يختتم مؤتمر الحوار الوطني في 25 يناير الجاري أعماله بصنعاء، بعد أكثر من عشرة أشهر على انطلاقه. وقال ل"المصدر أونلاين" مسؤول في الحكومة "تُجري هيئة رئاسة مؤتمر الحوار، والأمانة العامة، استعدادات مكثفة لاختتام المؤتمر في 25 يناير الجاري".
وتوقع المسؤول، وهو أيضاً عضو في مؤتمر الحوار، مشاركة مسؤولين كبار من الدول الراعية للمبادرة الخليجية، حيث وجهت دعوات لوزراء خارجية تلك الدول، والممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية فى الاتحاد الأوروبى كاثرين آشتون، وأمناء عموم الأممالمتحدة بان كي مون، والجامعة العربية نبيل العربي، ومجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني. ترحيل لمواضيع الحوار إلى بعد المؤتمر رغم تأكيدات سابقة لهيئاته بحسمها
وأحجم المسؤول عن تأكيد مشاركة أيٍ منهم، مشيراً إلى أن موعد الجلسة الختامية حسم في غضون اليومين الأخيرين، ووجهت الدعوات بعدها، ومن المبكر الحصول على رد عاجل.
وثيقة الجنوبية حسمت موعد الختام رغم استمرار الجدل وأوضح المسؤول أن استكمال التوقيع على وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية من قبل المكونات المتحفظة أزال كافة المعوقات التي كانت تحول دون اختتامه.
ووقع المؤتمر الشعبي العام، ومكونات أخرى الأربعاء الماضي على الوثيقة، التي بادرت أطراف أخرى مشاركة في مؤتمر الحوار لتوقيعها فور إعلانها في 23 ديسمبر الماضي.
وناقشت الجلسة العامة يومي السبت والأحد وثيقة القضية الجنوبية وطرحت رئاسة الجلسة مقترحاً تضمنته الوثيقة بتفويض الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل لجنة برئاسته لتحديد لدراسة وتحديد عدد الأقاليم، ويكون قرارها نافذاً.
وقالت هيئة الرئاسة إن المقترح حظي بموافقة أغلب الأعضاء، رغم أن القاعة شهدت حالة من الفوضى بعد اعتراض اعضاء في المؤتمر على المقترح.
وفقاً للتفويض «تتولى اللجنة دراسة خيار ستة أقاليم- أربعة في الشمال واثنان في الجنوب- وخيار إقليمين، وأي خيار ما بين هذين الخيارين يحقق التوافق».
جدل مستمر حول تفويض لجنة يشكلها ويرأسها هادي بحسم عدد الأقاليم وأعلن الحزب الاشتراكي اليمني تمسكه بموقفه حول ضرورة أن تضم لجنة تحديد الأقاليم التي سيشكلها الرئيس عبد ربه منصور هادي ممثلين عن كافة المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار.
وقال بيان صادر عن الأمانة العامة للحزب الاشتراكي ونشره الموقع الرسمي للحزب إن ممثلي الاشتراكي وقعوا على تقرير فريق القضية الجنوبية شريطة تصحيح مادة الأقاليم بما يتفق مع النظام الداخلي لمؤتمر الحوار.
وأضاف أن التصحيح يتضمن أن يُشكل مؤتمر الحوار لجنة برئاسة الرئيس هادي «بحيث تمثل في هذه اللجنة كل المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار».
وأكد بيان آخر صدر، أمس، عن اجتماع استثنائي للمكتب السياسي للحزب الاشتراكي على ثبات موقف الحزب من القضية الجنوبية وقناعته التامة بأن خيار الإقليمين (إقليم في الجنوب وإقليم في الشمال) يشكل المدخل المناسب لإعادة صياغة الهوية الوطنية الاجتماعية المشتركة.
جهود مكثفة لإنهاء حوار متباطئ؛ عقدته الجنوب وقررت هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني رفع أعمال الجلسة العامة الثالثة ليومي الاثنين والثلاثاء لإتاحة الفرصة للجنة التوفيق، ولجنة الوثيقة النهائية، ولجنة الأقاليم استكمال الالتزامات المنوطة بها، وتقديم مخرجاتها للجلسة العامة الثالثة.
ولم يكن الاعتراض حول مقترح التفويض هو الوحيد في مسيرة مؤتمر الحوار، استنفد فترته الزمنية المحددة بستة أشهر، وزاد بأكثر من ثلثيها إلى حين موعد اختتامه في 25 يناير الجاري.
فمنذ افتتاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني في 12 مارس 2013، اعتراضات ووقفات احتجاجية وتعليق العمل لبعض مكوناته، وتوقف عمله، تبعاً لخلافات المكونات حول تفاصيل ومسار الحوار.
وتباطأت مسيرة مؤتمر الحوار الوطني، بعد تعثر أعمال فريق القضية الجنوبية، بعد اعتراضات مكون الحراك الجنوبي المشارك في المؤتمر، وطرحه اشتراطات ربط استئناف مشاركته بتنفيذها.
وتم احتواء الخلافات بتشكيل لجنة مصغرة من فريق القضية الجنوبية في سبتمبر الماضي استوعبت بعض اشتراطات مكون الحراك الجنوبي، بتشكيلها من ثمانية أعضاء من الجنوب، خمسة منهم يمثلون الحراك الجنوبي، مقابل ثمانية من الشمال، وعقدت أغلب اجتماعاتها بحضور مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر.
مخاض متعسر للختام بعد اختلال المكون الجنوبي وعقدت الجلسة العامة الثالثة لمؤتمر الحوار الوطني في الثامن من أكتوبر بعد تأخرها عن موعدها بعشرين يوماً، وكان لقرار انعقادها الذي حسمته هيئة الرئاسة في محاولة لاستكمال مؤتمر الحوار، أثره على مسيرة الحوار، خصوصاً أن الجلسة افتتحت قبل أن تنجز فرق عمل، أبرزها القضية الجنوبية تقاريرها النهائية.
وبالتزامن مع انعقاد الجلسة العامة، استمرت اجتماعات اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية، لكن الخلافات احتدمت في إطارها، وعجزت الجلسة العامة عن استكمال عملها تبعاً لعدم إنجاز تقارير بعض فرق العمل.
الحزب الاشتراكي: لجنة الأقاليم يجب أن تشمل ممثلين من كافة مكونات الحوار وتبعاً لذلك أعيد نهاية أكتوبر الماضي ترتيب الجلسة العامة على مرحلتين، الثالثة وتختص بمناقشة التقارير المنجزة دون التصويت عليها وهي المستمرة حتى اليوم، والثانية - الختامية، التي يجري التحضير لها حالياً، بعد إنجاز جميع تقارير فرق العمل ووثيقة مخرجات الحوار بما في ذلك ضمانات التنفيذ للتصويت وفقاً للنظام الداخلي لمؤتمر الحوار، وتم التأكيد حينها على عدم ترحيل أي من موضوعات الحوار إلى ما بعد المؤتمر.
وتناسلت الخلافات حول القضية الجنوبية، لتعصف بمكون الحراك الجنوبي، وأدت لانسحاب شطر منه، يتزعمه محمد علي أحمد رئيس المؤتمر الوطني لشعب الجنوب، ورئيس فريق عمل القضية الجنوبية ولجنتها المصغرة.
وتم احتواء تداعيات إنسحاب أحمد بإعادة ترتيب المكوِن الجنوبي، لتستأنف اللجنة المصغرة للجنوبية أعمالها بعد إعادة تعيين بدلاء عن زملائهم المنسحبين، واختيار القيادي الجنوبي خالد باراس خلفاً لمحمد علي أحمد.
غير أن فرقاً أخرى من فرق عمل مؤتمر الحوار لم تكن لتنجز مهامها بسهولة، إذ استغرقت الخلافات في فرق عمل قضية صعدة، بناء الدولة المرتبط بمخرجات الجنوبية، العدالة الانتقالية ومعه الحكم الرشيد نصيبها من التعقيدات توازياً مع القضية الجنوبية.
وبتوقيع وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية في 23 ديسمبر الماضي، التأمت مجدداً الجلسة العامة الثالثة لمؤتمر الحوار واستكملت نقاش تقارير فرق عمل بناء الدولة، والعدالة الانتقالية، وصولاً إلى تقرير القضية الجنوبية.
ويبقى أمام مؤتمر الحوار الوطني، خلال الأسبوعين القادمين، إعلان وثيقة مخرجاتها، التي تتضمن تقارير فرق العمل التسع، التي ستشكل أساساً لصياغة الدستور الجديد.
ختام للحوار.. وتعقيدات مركبة خارجه وباختتام مؤتمر الحوار الوطني في 25 يناير الجاري يصل المؤتمر إلى محطته النهائية بكل تعقيداتها على أن ذلك لا يعني النهاية، فمهام المرحلة القادمة التي اصطلح على تسميتها ب"التأسيسية" ليست أقل تعقيداً من سابقتها؛ ابتداءً من تشكيل لجنة صياغة الدستور، وحسم عدد الأقاليم وتحديد معالم الدولة الاتحادية وحدودها وارتباطاتها المركزية، وصولاً إلى الانتخابات التي سيحدد الدستور طبيعتها وفقاً لشكل الدولة، ونظام الحكم.
انجاز وثيقة القضية الجنوبية واستكمال توقيعها أزاح معوقات اختتام المؤتمر ويتزامن ذلك على امتداد مسيرة الحوار، مع تعقيدات مصاحبة على الأرض، إذ تشهد المحافظات الجنوبية احتجاجات شعبية واسعة، تجاوزت بُعدها السلمي، لتدخل مرحلة جديدة من العنف وتعطيل مصالح الدولة، خصوصاً في حضرموت التي أعلنت هبة شعبية في 20 ديسمبر على خلفية مقتل شيخ قبيلة الحموم سعد بن حبريش في 3 ديسمبر.
وشمالاً، اشتعلت مواجهات بين الحوثيين والسلفيين وجماعات قبلية في خمس محافظات، تحولت معه الدولة إلى وسيط يسعى لاحتواء تداعياتها.
وليس اقل شأنا من ذلك التحدِيات الاقتصادية المرهقة لكاهل الدولة والمواطن، والاختلالات الأمنية التي تهدد كثيراً من المُدن الرئيسية، بعد تفاقم مسلسل الاغتيالات والعمليات الإرهابية التي طالت مؤسسات الدولة في العُمق.
يعول اليمنيون على مخرجات مؤتمر الحوار، مهما تباينت آراؤهم حول نزاهة مخرجاته، في أن يشكل نقطة تحول في حياتهم، ويؤسس لدولة طال غيابها، بما له من أثر سلبي على أمنهم ومصالحهم ومستقبلهم.. ينتظرون دولة تحقق حلمهم في التغيير والتنمية، ويبدو أن رهانهم الأخير منصباً كلياً على مخرجات الحوار، والالتزامات المترتبة عليه في ظل كل تلك التعقيدات المركبة التي تتهدد مصير الدولة برمتها وتعصف بأحلامهم في تحقيق الدولة والشراكة والمواطنة والعدالة الاجتماعية.