تأبى الأقلام أن تتفاءل أو تخط أوهاماً على صفحات الورق، تأبى ان تقول ان الحوار اليمني الشهير الذي صدعت به الدولة رؤسنا أكثر من ستة أشهر قد انتهى على خير وتمت به مقاصدنا، وتأبى ان تقتنع أننا حكماء وعلماء وانما نحن مسحورون منكوبون بكل أطراف العملية السياسية من ساسة ووجهاء وأخيراً علماء. وما كان ينقص اليمن بعد فكرة الأقاليم وتمزيقه الى وحدات شبه منفصلة وتمليك نافذي كل منطقة خيرات تلك المناطق الا فكرة خُمْس الثروات هذه والتي يجب ان تؤول بنص الكتاب والسنة الى آل البيت من الحوثيين الأطهار الأبرياء الفقراء.
ونظراً لجهل العامة مثلي بالأحكام الشرعية والفقهية لنا ان نتساءل: هل يجب أن يكون هذا الخمس في ثروات البلد المسروقة او في غنائم الدول التي سنغزوها لتحسين وضعنا الاقتصادي؟
وهل تعتبر صعدة وما جاورها بمثابة الخمس ام ان صعدة حق آخر والخمس "على جنب"؟
وهل آل البيت الكرام في حاجة للخمس من قوت الرعية البسطاء وهم إقطاعيو الأراضي ومالكو ثلاثة أرباع اليمن بعد ان قام الإمام يحيى وابنه أحمد بمنحهم الأراضي والوديان والجبال والقفار تبركاً بالسادة الكرام وأفضليتهم المشروعة على بقية خلق الله من المسلمين؟
وهل يرى علماؤنا الأجلاء حقاً ان هناك أفضلية للحوثي الذي ينتهك حقوق البشر، وهل مظلومية آل البيت تستحق كل هذا الدفع الملزم والإجباري على كل فرد في الوطن، واذا كانت هناك مظلومية لدي النظام السابق فلماذا يدفعه اليمنيون جميعاً
وأين حق الشعب من هذه السلالة التي قفزت بالإنسان اليمني الى ما وراء التاريخ؟ أليست هذه مظلمة أكبر ويجب ان يحاسب الإماميون عليها، بدلاً من الأفكار النيرة في تعويضهم والمسح على رؤوس فقرائهم الوهميون؟
من أين سيأتي التفاؤل بغد مشرق، ونحن نحث الخطى الى الوراء ونلزم أنفسنا بتفكير نبذه العالم كله لما فيه من مساوئ وإخلال بتكوين البشر حيث لا أفضلية لأحد على أحد، وقد خلقنا سواسية كأسنان مشط صنع بعناية في اليابان. لقد نبذ العالم فكرة السلالة المميزة والدم الأزرق والمرقش فكيف لنا ان نعتقد بأفضلية آل البيت وقد حصرهم النبي صلى الله عليه وسلم في "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم..."، فهل عليّ أن أقتنع بأفضلية الحوثي سفاك الدماء وقاتل الأطفال، لأنه فقط من آل البيت؟ وهل علينا ان نحيي بأنفسنا نعرات يجب ان نخمدها ونطالب بالعبودية المبطنة لهذه السلالة المشكوك في صحة انتمائها؟
إن الخمس يذكرنا بما كان يجبيه السيد من الرعية أيام آبائنا وأجدادنا، فقد كان البيض الطازج والسمن البلدي والبن الممتاز والعسل الصافي من حق السيد نصيباً مفروضاً. فهل نعود للوراء أيها الخمس؟