المدينة استعدادا لجولات أخرى من المواجهات.
وقال مصدر محلي ل"المصدر أونلاين" إن الشرطة العسكرية قامت باستحداث نقطة عسكرية بجوار مقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة، وذلك على مقربة من نقطة عسكرية أخرى تتبع اللواء الثالث مشاة جبلي.
وأضاف المصدر أن الشرطة العسكرية تحاول حماية مقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة، وأصدرت أوامرها بعدم السماح بخروج أي قطعة سلاح من مقر قيادة المنطقة، في محاولة لمنع أي امدادات بالسلاح أو الذخائر قد تصل إلى جنود اللواء الثالث مشاة جبلي المتمركزين في شوارع ومداخل مدينة مأرب.
وأصيب شخصان، أمس الأول (الاثنين) جراء الاشتباكات التي شهدتها مدينة مأرب بين جنود اللواء الثالث مشاة جبلي وأفراد الشرطة العسكرية، عقب تعرض سيارة تابعة لقائد الشرطة العسكرية بالمحافظة، العقيد سعيد النعمي، للهجوم من قبل نقطة عسكرية تابعة للواء الثالث مشاة جبلي، في المدخل الجنوبي للمدينة.
وأفادت مصادر محلية إن جنود اللواء الثالث مشاة جبلي قاموا بإطلاق النار على سيارة العقيد النعمي، الذي ينتمي إلى قبيلة مراد، ما أدى إلى إصابة نجله إبراهيم، وأحد مرافقيه، فيما لم يكن العقيد النعمي متواجدا أثناء الهجوم.
وتصاعدت حدة التوتر في محافظة مأرب، منذ أن أعلن اللواء الثالث مشاة جبلي تمرده على المنطقة العسكرية الثالثة، وفرض سيطرته على مدينة مأرب الجمعة الماضية.
وأصدر قائد الشرطة العسكرية في المحافظة توجيهاته، أمس الأول، لجميع أفراد الشرطة العسكرية المتواجدين خارج عاصمة المحافظة، والمكلفين بحماية طريق مأربصنعاء، والمتمركزين في المديريات، بالتوجه إلى مدينة مأرب.
وأثار تجمع أفراد الشرطة العسكرية في مدينة مأرب، مخاوف من اندلاع جولات من المواجهات مع اللواء الثالث مشاة جبلي، الذي يفرض سيطرته على جميع مداخل المدينة، وأحيائها.
وكان مشايخ ووجهاء قبائل مأرب، احتشدوا عصر أمس الأول، وعقدوا لقاء موسعا في منطقة السحيل الواقعة على خط صنعاءمأرب، للوقوف أمام التطورات الأخيرة في المحافظة، والانتهاكات التي يمارسها أفراد اللواء الثالث مشاة جبلي.
وقال مصدر قبلي ل"المصدر أونلاين" إن المشايخ المجتمعين اتفقوا على أن تقوم كل مديرية من مديريات مأرب بترشيح ثلاثة من مشايخها، يشاركون في لجنة تمثل جميع مديريات المحافظة، بحيث تقوم تلك اللجنة برفقة محافظ المحافظة، سلطان العرادة بالذهاب إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، للمطالبة برفع اللواء الثالث مشاة جبلي ونقله من المحافظة.
وفرض جنود اللواء الثالث مشاة جبلي الجمعة الماضية سيطرتهم على مدينة مأرب، وانتشروا في كافة أحياء المدينة واستحدثوا نقاطا عسكرية في جميع مداخلها، ونقاطا عسكرية إلى جانب النقاط الأمنية داخل المدينة، معلنين تمردهم على قيادة المنطقة العسكرية الثالثة، وعلى محافظ المحافظة.
وتتهم قبائل مأرب أفراد اللواء الثالث مشاة جبلي بممارسة أعمال استفزازية ضد أبناء مأرب، والتورط في قتل بائع متجول وأحد بائعي القات في مأرب، بالإضافة إلى إطلاق النار على مجموعة من قبائل الجدعان، تسبب في إصابة أحد أفراد قبائل الجدعان، وهو الأمر الذي دفع القبائل إلى المطالبة بإخراج اللواء من المحافظة.
جندي برتبة مساعد يقود تمرد اللواء في يناير 2011، وعقب اندلاع الثورة الشبابية السلمية، استحدث الرئيس السابق علي عبد الله صالح ألوية المشاة الجبلي، التي ألحقها بما كان يعرف ب"قوات الحرس الجمهوري" سابقا، وعين نجله الأصغر العقيد الركن خالد علي عبد الله صالح قائدا لها، عقب تخرجه بأشهر قليلة من الكلية الملكية البريطانية ساند هيرست.
ومند أن أزاحت القرارات التي أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي في 19 ديسمبر 2012 بالعقيد خالد صالح، تعاقب خلال الأشهر ال5 الماضية 4 قادة عسكريين على قيادة اللواء الثالث مشاة جبلي.
فعقب مغادرة العميد صالح الجيلاني من قيادة اللواء الثالث مشاة جبلي، عين العميد ناصر المطري قائدا للواء، غير أنه لم يدم طويلا، فقام القائد المقال، لما كان يعرف ب"الحرس الجمهوري" العميد أحمد علي عبد الله صالح بتعيين العميد حسين الروحاني خلفا للعميد المطري، غير أن جنود اللواء الثالث رفضوا هذا التعيين، ومنعوا قائد اللواء من دخول المعسكر.
وبعدها أصدر العميد أحمد صالح قرارا بإعادة العميد المطري مرة أخرى إلى قيادة اللواء الثالث مشاة جبلي، ولكن المطري لم يصل إلى اللواء، خوفا من أن يتعرض للطرد، وقالت مصادر عسكرية، حينها، أن قبول المطري للتعيين مرة أخرى، كان بهدف الحصول على اعتمادات مالية دون ممارسة العمل فعليا في قيادة اللواء.
وظل اللواء الثالث خلال تلك الفترة تحت قيادة جندي برتبة مساعد قام الجنود بتنصيبه قائدا لهم، بعد أن قاموا بطرد قادة الكتائب من داخل اللواء.
وفي ال10 من أبريل الماضي، أصدر الرئيس هادي قرارا بتوزيع المناطق العسكرية، وألحق بموجبه اللواء الثالث مشاة جبلي بالمنطقة العسكرية الثالثة، التي تتخذ من مدينة مأرب مقرا لها، ويقودها اللواء أحمد سيف محسن اليافعي.
كما أصدر الرئيس هادي في ذات التاريخ حزمة من القرارات الجمهورية، التي تضمنت تعيين العميد الركن منصور علي عائض قائدا للواء الثالث مشاة جبلي، غير أن جنود اللواء قاموا بوضع القائد الجديد قيد الإقامة الجبرية في مقر القيادة بالمعسكر، وفرضوا عليه حصارا لم يتخلص منه إلا عندما حضرت لجنة الاستلام والتسليم إلى المعسكر، فقام بمغادرة مأرب برفقتها على متن مروحية عسكرية إلى صنعاء.
وفي ظل هذا التمرد الذي أعلنه جنود اللواء الثالث مشاة جبلي، ظل جندي برتبة مساعد يمارس سلطات مطلقة في قيادة اللواء، وممارسة العديد من الأعمال الاستفزازية في محافظة مأرب، منذ أن قام زملاؤه بتقليده رتبة عقيد ركن وتنصيبه قائدا لهم.
التخلي عن حماية النفط وكان اللواء الثالث مشاة جبلي يتمركز في جبل الصمع بمديرية أرحب محافظة صنعاء، وخاض مواجهات مسلحة استمرت نحو عام كامل مع القبائل، أثناء الثورة الشبابية السلمية عام 2011.
ونقل اللواء الثالث مشاة جبلي من موقعه السابق في جبل الصمع إلى محافظة مأرب، بهدف تعزيز الحماية لأنبوب النفط وأبراج الكهرباء التي تتعرض لاعتداءات متكررة، وبدلا من أن يقوم اللواء بممارسة مهامه الأساسية في حماية أنبوب النفط وأبراج الكهرباء، بدأ بممارسة أعمال ليست ضمن مهامه، وقام بإخراج دوريات إلى مدينة مأرب تقوم بإطلاق النار وإغلاق المحلات التجارية بالقوة، تحت ذرائع مختلفة.
ففي فبراير الماضي، قام جنود اللواء الثالث مشاة جبلي بقطع طريق ماربصنعاء، واستحدثوا نقطة عسكرية في المدخل الغربي لمحافظة مارب، وقاموا باحتجاز العديد من ناقلات النفط وعطلوا حركة السير من وإلى المدينة.
وقام وزير الدفاع، اللواء الركن محمد ناصر أحمد باستدعاء المساعد وليد الحاشدي، الذي يقود عملية التمرد في اللواء، ووجه باحتجازه في أحد سجون الشرطة العسكرية في صنعاء، بتهمة إثارة الفوضى والتمرد داخل اللواء.
ورداً على ذلك قام جنود اللواء بإثارة الفوضى والشغب داخل مدينة مأرب، وإغلاق المحلات التجارية في المدينة، الأمر الذي دفع وزارة الدفاع إلى إطلاق سراحه في نهاية فبراير الماضي.
وعقب إطلاق سراحه عاد الحاشدي إلى معسكر اللواء بمارب، وقال شهود عيان أن اعيرة نارية من السلاح الثقيل أطلقت في الهواء أثناء وصوله إلى اللواء عائدا من صنعاء.
وأعلن البنك المركزي في مأرب خلوه من الأموال، جراء رفض إدارته استلام التعزيزات المالية من صنعاء تخوفا من تعرضه للنهب من قبل جنود اللواء، الذين قاموا باستحداث نقطة تفتيش بجوار مقره في مدينة مأرب.
وجراء اعتداء جنود اللواء الثالث مشاة جبلي على أحد أفراد قبائل الجدعان، عقد مشايخ ووجها قبائل الجدعان الأسبوع الماضي، لقاء موسعا، أمهلوا فيه الدولة حتى السبت الماضي، لإنهاء التعسفات التي يمارسها أفراد اللواء ضد أبناء المحافظة، غير أن اللواء وقبل يوم واحد من انتهاء المهلة قام بفرض سيطرته على مدينة مأرب واستحداث نقاط أمنية في جميع مداخلها.