يؤشر تحرير المكلا من تنظيم «القاعدة» الإرهابي، بوضوح وقوة، إلى مستقبل اليمن الذي ربما تعددت مساراته وإن كان عنوانه الأساسي تمكين قيادة اليمن الشرعية وشعبه الشقيق من السيطرة الكاملة على وطنهم وثرواته ومقدراته. في هذا السياق تصبح الحرب على الإرهاب توأم الحرب على الانقلابيين من جماعة الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح، حيث لا نصر حقيقياً في اليمن إلا بتلازم هاتين الحربين نحو تكريس حالة جديدة من الأمن والاستقرار تمهد لإطلاق تنمية ما بعد الحرب. كل ذلك مع ضرورة التأكيد على أن تحرير المكلا من براثن «القاعدة» ليس إلا البداية القوية لتطويق هذا التنظيم وأمثاله في الحالة اليمنية وهي، كما يدرك الجميع، حالة معقدة على هذا الصعيد. من خلال هذه العملية النوعية، استطاعت القوات السعودية وقوات دولة الإمارات بالتعاون مع عناصر الجيش اليمني القضاء على مئات المنضمين ل«القاعدة»، ثم تحرير المكلا، ما يعني تسهيل دخول الإغاثة الإنسانية التي طال انتظارها في المنطقة المحررة. إلى ذلك، فإن الحملة العسكرية على تنظيم «القاعدة» تسهم، يمنياً وعربياً، في تجفيف منابع الإرهاب، خصوصاً منابع تمويل التنظيم المذكور الذي يتخذ مكانه في مواقع متفرقة من اليمن، فيبدو غصة في الحلق، ومنغصاً لفرحنا الآن وفي الغد ونحن نحرر اليمن شبراً شبراً ونعيد إليها شرعيتها وخياراتها التي تستحقها، وإذا كان هذا التنظيم الإرهابي، عبر احتلاله لميناء المكلا قد كلّف اليمن في الفترة الماضية خسائر اقتصادية باهظة، فإن تحريره على يد القوات السعودية والإماراتية يسهم في إعادة الحياة الطبيعية إلى حضرموت نظراً لموقعه المهم على بحر العرب. تحرير المكلا يمثل نقطة انطلاق واضحة نحو تحرير كامل التراب اليمني وهو يذكر بتحرير باب المندب من قبل، وتوالي هذه الانتصارات على هذا النحو اللافت يدل على أن تحرير اليمن يتم تدريجياً وفق خطة محكمة، وفي الناحية المقابلة لكن المتممة، يدل على مستوى التقدم لقوات التحالف، وفي طليعتها قوات السعودية والإمارات ، ويسهم، أبعد، في تغيير المعادلة على الأرض، فيرفع، يقيناً، صوت المفاوض السياسي الشرعي. ما يجب التأكيد عليه هنا أن الإمارات والسعودية عازمتان على المضي في تحرير اليمن وإعادة شرعيته إلى آخر المشوار، فلا تراجع أو مساومة، وليست إلا العزيمة، وليس إلا الإصرار، فعلى قوى الشر المعادية استيعاب أن التحالف العربي لن يسمح أبداً بتحويل اليمن إلى دولة فاشلة أو مقسمة تسيطر عليها تيارات التطرف والظلام. لقد أثبتت الأحداث والتجارب صوابية تدابير دولة الإمارات التي سارعت إلى فضح ومواجهة الإرهاب منذ وقت مبكر نسبياً، وها هي قوات التحالف العربي بقيادة السعودية وبإسهام الإمارات الفاعل والمؤثر تحقق نصراً مهماً على «القاعدة» في اليمن، مع وعي أن هذا فصل قد تتلوه فصول، لكن إرادة أوطاننا في نبذ الإرهاب ومواجهته توحي بالإرادة والثقة، وإن غداً لناظره قريب، فعلى المجتمع الدولي الذي يعاني أشد المعاناة من «القاعدة» والإرهاب عموماً تقدير الدور المهم الذي قامت وتقوم به قوات التحالف بقيادة السعودية لتطهير اليمن من هذه الآفة.